المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التشيع بين التكفير والإفتراء



الموعود
03-01-2002, 12:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم من الأولين والآخرين.
كان ولا يزال الى يومنا هذا مذهب التشيع محلاَ للنزاع والجدال دون غيره من المذاهب الاخرى، مما يثير أكثر من علامة استفهام حول دوافع هذه الاثارات وأهدافها ، ويبدو ان العامل السياسي لعب على مر العصور لعب دورا مهما في تأجيج هذه الاثارات . فالتشيع نشأ في أواخرحياة الرسول الأعظم ( ص ) ، حيث أنه المصلح والمنقذ لهذه الأمة بأمر من الله عزوجل فهو قائدها وإمامها ، فخطى ( ص ) خطوات واضحة وواسعة في دوره القيادي ، الذي تمخض في ارساء اللبنات الاساسية للمجتمع المدني الاسلامي ، وكما هو معلوم فأن طبيعة المرحلة تحتم على الرسول ( ص ) بحكم العقل انتخاب شخصية إسلامية يعدها اعداداً رسالياً وقياديا حتى يمثل القائد التربوي والسياسي لهذه الأمة ويستمر في ارساء قواعد العدل الالهي فقاعدة اللطف الإلهي كما اقتضت بعث الأنبياء من أجل إرشاد العباد الى كل حق فتقتضي تنصيب الإمام من أجل ذلك . وكان اختياره قد انحصر في الامام علي( ع) وآية ( يايها الرسول بلغ مااُنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغتَ رسالته فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الظالمين). سورة المائده آيه 67
لما نزلت هذه الآية كان النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم)في غدير خم فأمر باجتماع الناس وقام خطيباً فقال : يايها الناس ألستُ اولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا: بلى يارسول الله قال: من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه : اللهم وال من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره وخذل من خذله ، ودار الحق معه كيفما دار، ثم أمر الناس بمبايعته ، فقال له عمر : بخٌ بخٌ لك ياعلي ، أصبحتَ مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة وبعد مبايعة الجميع نزل جبرئيل بقوله تعالى ( اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتمتتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام ديناً). سورة المائده آية 3 وهذا احديث متفق عليه كما ذُكر في كتاب الغدير الجزء الاول للعلامة الأميني
فإذن التشيع ولد وترعرع في احضان الرسول الاكرم ( ص ) ، وذكر الشيخ كاشف الغطاء حول نشأة هذا المذهب : إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة الإسلامية، يعني بذرة التشيع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً الى جنب. فامتاز هذا المذهب أن يكون تحت راية الإمام علي (عليه السلام) فهو القائد الذي رُشح والخليقة من بعد الرسول الأعظم لهذه الأمة . ثم إن مفهوم التشيع قد ذكره الفيروز آبادي في القاموس المحيط هو(شيعة الرجل أتباعه وأنصاره ، وقد غلي هذا الإسم على كل من يتولى الإمام على (عليه السلام)وأهل بيته حتى صار إسماً خاصاً لهم).
وأما سبب تفضيل الإمام علي (عليه السلام) للخلافة من قبل الرسول الأعظم لك يكن وراء العاطفة ، لأن نشأة النبوة بعيد عن الإنقياد وراء العواطف ولكن لما كان يتمتع علي (عليه السلام ) من قابليات لم تتوفر في أحد سواه من العصمه فانه عليه السلام معصوم عن كل شي يكون مخالف للشريعة الإسلاميه بدليل قوله تعالى ( أنما يريد الله أن لُيذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيراً) سورة الأحزاب آية 33
والعلم والشجاعةِ ونكران الذات والعدل والورع وهو القائل : لو اعطيت الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن اعصي الله في جلب شعيرة أسلبها في فم جراده مافعلت).
فلم يكن ولاء الشيعة للإمام على (عليه السلام) عاطفياَ أو تقليدأ وانما ساقتهم الأدلة العقلية والنقلية على امامته من الكتاب العزيز والسنة الشريفة.

