المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار عامة الشريم : المؤمنون يمتازون بوحدة المصدر والهدف والمعبود



إسلامية
10-01-2009, 04:17 AM
أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم أن المؤمنين الموحدين يمتازون بوحدة المصدر ووحدة الهدف ووحدة المعبود قبل.
وقال في خطبة الجمعة اليوم: لقد سما الإسلام بالإنسان روحًا وجسدًا عقلاً وقلبًا، فلم يضع في عنقه غلاً ولا في رجله قيدًا ولم يحرم عليه طيبًا ولم يبح له خبيثًا، بل خاطبه ربه خطابًا صريحًا قائلاً: ((يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ))، لقد اختص الله الإنسان من بين خلقه بأن كرمه وفضله وشرفه وأنزل إليه وعليه كتبه وأرسل إليه رسله، فلا يحسبن أن الإنسان أن يترك سدًى، وأنه إلى الله لا يرجع، وقد امتاز المؤمنون الموحدون في هذا المضمار بوحدة المصدر ووحدة الهدف ووحدة المعبود قبل ذلك.
وأضاف فضيلته يقول: إن من يستشعر هذا فلن يكون له منطلق إلا الإسلام، ولا ريب أن أصحاب الإسلام أصحاب دين لا يموت ولا ينبغي له أن يموت مهما هبت الأعاصير وادلهمت الخطوب ومهما بدا على أهله الإعياء والشيخوخة، فإن الإسلام لا يعرف الشيخوخة ولا الهَرم، فهو كالشمس في قدمها وجدتها وعندما يشرئب أعداؤه إلى تشييع جنازته فإنهم سيرجعون البصر لينقلب إليهم بصرهم خاسئًا وهو حسير لما يرون من بزوغ شمس الإسلام من جديد، كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله.
وأردف يقول: بيد أن المسلمين في هذه العصور المتأخرة هم أكثر الناس آلامًا، ولعل أرضهم وديارهم وأموالهم وصياصيهم قد اسْتَنْسَرَ وسطَها البغاة واستأسدت بها الحمُر، يزَج بهم في كل مضيق من أجل أن يتجرعوا الحقائق المطلوبة على مَضَض، ولا يكادون يسيغونها، إلى أن يعترفوا كرهًا بأن حقَّهم باطلٌ، وباطلَ غيرِهم حقٌّ؛ لينطق لسانهم بالرسم المغلوط والفهم المقلوب.
وأشار فضيلته إلى أن المؤمن الصادق لا يمَل كثرة الحديث عن مآسي المسلمين وانتهاك حقوقهم وحرماتهم وسلب أراضيهم؛ لأن الكأس تفيض عند امتلائها، مؤكدًا أنه من خلال هذا الحديث لا يتم التنقيب عن نائحة مستأجرة تسمعنا نحيبها لأن البكاء لا يحيي الميت كما أن الدموع لا تُعار والأسف لا يرد الغائب، ولكن العمل مفتاح النجاح، وأن رأس العمل في ذلك هو الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم إلى وحدة وإخاء أمتنا الإسلامية والتناصح والتناصر من أجلها، إحقاقًا للحق وإبطالاً للباطل.
وأوضح فضيلته أن المتأمل في هزائم المسلمين وفي ضعفهم الحديث واستكانتهم المستحوذة عليهم لَيجد أنها لم تكن بدعًا من الأمر، ولا هي دون مقدمات، وإنما هي ثمرة خلل وتقصير ملحوظ في قيام المسلمين بواجباتهم في ميدان التمسك بالدين وبالقوة والتناصر حتى لاقت الأمة من أعدائها صور اللين في حال المكر وصور البطش في حال الغزو، وهم في لينهم يدسون السم في العسل، وفي بطشهم يهتدفون الهمجية والجبروت والتلويح بالقوة .
وفي المدينة المنورة، قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي: إن أثر المسلمين على البشرية أحسن الأثر، وإن فضلهم على الإنسانية فضل كبير نفع الله به الإنسانية في الدنيا والآخرة، وإن المسلمين قدموا للناس منذ بعث الله تعالى نبي الرحمة سيد البشر نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، قدموا لها من العلوم النافعة والعدل والسلم والرحمة والأخلاق الفاضلة ما لم تقدمه أمة من الأمم قبلها.
