تهاويل
01-01-2002, 02:45 AM
لم تفقد نيويورك جناحي مركز التجارة العالمي وحدهما ، وإنما فقدت بعدها
مباشرة موقعاً أكثر منهما أهمية وأعظم بالنسبة للولايات المتحدة والعالم
الحر ، وهو تمثال الحرية . وإذا كان الإرهاب الأعمى قد أسقط أكبر مركز
تجاري في عالمنا الراهن ، فقد قوض إرهاب الدولة أعظم رمز للحرية في
التاريخ الحديث . كان مئات الضحايا من المدنيين في افغانستان اول مؤشر
على سقوط تمثال الحرية بعد 115 عاماً على إزاحة الستار عنه في 28
أكتوبر 1886 في عهد الرئيس الأمريكي جروند كليفلاند . ومع ذلك كان
هناك من يحاول التماس عذر للإدارة الأمريكية وتبرير الرد الفعل الأمريكي
الطائش بقتل ضحايا فاقوا من قتل في برجي مركزي التجارة داعين إلى
أن نضع أنفسنا مكان الأمريكيين المكلومين الذين أفقدتهم عملية 11
سبتمبر أعصابهم فردوا ثأراً وانتقاماً برغم ما في ذلك من همجية لا تليق
بدولة متحضرة ناهيك عن أن تكون قائدة العالم الحر أو هكذا تزعم . سمعنا
وقرأنا مثل هذا التبرير الذي لم يفكر قائلوه في مغزاه العميق ، وهو أنه لا
فرق بين دولة ديمقراطية وأخرى شمولية ، أو بين دولة ترفع لواء الحرية
وأخرى تدوس عليه بالنعال . كما لم يدرك مبررو ضرب افغانستان أن هذا
التبرير لا يصمد طويلاً لأنه مبنى على منطق رد الفعل على صدمة عاتية ،
والمفترض أن يكون لرد الفعل مدى محدود لا يتجاوزه ليأتي بعده الفعل
الأكثر عقلاً واتزاناً ، كان مفترضاً إذن أن تذهب السكرة وتأتي الفكرة
بسلوك مختلف ، فإذا كانت السكرة جعلت الولايات المتحدة تتصرف كدولة
شمولية وبطريقة لا تختلف عما كانت امبراطورية الشر السوفيتية السابقة
ستفعله لو أنها هي التي انتصرت في الحرب الباردة ، فالمفترض أن تؤدي
الفكرة إلى مراجعة هذا التصرف ووضع حد له والتعامل مع الأزمة الناجمة
عن أحداث 11 سبتمبر بشكل أخر تماماً . غير أنه لا السكرة راحت ولا الفكرة
جاءت ، لم تذهب السكرة ، بل الحرية هي التي ذهبت ونخشى أن تكون
قد دفنت مع أنقاض التمثال التي كان يرمز لها ، هناك في جزيرة بيدلو
الواقعة قرب مدخل ميناء نيويورك ، والتي كان يطلق عليها " جزيرة
الحرية " . ففي الوقت الذي كان مفترضاً أن تذهب السكرة بعد أن أدت
الضربات الأمريكية إلى إسقاط حكومة طالبان وقتل واسر كثير من مقاتليها
ومثلهم من شبكة القاعدة أكدت الولايات المتحدة أن تمثال الحرية هو الذي
ذهب ربما دون رجعة ، وأن الرمز العظيم الذي كان يرمز له دفن تحت
أنقاضه ، كان ذلك يوم المجزرة التي ذبح فيها مئات من أسرى حركة "
طالبان " وشبكة القاعدة في قلعة جانجي قرب مدينة مزار الشريف .
مذبحة قتل بشر مكبلين ذبح أسرى حرب : ثلاث جرائم بشعة تكفي واحدة
منها لوصم الولايات المتحدة بالعار إلى يوم الحساب .. وفضلاً عن ذلك
فهؤلاء الأسرى الذين ذبحوا وهم مكبلو الأيدي كان بعضهم قد رفع الراية
البيضاء مستسلمين بعد وعد بتأمين سلامتهم إذا ألقوا سلاحهم . صحيح
أن بعضهم حاول التمرد بعد أن تبين لهم انهم وقعوا ضحية خداع فلم يتركوا
لحالهم بعد استسلامهم وإلقاء سلاحهم ، ولكن كان في إمكان قوات الكائن
المتوحش عبد الرشيد دوستم أحد قادة الجبهة المتحدة او تحالف الشمال
أن تحاصر القلعة بدلاً من أن تطلب إلى القوات الأمريكية قصفها ، أو حتى
أن تقتل الذين تمردوا أما أن تذبح جميع الأسرى من تمرد ومن لم يفعل ،
فهذه جريمة كبرى . فقد أشركت عناصر المخابرات المركزية الأمريكية
الموجودة في المنطقة على المذبحة بعد مقتل أحدهم في داخل القلعة ،
بينما كانت المتحدثة باسم وزارة الدفاع البنتاجون فيكتوريا كلارك تستغفل
العالم كله وهي تنفي حدوث أي مذابح وتقول والبراءة تملأ وجهها أن
التقارير عن مذبحة ارتكبتها قوات تحالف الشمال وقتل فيها مائة وستون
شخصاً لا يمكن تصديقها .