الكاتب بالعدل
04-01-2002, 09:31 PM
تسلم على هذا الموضوع يا موعود و جعلك الله و ايانا مع الموعود ان شاءا لله

النهر
06-01-2002, 09:43 PM
اسمح لي ان زيد على كلامك و لمن يهمه امر معرفة ماذا نرد على شيهة ان القرآن الكريم الذي بين يدي العامةفيه نقص و العياذ بالله

أدلة في نفي التحريف


إنّ مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعنى النقيصة هي من الاَُمور البديهية الثابتة على صفحات الواقع التاريخي، والتي لا تحتاج إلى مزيد استدلالٍ وتوضيحٍ وبيان، حتّى إنّ بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرّحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم، فالاستاذ لوبلو يقول: "إنّ القرآن هو اليوم الكتاب الربّاني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر"1.

ويقول السير وليام موير: "إنّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يدٍ ليدٍ حتّى وصل إلينا بدون تحريفٍ، وقد حُفِظ بعنايةٍ شديدةٍ بحيث لم يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكَر، بل نستطيع القول أنّه لم يطرأ عليه أيّ تغييرٍ على الاطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الاِسلامية الواسعة"2. وبمثل ذلك صرّح بلاشير أيضاً3.

وقد أستدلّ العُلماء المحقّقون على عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الاَدلّة الحاسمة، هي من القوّة والمتانة بحيث يسقط معها ما دلّ على التحريف بظاهره عن الاعتبار، لو كان معتبراً، ومهما بلغ في الكثرة، وتدفع كلّ ما أُلصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف، وتُفنّد القول بذلك وتُبطِله حتّى لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلّة النادرة الشاذّة، وفيما يلي نذكر أهمّها:

1 ـ حِفظ الله سبحانه للقرآن الكريم، ولذا لم يتّفق لاَمرٍ تاريخي من بداهة البقاء مثلما اتّفق للقرآن الكريم، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهّدت المشيئة الاِلهية ببقائه مصوناً من تلاعب أهل الاَهواء ومن التحريف وإلى الاَبد حيثُ قال تعالى: ((إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))4.

فالمراد بالذكر ـ كما يقول المفسّرون ـ في هذه الآية: القرآن الكريم، وصيانة القرآن من التحريف من أبرز مصاديق الحفظ المصُرّح به في هذه الآية، ولولا أن تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وصيانته عن الزيادة والنقصان لدُسّ فيه ما ليس منه، كما دُسّ في الكتب المتقدّمة المنزلة من عند الله، فلم يبقَ فيها سوى مادخل عليها من ركيك الكلام وباطل القول، ولكن الكتاب الكريم قد نفى كلّ غريب، وسلم من الشوائب والدخل، فلم يبق إلاّ كلام الربّ سليماً صافياً محفوظاً.

2 ـ نفي الباطل بجميع أقسامه عن الكتاب الكريم بصريح قوله تعالى: ((وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ، لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ))5. والتحريف من أظهر مصاديق الباطل المذكور في الآية، وعليه فالقرآن مصونٌ عن التحريف وعن أن تناله يد التغيير منذ نزوله وإلى يوم القيامة، لاَنّه تنزيلٌ من لدن حكيم حميد، ويشهد لدخول التحريف في الباطل الذي نفته الآية عن الكتاب، أنّ الآية وصفت الكتاب بالعِزّة، وعزّة الشيء تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع والتلاعب، ومن التصرف فيه بما يشينه ويحطّ من كرامته وإلى الاَبد.

3 ـ قوله تعالى: ((إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ، فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ، ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ))6. فعن ابن عباس وغيره: إنّ المعنى: إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ عليك حتّى تحفظه ويمكنك تلاوته، فلا تخف فوت شيءٍ منه7.

4 ـ حديث الثقلين، حيث تواتر من طرق الفريقين أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتابُ الله، وعترتي أهل بيتي، ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي" 8. وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن كما كان عليه على عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يوم القيامة لتتمّ به ـ وبالعترة ـ الهداية الاَبدية للاَُمّة الاِسلامية والبشرية جمعاء ماداموا متمسّكين بهما، وإلاّ فلا معنى للاَمر باتّباع القرآن والرجوع إليه والتمسّك به، إذا كان الآمر يعلم بأنّ قرآنه سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما!

5 ـ الاَحاديث الآمرة بعرض الحديث على الكتاب، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به، والسقيم فيُتْرَك ويُعْرَض عنه، وهي كثيرة، منها: حديث الاِمام الصادق (عليه السلام)، قال: "خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنى فقال: أيُّها الناس، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قُلتُه، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقُله"9. وعنه أيضاً بسندٍ صحيح، قال (عليه السلام): "إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فأعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه"10.

