آسية العربية
12-10-2008, 12:44 PM
لون جديد
لون من ألوان الحياة و خصوصا حياتي لون قاتم في بعض الأحيان بل غالب الأحيان لون الزمني على الخضوع مكرهة لون اجبرني على ارتدائه مرارا و تكرارا و ما احسست يوما بالملل لانني بكل بساطة لم اعرف ان هناك الوان اخرى..
الوان اخرى تنبض بالحياة و تحملني الى عالم اخر الى حياة التي كانت في يوم من الايام ضمن الامفكر فيه او ضمن المستحيل والغير مقبول و ربطها البعض ربطا بالدين فقالوا انها محرمة و التفكير فبها كفر بالله .. و صدقت البلهاء او صدقت من الفتها و من حسبتها انا و ظلت على تلك الحال تخضع للقتامة دون شكوة و دون تبرم تبذل ما في و سعها حتى لا تخرج من المسار الصحيح او الاجدر ان اقول المتفق على صحته من قبل هم الذين يقولون و يقولون و لا يعرفهم احد.. و هل خاجها الشك يوما؟؟ نعم مرارا.. كان الشك في المتفق عليه يعتبر و مازال من الاثام الكبيرة التي لا تغتفر و لقد خشيت من كانت في يوم من الايام انا ان تحمل ما لا تحتمل من النقد و خاصة من الاقصاء و الهجر من قبل المجموعة التي تتفانى في تطبيق القوانين المعترف بها و العائدة دوما الى طرف مجهول "هم".. ثم لا يلبث الشك يتعاظم يوما بعد يوما حتى اصبحت التي تفكر في الامفكر فيه مجنونة لسبب واحد خال من المنطق الا و هو الخروج عن المالوف و عدم تقبل الاهانة .. و لا يجرا احد على الفهم كيف تكون الطاعة شكل من اشكال الاهانة؟؟ و الامر هنا واضح و جلي و عرفته العقول على مر التاريخ و العصور تكرارا الا ان اصبح في نظري من مسلمات الفكر الذي لا يمكن ان يرضخ بعد كل هذه الدروس و التجارب الانسانية في هذا المجال.. مجال العبودية بكل اشكالها و اثوابها ..
كانت المجنونة زوجة متفانية في الطاعة و بذل العطاء الغير مقيد بالحدود التي تجعل للانسان كرامته و تحفظه في مكانته التي شرفه بها الاه سواء اكان ذكر او انثى.. لكن في عهد الجنونة كان الذكر يستاثر بالمكانة و الكرامة لنفسه دون غيره نظرا الى ماكان يشاع عن كون المراة ناقصة عقلا و دينا.. و لقد تعمدت اختيار كلمة يشاع لانني اثق تمام الثقة ان المفهوم المجرد من القراءات الصحيحة لا يمكن ان ينسب الى الرسول صلهم.. و في اسناده اليه مما لا يتقبله المنطق و لا العقل.. المجنونة لم تكن حينئذ مجنونة بل كانت كسائر القطيع تفعل ما يفعله الناس حتى ضاقت نفسها بنفسها المكبلة و في ذلك حديث اخر سأصل اليه بعد حين..
و كان من مهمات المجنونة المتعددة ان تطبخ ما يسر بطن ذاك الشخص الذي يرتمي عليها كل ليلة فيذيقها من القرف امرين و هي لا تدري ماذا كان يفعل.. ثم علمت او ظنت لما انتفخت بطنها ان ما يفعله صناعة الاطفال.. و هي مهمة مقدسة و من شانها ان ترفع من قيمتها عند اقرانها كلما انتفخت بطنها..و قبل ان اواصل الحديث اسمحوا لي بتوضيح بعض الامور المهمة .. المجنونة ليست من عهد القرن التاسع عشر بل هي ابنة عصرنا الحالي .. و لعلي بالغت قليلا بل كثيرا حين قلت انها لم تكن تدري ما كان يفعله ذاك الشخص الغامض و في غموضه اردت ان احيل النظر الى غموض حقيقته ليس الا .. المهم هو اني قصدت بعدم المعرفة الجهل بالشعور الناجم عن الممارسة.. و عدم القدرة على الحوار في ما يخصها.. و اعيد التاكيد على تعمد المبالغة حتى لا ينساق القارئ وراء التساؤلات بل قل الاستخفاف و مبالغتي قصدت بها تاويلا لا تهويلا.. ارجو ان اكون قد اوضحت هذه النقطة اللابديهية ..
اذن المجنونة لم تكن الا وليدة عصرنا الحالي و هي تعيش يومنا هذا و رغم ما وصلت ايه المراة او الاجدر ان اقول رغم ما وصل اليه الرجال القادة من تعصير و تطوير وبالتالي تحريرالمراة التي لم يسمع لها الى حد الان صوت .. و رغم تلك الحركات التي تنادي بحقوق المراة و بالاخص بحقها في العمل و الخروج الى معترك الحياة و ما الى ذلك..فان صاحبتنا لا تزال اسيرة دارها نزولا عند رغبة السيد المحترم زوجها الذي يرى في عمل المراة وصمة عار و انا لا ارى ذلك و لا اتفق مع اسبابه لاني اراها ذريعة تخفي الوجه الحقيقي للمسالة ..الحق هو ان الرجل لا يحتمل فكرة مجاراة المراة له فمابالك بان تكون ارفع منه منزلة او ان تكسب ضعف ما يكسبه انها لاهانة كبرى و هو ما يكشف الغطاء على الحقيقة اللابديهية ...رجل اليوم رغم تحضره لا يزال يحمل نظرة دونية و ما زال الى حد الان يرى في المراة ذلك الكائن الحقير الذي لا يمكن ان يجاري الرجل ولست ادري من اين استنبط الرجال هذه الفكرة المحفورة في اذهانهم منذ الازل و ربما يعود ذلك الى عاطفة المراة وسخاء قلبها الذي يمكنها من تحمل المشاق في صمت و استغلال رقة المراة و وداعتها و ميلها الى المسامحة لا ينم الا عن ضعف شديد في راي... و لا داعي للتطويل لان مجرد النظر الى شوارعنا او الى بيوت جيراننا يحمل لنا شواهد لا يمكنني حصرها و لذلك سأكتفي بذكر قصة المجنونة..