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة اليوم أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، وارث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أمره الله أن يقتدي بهم، فدينه هو الحق المحفوظ، لم يغير ولم يبدل، والأمم قبله غيروا وبدلوا ما جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فضل المغيرون والمبدلون وأضلوا، فصاروا على غير شيء من الحق، وأما من كان متمسكًا قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بتعاليم نبيه المبعوث إليه في زمانه مؤمنًا بما جاء بعده من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهو من المسلمين، قال الله تعالى { وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } .
وأضاف يقول: إن من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فله أجران، قال الله تعالى { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }. ومن لم يؤمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر بالله العظيم، قال الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) .
وتابع فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي يقول: إنه مع حسن أثر المسلمين على البشرية ومع كثرة الخيرات وازدهار الحياة التي أجراها الله على أيديهم للناس فقد كادهم أعداء الإسلام بأنواع المكائد كلها، فما أحسن أثر المسلمين على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، مشيرًا إلى أن المسلمين تعرضوا في القرون الأخيرة لأبشع أنواع الاضطهاد والظلم في بلدان كثيرة، واحتل أعداء الإسلام بعض الأقطار الإسلامية، وكان موقف المسلمين في هذه القرون المتأخرة موقف الدفاع عن دينهم وأعراضهم وديارهم وأموالهم، فنجحوا مرات في رفع الظلم والاضطهاد الواقع عليهم وأخفقوا بعض المرات، والعاقبة للمتقين.
وأفاد أن لذلك التسلط من أعداء الإسلام أسبابًا من المسلمين وأسبابًا من أعدائهم ومرد الأسباب من المسلمين تقصيرهم في تطبيق دينهم وكثرة ظهور البدع وتفرقهم واختلاف آرائهم، ومرد الأسباب من أعداء الإسلام اتفاقهم على حرب الإسلام وحقدهم الأسود الذي لا يزول وسعيهم في تفريق المسلمين بكل الوسائل ونشرهم لكل ما يضاد الإسلام في العقيدة أو العادات والأخلاق وغيرها.
وأردف يقول: قد شاهدنا أحداثًا قريبة وظلمًا وقع على المسلمين مع صمت العالم الذي يصنع القرار وحرمان المظلومين من حماية القانون الدولي وتخلي المؤسسات الدولية عن المدافعة عن حقوق المسلمين المظلومين في دينهم وأوطانهم وأموالهم، وإننا -نحن المسلمين- لا نطمع أن ينصرنا أحد غير الله تعالى أو يحل مشاكلنا أعداء الإسلام وإنما رب العالمين هو الذي ينصرنا إن استقمنا على دينه ، قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } ، ولكننا نبين للعالم أن المؤسسات الدولية التي تصنع القرار لم تعد تفرق بين الظالم والمظلوم، وما ندري هل أصابتها الشيخوخة أو تبلد الإحساس، والعدوان على غزة شاهد عيان.
وقال الشيخ علي الحذيفي: إن المسلمين إذا عجزوا عن حل مشاكلهم بأنفسهم بالحق فأعداؤهم لن يقدموا لهم خيرًا، والأحداث تثبت يومًا بعد يوم أنه يكال للمسلمين بمكيالين، ويعاملون مع غيرهم بمعاملتين من غير حياء أو خوف ولا خير في الحياة، إذا كان القوي يأكل الضعيف، وقد أصبحت الأمور واضحة لكل أحد من المسلمين، ولا يقدر أعداء الإسلام أن يخفوها أو يغيروها بخداع الإعلام. والقضية التي ظُلم فيها المسلمون قضية فلسطين، وهي قضية إسلامية مصيرية، كما ظلموا في قضايا أخرى معروفة للعالم كله، والفلسطينيون لقوا بلاءً وتشريدًا وتقتيلاً ومظالم على يد الصهاينة الغاصبين، والفلسطينيون يسعون إلى حفظ كرامتهم والحصول على حقوقهم المسلوبة ورفع الظلم والعدوان عنهم ورعاية مصالح شعبهم الذي توالت عليه النكبات والمصائب، ومن حقهم إقامة دولة فلسطينية لهم عاصمتها القدس في أرضهم ترعى مصالحهم. وقد عانى الشعب الفلسطيني طيلة عقود وتعرضوا لمجازر رهيبة تشير إلى حرب إبادة في غياب العدل والرحمة والإحسان وكرم الأخلاق، وفي ظل التسلط والتجبر والإرهاب والقسوة والمطامع الدنيئة. وهذه غزة المحاصرة التي اصطلت بنار الحرب برًا وبحرًا وجوًا يصرخ فيها الأطفال والنساء والشيوخ والمظلومون لنجدتهم ورفع الظلم عنهم وفك حصارهم وإطفاء نار حرب الصهاينة المعتدين أعداء الله وأعداء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأعداء البشرية .