وهذه القاعدة تتنافى تماماً مع احتمال التحريف في كتاب الله، لاَنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعاً به، لاَنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل، فلا موضع للشكّ في نفس المقياس، ولولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان منذ عصر الرسالة الاَوّل وإلى الاَبد، لما كانت هذه القاعدة، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها.

قال المحقق الكركي المتوفّى سنة (940 هـ) في رسالته التي أفردها لنفي النقيصة عن القرآن الكريم: "لا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه غير هذا المتواتر الذي بأيدينا وأيدي الناس، وإلاّ لزم التكليف بما لايطاق، فقد وجب عرض الاَخبار على هذا الكتاب، وأخبار النقيصة إذا عُرِضت عليه كانت مخالفة له، لدلالتها على أنّه ليس هو، وأيّ تكذيب يكون أشدّ من هذا"11.

6 ـ إنّ ثبوت قرآنية كلّ سور القرآن وآياته، لا يتمّ إلاّ بالتواتر القطعي منذ عهد الرسالة وإلى اليوم، ممّا يقطع احتمال التحريف نهائياً، لاَنّ ماقيل بسقوطه من القرآن نقل إلينا بخبر الواحد، وهو غير حجةٍ في ثبوت قرآنيته، حتّى مع فرض صحّة إسناده.

قال الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 هـ): "إنّ من تتبّع أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، وتصفّح التأريخ والآثار، عَلِم علماً يقينياً أنّ القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر، فقد حِفِظه الاَُلوف من الصحابة ونقله الاَُلوف، وكان منذ عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) مجموعاً مؤلّفاً"12.

وقال الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفّى سنة (1352 هـ): "ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامّة المسلمين جيلاً بعد جيل، استمرّت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحوٍ واحد"13.

7 ـ إجماع العلماء على عدم التحريف إلاّ من لا اعتداد به، كما صرّح بذلك المحقّق الكلباسي المتوفى سنة (1262 هـ ) بقوله: "انّ الروايات الدالّة على التحريف مخالفةٌ لاجماع الاَُمّة إلاّ من لا اعتداد به"14.

وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء، المتوفّى سنة (1228 هـ) في "كشف الغطاء": "جميع ما بين الدفّتين ممّا يُتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب بل الدين وإجماع المسلمين وأخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والاَئمة الطاهرين (عليهم السلام)، وإن خالف بعض من لايُعتدّ به"15.

8 ـ إنّ التحريف ينافي كون القرآن المعجزة الكبرى الباقية أبد الدهر.

قال العلاّمة الحلّي المتوفّى سنة (726 هـ ): "إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنقولة بالتواتر"16. وذلك لفوات المعنى بالتحريف، ولاَنّ مدار الاِعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى، وبالنتيجة لا إعجاز حينما يوجد التحريف. فاحتمال الزيادة أو التبديل باطل، لاَنّه يستدعي أن يكون باستطاعة البشر إتيان ما يماثل القرآن، وهو مناقض لقوله تعالى: ((وَإن كُنْتُم في رَيْبٍ ممّا نَزَّلنا عَلى عَبْدِنا فأتُوا بسورَةٍ من مِثْلِهِ))17ولغيرها من آيات التحدي. وكذلك احتمال النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملةٍ واحدةٍ منتظمةٍ في أُسلوب بلاغي بديع، فإنّ حذف كلمات منها سوف يؤدّي إلى إخلال في نظمها، ويذهب بروعتها الاَُولى، ولايَدَع مجالاً للتحدّي بها.

9 ـ ثبوت كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد الرسول الاَعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما يدلّ على ذلك كثيرٌ من الاَخبار في كتب الفريقين، حيث كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر أصحابه بقراءة القرآن وتدبّره وحفظه، وعرض مايُروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه، كما أنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده وتلوه وحفظوه، وأنّ جبرئيل (عليه السلام) كان يعارضه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرآن كلّ عامٍ مرة، وقد عارضه به عام وفاته مرتين، وهذا الدليل يُسقِط جميع مزاعم القائلين بالتحريف والتغيير، وما تذرّعوا به من أنّ كيفية جمع القرآن ومراحل ذلك الجمع، تستلزم في العادة وقوع هذا التحريف والتغيير فيه، وسنأتي على تفصيل ذلك في موضوع جمع القرآن بإذن الله تعالى.