كان للمجنونة عادة غريبة اذ كانت تسرف الوقوف امام شباك من الشبابيك و تنظر في غبر وعي و في غير تفكير.. و لشد ما سخر منها زوجها ووصفها بالحمقاء التي لا تجيد شيئا .. فلا تلبث ان تصدق و تغرس في عقلها تلك الادعاءات العنيفة و تردد انا حمقاء ..انا لا اجيد شيئا و لا شك ان سذاجتها كانت كذلك من دواعي التدمير الذاتي الغير ذاتي في الاصل .. و اذا ما خرجا الى مكان من الاماكن المحببة الى السيد المحترم و بالطبع احبها اليه كان حيث والدته و اخوانه و اصحابه الا و غالى في بذل مساعيه لارضائهم و هي صورة من صور الجود و الكرم عند العرب المنافقين المحبين للمظاهر و الذين ينفقون في سبيل تمجيد ذكراهم ليس الا.. اما اذا ما خلا الكريم الى زوجه فليس من الحكمة ان يفرط فيما تعب من اجله بينما هي جالسة كامل النهار في راحة و استجمام .. و هنا استغرب و اتعجب أي تجعب و اطالب الرجال الذين هم عن شاكلة السيد المحترم بان يمدوني و لو بابسط محاولات التفسير.. او لست انت الذي ابيت ان تخرج امراتك الى العمل؟؟ فما بالك الان تعيب و تلوم جلوسها في المنزل؟؟ ثم من ادراك ان في ذلك الجلوس راحة و استجمام؟؟ .. و بخلاف هذه الاتهامات التي تتلقاها المراة تلو الصفعات و الاهانات لانها ليست في مستوى' فلانة مرت فلان' التي تنظف دارها تنظيفا اقرب الى التعقيم منه الى التنظيف و التي تعد الفطورفي ميعاده دون تاخير و لا تقديم و انا متاكدة تمام التاكد ان 'فلانة مرت فلان'(زوجة فلان) لم تنل يوما كلمة شكر من طرف زوجها بقدر ما نالت تقدير صاحباتها و أي تقدير هذا؟؟ ااذل نفسي و امسح كالخادم ليقال عني اني امراة مثالية؟ و ما حاجتنا الى المثالي؟؟ و من هم الاخريات او الاخرون لكي يكون لرايهم اعتبار او لمنح جائزة المراة المثالية ؟؟ و بالطبع لم تنل صاحبتنا المجنونة جائزة المراة المثالبة لانها حمقاء.. و لا تجيد شيئ.. بل نالت الاقاويل و الكم الهائل منها.. و لن ادافع عن المجنونة هذه المرة لانني ارى انها تستحق الاقاويل كما يستحق الزوج المحترم كذلك عقابا تاديبيا .. و اسمحوا لي لحظة ان اوضح بعض الامورالتي احسب انها عالقة في اذهان القارئ ان السيد المحترم الذي اسرفت الحديث عنه لا يمثل كامل رجال العالم اذ لكل منهم عاهته و اسمحوا لي كذلك ان اقول ان سبب هذه العاهات بانواعها و اشكالها هو غباء المراة الملمة بالتوافه و المسلسلات و ثوب فلانة .. و قد صدق من قال ان وراء كل رجل عظيم امراة عظيمة و بالتالي فان وراء كل رجل غبي امراة غبية.. غير ان هذا القول لا يعفي الرجل من مسووليته و اريد ان اشيران مرادي الحصر و ليس الجمع لانه والحمد لله هناك أقلية مثقفة و مسوولة و تعرف قيمة الحياة التي لا يجب ان نضيعها في الترهات و السخافات .. و الحال اني اشعر اني اضيع و قتي و قد سئمت المجنونة قبل ن اتحدث عنها لانها في حد ذاتها شخصية تافهة شخصية من شخصياتي التي كانت و زالت او في طور الزوال.. حياتي اليوم لا عهد لي بها و لا افهمها ابدا بل لا استطيع ان افكر كيف انقلبت من تلك التافهة الى شيئ اخر قد يكون اكثر تفاهة او اقل المهم هو انه ليس نفس الوضع الممل و الذي لا اعرف نفسي فيه و قد اخطا احيانا بيني و بين تابعات القطيع الاخريات نظرا الى تواتر نفس الاسلوب الذي هيمن على عقلي و روحي وعلى كل جزء في .. المهم انني قد احمل اربع او ثلاث او خمس او اكثر او اقل و لا استطيع ان احدد العدد لانني لا اعرف كم هناك من انا .. انا اتوه و اشعر باللذة في هذا التيه و قد يقول البعض انني مجنونة و لكني مهما انت الحالة التي انا فيها متزوجة او مطلقة مثقفة او جاهلة فان الجنون يبقى صفة متصلة في و اعتبرها دليلي و عنواني الفريد الذي لا يسكن فيه احد غيري .. اردت في بادئ الامر ان اكتب عن بعض الظواهر الاجتماعية التي عشتها مع السيد المحترم نعيشها نحن جميعا و هي ليست افة من الافات لان الانسان انسان لسبين هما الخطا و العقل.. و لقد سئمت كذلك الاشارة الى كل ما هو اجتماعي و كل ما يتعلق بحياتي السابقة لاني شعرت انني اتخذ اعذارا لجنوني بينما ذاك لم يكن غايتي لا في البداية و لا في النهاية.. و قررت و انا حرة في اتخاذي لهذا القرار و لكم من ابداء السخط و النقد ما شئتم قررت ان اغير مجريات القصة و ان لا اتحدث بتسلسل و لا اعطي قيمة لقوانين الكتابة المنصوصة من طرف النقاد و المعمول بها من طرف الادباء و انا كما قلت و كما ساقول دوما انا ضد كل انواع الخضوع.. و لن اخضع الان بالذات لاي مقياس من المقاييس..
اما بعد فان المجنونة الانا التي لا تخضع و التي اتخذت لنفسها رداءا جديدا كل شهر و لون جديد كل شهر او كل يوم او كل اسبوع لا يهم لانني لا اعرف بالتحديد كم البث و اغير .. و لعلي اردت التفرد و لعلي مصيبة او مخطئة لا اعرف كذلك .. لا اعرف حتى من انا الان؟؟ المهم انني احمل صفة و عنوان و تعريف و المهم اني لست كسائر القطيع و لا ارضخ للقوانين المسنونة من طرف "هم" فما الذي يمنع مثلا ان اخرج و اتجول في الشوارع ..؟؟ و مالذي يمنع ان التف و ادور امشي خطوتيتن ثم اعدل عن رايي بدون سبب يذكر او يستحق الذكر؟؟ مالذي يمنع ان اذهب الى مدينة الملاهي و اركب كما الاطفال و اضحك كالاطفال غير عابئة بالنظرات التي توبخني تارة و تحسدني في اغلب الاطوار لانني افعل ما شئت اينما شئت و قتما شئت و لا تخطؤوا فتقولوا انني من الباحثين عن الحرية المطلقة لا ليس ذلك ما ابغي بل مرادي هو القيا م بتلك الاعمال و الافعال التي لا يجرؤا احد على القيام بها لا لانها منافية للاخلاق او للدين و ما الى ذلك بل لانها لا تتلاءم و حسب مع القطيع و ذوقه ...
......
