المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر مَطَرٌ مِنْ نَار



hedaya
05-03-2009, 01:44 PM
|(*) مَطَرٌ مِنْ نَار (*)|


http://sarayablog.net/wordpress/wp-files/uploads/2009/03/rainfromfire.jpg


سَحابٌ يُعانِقُ حُمرَةَ السّمَاءِ ..
وَرِياحٌ تُطفِئُ قُرصَ الشّمس ..

تُمطرُ عيناي .. كَما تُمطِرهَا الذّكريَات دمًا وألمًا ..

غُبَار الوِحدَةِ الكَاوِي لَا يُفَارقُ نَبضهَا ..
يَختَبِئُ صدى صَوتُهَا بَين الألوَان القُرمُزِيّة ..
بِشغَبٍ يَتَسَلّقُ ذاكِرتَهَا .. وَبِعُنفٍ يَقتَحِمُهَا ..

الذكرَياتُ والأحلامُ تُسَابِقُهَا .. تَودُّ النّيلَ مِن جَوّ شَجَنِهَا ..
تُحَاوِلُ الهُرُوب مِنهَا .. تُسرِعُ خَلفَها ..
وَتَلتَصِقُ بشُرُودِها ..

تُسرع .. تَسألُ الأرضَ عَن حُبورٍ مَن تَحتَها ..
وَالسَمَاء عَن جَفوةِ البَشَر ..
تَمضِي بِلا إدرَاكٍ .. حيثُ الأجسَادُ النّائِمة ..
تَسألُهَا ما تَفعَلهُ فِي جُنونِ اللّيل ..

تَحاوِل النّومَ جَنبَها والسّفر مَعَها ..
لَكِنّهَا لا تَقوى .. إِلّا عَلى الدُّخُول إلَى الخَارِج ..
وَالتّقَدّم إِلَى الوَراء ..

فَالعَوْدَةَ لِبَعضِ رِوَايَاتٍ عَن أسْطُورَةِ الصُّمُود ..

وَلَا قُوّة لذَاكَ الجَسَد الهَزِيل وَلّا حولَ أمَام طَوافِ الحَنين ..

بَينَ عَاصِفةِ البُكَاءِ وَإلحَاحِ السُّؤال ..

أَسَتِجِفُ الدّمَاءُ التِي أمسَت عَلَى أرضِي أنهَارًا ؟!..

أسَيُقلِعُ دُخانَ السّمَاءِ عَن خَطِيئتِهِ فَتَخرُج عَن مَذهَبِ الْسَّوَاد ..
وَلَا تَضفِرَ خِصلَاتِ السَحابِ بألَمٍ وانهِيار ؟! ..

أَحقًا لَنْ يَهطُل مَطرٌ آخَرٌ مِنْ نَار ..
عَلَى زُهورٍ فِي عُنُقِ الصَّبَاحِ يُدمِيهَا الظّلَامُ والحِصار ؟ ..

أَلنْ تَتَعَلَّقَ الدِّماءُ مُجَدّدًا بِأغصَانِ الْزَّيتُون ..
وَتَقتاتِ مِن رُوحِي الرّغبَة بِالإنْفِجَار ؟! ..

عِدِينِي يَا سَمَاءُ أنَّ أوْرِدَتَكِ لَنْ تَخِرَّ مُجَدّدًا ..
لتَزُجُّ عُيُونَ الاصْرَار فِي بَحْرٍ مِن دَمٍ وَ نَار ..

* * *

تَهُزُّهَا رعَشَةٌ كُلّمَا رأتْ صُوَرَهُم ..
فَذِكْرَاهُم صَبَغَتِ الحَوَاس بِمَاءِ الأَلَمِ والجَفاءِ ..

هَاهِي الذَكرى تَعود بِفوضَى خَرسَاء .. وَصَمتٍ صَاخِب ..

غِوَايَةُ النّار.. وألسِنَةُ اللهبِ.. وحُمرَةُ السماءِ.. وزُرقَةِ العيونِ..
وَكَأنَّ حَدَثًا قَرِيبًا يُؤَذّنُ بِالرّحِيل ..

