المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر على هامش الروح ، من مقدمة أغنيات الصبا والرماد ، للشاعر الكبير د/عزت سراج



الإعلامية/أسماء
02-02-2009, 08:35 PM
عَلَى هَامِشِ الرُّوحِ


من مقدمة لديوان أغنيات الصبا والرماد


للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج

****
كُلُّهُمْ خَانُوكَ يَا عِزَّتْ سِرَاجْ ، وَغَدَرُوا بِكَ ، وَلَمْ يَصُونُوا لَكَ عَهْدَا ، وَلَمْ يَحْفَظُوا لَكَ وُدَّا ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَكَ وَعْدَا 0
كُلُّهُمْ خَانُوكَ ،
وكُلُّهُنَّ غَدَرْنَ بِكَ 0
أتَذْكُرُ تَايِيسَ ؟ أَمْ تُرَاكَ نَسِيتَ شَهْرَ زَاد ؟
أَتَذْكُرُ الْمُجَمَّعَ وَقَصْرَ الثَّقَافَةِ وَشَارِعَ الْبَحْرِ وَحَارَاتِ طَنْطَا الْقَدِيمَةَ وَالسَّيِّدَ الْبَدَوِيَّ وَالْحُسَينَ ؟ أمْ تُرَاكَ نَسِيتَ طَعْمَ الْخِنْجَرِ بَيْنَ ضُلُوعِكَ ، وَأَنْتَ عَالِقٌ فِي شِرَاكِهِنَّ لا تَسْتَطِيعُ مِنْهُنَّ فِكَاكَاً ، يَنْزِفُ جَنَاحَاكَ الْكَسِيرَانِ ، وَأَنْتَ وَحْدَكَ فِي ظُلُمَاتِ الْليلِ الطَويلِ لا يَغْمَضُ لَكَ جَفْنٌ ، وَلا يَفْتَأُ قَلْبُكَ الْجَرِيحُ يُرَفْرِفُ بَينَ جَنْبَيْكَ فِي جُنُون ؟
كُلُّهُمْ خَانُوكَ ،
وَكُلُّهُنَّ غَدَرْنَ بِكَ ،
وَلَمْ يَرْحَمْنَ ضَعْفَكَ ،
وَأَجْهَزْنَ عَلَى يُوسُفَ فِي وَضَحِ النَّهَارِ0
مَا الْذِي تَبَقَّى مِنْهُنَّ وَمِنْكَ سِوَى حُطَامِكَ بَينَ صَهِيلِ الْخُيُولِ وَهَدِيلِ الْحَمَامِ الْحَزِينِ؟
هَلْ كُنَّ إلا أَصْنَامَاً كَسَرْتَهَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ ؟
وَهَلْ كُنْتَ إلا لَحْظَةً مُدْهِشَةً فِي خَاطِرِ الزَّمَانِ مَاتَتْ؟
أَلَمْ تَمُتْ ؟
وَأَلَمْ يَمُتْْنَ ؟
أَعَادَتْ إِلَيكَ رُوحُكَ تَبْعَثُ فِي جَسَدِكَ عَبَثَ الأَحْلامِ مِنْ جَدِيد ؟
أَنْتَ انْتَهَيْتَ مِنْ قَدِيمٍ ، فَلِمَ عُدَّتَ؟
وَلِمَ تَسْمَحُ لِعَينَيْهَا أَنْ تَطُلَّ مِنْ عَينَيْكَ ثَانِيَةً؟
أَلَمْ تَقْتُلْكَ غَادِرَةً؟
أَلَمْ تَرْحَلْ وَقَدْ خَانَتْ ؟
لِمَ عُدَّتَ مِنْ مَوْتِكَ يَا عِزَّتْ سِرَاجْ ؟