الصيف لم يعد كالشتاء و الربيع ليس كالخريف و الامس ليس كاليوم.. حياة جديدة تناديني و تقول لي هامسة لا تفكري كما تفكرين تعالي اركبي و سترين ..الفطرة قائدتنا و قطار جرئ سيسير بنا الى المجهول تعالي نكتشف معا شخصيات جديدة و نذوق الوان جديدة من التيه و التشرد اللذيذ دعي الرجل و المراة يتخبطان في ماساتهما و لا تلقي لهما بال .. لا تلقي بال لكل تلك القيود ذلك هو مفتاح التحرر ان لا نلقي بال ان لا نكترث ان لا نعبا.. و لماذا نعبا؟؟ لنسمع ما لا يعجبنا؟؟ و لماذا ندعو الى الطريق المستقيم الممل الخال من الاثارة لماذا نفكر فننسى تحت ضغط افكارنا التي لا تنتهي اننا لم نعش .. و اننا ضيعنا حياتنا نفكر في الان و في الغد وفي الانسان و قضيته .. المراة لتذهب الى الجحيم لتتعذب لا يهمني طالما تجد السلوى في تفاهاتها و مسلسلاتها و طالما ترنو في خفية الى جارتها و صاحبتها.. الرجل ليحترق كذلك طالما هو لا ينشد الا الجنس و البطولة و العظمة سواء اكان ذلك في مجال العمل او الادب او حتى الاسرة و الدين و الحرب.. تبا لهما و تبا لكل قوانين "هم" السخيفة...
هيا نمض معا.. انا و انت الى لون جديد لم يسبق لنا رؤيته و لم يسبق لليوناردو دا فنشي ان رسم به .. يكفي من الاحمر و الازرق و الاسود و البرتقالي .. و كل تلك الالوان المملة ..
و لا شك انكم تتساءلون كيف تحولت تلك الانا تدريجيا الى مخبولة حسب راي افراد القطيع الحكيم و القادر ان يميز بين المجنون و الصحيح و انا اقول ذلك بتهكم جلي طبعا..
كانت المجنونة تقوم بتلك الاعمال التي تعودت عليها غسل الاطباق و المسح و كل ما يمت بصلة الى تلك الاعمال المنزلية الرتيبة .. ثم فجاة خامرها السؤال و اغراها الملل لماذا اكنس؟؟ و الذي سيحدث اذا غيرت رايي واتوقف على الكنس الان وفي هذه اللحظة الراهنة؟؟ لابد من التجربة لمعرفة ما ستؤول اليه النتيجة.. و فعلا عدلت المجنونة على الكنس و ظلت قابعة تنتظر النتيجة التي ستظفر بها بعد ان قامت بهذا العمل الجنوني جدا في رايها و التافه جدا في راي أي شخص اخر و مر اليوم بطوله و لم يحدث شيئا اذ مر النهاريعقبه الليل كسائر الايام الاخرى الا ان ذلك لم يثبت من عزيمتها بل زادها اصرارا و قررت ان لا تمسح في اليوم الموالي بل لن تطبخ و لن تعد أي شكل من أشكال الطعام.. و فعلا لم تعد المجنونة الفطور و عاد السيد المحترم و كله شوق الى المائدة الملكية.. و ما ان وصل جلس من فوره يترقب و ينتظر بلهفة و طال انتظاره و بدات اشواقه تخيب فنادى زوجه ثم قام مسرع الخطى و هو يحدث نفسه كما يفعل عادة ساريها.. ساريها العذاب الذي لم تذقه يوما هذه المتخاذلة الكسولة .. و اذا حبل افكاره ينقطع فجاة .. و اذا هي واقفة امامه دون خوف و دون تصنع لعدم المبالاة .. و ادهشه ذلك فانساه غضبه و وعيده و ظل يحاول تفسير هذا التصرف الذي لم يالفه ابدا في حياته.. لكنه لم يصل الى نتيجة ..
- هل انت مريضة؟؟ هل بك خطب؟؟
-لا..
-هل مات من مات..؟؟
-لا
ثم ما لبث ان نفذ صبره و اصر على معرفة السبب الذي حال دون سعادته فصاح و قد احتقن وجهه من الغيظ و لبث ينتظر توسلاتها و بكاؤها الذي يشعره بسعادة تعوضه سعادة بطنه الضائعة.. لكنها لم تجفل بل ابدت استغرابها من هذه التصرفات العنيفة التي لم تفهم كيف تحملتها طيلة السنين و كيف تحملت نشاز هذا الطفل الكهل .. غريب فعلا..و الاشد غرابة انها لما قالت له انها لم تشعر برغبة في الطبخ هذا اليوم .. حدجها بنظرات لا معنى لها و رمقها .. و لسبب من الاسباب احبت هذه النظرات ربما لانها شعرت انه ينظر اليها ..انه يراها و يعترف بوجودها .. في هذا الكون.. و خالجتها مشاعر و احاسيس و عظمت في نفسها و صغر في عينيها الى درجة انه لم يعد مرئيا.. فضحكت كما لم تضحك يوما.. و اصرت على مزيد السحق و الامبالاة .. انها الحرب .. انه الوقت الذي لم يحن يوما قبل الان .. انا موجودة.. انا موجودة تحسست نفسها ..انا انسان .. انا اشعر.. انا سيدة من اسياد الدنيا .. انا موجودة.. و ساحارب بكل شجاعة لاثبت وجودي و لاثبت اني انسان و ان لي مشاعر.. انها الحرب ..
اما في ما يخص السيد المحترم فقد ذهب كعادته الى المقهى عله ينفس و يروح عن نفسه التي كبلها الغيظ الى درجة انه اصبح يتنفس بصعوبة و اوشك على البكاء و الانتحاب .. لقد زعزع عرشه.. ..
ثم اتى الاصحاب و الاحباب يطوقون به من كل صوب..اهلا و سهلا .. و اردف احدهم وهو زميل السيد المحترم في العمل كما لو كان ينتظر اللحظة منذ الازل ' اليوم مبارك لقد اعدت لي امراتي ما طاب و لذ و لقد اكلت و اكلت حتى اوشك السحاب على التمزق.. انتفخت بطني من التخمة..و ... و... ' فهنأه البقية و اثنوا عليه و ربت الجارعلى كتفه مشجعا... اما صاحبنا فقد لبث واجما لا يدري ماذا يقول فلفت صمته اصحابه و مازحوه ..اما تعشيت؟؟و قال الزميل انا متاكد انك نلت نصيبك كعادتك... لكن السيد المحترم ظل ساكتا.. فسكت من معه متسائلين.. ثم انبثق صوت لا يكاد يسمع.. صوت يخشى عاقبة التصريح بالسر الخطير..
"لم تعد الفطور..لا فطور اليوم.." .. لحظة صمت رهيبة خيمت و عم الوجوم و القنوط..
-لم تعد الفطور؟؟ اواثق انت؟؟
- كل الثقة..