10 ـ اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين بالقرآن، فقد كان (ص) حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها، مؤكّداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها، مبيّناً فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة، وقد بذل المسلمون عناية فائقة واهتماماً متواصلاً بكلام الله المجيد بشكل لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية السابقة، فكان كلّما نزل شيءٌ من القرآن هَفَت إليه القلوب، وانشرحت له الصدور، وهَبَّ المسلمون إلى حفظه وتلاوته، بما امتازوا به من قُوّة حافظة فطرية، لاَنّ شعار الاِسلام وسمة المسلم حينئذٍ هو التجمّل والتكمّل بحفظ القرآن الكريم - معجزة النبوّة الخالدة، ومرجع الاَحكام الشرعية، واستمروّا على ذلك حتّى صاروا منذ صدر الاِسلام يُعَدّون بالاَُلوف وعشراتها ومئاتها، وكلّهم من حَمَلة القرآن وحُفّاظه وكُتّابه، فكيف يُتَصوّر سقوط شيءٍ منه والحال هذه؟!

11 ـ دقّة وتحرّي المسلمين لاَي طارىءٍ جديدٍ في القران، حيثُ إنّ العناية قد اشتدّت، والدواعي قد توفّرت لحفظ القرآن وحراسته حتّى في حروفه وحركاته، ويكفي أن نذكر أنّ عثمان حينما كتب المصاحف، أراد حذف حرف الواو من ((والَّذِينَ)) في قوله تعالى ((وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَها في سَبِيلِ اللهِ...))18. فقال أُبيّ: لتلحقنّها أو لاَضعنّ سيفي على عاتقي، فألحقوها19.

وروي أيضاً أنّ عمر بن الخطّاب قرأ ((والسَّابقُونَ الاولُونَ مِن المُهاجِرينَ وَالاَنْصَار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ))20 فرفع "الانصار" ولم يلحق الواو في "الذين" فقال له زيد بن ثابت: ((وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ))! فقال عمر: "الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ". فقال زيد: "أمير المؤمنين أعلم." فقال عمر: ائتوني بأُبيّ بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أُبيّ: "((وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهم باحْسَانٍ))" فقال عمر: "فنعم، إذن نتابع أُبيّاً"21. فإذا كان الخليفة لا يستطيع أن يحذف حرفاً، فهل يجرؤ غيره على التصرّف بزيادةٍ أو حذفِ آياتٍ أو سورٍ من القرآن وتحريفها؟!

12 ـ ويمنع من دعوى التحريف، الواقع التاريخي أيضاً، فإنّه إن كان التحريف في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو غير معقول بعد أن كان يشرف بنفسه على كتابته وحفظه وتعليمه، ويُعْرَض عليه مرات عديدة.

وإنّ كان بعد زمانه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى يد السلطة الحاكمة، أو على يد غيرها، فلم يكن يسع أمير المؤمنين (عليه السلام) والخيرة من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) السكوت على هذا الاَمر الخطير الذي يمسّ أساس الاِسلام، ويأتي على بنيانه من القواعد، ولو كان ذلك لاحتجّ به الممتنعون عن بيعة أبي بكر وعمر والمعترضون عليهما في أمر الخلافة، كسعد بن عبادة وأصحابه، ولكان على أمير المؤمنين (عليه السلام) وسائر الصحابة أن يُظْهِروا القرآن الحقيقي، ويبيّنوا مواضع التحريف في هذا الموجود وإن حدث ما حدث، لكنّنا لم نجد ذكراً لذلك، لا في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة بالشقشقية، ولافي غيرها من خُطبَهِ وكلماته وكتبه التي اعترض بها على من تقدّمه، ولا في خطبة الزهراء (عليها السلام) المعروفة بمحضر أبي بكر، كما لم نجد أحداً من الصحابة أو من غيرهم، قد طالبهما بإرجاع القرآن إلى أصله الذي كان يُقْرَأ به في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو نبّه على حدوث التحريف ومواطنه، وفي ترك ذِكر ذلك دلالةٌ قطعيةٌ على عدم التحريف.