أَصرُخ .. ” أمِّي .. أمِّي مَطَرٌ مِنْ نَار ..
يَقْنُصُونَ الحَيَاةَ بِأَرْضِي .. أُمّي!.. أينَ الفَرَار .. ؟ ”

قُلُوبٌ تَهتِفُ بِالشَّهَادَةِ بِجَلجَلةِ اللّقَاء ..
وَقَلْبِي تَوَقّفَ مِن فَاجِعةِ التَّرَقُّبِ وَالإنْتِظَار ..

رَجْفَةٌ سَكَنَت نِصفَ جَسدِي .. وَالنّصفُ الآخَر عَاوََدَتهُ حُمَّى الإنْهِيَار ..
يُبعِدونَنِي مُرغَمَةً .. لِأحَدّقِ نَحْوَ الْضَّوءِ الأَخْرَس .. نَحوَ حَرَائِقِ المَطَرُ …
نحو أهلِي وَقَد زُجُّوا فِي رحِم الحَربِ لِيكُونُوا جَنِينَها الأَوَّل ..

تَتَلاعبُ بِي عَوَاصِفُ الخَوف .. وَتَقتَاتُ الرَّعدَةُ مِن أوْصالِي ..
لِأقتَرِبَ مِن الدِّفءِ المُهَشَّم ..

مِنْ عُمقِ المَطَر الكَاوِي .. ” لَا إلَهَ إِلّا الله .. مُحمّدٌ رَسُوُلُ الله ” ..

أهزُوجَةُ أَلَمٍ وَارتِبَاكٍ يُرَتّلُها جَسدِي كُلّما اقتَربتُ من فُوّهةِ البُركَان ..

” بُنَيتي، هُنَا الْنُّورُ وَالْنَّهَار ..
هُنَا الْأَرْضُ وَالإِسْتِقْرَارْ .. ”

تَصْهُلُ شِفَاهِي لتُعَلّقَنِي فِي السَّدِيمِ لحَظاتِ النّهَايَةِ ..

” ضُمِّينِي .. ”
فَمُحَالٌ أنْ تَترُكُونِي .. قَبلَ أنْ تَضمّوا قلبًا غَدَا دُونَكُم وَحِيدًا ..
مُحالٌ أنْ تَتْرُكُونِي جَمِيعُكُم ..

صَمْتٌ لَاغٍ ..
يَا لِغُربَةٍ هَذَا المَسَاء .. وَيَا لِصَخَبِهِ النّاقِمِ عَلي ..
بِذاتِ الوَجعِ بِين زَواياه ..

غُيُوم تَهطِلُ أشوَاكًا ..

شِفَاهِي مَحمُومَةٌ تَتدَلّى مِنهَا آهَاتٌ مُتَمَرّدةٌ ..
يَهزِمهَا الهَواء ..
فَتَعُودُ مِن حَيثُ أتَت .. بِارتِجافٍ هادِئ ..

جُدرانُ بيتِنا تَساقطَت ..
أرضُنا أضِحتْ مَسرَحًا تَلتَهِمُهُ النّيِران ..
وَ هَشِيمًا تَذرُوه الرّيَاح ..

كُلُّ شَيءٍ بِمدِينَتِي أعلنَ الارْتِطَام بِصَخبٍ أَصَمَّ العَالَمِين ..

* * *

يَصمُتُ اللّسان ..
يَعزُف عَن الكَلَام .. وَيحتَرفُ السُّكونَ الصَّاخِب ..
يَجِفُّ المِدَاد ويَرفِضُ التَعبِير عَن ذَاتِه .. عَن نَفسِه .. عَن ألَمِه ..
تَغدُو النّظَرَاتُ حَزِينة .. وَتتَحوّلُ الإبتِسامَةُ إلَى مَزِيجٍ مِن الألم ..
وَشُعورٍ بِين الرّضَا، والأمَل، وقلة الرغبة، ..

