المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية 139 أسيرا من «القاعدة» في باكستان أظهروا عنادا في إعطاء المحققين الأميركيين معلومات



Black_Horse82
01-01-2002, 12:00 AM
أضخم استجواب جماعي شاركت فيه الاستخبارات الأميركية والباكستانية والسعودية والمصرية * مصادر باكستانية: الاسرى العرب يحتفظون بروح تحد




كوهات (باكستان): ادوارد كودي
وصل الاميركيون الستة الذين وصفوا انفسهم بأنهم عناصر من مكتب المباحث الفيدرالية (اف.بي.آي) تحت جنح الظلام الى قاعدة جوية باكستانية في محيط منطقة كوهات، وتوجهوا تحت جنح الظلام جنوبا نحو سجن كوهات ليستهلوا المهمة التي اسندت اليهم في التحقيق مع مقاتلي «القاعدة» المسجونين هناك.
وعلى مدار 4 ليال انتهت يوم الجمعة الماضي عكف المحققون الاميركيون الستة على التحقيق بصبر مع المقاتلين العرب الذين يصل عددهم الى 139 مقاتلا قبل ان يستقلوا طائرة اتجهت بهم صوب اسلام آباد قبيل الفجر طلبا للامن والسلامة.
وحاول هؤلاء، وهم ممن يتكلمون العربية، الحصول على اي معلومات حول مكان اسامة بن لادن ومنظمة «القاعدة» المسؤولة عن مقتل اكثر من 3100 شخص في الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي.
وبينما توشك الحملة العسكرية الاميركية ان تشرف على نهايتها دون القبض على بن لادن او قادة منظمته الكبار، فان هذه التحقيقات تكتسب اهمية خاصة لجهة ان تقود الى العثور على زعيم «القاعدة» وجلبه الى ساحة العدالة، وكذلك الكشف عن اي هجمات اخرى قد تكون «القاعدة» قد خططت لها ضد اهداف اميركية او اماكن اخرى. ورغم ان المقاتلين المسجونين هنا لم يكونوا من بين الصفوف القيادية في المنظمة، فان الجيش الباكستاني فتح المجال امام المحققين الاميركيين وحلفائهم من العرب للتحقيق مع هؤلاء المقاتلين، فيما يمثل اضخم تحقيق جماعي منذ بدء الولايات المتحدة قصفها لافغانستان في 7 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.
وطبقا للمصادر الباكستانية المطلعة على ما دار في السجن، ذكر المساجين العرب للمحققين الاميركيين أنهم شاهدوا بن لادن لآخر مرة في 14 ديسمبر (كانون الاول)، اي قبل 4 ايام من القاء القبض عليهم بينما كانوا يحاولون الفرار وقطع الحدود الافغانية. ويعتقد ان ذلك كان بعد مدة قصيرة من تسجيل بن لادن لآخر اشرطته التي ظهر فيها. كما كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه القوات الاميركية وحلفاؤها من الافغان يضيقون الخناق على مقاتلي «القاعدة» في منطقة تورا بورا شرق افغانستان ويمطرونهم بوابل من القنابل الاميركية، مما حملهم على الفرار منها.
غير ان تلك المصادر ذكرت ان الاسرى العرب رفضوا بعناد خلال الليالي الاربع من التحقيق معهم تحديد المكان الذي كان يوجد فيه بن لادن في ذلك الوقت، مفوتين الفرصة بذلك على القوات الاميركية من القاء القبض على الهدف الرئيسي لحرب ادارة الرئيس جورج بوش ضد الارهاب. وبقدر ما اتيح لنا من معلومات، فانهم رفضوا ايضا اعطاء المحققين اي معلومات عن الطرق التي قد تكون في بال بن لادن في حال تفكيره في الهرب، مما يعني بقاء لغز وجوده بلا اي حل.
وتناقلت تقارير ان عددا من مقاتلي «القاعدة» الذين هربوا من منطقة تورا بورا يختبئون في المنطقة الجبلية الوعرة من باكستان الواقعة على الحدود مع افغانستان، ذلك رغم وجود 70 ألفاً من الجنود الباكستانيين وعدد مماثل من حرس الحدود على طول الحدود بين البلدين ليمنعوا اي شخص من عبورها. وتكهن مسؤولون افغانيون مرارا بان بن لادن قد يكون بينهم رغم عدم وجود اي تقارير او معلومات تفيد برؤيته بينهم.
وكان مسلحون قبليون قد اعتقلوا 3 من هؤلاء المقاتلين في منطقة توركهل الواقعة الى الجنوب من الحدود وسلموهم الى الجيش الباكستاني يوم الاربعاء الماضي. كما عثر على آخر ميتا من الجوع في نفس المنطقة، حسبما افادت السلطات الباكستانية.
