المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذاء بوش .. وإعلام المارينز العرب



إسلامية
24-12-2008, 02:40 PM
قلت في مقالة أمس أنني على ثقة من أن اليومين المقبلين سوف يشهدان حملة من المقالات والتقارير في " المجموعة الأمريكية " بالإعلام الخليجي للهجوم على منتظر الزايدي وعلى مشهد قذف بوش بالأحذية ، وكان هذا توقعا من القياس على ما سبق من سلوك تلك المجموعة الموالية للولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها في العالم العربي والإسلامي بوجه الخصوص ..


ولذلك لم أفاجأ صبيحة أمس ببدء هذه الحملة التي انتظرتها ، في قناة العربية وموقعها على الانترنت الذي لم يعثر على مقالات مناسبة في الصحف لاختيارها ، فاستكتب بعض أقلامه لكي ينشروا هجوماً على الصحفي العراقي ممهورة مقالاتهم بعبارة " خاص بموقع العربية نت " ..


وفي صحيفة الشرق الأوسط كتب رئيس تحريرها مقالا واستكتب أحد "موظفيه" مقالاً آخر تقطر بالحزن على المشهد الذي فجر الفرحة الطاغية في ملايين العرب والمسلمين ، المفاجأة الوحيدة هي تأخر مقال عبد الرحمن الراشد ولكنه قادم غداً بكل تأكيد ولولا أني لست في حال يسمح بالفكاهة لكتبت هنا أهم عناصر مقالته المنتظرة بكل دقة ، المهم أن الأقلام المذكورة أبدوا استياءهم الشديد من غياب " المهنية " عن سلوك الصحفي ، وقالوا أن هناك أساليب حضارية أخرى يمكن أن يحرج بها الرئيس بوش من مثل إلقاء أسئلة صعبة أو محرجة عليه ..



ولا أدري لماذا لم يكلفوا مراسليهم بإلقاء هذه "الأحذية" الحضارية على بوش ، أم أنهم أرسلوهم لاستكمال "التلميع" فقط ، رغم أن السلوك الذي تقوم به المجموعة الأمريكية لا يحترم أبسط قواعد المهنية ، كما لا يمتُّ للتحضر بصلة ، فلم تنشر الشرق الأوسط أي مقالة تتعاطف أو حتى تتفهم موقف الصحفي الجسور منتظر الزيدي ، فقط كتبوا واستكتبوا من يهاجمه ، وهذا من فرط الأمانة والمهنية ..


وبالمناسبة أتوقع أن ينشروا غداً أو بعد غد مقالاً في الاتجاه المعاكس للرد على هذه الملاحظة ، ومن جانب آخر فقد سمح رئيس تحرير الشرق الأوسط للموظف الذي طلب منه الكتابة أن يصف الصحفي العراقي بالهمجي ، وهذا أسلوب قمة في التحضر والمهنية طبعا ، وكان باستطاعته أن يكون مهذبا أو "ابن ناس" خاصة وهو يحدث الناس عن التحضر والسلوك المهذب ، كان بإمكانه أن يصف السلوك أو الصحفي بأنه خاطئ ، ولكن الله يأبى إلا أن يكشف أمراض النفوس في فلتات القلم وزلات اللسان ..


إنهم غاضبون من أجل " ربيبتهم " وليس من أجل المهنة ، إنهم يمرضون للإساءة إلى " أصدقائهم " الأمريكان وليس مرضهم لأن الأسلوب غير حضاري ، والمدهش أن الكتابات الغربية لم تتوقف عند حكاية الحضاري وغير الحضاري في المشهد ، فقط هؤلاء " المتحضرين " جدا هم الذي يتمسحون في الحضارة ، والذي يتحدث ـ في هذا المقام ـ عن الحضاري وغير الحضاري هو قلبٌ بارد ، وضمير لا يشعر بأي ولاء لقضايا أمته ولم يؤذه صورة الدم وصرخات الثكالى وتمزيق البلاد والعباد ، بل إن رئيس تحرير الشرق الأوسط وجد من نفسه الجرأة على أن يقول في مقاله أمس بأن الصحفي ليس مطلوبا منه أن يكون ضميرا لأمته ، وهذا يعني أن الصحفي في تصوره مجرد مرتزق ، تماما مثل مرتزقة البلاك ووتر ، يعمل لمن يدفع ويحقق مشاريع من يمول فقط ، وهذا هو مبلغ وعي وضمير من يرأس أحد أجنحة "المجموعة الأمريكية" في الإعلام الخليجي ، وأظن أن عبارته تكفي لفهم كل شيء ..


ما فعله الصحفي العراقي حدث ويحدث في دول عديدة ممن توصف بالتحضر في الشرق والغرب ، سواء في شجارات البرلمان أو مؤتمرات الأحزاب ، والعنف أو القذف بالبصل أو الطماطم أو الزجاجات الفارغة أو الاشتباك بالأيدي والكراسي والأحذية يكون لأسباب من مستوى الخلاف حول تمرير ضريبة أو إسقاط عضوية شخص أو تعطيل قرار حكومي ، والصحفي العربي الذي يعيش يوميا في دوامة دم أهله وجيرانه على يد الاحتلال والذي يرى إذلال شعبه يوميا على يد المرتزقة ، وتمزيق وطنه بأوامر وتوجيهات شخص بعينه ، هذا الصحفي العربي الحر عندما يقذف صاحب هذه الجرائم بالحذاء في وجهه بعدما استفزته غطرسته ـ


بعد كل هذه الجرائم ـ وهو يتمطع في عاصمة بلاده ويعلن نفسه منتصرا ، فإن سلوك الصحفي الجسور ليس فقط مفهوما ، وإنما هو سلوك إنساني وحضاري رغم أنف إعلام المارينز في بلادنا .


بقلم : جمال سلطان



http://www.denana.com/events/articles.aspx?selected_article_no=6245 (http://www.denana.com/events/articles.aspx?selected_article_no=6245)