أمّا دعوى وقوع التحريف في زمن عثمان، فهو أمر في غاية البُعد والصعوبة، لاَنّ القرآن في زمانه كان قد انتشر وشاع في مختلف أرجاء البلاد، وكثر حُفّاظه وقُرّاؤه، وإنّ أقلّ مساسٍ بحرمة القرآن لسوف يُثير الناس ضدّه، ويُوجِب الطعن عليه وإدانته بشكلٍ قويّ ومعلنٍ، ولا سيما من الثائرين عليه الذين جاهروا بإدانته فيما هو أقلّ أهميةً وخطراً بكثير من التحريف، لكنّنا لم نسمع أحداً طعن عليه في ذلك، فهل خفيت هذه الآيات أو السور التي يُدّعى سقوطها من القرآن، على عامّة المسلمين، ولم يطّلع عليها سوى أفراد قلائل؟!

ولو كان ذلك لكان على أمير المؤمنين (عليه السلام) إظهار هذا الاَمر، وإرجاع الناس إلى القرآن الحقيقي بعد أن صار خليفةً وحاكماً، ولم يعد ثمّة مايمنع من ذلك، وليس عليه شيء يُنْتَقَد به، بل ولكان ذلك أظهر لحُجّته على الثائرين بدم عثمان. فكيف صحّ منه (عليه السلام) وهو الرجل القويّ الذي فقأ عين الفتنة أن يهمل هذا الاَمر الخطير، وهو الذي أصرّ على إرجاع القطائع التي أقطعها عثمان، وقال في خطبةٍ له (عليه السلام): "والله لو وجدته قد تُزوِّج به النساء وُملِك به الاِماء لرددته، فانّ في العدل سَعَة، ومن ضاق عليه العدل والجور عليه أضيق "22. مع أنّ ذلك أقلّ أهمية وخطورة من أمر تحريف القرآن بكثير؟! إذن فإمضاؤه (عليه السلام) للقرآن الموجود في عصره دليلٌ قاطعٌ على عدم وقوع التحريف فيه.

13 ـ اهتمام أهل البيت (عليهم السلام) البالغ في القرآن الكريم وحثُّ أصحابهم على تلاوة القرآن الكريم وختمه، وبيانهم (عليهم السلام) لمنزلة قارىء القرآن تارة، وفضائل القرآن تارة أُخرى، كُلّ ذلك يدلُّ على نفي التحريف، لعدم توجّه مثل هذه العناية إلى كتاب محرّف.

14 ـ اعتقاد الكل بكون القرآن حجّة بالغة ينافي التحريف من كلِّ وجه، ولا يعقل اتخاذ ماهو محرّف حجة، ولو فرض حصول التحريف لسقط الاستدلال به لاحتمال التحريف بالدليل، ولا يوجد فرد واحد قط استدل بالقرآن وأشكل عليه آخر بتحريف الدليل.

15 ـ وأخيراً فإنّ صلاة الاِمامية بمجرّدها دليلٌ على نفي التحريف في كتاب الله العزيز، لاَنّهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب ـ في كلِّ من الركعة الاَولى والركعة الثانية من الفرائض الخمس ـ سورةً واحدةً تامّة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين، وفقههم صريح بذلك، فلولا أنّ سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسنّى لهم هذا القول، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل.

التالي
الفهرست
السابق

(1) تاريخ القرآن للصغير: 94 عن كتاب: المدخل إلى القرآن لمحمد عبدالله دراز: 39 ـ 40.
(2) تاريخ القرآن للصغير: 93.
(3) القرآن نزوله، تدوينه، ترجمته وتأثيره لبلاشير: 37.
(4) الحجر15: 9
(5) فصلت 41: 41 ـ 44
(6) القيامة 75: 17 ـ 19
(7) مجمع البيان 10: 600.
(8) هذا الحديث متواتر مشهور، رواه الحفّاظ والمحدّثون عن نحو ثلاثين صحابياً، وللحافظ ابن القيسراني (448 ـ 507 هـ) كتاب في طرق هذا الحديث، وقد بحث السيد علي الميلاني هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابه (نفحات الازهار في خلاصة عبقات الاَنوار في إمامة الاَئمة الاَطهار)، وأُنظر أهل البيت في المكتبة العربية رقم 298 للسيد عبدالعزيز الطباطبائي رضي الله عنه.
(9) الكافي 1: 69 | 5.
(10) الوسائل 27: 118 | 62،333 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
(11) أورده السيد محسن البغدادي في (شرح الوافية) عن المحقق الكركي، أُنظر البرهان، للميرزا مهدي البروجردي: 116 ـ 117.
(12) الفصول المهمة ـ للسيد شرف الدين: 166.
(13) آلاء الرحمن 1: 29، المقدمة
(14) البيان في تفسير القرآن: 234.
(15) كشف الغطاء: 298.
(16) أجوبة المسائل المهناوية: 121.
(17) البقرة 2: 23
(18) التوبة 9: 34
(19) الدرّ المنثور 4: 179.
(20) التوبة 9: 100
(21) تفسير الطبري 11: 7، الدر المنثور 4: 268.
(22) نهج البلاغة ـ صبحي الصالح: 57 الخطبة 15.