***********
كُنْتَ فِي الْعِشْرِينَ يَوْمَ قَالَتْ لَكَ إِنَّهَا لَنْ تَرْحَلَ ،
وَ إِنَّهَا سَتَظَلُّ مَعَكَ000000
صَدَّقْتَهَا00000
كُنْتَ تَرَى فِي وَجْهَهَا حُلْمَكَ الْمُسْتَحِيلَ0000
وَكَانَتْ تَرَى فِي عَينَيكَ نِيلاً يَرْوِي قَرْيةً ظَمْأَى
يَحِنُّ نَخْلُهَا لِلسمَاءِ وَيَمُوتُ وَاقِفَاً0
00000000
أَلْقَتْ رُوحَهَا تَحْتَ السَّرِيرِ0
دَخَلَتْ غَيْبُوبَةَ الأَوْهَامِ،
وَعَلَّقَتْ بَقَايَا جَسَدِهَا النَّحِيلِ فَوْقَ مِقْصَلَةٍ0
خَلَعَتْ وَجْهَهَا ،
فَتَدَحْرَجَتْ رَأَسُهَا سَاخِرَةً مِنْ جَلادِهَا ،
وَبَصَقَتْ فِي أُذُنَيْهِ 0
غَرَسَتْ مَكَانَ عَينَيْهَا السَّاحِرَتَيْنِ ذَاكِرَةً حُبْلَى
بِعَشْرِ سِنِينَ أَوْ يَزِيدُ0
حَبَلَتْ نَادِمَةً
وَضَعَتْ فِي سُوقِ الْقَرْيَةِ مَوْلُودَا0
ظَلَّتْ تَجْرِي 0
اخْتَبَأَتْ فِي أَوْجَاعِ الرُّوحِ ،
وَانْدَاحَتْ أُغْنِيَةً بَاكِيَةً0
دَخَلَتْ حُجْرَتَهَا 0
أَخْرَجَتْكَ مِنْ عَينَيْهَا طِفْلا أَسْمَرَ يَعْرِفُ كَيْفَ يَبُوحُ إذَا جَنَّ اللَّيْلُ،
وَانْطَلَقَتْ أَجْنَادُ الأَرْوَاحِ0
قَالَتْ لَكَ:
مَا زِلْتُ أَنَا000
وَأَنَا مِنْكَ0000
أنْتَ وَحْدَكَ تُشْعِلُ جَسَدِي الْمُلْقَى عَلَى طُرُقَاتِ الْمَوْتِ
يَبْلَعُهُ رَصِيفُ الأَحْزَانِ0
وَحْدَكَ أَنْتَ كُنْتَ وَتَكُونُ 000
فَكُنْ لِي0
قَالَتْ لَكَ0000
كُنْتَ صَغِيرَاً
لا تَعْرِفُ طَعْمَ الْغَدْرِ
إذَا سَكَنَ السِّكِّينُ فِي ظَهْرِ يَمَامَةٍ0
************
الآنَ يَا أنْتِ !!!
مَاذَا تَبَقَّى لَكِ مِنْكِ ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى أُخْرَى سَكَنَتْ جَسَدَكِ ،
وَاغْتَالَتْ مَوَّالاً بَيْنَ ضُلُوعِكِ ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى حُلْمٍ مَاتَ ؟
سِوَى رُوحٍ خَرَجَتْ صَارِخَةً مِنْ جَسَدٍ
جَفَّتْ رَائِحَةُ التُّفَّاحِ عَلَى صَدْرِهِ ؟
وَأَلْقَى بَقَايَا لَيْمُونِهِ؟
هَلْ أَنْتِ سِوَى جَسَدٍ مَاتَ وَأَلْقَى وَرَقَهُ ؟

***********

كَيفَ أَصْبَحْتِ يَا أَنْتِ الْيَوْمَ ؟
غَادَرَ أَعْشَاشَهُ الْيَمَامُ ،
وَأَقْبَلَ الْخَرِيفُ ،
وَتَعَالَتْ ـ فِي رُدُهَاتِ النَّفْسِ ـ أَوْجَاعُ الرُّوحِ 0
الآنَ يَا أَنْتِ مَاذَا تَبَقَّى لَكِ مِنْكِ ؟
أنْتِ الآنَ لَسْتِ أَنْتِ
أَنْتِ وَحْدَكِ تَخْسَرِينَ 0
أَنْتِ وَحْدَكِ تَخْسَرِينَ 0
أَنْتِ وَحْدَكِ تَخْسَرِينَ 0

**************
وَأَنْتَ ـ وَحْدَكَ ـ يَا قَارِئِي تَكْسَبُ رُوحِي ،
وَهِيَ تَنْزِفُ شَاجِيَةً0
وَلَكَ ـ وَحْدَكَ ـ أَجْمَعُ أَوْرَاقِي
لَكَ وَحْدَكَ0
هِيَ مَاتَتْ0
لَكِنَّكَ أنْتَ تَحْيَا بَيْنَ ضُلُوعِي
أَنْتَ وَحْدَكَ 0
أَنْتَ وَحْدَكَ 0




هَامِشٌ أَخِيرٌ


*****


كُتِبَتْ مُعْظَمُ قَصَائدِ هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ فِي أَوَاخِرِ الثَّمَانِينِيَّاتِ وَأوَائلِ التِّسْعِينِيَّاتِ ، وَآثَرْتُ أَنْ تَبْقَى كَمَا هِيَ حَامِلَةً نَزْفِي لَعَلَّ مَنْ فَتَقَ الْجُرْحَ ، وَضَغَطَ الدُّمَّلَ يَشْعُرُ يَوْمَاً بِطَعْمِ السِّكِّينِ بَيْنَ الضُّلُوعِ 0












د/عزت سراج


2/1/2007م


من مقدمة لديوان أغنيات الصبا والرماد


للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج

الإعلامية/أسماء
17-11-2009, 03:18 PM
شكرا لكل الأصدقاء الأعزاء على مرورهم الكريم ولطفهم الذي ليس له حدود ، مع خالص تحياتي وتقديري .