-لعلها مريضة..
-لا.. كانت في اتم صحتها..
-غريب و الله..
-قالت انها لم تشعر برغبة في اعداد الفطور..
-لا شك انك تهذي.. انه لمن المستحيل..
-نعم هذا لا يجوز..
-لست اهذي.....انه لا يجوز و مع ذلك... حصل ما حصل..
- غريب بل اغرب من الخيال ...وماذا فعلت..
- لا شيء..
-لا شيء؟؟ هل جننت؟؟
- غريب..
-لو كنت مكانك لاذقتها من الصياح و لجعلتها تبكي وتتوسلني ان اسامحها...
- نعم انه عين الصحيح.. يجب ان لا تسكت عن هذه الاهانة.. هذا لا يجوز..
- هذا لا يجوز طبعا... ساؤدبها.. و ساشهر صوتي اذا ما عاودت الكرة ...
-.. احسنت.. انك كما عهدتك.. رجل ..
و هكذا تعاهد الاصدقاء على الالتقاء غدا في نفس المكان و الزمان.. و اقسموا جميعاعلى بقاء السر بينهم..
و كان بامكاني التوقف عن الكتابة الان لكنني لن اتوقف رغم شعوري بعدم الرغبة في المواصلة لسبب واحد هو الخوف.. ليس الخوف من الاراء بل من الفشل اذ قد تكون هذه الكتابة اعلانا عن الفشل و ربما لم تلاحظوا ذلك في البداية و لذلك اراني مضطرة للتفسير حتى لا تسيؤوا فهمي .. ان المجنونة التي هي انا او التي كانت انا كانت تقترف كل هذا الفعال الغريبة و الغير مالوفة لسبب لم تدركه الا الان و هو لفت النظر .. و هنا ياتي الاقرار بالفشل الذي اخشاه و اتجنبه و مهما قلت لدحض ذلك فاني لن استطيع لانها الحقيقة.. صاحبتنا المجنونة تتعطش الى الاهتمام .. انه الواقع... و الحقيقة .. و انا اشفق عليها و على مثيلاتها اللاتي لا يلقين من الاهتمام ما يشبعهن و لالاتي يفشلن في لفت الانتباه.. فالمراة تريد دوما ان تكون محور اهتمام الرجل و قد تهينه لتنال تلك الذرة من الاهتمام.. و لو نظرة ازدراء.. و المجنونة هنا ارادت ان تشعر السيد المحترم بوجودها ليس الا و لكن ... و لا استطيع ان اقول ما بعد و لكن لان ذلك سيفسد ما بداته و قد تحل النهاية قبل ان ابدا البداية و لذلك فلنترك ما بعد و لكن الى اخر القصة.. المهم هو ان المجنونة لم تكن مجنونة بل أسئ فهمها من طرف الجميع فاصبحت مجنونة...و دعوني اشير كذلك الى نقطة لا بد من ذكرها و لا بد من الوقف عليها لاهميتها .. المجنونة كما قلت في البداية تاتي تلك التصرفات للحصول على الاهتمام و للفت انظار زوجها اليها.. لكن تلك التصرفات ما لبثت و اصبحت جزءا منها و تصرفاتها هي ..و هنا اتفطن الى شيء غريب بل ليس غريبا البتة لان كل ما يتعلق بالمجنونة غريب فاذا اضفنا هذا الجزء الغريب الى الاشياء الغريبة الاخرى فهو لن يتميزبل سيكون عاديا.. كالبقية.. و هذا الغريب العادي هو ان الوسيلة اضحت غاية.. فلئن اتخذت المجنونة تلك التصرفات دون وعي وسيلة لاثارة اهتمام السيد المحترم فقد جعلتها غاية فيما بعد و سنصل الى ذلك لانه يندرج ضمن ما بعد و لكن...
على كل حال.. دعنا من التحليل و التفسير و لنعد الى السيد المحترم و زوجه في بداية جنونها بعد ان عاد الزوج من المقهى و كان غضبه قد خف و لم تعد له غاية الا النوم .. و التماس الراحة بعد هذا اليوم الملئ بالاحداث.. خرجت المجنونة الى حيث لا تدري و التقت احدى جاراتها.. التي اغدقت عليها نظرات الاشفاق في ظاهرها و الشماتة في باطنها..
-هل انت بخير عزيزتي..
- نعم و الحمد لله..
- متاكدة؟؟.. لا باس لان المشاكل تصيبنا جميعا و لا حرج ....
- و من قال اني اعاني من المشاكل؟؟
- لا احد و انما...
-بصراحة... لا تعجيبينني .. و لا اتحمل حديثك.. و الان خصوصا ليست بي رغبة في التملق....
دعيني و لا تتدخلي من هنا فصاعدا في شؤون الاخرين..
- …..
غريب و الله .. لا شك انها جنت .. بل فقدت عقلها.. ' و ربما تخالون ان الجارة تنظر اليها على لك الاساس.. لا لا كانت تحترق من الداخل من شدة الغيظ و الحنق.. انا رئيسة الحي انا الحائزة على جائزة المراة المثالية و تخاطبني تلك اللعينة التي لا تطبخ الفطور بتلك اللهجة كما لو كانت ارفع مني مقاما او مرتبة…. انه عين المستحيل و لاذيقهن من كيدي ما لم تذقه يوما…
وهكذا اتصلت صفة الجنون بمحور حديث الجارات و الصاحبات.. ومع ذلك ظلت المجنونة تتصرف كما يحلو لها و تعربد كما تشاء.. و ربما شعرت بلذة لم تعرفها يوما لذة الحرية و الوجود ..
....
يكفي من الصراخ الان لقد عرف الجميع انها موجودة…لا لا يكفي انها انا الغالية لا استطيع ان اكف بكل بساطة انها انا و انا اتنفس و اشعر و احس انها انا افعل و اختار و لي اعتراف بالحضور و الوجود انها انا و لا اعبا باحد لا يهمني ان التفت ذلك الشريك الرفيق الي ام لم يفعل..انا يا غاليتي احبك انت و ليس سواك..
و لعلي الان بالذات سئمت و اردت ان اتوقف لانني شعرت انه لا داع من المواصلة مادام بلغت ما اريد تبليغه.. و ساتوقف .. مفاجاة.. قصة بدون نهاية.. او قصة نهايتها عادية الى درجة انني سئمت اعادتها و تكريرها على لسان قلمي الذي مل و لم ياب.. و الامر واضح و جلي.. للمجنونة نهايتين اما ان يستمع اليها السيد المحترم و يقدرها .. او يطلقها و يقولون.. مسكين فلان.. زوجته جنت و لم يدر كيف يتصرف معها لقد فعل ما املته عليه الظروف…و هنا ياتي ما بعد و لكن.. و هنا تتوضح الامور و تعرفون اي المصيرين كان جزاءا للمجنونة المتعطشة للاهتمام….