بِدمُوعٍ تَأبَى الهُطُول والانْحِباس ..
بِأوجَاعٍ صَامِتَةٍ .. تَنحنِي الطّفلَة كَقَشّةٍ عَلى أشْلّاءٍ الشُّهَدَاء ..
تُعطِرُ نَفسَهَا بِدمَائِهم الزّكِية ..
وَتُكَحِّلُ عينَيهَا بالنّظَرِ إِلَى وُجوهٍ مِن الجنّة ..

وَتُكَفّنُ البَراءَةُ بِأزهَار اليَاسَمِين ..
وَتَمُدُّهَا إلى الثّرى بِانكِسَار ..

وَتسدِلُ أهدَابَها إلى اللُحودِ، وَتَستَنْشِقُ مِنْ بَينِها عَبيرَ المِسكِ ..

وَيَرتَسمُ شيءٌ من الأسَى لِعَيني صَغِيرةٍ أهلَكتهُمَا الحرب ..
تَرفَعُ كَفَّيها مُستَنجِدةً .. بِصمتٍ خَاشِع يبتَلِعُ المَسَافَة بَينَ التَّنَفُّسِ وَالاخْتِناق ..

عَلَى رَبوةٍ مِن رُكام .. تَرقُبُ حَمامَتين ظلَّتا مِن سِرب الحمَام الفّار ..
تُردّد لهُمَا .. أنَّ غَزَّةَ مُرعِبة .. تَسكُنُهَا ظِلَالُ الاحتِلالِ، وَعَرْبَدةُ مُخيّلاتِهِ..
قَريبًا سَتسقُطُ رَايَاتُهم .. وَتَنصهِرُ أمنِياتُهم ..

لِأنّهم حَلّقُّوا بسِمَاءٍ لا يُدرِكونَ مَعالِم أرضِهَا وطُمُوحاتِ أبنائِها ..
لأنّهم احتضَنُوا مَدِينتَنا لِيُمَزّقُوهَا بِثَوانٍ بِنارٍ السّنِين ..
لِكنّها أَبت إلّا أنْ تكْوِي وُجوهَهُم .. وَتروِي أسطورةَ عارِهِم و خِزيهِم ..

غّزّة .. لَن تَكون أبَدًا إِلّا شَوكَةً فِي حُلوقِهم ..
مَقبرةً لأهْدَافِهِم .. وَأقسِم أنّها مَملكةٌ لرُعبِهِم وَ أحزَانِهِم ..

وَجَعٌ حَتَى آخِر المَسَارات يَكْتَنِف الصّغِيرة ..

رُبّمَا .. تَسَلّقَتْ عَنَاكِبُ الوِحدة عَلَى جُدْرَانِ عَقْلِهَا الصّغير ..
لَكِنّه ..
ظَلَّ صَامِدًا .. فِي وَجهِ المَطَرِ بِتَحَدٍّ وَ ثَبَاتٍ ..!

وَابتسَمت بعيونٍ مُمتلِئةً دَمعًا ..

“هَاكُم كفِّي .. إلَى الجَنّةِ معَكم سـ أمْضِي .. ” ..

وَمضَت ..!

* * *

طِفلَةٌ نَاجِية ..






بقلم وريشة:
hedaya

abadeam
06-03-2009, 11:05 AM
والله بارك الله فيك يا أخونا

Frozen Secret
06-03-2009, 12:44 PM
الموضوع مكانه بقسم النثر والخواطر -____- "

تسلمي على الموضوع الحلو لكن يا ريت تدققوا على المكان الصحيح قبل الطرح

شكرا

The Dark Moon
08-03-2009, 08:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ينقبل الموضوع من قبلي الى القسم المخصص

بالتوفيق ..

اختكم

shjoonal3in
09-03-2009, 11:44 PM
أهلاً بك ... هداية ...

رااائع جداً ما خطه قلمك هنا .... (:


...