وبيّن فضيلته أن المجتمع الدولي لن يعفيه التاريخ من السكوت على هذا العدوان الآثم، وأن الفلسطينيين في غزة في موقف دفاع عن أنفسهم، وفي خندق رباط يدافعون عن الضعفاء. والدفاع عن الحق مهمة شاقة وشريفة يوفق الله لها من يشاء من عباده ويجزيه أحسن الثواب في الدنيا والآخرة. والدفاع عن الحق يوجب الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما يوجب الاجتماع والائتلاف وعدم الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } .
وأوضح أن الدفاع عن الحق يوجب الصبر الدائم، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا). كما يوجب الدفاع عن الحق النزاهة عن الأهواء والتجرد عن الحظوظ النفسية والتجرد عن المصالح الفردية؛ لأن اتّباع الأهواء هلكة وفشل وخسران، قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }. وإيثار حظوظ النفس والمصالح الشخصية على الحق يُضيع الدنيا والآخرة، قال تعالى: { فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى }. ومدح الله المؤْثرين على أنفسهم وكتب لهم أحسن الثواب، فقال تعالى: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }. كما يوجب الدفاع عن الحق التوكل على الله مع عمل الأسباب المشروعة المقدور عليها، قال تعالى: { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }. وإذا علم المسلم أن الأجل بيد الله، وأن الرزق وخزائن السموات والأرض بيد الله، عظم توكله على ربه وتعلق قلب به، وما شرعت العبادات إلا لتعظيم الله واعتماد القلب عليه، قال تبارك وتعالى: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا } .
وتوجه فضيلته إلى المسلمين وقال: إن إخوانكم في غزة وفي فلسطين بحاجة إلى الغذاء والكساء والدواء والمأوى والمال والنصرة، فقد هاجمهم عدو شرس بأسلحة متطورة، وهم لا يملكون إلا أسلحة بدائية محدودة يدافعون بها عن أنفسهم، وقد استشهد الكثير منهم، نساءً وأطفالاً ورجالاً، في المساجد وفي البيوت وفي كل بقعة من فلسطين، فلا تتخلَّوْا عنهم.
وأضاف فضيلته يقول: إن ما تقوم به المملكة من تضامن مع غزة وما تقدمه من مساعدات نافعة خيرية وما تبذله لإخواننا في فلسطين من عطاء يذكر ويشكر لها، كما يشكر لخادم الحرمين الشريفين نداؤه لشعبه بإغاثة إخوانهم في غزة وفي فلسطين والوقوف مع هذه المعاناة والشدة وبذل المساعي الخيرة الجادة لإيقاف هذا النزيف وصد شبح الحرب عن هذا الشعب الفلسطيني الأعزل، فجزاه الله أحسن الثواب على ما يقوم به من منافع للمسلمين واهتمام بشؤونهم ونصرة لقضاياهم، فاستجاب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله إخوانه وأسرته وشعبه، كما عُرف عنهم في مثل هذه الأحوال من الاهتمام بأمور المسلمين ومد يد العون لهم، فجزاهم الله عن أولئك الجزاء الأوفر في الدارين.
وفي ختام خطبته دعا فضيلة الشيخ علي الحذيفي المسلمين في كل مكان إلى الدعاء للشهداء في غزة وفي فلسطين، وأن يحفظ الله دماء إخواننا في غزة وفي فلسطين وأعراضهم وأموالهم، وأن يصلح حالهم، وأن يخذل الله الصهاينة المعتدين، وأن ينصر الإسلام والمسلمين.

http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-12-106533.htm (http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-12-106533.htm)