النهاية
لون من ألوان الحياة و خصوصا حياتي لون قاتم في بعض الأحيان بل غالب الأحيان لون الزمني على الخضوع مكرهة لون اجبرني على ارتدائه مرارا و تكرارا و ما احسست يوما بالملل لانني بكل بساطة لم اعرف ان هناك الوان اخرى..
الوان اخرى تنبض بالحياة و تحملني الى عالم اخر الى حياة التي كانت في يوم من الايام ضمن الامفكر فيه او ضمن المستحيل والغير مقبول و ربطها البعض ربطا بالدين فقالوا انها محرمة و التفكير فبها كفر بالله .. و صدقت البلهاء او صدقت من الفتها و من حسبتها انا و ظلت على تلك الحال تخضع للقتامة دون شكوة و دون تبرم تبذل ما في و سعها حتى لا تخرج من المسار الصحيح او الاجدر ان اقول المتفق على صحته من قبل هم الذين يقولون و يقولون و لا يعرفهم احد.. و هل خاجها الشك يوما؟؟ نعم مرارا.. كان الشك في المتفق عليه يعتبر و مازال من الاثام الكبيرة التي لا تغتفر و لقد خشيت من كانت في يوم من الايام انا ان تحمل ما لا تحتمل من النقد و خاصة من الاقصاء و الهجر من قبل المجموعة التي تتفانى في تطبيق القوانين المعترف بها و العائدة دوما الى طرف مجهول "هم".. ثم لا يلبث الشك يتعاظم يوما بعد يوما حتى اصبحت التي تفكر في الامفكر فيه مجنونة لسبب واحد خال من المنطق الا و هو الخروج عن المالوف و عدم تقبل الاهانة .. و لا يجرا احد على الفهم كيف تكون الطاعة شكل من اشكال الاهانة؟؟ و الامر هنا واضح و جلي و عرفته العقول على مر التاريخ و العصور تكرارا الا ان اصبح في نظري من مسلمات الفكر الذي لا يمكن ان يرضخ بعد كل هذه الدروس و التجارب الانسانية في هذا المجال.. مجال العبودية بكل اشكالها و اثوابها ..
كانت المجنونة زوجة متفانية في الطاعة و بذل العطاء الغير مقيد بالحدود التي تجعل للانسان كرامته و تحفظه في مكانته التي شرفه بها الاه سواء اكان ذكر او انثى.. لكن في عهد الجنونة كان الذكر يستاثر بالمكانة و الكرامة لنفسه دون غيره نظرا الى ماكان يشاع عن كون المراة ناقصة عقلا و دينا.. و لقد تعمدت اختيار كلمة يشاع لانني اثق تمام الثقة ان المفهوم المجرد من القراءات الصحيحة لا يمكن ان ينسب الى الرسول صلهم.. و في اسناده اليه مما لا يتقبله المنطق و لا العقل.. المجنونة لم تكن حينئذ مجنونة بل كانت كسائر القطيع تفعل ما يفعله الناس حتى ضاقت نفسها بنفسها المكبلة و في ذلك حديث اخر سأصل اليه بعد حين..
و كان من مهمات المجنونة المتعددة ان تطبخ ما يسر بطن ذاك الشخص الذي يرتمي عليها كل ليلة فيذيقها من القرف امرين و هي لا تدري ماذا كان يفعل.. ثم علمت او ظنت لما انتفخت بطنها ان ما يفعله صناعة الاطفال.. و هي مهمة مقدسة و من شانها ان ترفع من قيمتها عند اقرانها كلما انتفخت بطنها..و قبل ان اواصل الحديث اسمحوا لي بتوضيح بعض الامور المهمة .. المجنونة ليست من عهد القرن التاسع عشر بل هي ابنة عصرنا الحالي .. و لعلي بالغت قليلا بل كثيرا حين قلت انها لم تكن تدري ما كان يفعله ذاك الشخص الغامض و في غموضه اردت ان احيل النظر الى غموض حقيقته ليس الا .. المهم هو اني قصدت بعدم المعرفة الجهل بالشعور الناجم عن الممارسة.. و عدم القدرة على الحوار في ما يخصها.. و اعيد التاكيد على تعمد المبالغة حتى لا ينساق القارئ وراء التساؤلات بل قل الاستخفاف و مبالغتي قصدت بها تاويلا لا تهويلا.. ارجو ان اكون قد اوضحت هذه النقطة اللابديهية ..
اذن المجنونة لم تكن الا وليدة عصرنا الحالي و هي تعيش يومنا هذا و رغم ما وصلت ايه المراة او الاجدر ان اقول رغم ما وصل اليه الرجال القادة من تعصير و تطوير وبالتالي تحريرالمراة التي لم يسمع لها الى حد الان صوت .. و رغم تلك الحركات التي تنادي بحقوق المراة و بالاخص بحقها في العمل و الخروج الى معترك الحياة و ما الى ذلك..فان صاحبتنا لا تزال اسيرة دارها نزولا عند رغبة السيد المحترم زوجها الذي يرى في عمل المراة وصمة عار و انا لا ارى ذلك و لا اتفق مع اسبابه لاني اراها ذريعة تخفي الوجه الحقيقي للمسالة ..الحق هو ان الرجل لا يحتمل فكرة مجاراة المراة له فمابالك بان تكون ارفع منه منزلة او ان تكسب ضعف ما يكسبه انها لاهانة كبرى و هو ما يكشف الغطاء على الحقيقة اللابديهية ...رجل اليوم رغم تحضره لا يزال يحمل نظرة دونية و ما زال الى حد الان يرى في المراة ذلك الكائن الحقير الذي لا يمكن ان يجاري الرجل ولست ادري من اين استنبط الرجال هذه الفكرة المحفورة في اذهانهم منذ الازل و ربما يعود ذلك الى عاطفة المراة وسخاء قلبها الذي يمكنها من تحمل المشاق في صمت و استغلال رقة المراة و وداعتها و ميلها الى المسامحة لا ينم الا عن ضعف شديد في راي... و لا داعي للتطويل لان مجرد النظر الى شوارعنا او الى بيوت جيراننا يحمل لنا شواهد لا يمكنني حصرها و لذلك سأكتفي بذكر قصة المجنونة..
