مبارك الحمود
11-12-2008, 02:21 AM
انتقام-noir
-1-
300 كيلاً هي ما تبقى على قتلها, على نشرها و هي حيةٌ بهذا المنشار الكهربائي.. هذه المسافة البعيدة التي أمامي.. المسافة التي تخضع للقوانين الفيزيائية بخنوعٍ و خضوع, الشيء الجميل و الرائع فيها أنها آخذةٌ في الاقتراب.
-2-
ظنَّت أني لن أعرف مكانها, و أن بعدها سيجنبها القتل على يدي, ظنت ذلك بسذاجة غريبة.. دوسي يا أقدامي بقوة, فالفارق بيني و بينها خطوة واحدة على دواسة الوقود.. ما أجمل الانتصار الذي يطول, فالاستمتاع فيه لذيذ.. آآآه الغبية ظنت أنها من فعلتها ستنجو.. و يحها! كيف تجرأت و تسلل إليها هذا التفكير, ألا تعرفني؟؟!.. سأجعلها تدرك ذلك كله, فكما يبدو أنها طالبة بليدة لم تستوعب الدروس التي قدمتُها لها في السابق.
-3-
ها هي المسافة تنقسم نصفين, إني أتحرق شوقاً لرؤية وجهها المتفاجئ برؤيتي, المرتعب و الخائف, و شحوبه الذي يزداد شحوبا.. اهدئي يا طبيعة المسافة و لا تستعجلي, دعيني أستمتع أكثر و أكثر بلحظاتي هذه.. سأقف لأخذ وجبة صغيرة, لا أشعر بالجوع و لكنها المتعة, إني أعشق الانتقام و خصوصا إذا كان شديدا, و أتى بعد ألم.. كيف تجرأت أن تفعل ذلك!, إنه شيء لم أعهده منها, الجرأة في فعل شيء يغضبني, قد يكون حبي و دلالي المبالغ لها هو السبب!.
-4-
لم يكن شكي فيها ليتحول ليقين لولا أني رأيتها بنفسي, لقد خرجت بذلك الفستان الأحمر الذي أعشقه, و عطرها الثمين الذي أهديته لها بمناسبة ولادتها لطفلتنا الثالثة يلاحقها كشبح.. خرَجَتْ في منتصف الليل بعد أن اطمأنت أنني أصبحت في مدينة أخرى, تتلفت يمينا و شمالاا بخوف و حذر, وقعقعة كعبها على الرصيف تدوي في أرجاء الحي الفارغ.. أوقفتْ أول سيارة أجرة في طريقها, و استقلتها بعجلة و بدون تفكير.
تابعتها حتى وقفت عند ذلك المستشفى, و خرجت بعد نصف ساعة, أنا متأكد أنها قامت بذلك رغم إنكارها, والدليل على ذلك أنها هربت مني بعد مكاشفتها بذلك, ويحها كيف تعرفت عليه, بدون شك أنه طبيب ولادتها, شكرا لله أنني قمت بقتله, بيدي هاتين اللتين ترقصان طربا الآن, و لم أرسل أحدا ليقوم بذلك عني, آآآآآه ما ألذها من متعة, إنه بالتأكيد الانتصار.
-5-
و ها أنا في الطريق لانتصار آخر, كما عادتي.. قهقهاتي المصطنعة لا تتوقف, إني أقترب أكثر و أكثر من ذلك.. يا ترى ماذا تفعل الآن؟, بالتأكيد أنها تقف باطمئنان أمام نافذة بيت مزرعة والدها التي ورثتها منه, تتخيل مستقبلها بدوني, و لم تدر أنها ستراه واقعا أقرب مما تتوقع.. الطريق الذي يبدو كشعرة متقصفة مسافته تقصر, و نصري يقترب.. قلبي يخفق كطبول حرب, و هاهو.. هاهو البيت, يقبع بكل براءته على مقربة من الشعرة المتقصفة, و قدماي تتبادلان المقدمة باندفاع و حماس.
-6-
السكون يعم المكان, و رائحة القش المبتل مسترخية.. الباب أمامي.. أطرق بقوة, و لكن العنيدة لا ترد, تتظاهر بعدم وجود أحد, إني أشم رائحة عطرها تعربد في بإصرار, و أنا لا أخطئه, و صرختُ.. إني أدفع الباب و أهشمه, لا أرى أحدا, بالتأكيد أنها تختبئ في زاوية من زوايا البيت, تندس كالفأر.. جبانة كعادتها.. إني أحب ذلك, متعتي بدأت تزداد.. هل هي هنا تختبئ وراء ستائر الحمام؟, "هاهاي كلا", عيناي تتابعان و تترقبان, أوووه بالتأكيد إنها هنا تحت الكنبة.. أيضا لا, يا إلهي إنها تجيد الاختباء ولكن تحت قوانين أرضي التي أحكمها بإحكام.. لم يتبق سوى غرفة النوم في العلية, بالتأكيد أنها هناك.
