المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدب و النقد بالعراق



Ahmad Hawary
21-08-2008, 01:39 AM
تكشف قراءة تاريخ النقد العراقي منذ رفائيل بطّي عن سعي متواصل لمعرفة أصول المنهج النقدي، فكتابه: الأدب العصري في العراق العربي، المؤلف في سنة 1922والمنشور في سنة 1923 في المطبعة السلفية بمصر والذي يقع في ستة أجزاء، ثلاثة للمنظوم وثلاثة للمنثور، يصدّره رفائيل بهذه الكلمات: كتاب تاريخيّ أدبيّ انتقادي، يحوي تراجم أدباء العراق ورسومهم ونخبة من آثارهم بين منظوم ومنثور (1). ويقول أيضاً: هذا كتاب جديد، أردت بتأليفه إبراز صورة مجسمة للأدب العصري في العراق، وتبيان الطريقة التي يتبعها شعراؤنا وكتابنا في نظمهم ونثرهم، فما أحوجنا اليوم إلي درس أدبائنا ونقد أساليبهم، وقد تطورت الآداب العربية في مصر والشام والمهجر بطور جديد يلائم روح العصر الحديث، عسي أن يكون لعراقنا نصيب من هذا التطور، حينذاك يتضح الغرض الذي قصدت إليه في كتابي هذا(2).
ويُظهر كلام رفائيل أنّ حركة التحديث في النقد الأدبي العراقي لم تكن بمنأي عن حركة التحديث الشعري، فالوعي بالتحديث يتشكل علي هيئة معرفة نقدية لمشكلات الخطاب السائد ومن ثم تقديم المقترح الشعري بثيابه الجديدة، تعقب ذلك مرحلة توصيف البني الأسلوبية وتوصيف قوانين الشعرية الجديدة، وهذه هي مرحلة النقد الأدبي التي أشار إليها رفائيل، يتضافر معها نوع من الأبوة الحانية لتهذيب الأسلوب الشعري. إنّ طريقة رفائيل هذه تركت آثارها المنهجية علي الحركة النقدية في العراق، فنشأت مجموعة كبيرة من الدراسات التي تراوح بين ثلاثة أنماط من الدراسة: تاريخ الأدب، النقد الأدبي، التراجم. بيد أنّ الشأن الهام في عمل رفائيل هو تكوين ضرب من الوعي النقدي يضع في حسبانه مهمة الكشف عن: الأساليب، وتطور النوع، وهما ما أشار إليهما رفائيل في مقدمته، وهاتان القضيتان ستكونان هاجساً يرافق النقد العراقي باستمرار، ودافعاً للبحث عن الوسائل المنهجية القادرة علي كشف العناصر الفنية والجمالية في الأدب العراقي. لقد كان عمل رفائيل يستلهم بوعي التطور الذي حصل في الثقافة العراقية في تلك الفترة، فقد كانت سنة1920 وما تلاها هي بداية نهضة العراق الحديثة بحسب تقديرات المؤرخين الأجانب والعراقيين، يشير السيد حسن الجواد إلي ذلك بقوله: يتحدث الأجانب كثيراً عن العراق الحديث وما يتمتع به اليوم من نهضة علمية واضحة، ونضج سياسي متفوق، ورفاه اقتصادي مرموق، وكتبوا في ذلك المقالات الرائعة والكتب الواسعة، وعالجوا مختلف المواضيع الحساسة عن شتي نواحي الحياة العراقية منذ 1920 حتي يومنا هذا(3). وكتاب رفائيل يحاول رصد حركة التطور في الأدب العراقي العصري انسجاماً مع تلك الدراسات التي كانت تتجه إلي رصد نهضة العراق الحديثة. وسنري أنّ تلك المنطلقات المنهجية التي انطلق منها رفائيل كانت منطلقات أساسية لدي كثير من الدارسين العراقيين، ففي دراسة للدكتور عبد الرزاق محيي الدين يشدد فيها علي: دراسة قضية (التطور) في الشعر العراقي، ودراسة (التأثيرات) الثقافية المصرية والسورية في مطلع هذا القرن علي الأدب العراقي، ودراسة (نمط) الثقافة العراقية التي نشأت وتطورت بين أحضان رجال الدين، ودراسة (تطور) التلقي العراقي للأدب والثقافة الجديدين، ودراسة (أسباب) الضعف الفني في الشعر العراقي في تلك الفترة، ودراسة (تكوّن الثقافة الأكاديمية العراقية)(4). لقد كانت تلك المنطلقات التي حددها الدكتور عبد الرزاق محيي الدين ذات أبعاد جوهرية في تكوّن (المنهج) في الدراسات الأدبية في العراق. وقد ألفت كثير من الكتب التي تعني بهذه الموضوعات الأدبية. وإذا ما تخطينا مرحلة رفائيل بطّي النقدية (التي هي علي صلة جدّ كبيرة ببدايات تشكل المنهج في الدراسات الأدبية المعاصرة عند العرب الذين ما زالوا في تلك الفترة مأخوذين بالمواجهة الثقافية بين العرب والغرب) إلي المراحل الأخري التالية سنجد أنّ البحث التاريخي القائم علي السيرة والوقائع التاريخية هو المهيمن، وعلينا أن نشير، هنا، إلي أنّ فترة انتعاش البحث التاريخي في الثقافة النقدية في العراق وفي العالم العربي أيضاً في فترة الأربعينيات كانت تقابلها فترة انتعاش (النقد الجديد) في الغرب، فقد أعطي كتاب (فهم الشعر) لبروكس ووارن المؤلف في الأربعينيات (إشارة البدء للتغيير)(5) ، وعزز ذلك التغيير كتاب رينيه ويليك (نظرية الأدب) المنشور في سنة 1949، يعترف ويليك فيقول (ان كتابي، نظرية الأدب، فهم بشكل واسع بعدة هجوماً علي طرائق الدراسة الخارجية، أو باعتباره رفضاً للتاريخ الأدبي)(6). ففي الأربعينيات كان كتاب محمد مهدي البصير (نهضة العراق الأدبية في القرن التاسع عشر) المنشور في طبعته الأولي في سنة 1946هو من بين الكتب الأكثر شهرة وتداولاً بين الأوساط الأدبية، والكتاب لا يخرج عن المنهجية التاريخية، بيد أنّ الكتاب يبرز الإلحاح علي العنصر الوطني والقومي بسبب الظرف التاريخي الذي كان يمر به العراق والعرب، وعلينا أن نقرّ هنا أنّ ذلك الإلحاح علي الجانب القومي عند مؤرخي الأدب في العراق وفي العالم العربي منذ عصر النهضة لم يكن أحد التوجهات الأيديولوجية للنهضة بقدر ما كان تقليداً لطريقة شائعة عند مؤرخ الأدب الإنكليزي ومؤرخ الأدب الفرنسي. يقول غوستاف لانسون (إنّ الأدب الفرنسي مظهر لحياتنا القومية)(7) وإن مؤرخ الأدب يحاول أن يدرس (تاريخ النفس الإنسانية والحضارة القومية في مظاهرها الأدبية)(8) وقد كانت هذه الأفكار هي الأكثر شيوعاً في الفكر النقدي وخاصة بعد: استقبال الجامعة المصرية لبعض المستشرقين كــ: جويدي، وفييت، ونالينو، وقد أسهم هذا الأخير في شيوع المنهج التاريخي في الثقافة النقدية عند العرب، وقد أشار طه حسين إلي منهج هؤلاء الدراسين فقال (كانوا يُدرسّون التاريخ الأدبي بمناهجهم الغربية الحديثة فيعلمون الطلاب كيف يبحثون ويقارنون ويستنبطون)(9)
هوامش
(1) رفائيل بطّي ــ الأدب العصري في العراق العربي ــ المطبعة السلفية ــ مصر 1923
(2) المصدر نفسه ــ تنظر كلمة رفائيل في بداية الكتاب
(3) السيد حسن الجواد ــ نهضة العراق الحديثة ــ مجلة العرفان ــ ع 42ــ 1955
(4) الدكتور عبد الرزاق محيي الدين ــ الأدب في العراق ــ مجلة العرفان ــ ع 42ــ 1955
(5) رينيه ويليك ــ مفاهيم نقدية ــ ص 11ــ ترجمة الدكتور محمد عصفور ــ عالم المعرفة ــ الكويت 1987
(6) المصدر نفسه ــ ص12
(7) فاروق العمراني ــ النظرية النقدية عند محمد مندور ــ ص54
(8) المصدر نفسه ــ ص54
(9) طه حسين ــ في الأدب الجاهلي ــ ص9ــ مصر 1926

Prof. Ahmad al-Hawary, University of Melbourne
ahmad.hawary@aussiemail.com.au

رفعت خالد
21-08-2008, 01:09 PM
السلام عليكم..

موضوع أكاديمي حول النقد الأدبي و رواده في العراق..

طبعا، قسم القصص ليس أنسب قسم له لذلك سيتم تحويله للمنتدى العام بإذن الله..

كما أن العناوين من المستحسن أن تكون بالعربية و لا داعي لذكر الكاتب في العنوان.

إلا أني استغربت لما تحدثت عن السياسة المتطورة في العراق أيامنا الحالية.. أي سياسة يا أخي بالله عليك ؟