المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية أمها تروي قصتها : زوجة الظواهري كانت تقضي الليل في الصلاة و قراءة القرآن



abeosama50
09-01-2002, 08:09 PM
عزة أنور نوير، خريجة قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، التي صارت زوجة ثاني أكثر مطلوب في العالم، وهو أيمن الظواهري، نائب أسامة بن لادن.. و قد نشأت عزة كزوجها في ظل أسرة من الطبقة الوسطى التي لا تعاني أزمات مالية، ولا مشكلات اجتماعية، إذ ولدت في فيلا بحي الدقي الهادئ، ثم انتقلت مع أسرتها في عمارة أسستها في حي المعادي، بالقرب من فيلا أسرة زوجها أيمن الظواهري.
ولعل الجميع باتوا الآن يعرفون من هو أيمن الظواهري وحكايته كاملة، لكن قليلين فقط هم الذين يعرفون شيئا عن زوجته، التي قيل أنها لقيت ربها مع أطفاله في قندهار.. وتصفها مصادر الإسلاميين في مصر بأنها "كانت نموذجا للمرأة المسلمة الصالحة"، أما أسرتها فتقول إنها "ارتضت أن تعيش وأطفالها حياة قاسية لقناعتها بأن ما يفعله زوجها صحيح، وأنه الحق".

و قد التقى مراسل إيلاف نبيل شرف الدين مع والدة عزة، السيدة نبيلة جلال المديرة السابقة في وزارة الشئون الاجتماعية، ووالدها أنور نوير المحامي المعروف في مصر و أجرى هذا الحوار.
و يقول المراسل :كان الحزن سيد الموقف، يخيم على المكان، والوجوه والأشياء.. وخلال دقائق يتسرب إليك ذلك الحزن النبيل.. الذي لا يملك المرء سوى احترامه بصرف النظر عن أي خلافات في الرؤى أو الدوافع.. قطعت الأم ذلك الصمت الذي ساد دقائق، وبدأت الحديث قائلة: ابنتي تخرجت في العام 1977 في كلية الآداب بجامعة القاهرة، قسم الفلسفة، كانت إنسانة غاية في الهدوء والالتزام، وكانت متدينة حتى قبل زواجها من أيمن الظواهري بعدة سنوات، وتحديداً وهي في السنة الثانية في الجامعة حين ارتدت الحجاب وبعده النقاب.. وكنا نطلب منها أن تكتفي بالحجاب ورفضت بشدة كانت شديدة التدين تقضي وقتها في الصلاة وقراءة القرآن.. وتهدج صوت الأم وهي تتذكر سنوات شباب ابنتها.. ومضت قائلة: كانت تقضي الليل في قراءة القرآن وكنت استيقظ في الصباح وأجدها ملقاة علي السجادة والمصحف بيديها كانت تنام من شدة التعب وهي تصلي لم يقترب منها أحد إلا وأحبها.. كانت تفعل كل شيء لوجه الله حتى إنها كونت مع صديقاتها "جمعية خيرية" صغيرة، كن ينتجن بعض المشغولات اليدوية التي يجدنها ويقمن المعارض لبيع إنتاجهن والتبرع بالعائد للمحتاجين.. كل حياتها في عبادة الله فقط ولم يكن لها أي اتجاه فكري سياسي قبل أن تتزوج أيمن.. تقدم كثيرون لخطبتها من العائلة والمعارف كلهم في مراكز راقية ويتمتعون بالثروة والمستويات الاجتماعية الراقية.. ولكن كلهم تقريبا اشترطوا أن تخلع "النقاب"، وتكتفي بالحجاب .. ورفضت هي بكل هدوء أن تتخلى عن النقاب حتى تقدم لها أيمن عن طريق بعض المعارف.. هو أيضا كان يبحث عن عروس متدينة وترتدي النقاب وتم التفاهم بينهما سريعا خاصة أن بين عائلتينا.. علاقة قرابة ومصاهرة وأقيم حفل زواجهما في فندق شبرد وكان فرحا إسلاميا، لم يتم التقاط أي صور فيه بناء علي رغبة العروسين، وقد زرتها في باكستان عدة مرات كان آخرها عام 1990، وكانت تتصل بي على فترات متباعدة، كل ستة شهور على الأقل.
وفي آخر رحلة رأيتها شعرت بألم لم أشعر به من قبل لفراقها.. كنت أشعر بإحساس الأم أنني لن أراها مرة ثانية.. وأصابتني الذبحة الصدرية.