النهر
06-01-2002, 09:47 PM
وايضا ما قاله علماؤنا الافاضل في القرآن


نّ المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصّوا على أنّ الذي بين الدفّتين هو جميع القرآن المُنْزَل على النبيّ الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) دون زيادة أو نقصان، ومن الواضح أنّه لا يجوز إسناد عقيدةٍ أو قولٍ إلى طائفةٍ من الطوائف إلاّ على ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة، وفيما يلي نقدّم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الاِمامية منذ القرون الاُولى وإلى الآن، لتتّضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي:

1 ـ يقول الاِمام الشيخ الصدوق، محمّد بن علي بن بابويه القمي، المتوفّى سنة (381 هـ) في كتاب "الاعتقادات": "اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مابين الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب"1.

2 ـ ويقول الاِمام الشيخ المفيد، محمّد بن محمّد بن النعمان، المتوفّى سنة (413 هـ) في "أوائل المقالات": "قال جماعة من أهل الاِمامة: إنّه لم ينقص من كَلِمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حُذِف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وعندي أنّ هذا القول أشبه ـ أي أقرب في النظر ـ مِن مقال من أدّعى نقصان كَلِمٍ من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل"2.

وفي "أجوبة المسائل السروية"، قال: "فان قال قائل: كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولانقصان، وأنتم تروون عن الاَئمّة (عليهم السلام) أنّهم قرأوا ’كنتم خير أئمّة أُخرجت للناس‘، ’وكذلك جعلناكم أئمّة وسطاً‘. وقرأوا ’يسألونك الاَنفال‘. وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس؟

قيل له: إنّ الاَخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يُقْطَع على الله تعالى بصحّتها، فلذلك وقفنا فيها، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر، على ما أُمِرنا به3 حسب مابيّناه مع أنّه لايُنْكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين، أحدهما: ما تضمّنه المصحف، والثاني: ما جاء به الخبر، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على أوجهٍ شتّى"4.

3 ـ ويقول الاِمام الشريف المرتضى، عليّ بن الحسين الموسوي، المتوفّى سنة (436 هـ) في "المسائل الطرابلسيات": "إنّ العلم بصحّة نقل القرآن، كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإنّ العناية اشتدّت، والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدّ لم يَبْلُغه في ما ذكرناه ‎؛ لاَنّ القرآن معجزة النبوّة، ومأخذ العلوم الشرعية والاَحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتّى عرفوا كلّ شيءٍ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!"

وقال أيضاً: "إنّ العلم بتفضيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ماعُلِم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها مايعلمونه من جملتها، حتّى لو أنّ مُدْخِلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً ليس من الكتاب لُعرِف ومُيّز، وعُلِم أنّه مُلْحَقٌ وليس من أصل الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزني، ومعلومٌ أنّ العناية بنقل القرآن وضبطهِ أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء".

وذكر: "أنّ من خالف في ذلك من الاِمامية والحشوية لايعتدّ بخلافهم، فإنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قومٍ من أصحاب الحديث، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها، لايرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته"5

وذكر ابن حزم أنّ الشريف المرتضى كان يُنكر من زعم أنّ القرآن بُدّل، أو زيد فيه، أو نُقِص منه، ويكفّر من قاله، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي وأبو القاسم الرازي6.

