تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنمــا أنــت مـذكــر



إسلامية
23-10-2008, 05:05 PM
http://almoslim.net/files/images/thequran_4.jpg





أ.د. ناصر العمر





مع كثرة الفتن واتساع رقعة الفساد يدب اليأس إلى قلوب بعض الأخيار، ويفقدون الأمل في صلاح أحوال الناس والمجتمع، حتى تصل الحال ببعضهم -إن رأى إعراض الناس عن الاستماع إلى الناصحين- إلى ترك الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويستدل على فعله هذا بقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى/9] قائلاً إنها لم تعد تنفع فلا محل للتذكير، وليس الأمر كما قال!




إن من لا ينتفع بالذكرى البتة إنما هم الكفار والمنافقون الذين طُبِع على قلوبهم، فهؤلاء هم الذين آيس اللهُ عز وجل نبيَّه عليه السلام من إيمانهم وانتفاعهم بتذكيره بعد أن بذل كل ما في وسعه في دعوتهم للحق حتى كاد يهلك نفسه من حرصه على هدايتهم كما قال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء/3]، وهؤلاء هم من خفف الله عبء دعوتهم عن نبيه على قول في تفسير آية سورة الأعلى(1)، وأما على قول ثانٍ فيقدر محذوف أي: فذكر إن نفعت الذكرى أو لم تنفع كما قال البغوي رحمه الله، وهناك أقوال أخرى(2) ليس في أي منها أن الكلام عن المؤمنين الذين قال الله تعالى في حقهم: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات/55].





كون الداعية لا يجد استجابة تامة أو فورية لما يدعو إليه لا يعني أن الناس لا ينتفعون، فإن كثيراً من التائبين كما هو مشاهد معلوم يكون من أسباب توبتهم كلمة قد يكون الواحد منهم سمعها قبل سنين وبقيت تعمل في نفسه عملها حتى يأذن الله له بالتوبة، أو قد يكون سمعها ونسيها ثم يحصل معه بعد سنين ما يذكره بها فتنفعه، ولربما يكون قد سخر من قائلها في حينه!





ولئن كان الباطل والشر ينتشران فالحق والخير ينتشران كذلك، وسنة الله منذ خلق آدم عليه السلام وحسده إبليس أن يصطرع الخير والشر، وسنة الله أن يهزم الحقُّ الباطلَ -إن قام أهل الحق به كما أراد الله- ولو بعد حين، كما قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء/81] وكان هذا يوم فتح مكة بعد عقدين من بدء دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: "ولكنكم تستعجلون"(3)!




فلينظر العاقل بعين البصيرة؛ لو أن كل رجل وكل امرأة من أهل الخير والصلاح بذل ما في وسعه من الدعوة لدين الله والحض على فعل الخيرات وترك المنكرات، أكانت الحال تكون كما لو أنهم جميعاً تركوا ذلك؟!




لقد بين الله عز وجل حقيقة أعظم الدعاة عليه السلام ووظيفته الرئيسة بياناً كافياً شافياً في آية جليلة فقال عز من قائل: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌٍ} [الغاشية/21]، وبقيت هذه وظيفته عليه السلام إلى أن لقي ربه جل وعلا، فحملها عنه رجال بأمره: "بلغوا عني ولو آية"(4) ولا يزالون على ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن شاء التحق بركبهم المبارك فنجا، ومن شاء قعد عن الدعوة إن هو فقد الأمل في صلاح الناس، وحال الفريقين كحال من حكى الله عنهم بقوله جل وعلا: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف/164، 165] فنص سبحانه على نجاة الناهين عن السوء وسكت عن القاعدين عن ذلك، فقال بعض أهل العلم إنهم نجوا مع الناجين وقال آخرون بل هلكوا مع الهالكين.




فأي الفريقين أحق بالأمن، وبأيهما ينبغي أن تلحق؟!





______________
(1)ينظر تفسير الطبري وابن كثير.
(2)ينظر تفسير القرطبي.
(3)صحيح البخاري.
(4) صحيح البخاري.




http://almoslim.net/node/101004 (http://almoslim.net/node/101004)

حمصي
24-10-2008, 08:22 PM
جزاك الله خيرا
الداعية انما عليه البلاغ و الحساب على الله عز و جل فلا ينبغي ان يكون همه حال المدعو بعد ان بلغ
فنحن لسنا مطالبين بالهداية بل بالبلاغ

إسلامية
24-10-2008, 09:02 PM
جزاك الله خيرا
الداعية انما عليه البلاغ و الحساب على الله عز و جل فلا ينبغي ان يكون همه حال المدعو بعد ان بلغ
فنحن لسنا مطالبين بالهداية بل بالبلاغ


شكرا على المشاركة الطيبة اخي الكريم بارك الله فيك

أحْـــــمَـدْ
18-12-2008, 12:53 AM
بسم اللهِ الرحمن الرحيم
السلامُ عليكُم و رحمةُ الله و بركاته


أختنا و مراقبتنا الفاضلة ، جزاكِ اللهُ خيرا ً

اللهَ نسألُ أن يستعملنا في طاعته و أن يجعلَ عملنا خالصا ً لوجهه



كون الداعية لا يجد استجابة تامة أو فورية لما يدعو إليه لا يعني أن الناس لا ينتفعون، فإن كثيراً من التائبين كما هو مشاهد معلوم يكون من أسباب توبتهم كلمة قد يكون الواحد منهم سمعها قبل سنين وبقيت تعمل في نفسه عملها حتى يأذن الله له بالتوبة، أو قد يكون سمعها ونسيها ثم يحصل معه بعد سنين ما يذكره بها فتنفعه، ولربما يكون قد سخر من قائلها في حينه!


و اللهِ هذه تكفي لمن تثَبِّطُهُ نفسُهُ ، أو يُثنيهِ شيطانُهُ عن الدعوة ، فما عليهِ إلا البلاغ ، و لن يكونَ أفضلَ من النبيِّ الذي يأتي يومَ القيامة " و ليسَ معه أحد " !

عن عبد الله بن عباس - رضيَ اللهُ عنه - قال ، خرج علينا النبي صلى الله عليه و سلم يوما فقال : " عُرِضَتْ علي الأمم ، فجعل يمر النبي معه الرجل ، و النبي معه الرجلان ، و النبي معه الرهط ، و النبي ليس معه أحد ... " الحديث ، مُتَّفَقٌ عليه

جزى اللهُ شيخنا الفاضل الكريم خيرا ً ، و زادهُ الله علما ً و خشية

غفَرَ اللهُ لكِ و عفا عنكِ و رضيَ عنكِ و أحَبَّكِ


و السلامُ عليكُمْ و رحمةُ اللهِ و بركاتُهْ

إسلامية
23-12-2008, 07:56 PM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

حياك الله اخينا في الله واستاذنا الفاضل أحْـــــمَـدْ
شكرا على المشاركة الكريمة جزاك الله خير الجزاء