كان للمجنونة عادة غريبة اذ كانت تسرف الوقوف امام شباك من الشبابيك و تنظر في غبر وعي و في غير تفكير.. و لشد ما سخر منها زوجها ووصفها بالحمقاء التي لا تجيد شيئا .. فلا تلبث ان تصدق و تغرس في عقلها تلك الادعاءات العنيفة و تردد انا حمقاء ..انا لا اجيد شيئا و لا شك ان سذاجتها كانت كذلك من دواعي التدمير الذاتي الغير ذاتي في الاصل .. و اذا ما خرجا الى مكان من الاماكن المحببة الى السيد المحترم و بالطبع احبها اليه كان حيث والدته و اخوانه و اصحابه الا و غالى في بذل مساعيه لارضائهم و هي صورة من صور الجود و الكرم عند العرب المنافقين المحبين للمظاهر و الذين ينفقون في سبيل تمجيد ذكراهم ليس الا.. اما اذا ما خلا الكريم الى زوجه فليس من الحكمة ان يفرط فيما تعب من اجله بينما هي جالسة كامل النهار في راحة و استجمام .. و هنا استغرب و اتعجب أي تجعب و اطالب الرجال الذين هم عن شاكلة السيد المحترم بان يمدوني و لو بابسط محاولات التفسير.. او لست انت الذي ابيت ان تخرج امراتك الى العمل؟؟ فما بالك الان تعيب و تلوم جلوسها في المنزل؟؟ ثم من ادراك ان في ذلك الجلوس راحة و استجمام؟؟ .. و بخلاف هذه الاتهامات التي تتلقاها المراة تلو الصفعات و الاهانات لانها ليست في مستوى' فلانة مرت فلان' التي تنظف دارها تنظيفا اقرب الى التعقيم منه الى التنظيف و التي تعد الفطورفي ميعاده دون تاخير و لا تقديم و انا متاكدة تمام التاكد ان 'فلانة مرت فلان'(زوجة فلان) لم تنل يوما كلمة شكر من طرف زوجها بقدر ما نالت تقدير صاحباتها و أي تقدير هذا؟؟ ااذل نفسي و امسح كالخادم ليقال عني اني امراة مثالية؟ و ما حاجتنا الى المثالي؟؟ و من هم الاخريات او الاخرون لكي يكون لرايهم اعتبار او لمنح جائزة المراة المثالية ؟؟ و بالطبع لم تنل صاحبتنا المجنونة جائزة المراة المثالبة لانها حمقاء.. و لا تجيد شيئ.. بل نالت الاقاويل و الكم الهائل منها.. و لن ادافع عن المجنونة هذه المرة لانني ارى انها تستحق الاقاويل كما يستحق الزوج المحترم كذلك عقابا تاديبيا .. و اسمحوا لي لحظة ان اوضح بعض الامورالتي احسب انها عالقة في اذهان القارئ ان السيد المحترم الذي اسرفت الحديث عنه لا يمثل كامل رجال العالم اذ لكل منهم عاهته و اسمحوا لي كذلك ان اقول ان سبب هذه العاهات بانواعها و اشكالها هو غباء المراة الملمة بالتوافه و المسلسلات و ثوب فلانة .. و قد صدق من قال ان وراء كل رجل عظيم امراة عظيمة و بالتالي فان وراء كل رجل غبي امراة غبية.. غير ان هذا القول لا يعفي الرجل من مسووليته و اريد ان اشيران مرادي الحصر و ليس الجمع لانه والحمد لله هناك أقلية مثقفة و مسوولة و تعرف قيمة الحياة التي لا يجب ان نضيعها في الترهات و السخافات .. و الحال اني اشعر اني اضيع و قتي و قد سئمت المجنونة قبل ن اتحدث عنها لانها في حد ذاتها شخصية تافهة شخصية من شخصياتي التي كانت و زالت او في طور الزوال.. حياتي اليوم لا عهد لي بها و لا افهمها ابدا بل لا استطيع ان افكر كيف انقلبت من تلك التافهة الى شيئ اخر قد يكون اكثر تفاهة او اقل المهم هو انه ليس نفس الوضع الممل و الذي لا اعرف نفسي فيه و قد اخطا احيانا بيني و بين تابعات القطيع الاخريات نظرا الى تواتر نفس الاسلوب الذي هيمن على عقلي و روحي وعلى كل جزء في .. المهم انني قد احمل اربع او ثلاث او خمس او اكثر او اقل و لا استطيع ان احدد العدد لانني لا اعرف كم هناك من انا .. انا اتوه و اشعر باللذة في هذا التيه و قد يقول البعض انني مجنونة و لكني مهما انت الحالة التي انا فيها متزوجة او مطلقة مثقفة او جاهلة فان الجنون يبقى صفة متصلة في و اعتبرها دليلي و عنواني الفريد الذي لا يسكن فيه احد غيري .. اردت في بادئ الامر ان اكتب عن بعض الظواهر الاجتماعية التي عشتها مع السيد المحترم نعيشها نحن جميعا و هي ليست افة من الافات لان الانسان انسان لسبين هما الخطا و العقل.. و لقد سئمت كذلك الاشارة الى كل ما هو اجتماعي و كل ما يتعلق بحياتي السابقة لاني شعرت انني اتخذ اعذارا لجنوني بينما ذاك لم يكن غايتي لا في البداية و لا في النهاية.. و قررت و انا حرة في اتخاذي لهذا القرار و لكم من ابداء السخط و النقد ما شئتم قررت ان اغير مجريات القصة و ان لا اتحدث بتسلسل و لا اعطي قيمة لقوانين الكتابة المنصوصة من طرف النقاد و المعمول بها من طرف الادباء و انا كما قلت و كما ساقول دوما انا ضد كل انواع الخضوع.. و لن اخضع الان بالذات لاي مقياس من المقاييس..
اما بعد فان المجنونة الانا التي لا تخضع و التي اتخذت لنفسها رداءا جديدا كل شهر و لون جديد كل شهر او كل يوم او كل اسبوع لا يهم لانني لا اعرف بالتحديد كم البث و اغير .. و لعلي اردت التفرد و لعلي مصيبة او مخطئة لا اعرف كذلك .. لا اعرف حتى من انا الان؟؟ المهم انني احمل صفة و عنوان و تعريف و المهم اني لست كسائر القطيع و لا ارضخ للقوانين المسنونة من طرف "هم" فما الذي يمنع مثلا ان اخرج و اتجول في الشوارع ..؟؟ و مالذي يمنع ان التف و ادور امشي خطوتيتن ثم اعدل عن رايي بدون سبب يذكر او يستحق الذكر؟؟ مالذي يمنع ان اذهب الى مدينة الملاهي و اركب كما الاطفال و اضحك كالاطفال غير عابئة بالنظرات التي توبخني تارة و تحسدني في اغلب الاطوار لانني افعل ما شئت اينما شئت و قتما شئت و لا تخطؤوا فتقولوا انني من الباحثين عن الحرية المطلقة لا ليس ذلك ما ابغي بل مرادي هو القيا م بتلك الاعمال و الافعال التي لا يجرؤا احد على القيام بها لا لانها منافية للاخلاق او للدين و ما الى ذلك بل لانها لا تتلاءم و حسب مع القطيع و ذوقه ...
......