4 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المعروف بشيخ الطائفة، المتوفّى سنة (460 هـ) في مقدمة تفسيره "التبيان": "المقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً، لاَنّ الزيادة فيه مجمعٌ على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الاَليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله، وهو الظاهر من الروايات، غير أنّه رُويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيءٍ من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا تُوجِب علماً ولا عملاً، والاَولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها، لاَنّه يمكن تأويلها، ولو صَحّت لما كان ذلك طعناً على ماهو موجودٌ بين الدفّتين، فإنّ ذلك معلومٌ صحّته لايعترضه أحدٌ من الاَُمّة ولا يدفعه"7.

5 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن المتوفى سنة (548 هـ)، في مقدمة تفسيره "مجمع البيان": "ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه، فانّه لا يليق بالتفسير، فأمّا الزيادة فمجمعٌ على بطلانها، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً ؛ والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء"8.

6 ـ ويقول الاِمام العلاّمة الحلي، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر، المتوفّى (سنة 726 هـ) في "أجوبة المسائل المهناوية" حيثُ سُئل: "ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز، هل يصحّ عند أصحابنا أنّه نقص منه شيءٌ، أو زِيد فيه، أو غُيِّر ترتيبه، أم لم يصحّ عندهم شيءٌ من ذلك؟"

فأجاب: "الحقّ أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه، وأنّه لم يزد ولم ينقص، ونعوذ بالله تعالى من أن يُعْتَقَد مثل ذلك وأمثال ذلك، فإنّه يُوجِب التطرّق إلى معجزة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المنقولة بالتواتر"9.

7 ـ ويقول الاِمام الشيخ البهائي، محمد بن الحسين الحارثي العاملي، المتوفّى (سنة 1030 هـ)، كما نقل عنه البلاغي في "آلاء الرحمن": "الصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظٌ عن التحريف، زيادةً كان أو نقصاناً، ويدلّ عليه قوله تعالى: ((وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) منه في بعض المواضع، مثل قوله تعالى ’يا أيُّها الرسولُ بَلّغ ما أُنْزِل إليكَ ـ في عليّ ـ‘ وغير ذلك، فهو غير معتبرٍ عند العلماء"10.

8 ـ ويقول الاِمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء، المتوفّى سنة (1228 هـ) في "كشف الغطاء": "لا ريب في أنّ القرآن محفوظٌ من النقصان بحفظ الملك الديّان، كما دلّ عليه صريح الفرقان، واجماع العلماء في جميع الاَزمان، ولاعبرة بالنادر، وما ورد في أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها، ولاسيّما مافيه نقص ثلث القرآن أو كثير منه، فإنّه لو كان كذلك لتواتر نقله، لتوفّر الدواعي عليه، ولا تّخذه غير أهل الاِسلام من أعظم المطاعن على الاِسلام وأهله، ثمّ كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه"11.

9 ـ ويقول الاِمام المجاهد السيد محمد الطباطبائي، المتوفّى سنة (1242 هـ) في "مفاتيح الاُصول": "لاخلاف أنّ كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواتراً في أصله وأجزائه، وأمّا في محلّه ووضعه وترتيبه فكذلك عند محقّقي أهل السنة، للقطع بأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لاَنّ هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم، والصراط المستقيم، ممّا توفّرت الدواعي على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل آحاداً ولم يتواتر، يقطع بأنّه ليس من القرآن قطعاً"12.

10 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد جواد البلاغي، المتوفّى سنة (1352 هـ) في "آلاء الرحمن": "ولئن سمعت من الروايات الشاذّة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه، فلا تُقِم لتلك الروايات وزناً، وقلَّ ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن، وما ألصقته بكرامة القرآن ممّا ليس له شَبَه به"13.

11 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، المتوفّى سنة(1373 هـ) في "أصل الشيعة وأصولها": "إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين، هو الكتاب الذي أنزله الله إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) للاعجاز والتحدّي، ولتعليم الاَحكام، وتمييز الحلال من الحرام، وإنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم، ومن ذهب منهم، أو من غيرهم من فرق المسلمين، إلى وجود نقصٍ فيه أو تحريفٍ، فهو مخطئ، يَرُدّهُ نص الكتاب العظيم ((إنّا نحنُ نزّلنا الذكرَ وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ))14.

والاَخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه، ضعيفة شاذّة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فأمّا أن تُؤوّل بنحوٍ من الاعتبار أو يُضْرَب بها الجدار"15.

12 ـ ويقول الاِمام السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي، المتوفّى سنة (1377 هـ)، في "أجوبة مسائل جار الله": "إنّ القرآن العظيم والذكر الحكيم، متواترٌ من طُرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت (عليهم السلام)، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوهٌ، وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله تعالى، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه. وظواهر القرآن الحكيم، فضلاً عن نصوصه، أبلغ حجج الله تعالى، وأقوى أدلّة أهل الحقّ بحكم الضرورة الاَولية من مذهب الاِمامية، وصحاحهم في ذلك متواترةٌ من طريق العِترة الطاهرة، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها، عملاً بأوامر أئمتهم (عليهم السلام).

وكان القرآن مجموعاً أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ماهو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه، بلا زيادةٍ ولا نقصانٍ، ولا تقديمٍ ولا تأخيرٍ، ولا تبديلٍ ولا تغيير"16.

13 ـ يقول الاِمام الخميني المتوفّى سنة (1409 هـ): "إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه، قراءةً وكتابةً، يقف على بطلان تلك الروايات المزعومة. وما ورد فيها من أخبار ـ حسبما تمسّكوا به ـ إمّا ضعيف لا يصلح للاستدلال به، أو موضوع تلوح عليه إمارات الوضع، أو غريب يقضي بالعجب، أمّا الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل، والتفسير، وإنّ التحريف إنّما حصل في ذلك، لا في لفظه وعباراته.

وتفصيل ذلك يحتاج إلى تأليف كتاب حافل ببيان تاريخ القرآن والمراحل التي قضاها طيلة قرون، ويتلخّص في أنّ الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفّتين، لا زيادة فيه ولا نقصان، وأنّ الاختلاف في القراءات أمر حادث، ناشئ عن اختلاف في الاجتهادات، من غير أن يمسّ جانب الوحي الذي نزل به الروح الاَمين على قلب سيد المرسلين"17

14 ـ ويقول الاِمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، المتوفّى سنة (1413 هـ)، في "البيان في تفسير القرآن": "المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأنَّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الاَعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد صرح بذلك كثير من الاَعلام، منهم رئيس المحدثين الشيخ الصدوق محمد بن بابويه، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الاِمامية"18.

ويقول أيضاً: "إنّ حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لايقول به إلاّ من ضعف عقله، أو من لم يتأمّل في أطرافه حقّ التأمّل، أو من ألجأه إليه من يحبّ القول به، والحبّ يعمي ويصمّ، وأمّا العاقل المنصف المتدبّر فلا يشكّ في بطلانه وخرافته"19.

التالي
الفهرست
السابق

(1) الاعتقادات: 93.
(2) أوائل المقالات: 55.
(3) روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: "اقرءوا كما عُلّمتم..."، وقال (عليه السلام): "اقرءُوا كما يقرأ الناس".
(4) المسائل السروية: 83 تحقيق الاستاذ صائب عبدالحميد.
(5) مجمع البيان 1: 83.
(6) الفصل في الملل والنحل 4: 182.
(7) التبيان 1: 3.
(8) مجمع البيان 1: 83.
(9) أجوبة المسائل المهناوية: 121.
(10) آلاء الرحمن 1: 26.
(11) كشف الغطاء: 229.
(12) البرهان للبروجردي: 120.
(13) آلاء الرحمن 1: 18.
(14) الحجر 15: 9
(15) أصل الشيعة وأُصولها: 101 ـ 102 ط15.
(16) عبدالحسين شرف الدين | أجوبة مسائل جار الله: أُنظر ص 28 ـ 37.
(17) تهذيب الأصول 2: 165
(18) البيان في تفسير القرآن: 200.
(19) البيان في تفسير القرآن: 259.

لعل في ذلك ردا شافيا لمن يقول غير ذلك عن مذهبنا الكريم

فلاح
06-01-2002, 10:35 PM
احسنت وجزاك الله خير ( الموعود ـ الكاتب بالعدل ـ النهر ) واسال الله ان يتقبل اعمالكم ويجعلها ذخرا لكم وخصوصا انت النهر مشكور على جهدك ودمت موفقا