المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تسويق الاستسلام !!



إسلامية
16-01-2009, 12:57 PM
لسنا نغالي إذا وصفنا الجدل الساخن الدائر حالياً بين الحكومات العربية بأنه جدل بيزنطي عقيم، فسواء أَعُقِدَتْ قمة عربية طارئة أم لم تُعْقَدْ، فإن كلا الأمرين لن يقدم لأبطال غزة شيئاً عملياً، فكل ما هنالك مباراة بلاغية وبكائيات مكرورة، وبعض الغذاء والدواء!!


فنحن جميعاً ندرك بالتجربة الملموسة أن العمل العربي المشترك - على الصعيد الرسمي - لم يكن في يوم من الأيام مثمراً أو مجدياً إلا في حالات استثنائية شديدة الندرة (مثل حرب رمضان 1393- حرب أكتوبر1973م).


والمثال الآخر هو النقيض الجذري لتلك الحرب المشرّفة – بعامة - ألا وهو الاتفاق على ما سُمّي : "خيار السلام الاستراتيجي"، وإعرابه عملياً إلغاء العودة إلى السلاح عند فشل التسوية السياسية، وهي تجربة كارثية لا سابق لها، بل إن العكس هو الصحيح؛ فالمقاتلون من أجل قضايا عادلة رفضوا دائماً وقف إطلاق النار في أثناء التفاوض، إلى أن يقرّ المعتدي بمطالبهم المشروعة. والأمثلة أكثر من أن تُحْصى: الجزائر وفيتنام...


ولذلك انحصرت المناوشات الإعلامية الراهنة بين عواصم عربية عدة في نطاق الاهتمام الرسمي المحض، ولم تَحْظَ بأدنى متابعة شعبية، باعتبارها مهاترات مؤذية تصرف النظر عن الواجب الأوحد على الأمة كافة: الوقوف وقفة رجل واحد وراء المقاومة الباسلة في غزة، بجميع الطاقات المتاحة: بالرجال والسلاح والمال والمعنويات والدعاء الخالص لله عز وجل بأن ينصر المجاهدين الشجعان، الذين أدهشت بطولاتهم المحب وغاظت العدو.


فالخيارات العربية الرسمية البائسة تتراوح بين التصفيق للمقاومة من بعيد والرهان التعس على مجتمع دولي يتراوح موقفه بين عداء صريح (أمريكا) وعداء مبطّن (أوربا)!! فالتنافس القائم بين العرب محصور في نطاق الكلام والخطب الرنانة، في حين أجمع قادة اليهود كافة على إبادة أهل غزة، وهم يتنافسون في حجم الحقد الذي يعبّر عنه كل منهم، بحثاً عن أصوات الناخبين في الانتخابات القريبة، الأمر الذي يؤكد أن الدم الفلسطيني سلعة انتخابية عند قتلة الأنبياء، وأن الأكثرية الساحقة من بني صهيون عنصرية دموية استئصالية!! فمع مَنْ يعقد أصحاب الخيار الاستراتيجي "سلاماً"؟


أليس من المخزي أن يطرد الرئيس الفنزويلي سفير اليهود من بلاده، في حين لم يجرؤ عرب "السلام" على مجرد استدعاء سفرائهم من تل أبيب؟ وهل من عاقل يرضى مقارنة مواقف رئيس الحكومة التركية رجب طيب إردوجان من العدوان على غزة بمواقف العرب الرسمية؟


وإن ما يجري الآن أشد فداحة من التخلي المؤلم عن أهل القطاع المجاهد في محنتهم، فهنالك من يسعى الآن - أدرك ذلك أم لم يدرك - إلى تعويض العدو عن إخفاقه العسكري وعجز آلته الوحشية الفتاكة، بتقديم تنازلات جوهرية حاسمة كمكافأة مجانية للمجرمين. وتلك جريمة كبرى وكارثة سياسية وأخلاقية سواء أكان ذلك نتيجة إشفاق في غير موضعه على الشعب الفلسطيني أم بسبب رهانات خائبة على غلبة الغرب الحالية والظن العقيم بأنها مؤبدة ولا مفر منها!!


فمن يعيش هذه المشاعر الجبانة لا يعرف دينه حق المعرفة أو لا يؤمن به الإيمان الصحيح، بالإضافة إلى أميته المطبقة وجهله بألف باء التاريخ الإنساني، الذي يشهد بأن الأمم التي تستسلم لجبروت أعدائها وتقعد عن دفعه بما تستطيعه من قوة، تندثر أو تعيش ذليلة صاغرة يحتقرها العدو قبل سواه.


إن ما يثير غضب الحليم أن يثبت شعب غزة في وجه جيش الاحتلال المتغطرس، ولا يكتفي العرب ذوو الجيوش الجرارة، بالقعود عن أضعف الإيمان، بل إن بعضهم يعمل على التخذيل، ويدعو المقاومين إلى إلقاء السلاح والرضوخ لإملاءات أحفاد القردة والخنازير.
وإن من العار على عباس وجوقته أن يتأهبوا للعودة إلى غزة المدمرة على ظهر دبابات الاحتلال!! وهو حلم شيطاني لن يبلغوه بإذن الله.


وصدق الله القائل في محكم التنزيل: { كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [سورة المجادلة: الآية21].


http://almoslim.net/node/105381 (http://almoslim.net/node/105381)