-7-
اصدح أيها المنشار و غني.. هاهي الدرجات.. 1, 2, 3,..., 13, هيلا هوب, لقد وصلت.. "أتسمعينني أيتها الصماء البكماء, لقد أتيت", صحت بها و أنا واقف أمام الباب.. أشعر بقلبي يخفق بشدة, الفضول الشديد ذلك ما أشعر به, أريد أن أرى ردة فعلها, أوووه قد يكون حبيب آخر معها الآن و هي خجلانة مني, تخجل أن أراها مع شخص آخر و لذلك هي لا ترد.. قبضت على المقبض بقوة, و أدرته إلى اليمين.. إني أفتح الباب و أنا أضحك بأعلى صوتي.. صدمة, صدمة, ذلك ما أصابني, و جعلني أشعر بضيقة تخنقني, و كأن مشنقة من الشوك تحاول جز رقبتي.
-8-
المنشار يسقط من يدي, و يبتر ساقي اليمنى.. أزحف إليها باكيا لا أشعر بألم ساقي التي ينفجر منها نهر أحمر. ممدة وجدتها على السرير الذي تيبس من دمائها.. حبيبتي ميتة, لا نبض فيها, تبدو هادئة كعروس نائمة لو لا الدماء التي تغطيها.. ضممتها بقوة فسقطت ورقة بقربها, يبدو أن شيئا مكتوب عليها, كان خطا متعرجا مرتعشا.. "هذا ما جنته يداي", ذلك ما كان مكتوبا, و تلك كانت آخر كلماتها قبل موتها. أمسكت الورقة بقبضتي و عصرتها, و أنا أكاد أن أختنق بدموعي و وضعتها في جيبي, و حملت المنشار و تمددت بجانبها, فاصطبغ المكان باللون الأحمر القاني إلى الأبد.
-1-
300 كيلاً هي ما تبقى على قتلها, على نشرها و هي حيةٌ بهذا المنشار الكهربائي.. هذه المسافة البعيدة التي أمامي.. المسافة التي تخضع للقوانين الفيزيائية بخنوعٍ و خضوع, الشيء الجميل و الرائع فيها أنها آخذةٌ في الاقتراب.
-2-
ظنَّت أني لن أعرف مكانها, و أن بعدها سيجنبها القتل على يدي, ظنت ذلك بسذاجة غريبة.. دوسي يا أقدامي بقوة, فالفارق بيني و بينها خطوة واحدة على دواسة الوقود.. ما أجمل الانتصار الذي يطول, فالاستمتاع فيه لذيذ.. آآآه الغبية ظنت أنها من فعلتها ستنجو.. و يحها! كيف تجرأت و تسلل إليها هذا التفكير, ألا تعرفني؟؟!.. سأجعلها تدرك ذلك كله, فكما يبدو أنها طالبة بليدة لم تستوعب الدروس التي قدمتُها لها في السابق.
-3-
ها هي المسافة تنقسم نصفين, إني أتحرق شوقاً لرؤية وجهها المتفاجئ برؤيتي, المرتعب و الخائف, و شحوبه الذي يزداد شحوبا.. اهدئي يا طبيعة المسافة و لا تستعجلي, دعيني أستمتع أكثر و أكثر بلحظاتي هذه.. سأقف لأخذ وجبة صغيرة, لا أشعر بالجوع و لكنها المتعة, إني أعشق الانتقام و خصوصا إذا كان شديدا, و أتى بعد ألم.. كيف تجرأت أن تفعل ذلك!, إنه شيء لم أعهده منها, الجرأة في فعل شيء يغضبني, قد يكون حبي و دلالي المبالغ لها هو السبب!.
-4-
لم يكن شكي فيها ليتحول ليقين لولا أني رأيتها بنفسي, لقد خرجت بذلك الفستان الأحمر الذي أعشقه, و عطرها الثمين الذي أهديته لها بمناسبة ولادتها لطفلتنا الثالثة يلاحقها كشبح.. خرَجَتْ في منتصف الليل بعد أن اطمأنت أنني أصبحت في مدينة أخرى, تتلفت يمينا و شمالاا بخوف و حذر, وقعقعة كعبها على الرصيف تدوي في أرجاء الحي الفارغ.. أوقفتْ أول سيارة أجرة في طريقها, و استقلتها بعجلة و بدون تفكير.
