انتصار الآلوسي
14-11-2008, 10:24 PM
الجهاد في سبيل الله
فريضة أم قضية قابلة للاجتهاد
الحلقة الأولى
انتصار إبراهيم الآلوسي
(إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ( (التوبة:111)
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود )) رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه .
في هذه المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية حيث تكالبت عليها الأعداء والطامعين بثرواتها وخيراتها وأراضيها من كل صوب ومكان حتى ضاقت بالعرب والمسلمين الأرض بما رحبت وتسلط العدو عليها , فمنذ احتلال فلسطين وتأميم النفط عقدت الولايات المتحدة العزم على احتلال العراق وعلى كل منابع النفط ودول الممانعة , وأُحتل العراق ونهبت ثرواته , قتل شعبه وما زال الشعب العراقي يعاني قسوة مجازرهم . وبدأت المخططات الأمريكية تتضح بشكل لا غبار عليه معلنه للعالم أن ما تقوم به من إبادة جماعية وتهجير وتفجير الفتن الطائفية والعرقية ليس إلا لتثبيت الاحتلال وإبقائه بحجة أن العراق غير قادر على حماية آمنه ونفسه . الآن تحاول الولايات المتحدة تثبيت وجودها بصورة دائمة ضمن إطار قانوني فيما أسمته بالاتفاقية الأمنية أي السيطرة على الاقتصاد العراقي بالإضافة إلى احتلال أرضه . ما حرضني لكتابة هذه المقالة أو ( البحث ) هو ما دار من نقاش في إحدى الفضائيات العربية ( بين مرجعيتين دينيتين واحدة من صنع الاحتلال والأخرى ضد الاحتلال !!! حول موقف الإسلام منها !!! ووجه التشابه بين الاتفاقية الأمنية وصلح الحديبية ( وهذا ما قاله صاحب العمامة ليبرر للاحتلال وجوده, يا سبحان الله( يحَرفونَ الكَلمَ عن مواضعه !! ) وأثارت هذه الفضائية جديلة حول مفهوم الجهاد وهل هو مفروض على المسلمين أم لا . .؟ ( فهناك من ينتظر فتاوى رجال الدين ( لكن إلى متى حتى يدخل المحتل مخدعه !! ) ؟ . وهل هناك فتاوى بعد كل هذه المجازر الدامية والانتهاكات الإنسانية بحق أبناء العراق ؟؟ وهل أن الجهاد في مثل هذه الحالة يحتاج إلى فتوى ؟؟ وهل هو فرض ام قضية قابلة للنقاش والفتاوى ؟
فلو كنت أنت وعائلتك في المنزل تقضيان الليل في أمان الله ثم انفجرت باب منزلك ودخل من دخله بالسلاح والقوة وانتهكت الأعراض وقتل الأبناء وسرقة المقتنيات فهل ستدافع عنه بالسلاح وتقاتل أم تنتظر فتوى للسماح لك بذلك ؟؟ وما قيمة الفتوى في مثل هذه الحالة هل نوع من الجبن والخوف أو الهزيمة أم أنها مبررا للاتفاقية ( كما يحدث الآن ) بين قوات الاحتلال وحكومته الهزيلة لتثبيت هذا وجود( الاحتلال) وإسباغه بالصفة الشرعية وسرقة مقدرات شعبه ؟؟ فمتى إذن يا أخي العراقي والعربي والمسلم ستحمل السلاح وتدافع عن كرامتك وكبريائك ودينك وعرضك الذي ينتهك يوميا ليس في العراق فحسب بل بكل الأراضي العربية والإسلامية المحتلة ؟ ومتى ستثأر لدينك وتخرج من عبادة الذل والجبن والهزيمة إلى عبادة الله وأنت تشاهد بأم عينك ما يدور وما يفعله الاحتلال وآخره وليس بآخر ضرب الآمنين وقتلهم في سوريا ؟؟ ترى هل ستنتظر حتى يخرج فاتح جديد ويحررك !! (لا نعرف متى وأين ومن هو!! ) أم ستحمل السلاح ؟؟ أو ربما تنتظر قرار الرئيس الجديد( اوبما بسحب جيوشه ( حبا بالله ) ؟؟ وهل سنلجأ إلى محتل آخر لنخرج من هذا الاحتلال ؟؟
تــنــويــه :
1ـ هذا المقال هو بمثابة بحث بالنسبة لي لأني لست ضليعة في أمور الفقه والدين بل قمت مؤخرا الحث في الكتب والمراجع الفقهية لمعرفة أبعاد هذه القضية الكبرى ولما لها من أهمية في الصحوة العربية والإسلامية للحاق بركب التحرر والتطور على مبدأ العقيدة الإسلامية وليست على مبدأ الديمقراطية الأمريكية , ثم علينا أن نفهم ديننا ونكون على بينة منه لئلا نقع في النفاق وتضيع علينا الدنيا والآخرة .