------------------------------------
عن (جريدة الوفد ) المصرية
مباشرة موقعاً أكثر منهما أهمية وأعظم بالنسبة للولايات المتحدة والعالم
الحر ، وهو تمثال الحرية . وإذا كان الإرهاب الأعمى قد أسقط أكبر مركز
تجاري في عالمنا الراهن ، فقد قوض إرهاب الدولة أعظم رمز للحرية في
التاريخ الحديث . كان مئات الضحايا من المدنيين في افغانستان اول مؤشر
على سقوط تمثال الحرية بعد 115 عاماً على إزاحة الستار عنه في 28
أكتوبر 1886 في عهد الرئيس الأمريكي جروند كليفلاند . ومع ذلك كان
هناك من يحاول التماس عذر للإدارة الأمريكية وتبرير الرد الفعل الأمريكي
الطائش بقتل ضحايا فاقوا من قتل في برجي مركزي التجارة داعين إلى
أن نضع أنفسنا مكان الأمريكيين المكلومين الذين أفقدتهم عملية 11
سبتمبر أعصابهم فردوا ثأراً وانتقاماً برغم ما في ذلك من همجية لا تليق
بدولة متحضرة ناهيك عن أن تكون قائدة العالم الحر أو هكذا تزعم . سمعنا
وقرأنا مثل هذا التبرير الذي لم يفكر قائلوه في مغزاه العميق ، وهو أنه لا
فرق بين دولة ديمقراطية وأخرى شمولية ، أو بين دولة ترفع لواء الحرية
وأخرى تدوس عليه بالنعال . كما لم يدرك مبررو ضرب افغانستان أن هذا
التبرير لا يصمد طويلاً لأنه مبنى على منطق رد الفعل على صدمة عاتية ،
والمفترض أن يكون لرد الفعل مدى محدود لا يتجاوزه ليأتي بعده الفعل
الأكثر عقلاً واتزاناً ، كان مفترضاً إذن أن تذهب السكرة وتأتي الفكرة
بسلوك مختلف ، فإذا كانت السكرة جعلت الولايات المتحدة تتصرف كدولة
شمولية وبطريقة لا تختلف عما كانت امبراطورية الشر السوفيتية السابقة
ستفعله لو أنها هي التي انتصرت في الحرب الباردة ، فالمفترض أن تؤدي
الفكرة إلى مراجعة هذا التصرف ووضع حد له والتعامل مع الأزمة الناجمة
عن أحداث 11 سبتمبر بشكل أخر تماماً . غير أنه لا السكرة راحت ولا الفكرة
جاءت ، لم تذهب السكرة ، بل الحرية هي التي ذهبت ونخشى أن تكون
قد دفنت مع أنقاض التمثال التي كان يرمز لها ، هناك في جزيرة بيدلو
الواقعة قرب مدخل ميناء نيويورك ، والتي كان يطلق عليها " جزيرة
الحرية " . ففي الوقت الذي كان مفترضاً أن تذهب السكرة بعد أن أدت
الضربات الأمريكية إلى إسقاط حكومة طالبان وقتل واسر كثير من مقاتليها
ومثلهم من شبكة القاعدة أكدت الولايات المتحدة أن تمثال الحرية هو الذي
ذهب ربما دون رجعة ، وأن الرمز العظيم الذي كان يرمز له دفن تحت
أنقاضه ، كان ذلك يوم المجزرة التي ذبح فيها مئات من أسرى حركة "
طالبان " وشبكة القاعدة في قلعة جانجي قرب مدينة مزار الشريف .
مذبحة قتل بشر مكبلين ذبح أسرى حرب : ثلاث جرائم بشعة تكفي واحدة
منها لوصم الولايات المتحدة بالعار إلى يوم الحساب .. وفضلاً عن ذلك
فهؤلاء الأسرى الذين ذبحوا وهم مكبلو الأيدي كان بعضهم قد رفع الراية
البيضاء مستسلمين بعد وعد بتأمين سلامتهم إذا ألقوا سلاحهم . صحيح
أن بعضهم حاول التمرد بعد أن تبين لهم انهم وقعوا ضحية خداع فلم يتركوا
لحالهم بعد استسلامهم وإلقاء سلاحهم ، ولكن كان في إمكان قوات الكائن
المتوحش عبد الرشيد دوستم أحد قادة الجبهة المتحدة او تحالف الشمال
أن تحاصر القلعة بدلاً من أن تطلب إلى القوات الأمريكية قصفها ، أو حتى
أن تقتل الذين تمردوا أما أن تذبح جميع الأسرى من تمرد ومن لم يفعل ،
فهذه جريمة كبرى . فقد أشركت عناصر المخابرات المركزية الأمريكية
الموجودة في المنطقة على المذبحة بعد مقتل أحدهم في داخل القلعة ،
بينما كانت المتحدثة باسم وزارة الدفاع البنتاجون فيكتوريا كلارك تستغفل
العالم كله وهي تنفي حدوث أي مذابح وتقول والبراءة تملأ وجهها أن
التقارير عن مذبحة ارتكبتها قوات تحالف الشمال وقتل فيها مائة وستون
شخصاً لا يمكن تصديقها .
------------------------------------
عن (جريدة الوفد ) المصرية