واعربت مصادر باكستانية ان الاسرى العرب هنا ابقوا على لحاهم كعلامة على التزامهم الديني. وكان العديد من هؤلاء قد وصلوا الى هذه البلدة التي تبعد 120 ميلا غرب اسلام آباد يعانون من الالتهابات الحادة في اقدامهم جراء الصقيع الشديد الذي واجهوه خلال وجودهم في تورا بورا، وبعضهم من الامراض الصدرية. وينام كل 6 او 8 من هؤلاء وهم مقيدو الايدي والارجل في زنزانة واحدة. مع ذلك، فان المصادر الباكستانية قالت ان الاسرى يحتفظون بروح معنوية عالية وبروح تحد، ونقل عن احد المسؤولين العسكريين الذين يحرسون السجن هنا قوله «اننا نتعامل مع نوع خاص من البشر هنا». وكان عشرات الاسرى قد قاوموا نقلهم الى كوهات في 19 ديسمبر (كانون الاول) بعد القبض عليهم قرب باراتشنار، حوالي 80 ميلا الى الغرب من هنا وجنوب منطقة جبال تورا بورا مباشرة. وبعد ان استولوا على اسلحة حراسهم خاضوا اشتباكا بالنيران راح ضحيته 7 منهم و5 من حرس الحدود الباكستانيين، وتمكن 5 منهم من الفرار.
ومنذ ايداعهم السجن هنا تعرض الاسرى الى التحقيق معهم على 3 مراحل، حسب مصادر باكستانية. اذ استهل سلسلة التحقيقات الاولى مسؤولون من الاستخبارات العسكرية الباكستانية، ومع نهاية ليلة الجمعة جاء دور المحققين الاميركيين بوجود الاستخبارات العسكرية الباكستانية ايضا، اما المرحلة الثالثة فتولاها مسؤولون من الاستخبارات السعودية والمصرية ودول عربية اخرى، وايضا بحضور الاستخبارات الباكستانية.
واثارت معلومات ادلى بها بعض الاسرى الحذر بين المحققين السعوديين من زيارة نحو الفي شاب سعودي لمعسكرات «القاعدة» في افغانستان وانهم عادوا الآن الى السعودية، طبقا لمسؤولين باكستانيين مطلعين على تلك التحقيقات.
واشار المسؤولون الى ان اكثر من عشرين من بين الاسرى الـ139 ادرجت اسماؤهم ضمن القائمة «السوداء»، يعتقد المحققون انهم عناصر فاعلة في «القاعدة» وربما يسلمون الى الولايات المتحدة لاجل عقد مزيد من التحقيقات معهم وربما مقاضاتهم. ويتوقع هؤلاء ان يجري تسليم بقية الاسرى الى حكومات بلدانهم الاصلية.
الجدير بالذكر انه تبين ان اثنين من الاسرى الـ 139 مواطنان فرنسيان، ولكن نقل انهما يتكلمان العربية مما يعني انهما قد يكونان من بين ابناء الجالية الجزائرية او المغربية او التونسية المهاجرة في فرنسا. ومهما كانت الجنسية التي يحملانها، فليس في نية الحكومة الباكستانية الاحتفاظ بأي من الاسرى او محاكمتهم على ارضها، رغم ما ادى اليه الاشتباك المذكور من مصرع حرس الحدود الباكستانيين، طبقا للمسؤولين هنا.
وأشار المسؤولون الباكستانيون الى ان عددا من اسرى «القاعدة» كشفوا للمحققين عن توقعهم حصول هجوم ضخم آخر يشبه هجوم 11 سبتمبر، غير ان المحققين اخفقوا في انتزاع اي معلومات محددة حول ذلك الهجوم المزعوم.
وعبر جميع الاسرى عن خيبة املهم في عدم ابداء حلفائهم من مقاتلي طالبان دفاعا قويا في وجه القوات الاميركية والتحالف الشمالي خلال اكتساحها شمال افغانستان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طبقا للمسؤولين الباكستانيين. والقي القبض على 900 مقاتل اجنبي، بعضهم من العرب، في قندز وما حولها في شمال افغانستان بعد استسلام قوات طالبان في المنطقة امام قادة التحالف الشمالي.
ونقل بعض هؤلاء، الذين احتجزوا في شبرجان في شمال افغانستان الى جانب الاسرى من طالبان، الى معتقل بنته قوات المارينز الاميركية في قندهار، حسبما افادت وكالة اسوشييتد برس امس. وكانت عناصر من «اف بي آي» قد حضرت الى قندهار في جنوب شرق افغانستان للتحقيق مع السجناء هناك.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قد اعلنت عن الاحتفاظ بـ62 اسيرا في سجن قندهار و8 آخرين على متن سفينة اميركية في بحر العرب. واوضح المسؤولون ان سجن قندهار اجريت عليه توسعات لاستيعاب 250 اسيرا، حسب المسؤولين.
اما سجن كوهات فيمكنه استيعاب 700 اسير وقد افرغ من المساجين العاديين وسلم الى الجيش الباكستاني لايداع اسرى «القاعدة» فيه. غير ان اعداد الاسرى الذين قبض عليهم في الجبال على الحدود بين البلدين انخفض الى لا شيء خلال الاسبوع الماضي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»