2ـ عدم فهم مقالتي بأنها تحريض على الجهاد في سبيل الله وقتال المحتل (لعنهم الله ) , بل فقط للدرية والفهم أن وفقني الله تعالى إليها .
3ـ اغلب هذه المقالة من مصادر إسلامية موثوق بها ومن مواقع على الانترنت وليست من اجتهاداتي فأنا لست سوى عبده لله ومسلمة وطالبة أحاول الفهم لا أكثر وعسى أن يساعدني الله .
وإياكم. .
..................................
متى يكون الجهاد :
أن أعظم الأعمال هو إعلاء كلمة الله وإقامة الدين الحنيف وإعلان التوحيد بالسعي لإقامة الدين وإخراج المحتل بتحرير كل الأراضي الإسلامية والعربية على حد سواء . وكيف سيتحقق ذلك أن لم يكن بالجهاد والقتال (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) . وبدون الجهاد والدفاع عن مقدساتنا وأبنائنا وأعراضنا ماذا يتبقى لنا ؟ وان لم نبذل الغالي والنفيس لتحرير أراضينا والتصدي لأعداء الله واعداء الأمة العربية والإسلامية ونتحل بمبدأ الإسلام ونصرة الله ورسوله فمن سينصرنا بعد الله تعالى إذا تخلى الله تعالى عنا ؟؟ ونحن نملك كل أسباب الجهاد والقتال بعد انتهاك حقوقنا وإنسانيتنا وأعراضنا وحتى مقدساتنا وديننا وأخرجنا من ديارنا بغير حق فماذا بقي لنا ؟؟
قال تعالى ( الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ).
وقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّة) التوبة:36
وقوله: ) قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( ]التوبة:29[
(من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) المائدة:32 . فكيف إذن لهذه الهجمة الإمبريالية التي تقتل العشرات يوميا من أبنائنا في جميع الأراضي العربية والإسلامية المحتلة؟ وللأهمية القصوى للجهاد والسبيل الوحيد لرفع منارة الإسلام مرة أخرى وتحرير الأراضي العربية والإسلامية والقضاء على طواغيت الأرض جميعا التي ستزول وتذوي عن طريق السيف والسيف فقط . إذن لا مفر ياأخوتي من الجهاد .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) . أخرجه الإمام أحمد عن ابن عمر والطبراني في الكبير وأبي يعلى في مسنده.
..........................................
فضائل الجهاد في سبيل الله :
أن من فضائل الجهاد في الإسلام قوله تعالى : (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا. ( النساء 95) ) .
وقوله تعالى: )وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(]آل عمران: 169-170[.
ماذا تعني كلمة الجهاد في الإسلام :ـ
قال بن حجر في الفتح (6/1): الجهاد شرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفساق .
وقال الكاساني في بدائع الصنائع (7/97): عبارة عن بذل الجهد وهو الوسع والطاقة ، أو عن المبالغة في العمل من الجهد وفي عرف الشرع يستعمل في بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله تعالي بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك .
روى أبو داود بإسناد صحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم ألسنتكم ) .
وروى أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي: ( المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وقد قال تعالى ( فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ) الفرقان:52) .
ومن خلال هذه الآية الكريمة ندرك أن الجهاد هو قتال المحتل والكفار ومقاومة كل وسائل الاحتلال والانتهاكات التي يقوم بها ضد الأمة العربية والإسلامية والسعي بما هو لصالح الأمة من خير وتطور وحضارة والارتقاء بأمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلى ما كانت عليه . والجهاد في الإسلام مراتب منها جهاد النفس وهي أربعة مراتب , وجهاد الشيطان مرتبتين , وجهاد الكفار والمنافقين أربعة مراتب , وجهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات ثلاث مراتب , وهذا ما قاله ابن القيم رحمه الله في بيان مراتب الجهاد التي تتكون من ثلاثة عشر مرتبةوقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ومن لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) وأعوذ بالله من النفاق وأهله .
