المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستكانة الباكستانية والاستئساد الهندي



إسلامية
01-12-2008, 07:19 PM
كان مثيراً للعجب والانتباه،أنْ تسارع الهند إلى توجيه أصابع الاتهام إلى جارتها باكستان لتحميلها وزر الأحداث الدموية في عاصمتها الاقتصادية(مومباي).حتى إن قولنا:إن الدم لم يجف بعد،يغدو قولاً تعوزه الدقة،لأن حكومة نيودلهي لم تنتظر حسم مواجهتها مع بضعة مسلحين تحصنوا في الفنادق الفخمة والمواقع الحيوية الأخرى،بل بادرتْ بإلقاء التبعات على إسلام أباد قبل أن يتوقف إطلاق النار الذي دام يومين ونصف يوم.
ولم يشفع لباكستان تعهد رئيسها ذي الطابع المستكين والمتعجل،بمحاسبة كل من يتبين ضلوعه في حوادث مومباي سواء أكان فرداً أم جماعة،ولا إعلانها المجاني عن عزمها إيفاد رئيس استخباراتها إلى الهند لمؤازرتها في التحقيقات-وهي التسمية المخاتلة لتقديم معلومات سرية إلى الاستخبارات الهندية عن مواطنين باكستانيين يُتّهمون بالتطرف إن صدقاً وإن كذباً!!

إن اتهاماً كهذا يعد اتهاماً كيدياً لا قيمة له بالمعايير القانونية،حتى لو صدر من الهند ضد باكستان قبل ثماني سنوات،عندما كانت العداوة متبادلة وعلنية بينهما،فكيف استساغ ساسة الهند اتهام باكستان-الدولة بعد كل التنازلات المذهلة التي تطوع بها حكام باكستان منذ انقلاب برويز مشرف،إذ تخلى-عملياً-عن نضال الكشميريين المتصل على مدى ستة عقود مضت،وهو نضال استدعى حربين بين الهند وباكستان من أصل ثلاث حروب بين البلدين.
بل إن الديكتاتور السابق أقدم على انتحار استراتيجي لم يفعله رئيس بلد في التاريخ-إلا تحت الاحتلال!!-، فقد ألغى الخصومة مع الهندوس المحتلين لكشمير والحاقدين على شعبه، ونقل بلاده إلى عداء غريب مع أكثرية شعب أفغانستان المسلم، الذي تربطه بباكستان رابطة العقيدة كما تربطه بقسم كبير منهم أواصر الدم والقربى. والأشد مضاضةً أن تلك السياسة الرديئة شقت الصف الباكستاني الداخلي نفسه!!
وجاء الرئيس الحالي بخلفيته الباطنية المتأصلة في حياته وفي سيرة عائلة بوتو التي أوصلته تحالفاتها مع واشنطن وطهران إلى هرم السلطة،فكان شر خَلَف لشر سَلَف.فقد مضى في طريق الخيانة شوطاً أبعد،عندما صرح قبل أسابيع بأن كل الذين يجاهدون لتحرير كشمير من براثن الهنادك هم إرهابيون!!! فماذا كانت الحصيلة سوى مزيد من الاستئساد والتنمّر والصلف من الهند. وليس أدل على ذلك من هذه الاتهامات الرخيصة لبلاده بالمسؤولية عما جرى في مومباي.
ولسنا نذيع سراً إذا لاحظنا أن الهنود لم يوجهوا اتهاماً مماثلاً لبريطانيا،بالرغم من ادعائهم أن عدداً من منفذي هجمات مومباي الأخيرة يحملون جوازات سفر بريطانية؟ كما يتوقف المراقبون عند غياب أي مطالب لمحتجزي الرهائن في مومباي،وهي مسألة ذات أهمية فائقة من الناحيتين السياسية والأمنية؛ فالمألوف في الأحداث المشابهة أينما وقعت أن يكون للخاطفين-حتى في الحوادث الفردية أو العاطفية-مطالب معينة!!
إن الهند باتهامها السريع والجاهز-في ما يبدو-لباكستان في هذه الوقائع، تعوّض عن فشلها المُرَكّب:الاستخباراتي-البحري-القتالي الخاص(الكوماندوز).فبحسب الرواية الرسمية الهندية،جاء المهاجمون عن طريق البحر،واختطفوا مركب صيد هندي قبل دخولهم!! وللمفارقة فإن البحرية الهندية فشلت قبل أيام كذلك عندما أغرقت سفينة صيد تايلندية متوهمة أنها زورق لقراصنة صوماليين.
ومن الوجهة الاستخبارية فإن الهجمات برهنت عن نوم الاستخبارات الهندية،حتى إن بعض المشاركين في الهجوم عملوا فترة في الفنادق التي هوجمت يوم الأربعاء الماضي،وقاموا بتخزين الأسلحة وتعرفوا إلى مداخل الفنادق ومخارجها وطوابق المبنى والغرف....وختمت الوحدات الخاصة (الكوماندوز)مسلسل الإخفاق الهندي،فكانت إسلام أباد كبش الفداء الجاهز!!

لكن هنالك احتمالاً أشد خطورة وأفدح ضرراً،وهو أن الهنادك يهيئون مسرح العمليات لخطة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما،و التي أعلنها خلال حملته الانتخابية وتتضمن التركيز الشديد على ما يسميه"مكافحة الإرهاب"،وبخاصة اجتياح باكستان عسكرياً إذا لزم الأمر!!

ومعرفتنا بالغرب الصليبي بعامة والأمريكي بخاصة،لا تترك فرصة للسذاجة في تحديد معنى"إذا لزم الأمر"،فدلالتها الوحيدة هي أن البيت الأبيض وجنرالات الكراهية هم الذين يحددون معناها عملياً.

http://almoslim.net/node/103047 (http://almoslim.net/node/103047)