ولعل أكثر ما يؤلم الأم هو ذلك البصيص من الأمل بأن (عزة) قد تكون علي قيد الحياة مع أبنائها.. ولعل هذا ما جعلنا نؤجل نشر النعي الخاص بهم.(نشر النعي منذ فترة في صحيفة الأهرام ) المفكرة
وهو التساؤل الذي طرحته علي الأم:

* لماذا لم يكن هناك نعي يحمل اسم أسرة عزة؟
ـ كتبنا النعي بالفعل حتي إننا قمنا بسداد قيمة نشره ولكن نصحنا البعض بالتمهل حتي نتأكد من وفاة عزة وأبنائها فنحن لا نملك سوي متابعة الأخبار المنشورة وما تعلن عنه الفضائيات.. وبقلب ملهوف تماما.. تابعت: قد تكون تلك الأخبار خاطئة.. وتكون هي وأبناؤها علي قيد الحياة.. ولذلك أجلنا نشر النعي..

* هل تعتقدين أن (عزة) لم تكن في المنزل الذي تم قصفه.. أو إنها قد تكون خارج أفغانستان كلها؟
ـ بصراحة وبما أعرفه عن ابنتي.. أنها لا يمكن أن تترك زوجها وأولادها أبدا أو أن تفترق هي وأبناؤها عنه فهم كانوا شديدي الارتباط معا بشكل غير عادي يتنقلون معا ويتحركون معا.. وهي كانت مؤمنة وبشدة أن المرأة لابد وأن تتبع زوجها في كل مكان وتوفر له كل سبل الراحة.. فإذا كان أيمن في أفغانستان فهي بكل تأكيد معه.. وإذا كانت هي في قندهار فلابد أن يكون أيمن قريبا منهم جدا.. لقد عشت معهم فترات طويلة وأعرف كيف تسير حياتهم وعقلي يميل إلي تصديق الأنباء التي يتمني قلبي أن تكون كاذبة، لقد رأيت أحفادي جميعا ما عدا "عائشة"، الابنة الأخيرة التي سمعت إنها انجبتها وعمرها في وقت الحادث عامان ونصف العام تقريباً.

كيف سارت الحياة في منزل ابنتك مع زوجها د. أيمن الظواهري ؟
ـ بعد أن تزوجت ابنتي.. جاءت قضية اغتيال الرئيس السادات والقبض علي أيمن، وأثناء قضائه فترة السجن.. عاشت معي وأنجبت ابنتها الكبيرة فاطمة وظلت حتي خروجه من السجن.. وسفره إلي السعودية للعمل في مستشفي هناك حتي لحقت به ووقتها كانت حاملا في ابنتها "أميمة"، وسافرت إليها لأحضر ولادتها الثانية، ثم عدت إلي مصر.. وفي أحد الأيام جاءني خطاب منها شعرت وأنا أقرأ كلماته بألم شديد في قلبي كتبت لي بأنها ستسافر إلي باكستان مع زوجها.. كنت أتمني أن لا تذهب إلى هناك ولكن لا يمكن لأحد أن يمنع القدر.. وهي كانت تعلم جيدا حقوق زوجها عليها وواجبها نحوه لذلك كانت ستتبعه حتى آخر العالم، ثم سافرت إلي بيشاور مع زوجها.. ولم أجد حلا لكي أراها سوي أن أسافر إليها.. سافرت إليها ثلاث مرات.. كانت آخر مرة عام 1990، ولم استطع بعد ذلك أن أتحمل مشاق السفر بعد أن أصابتني ذبحة صدرية أثناء عودتي إلي مصر وأنا في مطار كراتشي وكانت معي "فاطمة" ابنتهما التي أحضرتها معي إلي مصر وقضت شهرا علي وعد أن أعيدها إليها بنفسي ولكن منعني مرضي فأعاد فاطمة إلي باكستان جدها والد عزة.
جاءت فاطمة إلي مصر.. وكان عمرها وقتها حوالي عشر سنوات أو أكثر قليلا زارت عائلتها وتنزهت في كل مكان ثم أعدناها إلي بيشاور ولم أرها منذ ذلك الوقت.