نفهم من هذا كله أن للجهاد فوائد كثيرة لا ينحصر في القتال فقط وان كان القتال هو القمة الأساسية في هذا الجبل . فبعد احتلال العراق أتضح للبعض أن مفهوم الجهاد تحول إلى أعمال عنف وأعمال غير منضبطة بضوابط الشريعة فيضيع الجهاد كما أن التوقيت يلعب دورا وهو نوع من أنواع الجهاد ويقول ابن القيم رحمه الله ( يدفعه تصوره القاصر على مفهوم الجهاد إلى أعمال غير منضبطة بضوابط الشرع ليتخلص من ظنه تضييع الجهاد وقد غاب عنه أن واجب الوقت الذي هو فيه نوع آخر من أنواع الجهاد ) .
.........................................
مراحل تشريع الجهاد:
أن الجهاد في الإسلام يمر بأربعة مراحل وهي :ـ
1 ـ الكف والإعراض والصفح عندها كان الإسلام محرما لقوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة ) النساء 77 .
روى ابن جرير والنسائي في سننهِ عن ابن عباس(رض )أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلي الله عليه وسلم ( فقالوا: يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة ، فقال إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا ) .
وقال ابن القيم - رحمه الله - عن هذه المرحلة: والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة واشتد الجناح فأذن لهم بالقتال ولم يفرضه عليهم فقال ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير )الحج:39 .
2ـ إما المرحلة الثانية فكانت الإذن بالقتال.
3ـ ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي الأمر بالقتال والجهاد في سبيل الله ومقاتلة من قاتلهم, لقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ )البقرة190 .
4 ـ ثم المرحلة الرابعة والتي فرض الله سبحانه وتعالى بها الجهاد ومقاتلة المشركين والأعداء .
لقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً )التوبة .36
وقوله تعالى ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ )]التوبة 5 .
وقوله تعالى ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( التوبة29
وقوله تعالى: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ )الأنفال39.
الآيات الكريمة واضحة كل الوضوح وهي تفسر نفسها ولا تحتاج إلى فتاوى. اما أحاديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي مفسره أصلا. فهل سنحتاج إلى فتوى للجهاد والدفاع عن حرمة ديننا وأرضنا وعرضنا ؟ فماذا يجب أن يفعل أعداء الله أكثر لنثور لكرامتنا ونسترجع سيادتنا يا خير امة أخرجت للناس ؟ وعسى الله أن يهدينا جميعا.
فريضة أم قضية قابلة للاجتهاد
الحلقة الأولى
انتصار إبراهيم الآلوسي
(إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ( (التوبة:111)
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود )) رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه .
في هذه المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية حيث تكالبت عليها الأعداء والطامعين بثرواتها وخيراتها وأراضيها من كل صوب ومكان حتى ضاقت بالعرب والمسلمين الأرض بما رحبت وتسلط العدو عليها , فمنذ احتلال فلسطين وتأميم النفط عقدت الولايات المتحدة العزم على احتلال العراق وعلى كل منابع النفط ودول الممانعة , وأُحتل العراق ونهبت ثرواته , قتل شعبه وما زال الشعب العراقي يعاني قسوة مجازرهم . وبدأت المخططات الأمريكية تتضح بشكل لا غبار عليه معلنه للعالم أن ما تقوم به من إبادة جماعية وتهجير وتفجير الفتن الطائفية والعرقية ليس إلا لتثبيت الاحتلال وإبقائه بحجة أن العراق غير قادر على حماية آمنه ونفسه . الآن تحاول الولايات المتحدة تثبيت وجودها بصورة دائمة ضمن إطار قانوني فيما أسمته بالاتفاقية الأمنية أي السيطرة على الاقتصاد العراقي بالإضافة إلى احتلال أرضه . ما حرضني لكتابة هذه المقالة أو ( البحث ) هو ما دار من نقاش في إحدى الفضائيات العربية ( بين مرجعيتين دينيتين واحدة من صنع الاحتلال والأخرى ضد الاحتلال !!! حول موقف الإسلام منها !!! ووجه التشابه بين الاتفاقية الأمنية وصلح الحديبية ( وهذا ما قاله صاحب العمامة ليبرر للاحتلال وجوده, يا سبحان الله( يحَرفونَ الكَلمَ عن مواضعه !! ) وأثارت هذه الفضائية جديلة حول مفهوم الجهاد وهل هو مفروض على المسلمين أم لا . .؟ ( فهناك من ينتظر فتاوى رجال الدين ( لكن إلى متى حتى يدخل المحتل مخدعه !! ) ؟ . وهل هناك فتاوى بعد كل هذه المجازر الدامية والانتهاكات الإنسانية بحق أبناء العراق ؟؟ وهل أن الجهاد في مثل هذه الحالة يحتاج إلى فتوى ؟؟ وهل هو فرض ام قضية قابلة للنقاش والفتاوى ؟
فلو كنت أنت وعائلتك في المنزل تقضيان الليل في أمان الله ثم انفجرت باب منزلك ودخل من دخله بالسلاح والقوة وانتهكت الأعراض وقتل الأبناء وسرقة المقتنيات فهل ستدافع عنه بالسلاح وتقاتل أم تنتظر فتوى للسماح لك بذلك ؟؟ وما قيمة الفتوى في مثل هذه الحالة هل نوع من الجبن والخوف أو الهزيمة أم أنها مبررا للاتفاقية ( كما يحدث الآن ) بين قوات الاحتلال وحكومته الهزيلة لتثبيت هذا وجود( الاحتلال) وإسباغه بالصفة الشرعية وسرقة مقدرات شعبه ؟؟ فمتى إذن يا أخي العراقي والعربي والمسلم ستحمل السلاح وتدافع عن كرامتك وكبريائك ودينك وعرضك الذي ينتهك يوميا ليس في العراق فحسب بل بكل الأراضي العربية والإسلامية المحتلة ؟ ومتى ستثأر لدينك وتخرج من عبادة الذل والجبن والهزيمة إلى عبادة الله وأنت تشاهد بأم عينك ما يدور وما يفعله الاحتلال وآخره وليس بآخر ضرب الآمنين وقتلهم في سوريا ؟؟ ترى هل ستنتظر حتى يخرج فاتح جديد ويحررك !! (لا نعرف متى وأين ومن هو!! ) أم ستحمل السلاح ؟؟ أو ربما تنتظر قرار الرئيس الجديد( اوبما بسحب جيوشه ( حبا بالله ) ؟؟ وهل سنلجأ إلى محتل آخر لنخرج من هذا الاحتلال ؟؟
تــنــويــه :
1ـ هذا المقال هو بمثابة بحث بالنسبة لي لأني لست ضليعة في أمور الفقه والدين بل قمت مؤخرا الحث في الكتب والمراجع الفقهية لمعرفة أبعاد هذه القضية الكبرى ولما لها من أهمية في الصحوة العربية والإسلامية للحاق بركب التحرر والتطور على مبدأ العقيدة الإسلامية وليست على مبدأ الديمقراطية الأمريكية , ثم علينا أن نفهم ديننا ونكون على بينة منه لئلا نقع في النفاق وتضيع علينا الدنيا والآخرة .
2ـ عدم فهم مقالتي بأنها تحريض على الجهاد في سبيل الله وقتال المحتل (لعنهم الله ) , بل فقط للدرية والفهم أن وفقني الله تعالى إليها .
3ـ اغلب هذه المقالة من مصادر إسلامية موثوق بها ومن مواقع على الانترنت وليست من اجتهاداتي فأنا لست سوى عبده لله ومسلمة وطالبة أحاول الفهم لا أكثر وعسى أن يساعدني الله .
وإياكم. .
..................................
متى يكون الجهاد :
أن أعظم الأعمال هو إعلاء كلمة الله وإقامة الدين الحنيف وإعلان التوحيد بالسعي لإقامة الدين وإخراج المحتل بتحرير كل الأراضي الإسلامية والعربية على حد سواء . وكيف سيتحقق ذلك أن لم يكن بالجهاد والقتال (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) . وبدون الجهاد والدفاع عن مقدساتنا وأبنائنا وأعراضنا ماذا يتبقى لنا ؟ وان لم نبذل الغالي والنفيس لتحرير أراضينا والتصدي لأعداء الله واعداء الأمة العربية والإسلامية ونتحل بمبدأ الإسلام ونصرة الله ورسوله فمن سينصرنا بعد الله تعالى إذا تخلى الله تعالى عنا ؟؟ ونحن نملك كل أسباب الجهاد والقتال بعد انتهاك حقوقنا وإنسانيتنا وأعراضنا وحتى مقدساتنا وديننا وأخرجنا من ديارنا بغير حق فماذا بقي لنا ؟؟
قال تعالى ( الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ).
وقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّة) التوبة:36
وقوله: ) قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( ]التوبة:29[
(من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) المائدة:32 . فكيف إذن لهذه الهجمة الإمبريالية التي تقتل العشرات يوميا من أبنائنا في جميع الأراضي العربية والإسلامية المحتلة؟ وللأهمية القصوى للجهاد والسبيل الوحيد لرفع منارة الإسلام مرة أخرى وتحرير الأراضي العربية والإسلامية والقضاء على طواغيت الأرض جميعا التي ستزول وتذوي عن طريق السيف والسيف فقط . إذن لا مفر ياأخوتي من الجهاد .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) . أخرجه الإمام أحمد عن ابن عمر والطبراني في الكبير وأبي يعلى في مسنده.
..........................................
فضائل الجهاد في سبيل الله :
أن من فضائل الجهاد في الإسلام قوله تعالى : (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا. ( النساء 95) ) .
وقوله تعالى: )وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(]آل عمران: 169-170[.
ماذا تعني كلمة الجهاد في الإسلام :ـ
قال بن حجر في الفتح (6/1): الجهاد شرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفساق .
وقال الكاساني في بدائع الصنائع (7/97): عبارة عن بذل الجهد وهو الوسع والطاقة ، أو عن المبالغة في العمل من الجهد وفي عرف الشرع يستعمل في بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله تعالي بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك .
روى أبو داود بإسناد صحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم ألسنتكم ) .
وروى أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي: ( المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وقد قال تعالى ( فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ) الفرقان:52) .
ومن خلال هذه الآية الكريمة ندرك أن الجهاد هو قتال المحتل والكفار ومقاومة كل وسائل الاحتلال والانتهاكات التي يقوم بها ضد الأمة العربية والإسلامية والسعي بما هو لصالح الأمة من خير وتطور وحضارة والارتقاء بأمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلى ما كانت عليه . والجهاد في الإسلام مراتب منها جهاد النفس وهي أربعة مراتب , وجهاد الشيطان مرتبتين , وجهاد الكفار والمنافقين أربعة مراتب , وجهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات ثلاث مراتب , وهذا ما قاله ابن القيم رحمه الله في بيان مراتب الجهاد التي تتكون من ثلاثة عشر مرتبةوقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ومن لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) وأعوذ بالله من النفاق وأهله .
نفهم من هذا كله أن للجهاد فوائد كثيرة لا ينحصر في القتال فقط وان كان القتال هو القمة الأساسية في هذا الجبل . فبعد احتلال العراق أتضح للبعض أن مفهوم الجهاد تحول إلى أعمال عنف وأعمال غير منضبطة بضوابط الشريعة فيضيع الجهاد كما أن التوقيت يلعب دورا وهو نوع من أنواع الجهاد ويقول ابن القيم رحمه الله ( يدفعه تصوره القاصر على مفهوم الجهاد إلى أعمال غير منضبطة بضوابط الشرع ليتخلص من ظنه تضييع الجهاد وقد غاب عنه أن واجب الوقت الذي هو فيه نوع آخر من أنواع الجهاد ) .
.........................................
مراحل تشريع الجهاد:
أن الجهاد في الإسلام يمر بأربعة مراحل وهي :ـ
1 ـ الكف والإعراض والصفح عندها كان الإسلام محرما لقوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَة ) النساء 77 .
روى ابن جرير والنسائي في سننهِ عن ابن عباس(رض )أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلي الله عليه وسلم ( فقالوا: يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة ، فقال إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا ) .
وقال ابن القيم - رحمه الله - عن هذه المرحلة: والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة واشتد الجناح فأذن لهم بالقتال ولم يفرضه عليهم فقال ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير )الحج:39 .
2ـ إما المرحلة الثانية فكانت الإذن بالقتال.
3ـ ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي الأمر بالقتال والجهاد في سبيل الله ومقاتلة من قاتلهم, لقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ )البقرة190 .
4 ـ ثم المرحلة الرابعة والتي فرض الله سبحانه وتعالى بها الجهاد ومقاتلة المشركين والأعداء .
لقوله تعالى (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً )التوبة .36
وقوله تعالى ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ )]التوبة 5 .
وقوله تعالى ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( التوبة29
وقوله تعالى: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ )الأنفال39.
الآيات الكريمة واضحة كل الوضوح وهي تفسر نفسها ولا تحتاج إلى فتاوى. اما أحاديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي مفسره أصلا. فهل سنحتاج إلى فتوى للجهاد والدفاع عن حرمة ديننا وأرضنا وعرضنا ؟ فماذا يجب أن يفعل أعداء الله أكثر لنثور لكرامتنا ونسترجع سيادتنا يا خير امة أخرجت للناس ؟ وعسى الله أن يهدينا جميعا.