تابعتها حتى وقفت عند ذلك المستشفى, و خرجت بعد نصف ساعة, أنا متأكد أنها قامت بذلك رغم إنكارها, والدليل على ذلك أنها هربت مني بعد مكاشفتها بذلك, ويحها كيف تعرفت عليه, بدون شك أنه طبيب ولادتها, شكرا لله أنني قمت بقتله, بيدي هاتين اللتين ترقصان طربا الآن, و لم أرسل أحدا ليقوم بذلك عني, آآآآآه ما ألذها من متعة, إنه بالتأكيد الانتصار.
-5-
و ها أنا في الطريق لانتصار آخر, كما عادتي.. قهقهاتي المصطنعة لا تتوقف, إني أقترب أكثر و أكثر من ذلك.. يا ترى ماذا تفعل الآن؟, بالتأكيد أنها تقف باطمئنان أمام نافذة بيت مزرعة والدها التي ورثتها منه, تتخيل مستقبلها بدوني, و لم تدر أنها ستراه واقعا أقرب مما تتوقع.. الطريق الذي يبدو كشعرة متقصفة مسافته تقصر, و نصري يقترب.. قلبي يخفق كطبول حرب, و هاهو.. هاهو البيت, يقبع بكل براءته على مقربة من الشعرة المتقصفة, و قدماي تتبادلان المقدمة باندفاع و حماس.
-6-
السكون يعم المكان, و رائحة القش المبتل مسترخية.. الباب أمامي.. أطرق بقوة, و لكن العنيدة لا ترد, تتظاهر بعدم وجود أحد, إني أشم رائحة عطرها تعربد في بإصرار, و أنا لا أخطئه, و صرختُ.. إني أدفع الباب و أهشمه, لا أرى أحدا, بالتأكيد أنها تختبئ في زاوية من زوايا البيت, تندس كالفأر.. جبانة كعادتها.. إني أحب ذلك, متعتي بدأت تزداد.. هل هي هنا تختبئ وراء ستائر الحمام؟, "هاهاي كلا", عيناي تتابعان و تترقبان, أوووه بالتأكيد إنها هنا تحت الكنبة.. أيضا لا, يا إلهي إنها تجيد الاختباء ولكن تحت قوانين أرضي التي أحكمها بإحكام.. لم يتبق سوى غرفة النوم في العلية, بالتأكيد أنها هناك.
-7-
اصدح أيها المنشار و غني.. هاهي الدرجات.. 1, 2, 3,..., 13, هيلا هوب, لقد وصلت.. "أتسمعينني أيتها الصماء البكماء, لقد أتيت", صحت بها و أنا واقف أمام الباب.. أشعر بقلبي يخفق بشدة, الفضول الشديد ذلك ما أشعر به, أريد أن أرى ردة فعلها, أوووه قد يكون حبيب آخر معها الآن و هي خجلانة مني, تخجل أن أراها مع شخص آخر و لذلك هي لا ترد.. قبضت على المقبض بقوة, و أدرته إلى اليمين.. إني أفتح الباب و أنا أضحك بأعلى صوتي.. صدمة, صدمة, ذلك ما أصابني, و جعلني أشعر بضيقة تخنقني, و كأن مشنقة من الشوك تحاول جز رقبتي.
-8-
المنشار يسقط من يدي, و يبتر ساقي اليمنى.. أزحف إليها باكيا لا أشعر بألم ساقي التي ينفجر منها نهر أحمر. ممدة وجدتها على السرير الذي تيبس من دمائها.. حبيبتي ميتة, لا نبض فيها, تبدو هادئة كعروس نائمة لو لا الدماء التي تغطيها.. ضممتها بقوة فسقطت ورقة بقربها, يبدو أن شيئا مكتوب عليها, كان خطا متعرجا مرتعشا.. "هذا ما جنته يداي", ذلك ما كان مكتوبا, و تلك كانت آخر كلماتها قبل موتها. أمسكت الورقة بقبضتي و عصرتها, و أنا أكاد أن أختنق بدموعي و وضعتها في جيبي, و حملت المنشار و تمددت بجانبها, فاصطبغ المكان باللون الأحمر القاني إلى الأبد.