الصيف لم يعد كالشتاء و الربيع ليس كالخريف و الامس ليس كاليوم.. حياة جديدة تناديني و تقول لي هامسة لا تفكري كما تفكرين تعالي اركبي و سترين ..الفطرة قائدتنا و قطار جرئ سيسير بنا الى المجهول تعالي نكتشف معا شخصيات جديدة و نذوق الوان جديدة من التيه و التشرد اللذيذ دعي الرجل و المراة يتخبطان في ماساتهما و لا تلقي لهما بال .. لا تلقي بال لكل تلك القيود ذلك هو مفتاح التحرر ان لا نلقي بال ان لا نكترث ان لا نعبا.. و لماذا نعبا؟؟ لنسمع ما لا يعجبنا؟؟ و لماذا ندعو الى الطريق المستقيم الممل الخال من الاثارة لماذا نفكر فننسى تحت ضغط افكارنا التي لا تنتهي اننا لم نعش .. و اننا ضيعنا حياتنا نفكر في الان و في الغد وفي الانسان و قضيته .. المراة لتذهب الى الجحيم لتتعذب لا يهمني طالما تجد السلوى في تفاهاتها و مسلسلاتها و طالما ترنو في خفية الى جارتها و صاحبتها.. الرجل ليحترق كذلك طالما هو لا ينشد الا الجنس و البطولة و العظمة سواء اكان ذلك في مجال العمل او الادب او حتى الاسرة و الدين و الحرب.. تبا لهما و تبا لكل قوانين "هم" السخيفة...
هيا نمض معا.. انا و انت الى لون جديد لم يسبق لنا رؤيته و لم يسبق لليوناردو دا فنشي ان رسم به .. يكفي من الاحمر و الازرق و الاسود و البرتقالي .. و كل تلك الالوان المملة ..
و لا شك انكم تتساءلون كيف تحولت تلك الانا تدريجيا الى مخبولة حسب راي افراد القطيع الحكيم و القادر ان يميز بين المجنون و الصحيح و انا اقول ذلك بتهكم جلي طبعا..
كانت المجنونة تقوم بتلك الاعمال التي تعودت عليها غسل الاطباق و المسح و كل ما يمت بصلة الى تلك الاعمال المنزلية الرتيبة .. ثم فجاة خامرها السؤال و اغراها الملل لماذا اكنس؟؟ و الذي سيحدث اذا غيرت رايي واتوقف على الكنس الان وفي هذه اللحظة الراهنة؟؟ لابد من التجربة لمعرفة ما ستؤول اليه النتيجة.. و فعلا عدلت المجنونة على الكنس و ظلت قابعة تنتظر النتيجة التي ستظفر بها بعد ان قامت بهذا العمل الجنوني جدا في رايها و التافه جدا في راي أي شخص اخر و مر اليوم بطوله و لم يحدث شيئا اذ مر النهاريعقبه الليل كسائر الايام الاخرى الا ان ذلك لم يثبت من عزيمتها بل زادها اصرارا و قررت ان لا تمسح في اليوم الموالي بل لن تطبخ و لن تعد أي شكل من أشكال الطعام.. و فعلا لم تعد المجنونة الفطور و عاد السيد المحترم و كله شوق الى المائدة الملكية.. و ما ان وصل جلس من فوره يترقب و ينتظر بلهفة و طال انتظاره و بدات اشواقه تخيب فنادى زوجه ثم قام مسرع الخطى و هو يحدث نفسه كما يفعل عادة ساريها.. ساريها العذاب الذي لم تذقه يوما هذه المتخاذلة الكسولة .. و اذا حبل افكاره ينقطع فجاة .. و اذا هي واقفة امامه دون خوف و دون تصنع لعدم المبالاة .. و ادهشه ذلك فانساه غضبه و وعيده و ظل يحاول تفسير هذا التصرف الذي لم يالفه ابدا في حياته.. لكنه لم يصل الى نتيجة ..
- هل انت مريضة؟؟ هل بك خطب؟؟
-لا..
-هل مات من مات..؟؟
-لا
ثم ما لبث ان نفذ صبره و اصر على معرفة السبب الذي حال دون سعادته فصاح و قد احتقن وجهه من الغيظ و لبث ينتظر توسلاتها و بكاؤها الذي يشعره بسعادة تعوضه سعادة بطنه الضائعة.. لكنها لم تجفل بل ابدت استغرابها من هذه التصرفات العنيفة التي لم تفهم كيف تحملتها طيلة السنين و كيف تحملت نشاز هذا الطفل الكهل .. غريب فعلا..و الاشد غرابة انها لما قالت له انها لم تشعر برغبة في الطبخ هذا اليوم .. حدجها بنظرات لا معنى لها و رمقها .. و لسبب من الاسباب احبت هذه النظرات ربما لانها شعرت انه ينظر اليها ..انه يراها و يعترف بوجودها .. في هذا الكون.. و خالجتها مشاعر و احاسيس و عظمت في نفسها و صغر في عينيها الى درجة انه لم يعد مرئيا.. فضحكت كما لم تضحك يوما.. و اصرت على مزيد السحق و الامبالاة .. انها الحرب .. انه الوقت الذي لم يحن يوما قبل الان .. انا موجودة.. انا موجودة تحسست نفسها ..انا انسان .. انا اشعر.. انا سيدة من اسياد الدنيا .. انا موجودة.. و ساحارب بكل شجاعة لاثبت وجودي و لاثبت اني انسان و ان لي مشاعر.. انها الحرب ..
اما في ما يخص السيد المحترم فقد ذهب كعادته الى المقهى عله ينفس و يروح عن نفسه التي كبلها الغيظ الى درجة انه اصبح يتنفس بصعوبة و اوشك على البكاء و الانتحاب .. لقد زعزع عرشه.. ..
ثم اتى الاصحاب و الاحباب يطوقون به من كل صوب..اهلا و سهلا .. و اردف احدهم وهو زميل السيد المحترم في العمل كما لو كان ينتظر اللحظة منذ الازل ' اليوم مبارك لقد اعدت لي امراتي ما طاب و لذ و لقد اكلت و اكلت حتى اوشك السحاب على التمزق.. انتفخت بطني من التخمة..و ... و... ' فهنأه البقية و اثنوا عليه و ربت الجارعلى كتفه مشجعا... اما صاحبنا فقد لبث واجما لا يدري ماذا يقول فلفت صمته اصحابه و مازحوه ..اما تعشيت؟؟و قال الزميل انا متاكد انك نلت نصيبك كعادتك... لكن السيد المحترم ظل ساكتا.. فسكت من معه متسائلين.. ثم انبثق صوت لا يكاد يسمع.. صوت يخشى عاقبة التصريح بالسر الخطير..
"لم تعد الفطور..لا فطور اليوم.." .. لحظة صمت رهيبة خيمت و عم الوجوم و القنوط..
-لم تعد الفطور؟؟ اواثق انت؟؟
- كل الثقة..
-لعلها مريضة..