ولكن .... ملاحظة .... الموضوع منقول
يرجى مراجعة قوانين القسم (http://www.montada.com/showthread.php?t=487758) (:

hedaya
10-03-2009, 11:35 AM
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته


هلا أوضحت لي أخي الفاضل من اين تم النقل؟ قمت بنشر الموضوع في عدد من المنتديات، ويمكنكم التأكد من ذلك من إسم المعرّف الذي نشر به الموضوع في المنتديات الأخرى.. فالموضوع منشور بإسم hedaya فيها جميعاً

جزاكم الله خيراً على مروركم

Amanda~
10-03-2009, 08:01 PM
تُسرع .. تَسألُ الأرضَ عَن حُبورٍ مَن تَحتَها ..
وَالسَمَاء عَن جَفوةِ البَشَر ..
تَمضِي بِلا إدرَاكٍ .. حيثُ الأجسَادُ النّائِمة ..
تَسألُهَا ما تَفعَلهُ فِي جُنونِ اللّيل ..

تَحاوِل النّومَ جَنبَها والسّفر مَعَها ..
لَكِنّهَا لا تَقوى .. إِلّا عَلى الدُّخُول إلَى الخَارِج ..
وَالتّقَدّم إِلَى الوَراء ..

جميل جداً وصفك لمشاعر طفلة طال صمتها
وقد حان وقت بوحها
شكرا جزيلاً على مشاركتنا خاطرتك المميزة

shjoonal3in
10-03-2009, 10:19 PM
هلا أوضحت لي أخي الفاضل من اين تم النقل؟ قمت بنشر الموضوع في عدد من المنتديات، ويمكنكم التأكد من ذلك من إسم المعرّف الذي نشر به الموضوع في المنتديات الأخرى.. فالموضوع منشور بإسم hedaya فيها جميعاً

أعلم ذلك ...
< ولكن وجب علينا التنويه للحفاظ على الحقوق ... (:

ملاحظة ... الموضوع يعتبر منقول ...
إذا كان صاحبه قد شارك به في منتديات أخرى ...
...

عموماً ... الموضوع لم يغلق ... بما أنك صاحبته ...
ليبقى المجال مفتوح للردود من الجميع (:

سيف الكلمة
12-03-2009, 12:28 PM
مشكورة دارك على إيصال الموضوع إلى هنا
الصراحة هنا لي وقفة .. وقد قرأت الموضوع عدة مرات
ووجدت فيه شمولية من عدة نواحي أدبية كالصور التعبيرية واستخدام المرادفات اللغوية
والموضوع يستحق أكثر يكثير من مجرد ثناء ورد متواضع كردي ( تم التقييم )
وكلما حاولت اقتباس مقطع أعجبني الذي يليه .. خاطرة تستحق المميزة
شكرا أختي هداية على هذه الدرة النفيسة
بانتظار جديدك
تحياتي
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,

أنــفــاسـ
12-03-2009, 01:00 PM
حروف تتساقط وجع .!
بها الكثير من النزف
ونهاية حروفك جدا جميله


في انتظار مشاركتك القادمه


بالتوفيق


تحيااااااااتي

Arisa
12-03-2009, 01:40 PM
جميلٌ جداً .. ما خط قلمكِ عزيزتي هداية =]

أثريتي النص معاني ,.. وألفاظ مثخنة بـ الألم ..
رسمتِ النص صورة .. صورت لنا الحال والمآل بوضوح ..



رَجْفَةٌ سَكَنَت نِصفَ جَسدِي .. وَالنّصفُ الآخَر عَاوََدَتهُ حُمَّى الإنْهِيَار ..
يُبعِدونَنِي مُرغَمَةً .. لِأحَدّقِ نَحْوَ الْضَّوءِ الأَخْرَس .. نَحوَ حَرَائِقِ المَطَرُ …
نحو أهلِي وَقَد زُجُّوا فِي رحِم الحَربِ لِيكُونُوا جَنِينَها الأَوَّل ..

تَتَلاعبُ بِي عَوَاصِفُ الخَوف .. وَتَقتَاتُ الرَّعدَةُ مِن أوْصالِي ..
لِأقتَرِبَ مِن الدِّفءِ المُهَشَّم ..

مِنْ عُمقِ المَطَر الكَاوِي .. ” لَا إلَهَ إِلّا الله .. مُحمّدٌ رَسُوُلُ الله ” ..


جزءٌ كبير من نصكِ .. اقتنص طريقه إلى شغاف القلب ..

جزيتي خيراً على مشاركتنا إبداعكِ ..

تقبلي سلامي