-لا.. كانت في اتم صحتها..
-غريب و الله..
-قالت انها لم تشعر برغبة في اعداد الفطور..
-لا شك انك تهذي.. انه لمن المستحيل..
-نعم هذا لا يجوز..
-لست اهذي.....انه لا يجوز و مع ذلك... حصل ما حصل..
- غريب بل اغرب من الخيال ...وماذا فعلت..
- لا شيء..
-لا شيء؟؟ هل جننت؟؟
- غريب..
-لو كنت مكانك لاذقتها من الصياح و لجعلتها تبكي وتتوسلني ان اسامحها...
- نعم انه عين الصحيح.. يجب ان لا تسكت عن هذه الاهانة.. هذا لا يجوز..
- هذا لا يجوز طبعا... ساؤدبها.. و ساشهر صوتي اذا ما عاودت الكرة ...
-.. احسنت.. انك كما عهدتك.. رجل ..
و هكذا تعاهد الاصدقاء على الالتقاء غدا في نفس المكان و الزمان.. و اقسموا جميعاعلى بقاء السر بينهم..
و كان بامكاني التوقف عن الكتابة الان لكنني لن اتوقف رغم شعوري بعدم الرغبة في المواصلة لسبب واحد هو الخوف.. ليس الخوف من الاراء بل من الفشل اذ قد تكون هذه الكتابة اعلانا عن الفشل و ربما لم تلاحظوا ذلك في البداية و لذلك اراني مضطرة للتفسير حتى لا تسيؤوا فهمي .. ان المجنونة التي هي انا او التي كانت انا كانت تقترف كل هذا الفعال الغريبة و الغير مالوفة لسبب لم تدركه الا الان و هو لفت النظر .. و هنا ياتي الاقرار بالفشل الذي اخشاه و اتجنبه و مهما قلت لدحض ذلك فاني لن استطيع لانها الحقيقة.. صاحبتنا المجنونة تتعطش الى الاهتمام .. انه الواقع... و الحقيقة .. و انا اشفق عليها و على مثيلاتها اللاتي لا يلقين من الاهتمام ما يشبعهن و لالاتي يفشلن في لفت الانتباه.. فالمراة تريد دوما ان تكون محور اهتمام الرجل و قد تهينه لتنال تلك الذرة من الاهتمام.. و لو نظرة ازدراء.. و المجنونة هنا ارادت ان تشعر السيد المحترم بوجودها ليس الا و لكن ... و لا استطيع ان اقول ما بعد و لكن لان ذلك سيفسد ما بداته و قد تحل النهاية قبل ان ابدا البداية و لذلك فلنترك ما بعد و لكن الى اخر القصة.. المهم هو ان المجنونة لم تكن مجنونة بل أسئ فهمها من طرف الجميع فاصبحت مجنونة...و دعوني اشير كذلك الى نقطة لا بد من ذكرها و لا بد من الوقف عليها لاهميتها .. المجنونة كما قلت في البداية تاتي تلك التصرفات للحصول على الاهتمام و للفت انظار زوجها اليها.. لكن تلك التصرفات ما لبثت و اصبحت جزءا منها و تصرفاتها هي ..و هنا اتفطن الى شيء غريب بل ليس غريبا البتة لان كل ما يتعلق بالمجنونة غريب فاذا اضفنا هذا الجزء الغريب الى الاشياء الغريبة الاخرى فهو لن يتميزبل سيكون عاديا.. كالبقية.. و هذا الغريب العادي هو ان الوسيلة اضحت غاية.. فلئن اتخذت المجنونة تلك التصرفات دون وعي وسيلة لاثارة اهتمام السيد المحترم فقد جعلتها غاية فيما بعد و سنصل الى ذلك لانه يندرج ضمن ما بعد و لكن...
على كل حال.. دعنا من التحليل و التفسير و لنعد الى السيد المحترم و زوجه في بداية جنونها بعد ان عاد الزوج من المقهى و كان غضبه قد خف و لم تعد له غاية الا النوم .. و التماس الراحة بعد هذا اليوم الملئ بالاحداث.. خرجت المجنونة الى حيث لا تدري و التقت احدى جاراتها.. التي اغدقت عليها نظرات الاشفاق في ظاهرها و الشماتة في باطنها..
-هل انت بخير عزيزتي..
- نعم و الحمد لله..
- متاكدة؟؟.. لا باس لان المشاكل تصيبنا جميعا و لا حرج ....
- و من قال اني اعاني من المشاكل؟؟
- لا احد و انما...
-بصراحة... لا تعجيبينني .. و لا اتحمل حديثك.. و الان خصوصا ليست بي رغبة في التملق....
دعيني و لا تتدخلي من هنا فصاعدا في شؤون الاخرين..
- …..
غريب و الله .. لا شك انها جنت .. بل فقدت عقلها.. ' و ربما تخالون ان الجارة تنظر اليها على لك الاساس.. لا لا كانت تحترق من الداخل من شدة الغيظ و الحنق.. انا رئيسة الحي انا الحائزة على جائزة المراة المثالية و تخاطبني تلك اللعينة التي لا تطبخ الفطور بتلك اللهجة كما لو كانت ارفع مني مقاما او مرتبة…. انه عين المستحيل و لاذيقهن من كيدي ما لم تذقه يوما…
وهكذا اتصلت صفة الجنون بمحور حديث الجارات و الصاحبات.. ومع ذلك ظلت المجنونة تتصرف كما يحلو لها و تعربد كما تشاء.. و ربما شعرت بلذة لم تعرفها يوما لذة الحرية و الوجود ..
....
يكفي من الصراخ الان لقد عرف الجميع انها موجودة…لا لا يكفي انها انا الغالية لا استطيع ان اكف بكل بساطة انها انا و انا اتنفس و اشعر و احس انها انا افعل و اختار و لي اعتراف بالحضور و الوجود انها انا و لا اعبا باحد لا يهمني ان التفت ذلك الشريك الرفيق الي ام لم يفعل..انا يا غاليتي احبك انت و ليس سواك..
و لعلي الان بالذات سئمت و اردت ان اتوقف لانني شعرت انه لا داع من المواصلة مادام بلغت ما اريد تبليغه.. و ساتوقف .. مفاجاة.. قصة بدون نهاية.. او قصة نهايتها عادية الى درجة انني سئمت اعادتها و تكريرها على لسان قلمي الذي مل و لم ياب.. و الامر واضح و جلي.. للمجنونة نهايتين اما ان يستمع اليها السيد المحترم و يقدرها .. او يطلقها و يقولون.. مسكين فلان.. زوجته جنت و لم يدر كيف يتصرف معها لقد فعل ما املته عليه الظروف…و هنا ياتي ما بعد و لكن.. و هنا تتوضح الامور و تعرفون اي المصيرين كان جزاءا للمجنونة المتعطشة للاهتمام….
النهاية