مرة أخرى.. صمتت والدة زوجة الظواهري قليلا التقطت فيها أنفاسها بصعوبة.. ثم عادت لتقول بصوت متهدج: عزة ابنتي كانت في طفولتها هادئة جدا ووديعة ومتفوقة في دراستها وأبناؤها كانوا مثلها أيضا.. عندما كنت معهم في باكستان كانت تتحدث كثيرا عن حنينها إلي مصر والأهل والأقارب.
وبدا صوت الأم معبراً عن مشاعر مختلطة وصادقة وهي تقول: لا أنسي أول مرة رأيت فيها عزة بعد غيبة طويلة عندما ذهبت إليها في باكستان في أول مرة كانت تنتظرني في المطار ومعها بناتها الثلاث صغيرات يرتدين الحجاب.. ابتسمن لي لن أنسي ابتسامة هؤلاء الأطفال ابدا.. تصمت قليلا ثم تسألني.. معقول ؟.. يموتون جميعا ؟.. وفي لحظة واحدة !، ثم تمسك زمام مشاعرها وتضيف: "الحمد لله نحن صابرون على قضائه".. سألتها:

* بعد عودتك من باكستان آخر مرة عام 1990 هل انقطعت الاتصالات بينك وبين عزة وأولادها نهائيا؟
عندما عدت كانت معي (فاطمة) وظلت هنا لمدة شهر كانوا يتصلون بها فهي المرة الأولي التي يفترقون فيها عن ابنتهم.. ومن بعدها لم استطع السفر مرة أخرى لمرضي.. وفي البداية كانت تحدثني أحيانا في التليفون وبعد أن ازدادت الأمور تعقيدا كانت تصلني أخبارها متناثرة.. أحيانا تصلني فيها ورقة تطمئني فيها علي نفسها، وأحيانا مكالمة هاتفية قصيرة.. ومنذ أحد عشر عاما لم أرها، وكانت كل أمنيتي أن أراها قبل أن أموت.

و يمضي المراسل قائلا :من فرط الهدوء الذي كان يحاصر المكان، لم أشعر بدخول والد زوجة الظواهري، المحامي أنور نوير، كان الرجل يسير بصعوبة متكئا على عصا.. لأنه يعاني من مشكلات مرضية في ساقه وقدمه، وسبق له أن أجري عدة عمليات جراحية بهما، ولعل ذلك كان من ضمن الأسباب التي منعته من مصاحبة زوجته في زيارة ابنتهما منذ أن أعاد إليها ابنتها فاطمة بعد زيارتها للقاهرة.. وتركته يتحدث عما حدث في زياراته لابنته وزوجها في باكستان، فقال:
زرتها ثلاث مرات تقريبا كانوا يعيشون في هدوء شديد وكانت هي سعيدة جدا بحياتها مع زوجها وأطفالها.. لم أر شخصا غريبا يدخل المنزل ولم أعرف علاقة أيمن بما يسمي تنظيم الجهاد وانه زعيم وله علاقة بأي فكر سياسي.. ولم يكن يتحدث هو أبدا عن أفكاره داخل المنزل.. وكل تصوري أنه فضل الإقامة في باكستان، لأن هناك أتيحت له الفرصة لممارسة عمله الذي يحبه في الجراحة العامة بعد أن ترك المستشفي الذي كان يعمل به في السعودية لأنهم أصروا هناك أن يعمل كممارس عام وإلي جانب ذلك كنت أتصور أن أسباب ابتعاده عن مصر بسبب تجربته في دخوله السجن وقضاء ثلاث سنوات فيه.

* سألت الأم مجدداً: عشت مع ابنتك وزوجها فترات طويلة في زياراتك لها.. فكيف تتصورين وقع خبر وفاة أبناء وزوجة أيمن الظواهري عليه ؟
ـ كما أعرفه وما أعلمه عن الارتباط الشديد الذي كان يجمع أيمن بأسرته ومدى ارتباطهم به.... وأكملت لم أنس أبدا صوت عزة ابنتي وهي تحدثني في التليفون من أربع سنوات وكانت أول مرة تحدثني فيها منذ فترة طويلة وآخر مرة أسمع صوتها أيضا.. كانت مكالمة مقتضبة لم تقل لي عن مكانها ولم أسألها.. اطمأننت علينا فقط وحدثت والدها كانت المكالمة في شهر رمضان، وأبلغتنا فيها أن فاطمة تزوجت، وأنها الآن حامل.. وعندما سألها والدها.. تزوجت بمن.. قالت له من "رجل طيب" من دون أن تفصح عن الاسم، وقالت لنا إنها هي أيضا حامل.. ونعتقد أنها أنجبت بعد ذلك طفلة وأسمتها عائشة.
ولم يستطع الأب أن يتمالك نفسه أكثر من ذلك.. وبصوت مختنق بالدموع قال: "إن (عزة) لها شقتان فاخرتان باسمها في المعادي، وإنه كان يتمنى أن تعود إلي مصر لتعيش فيها بجانبه، وتقضي معه ما تبقي له من أيام في الدنيا.. كان هذا هو أملي الوحيد".. ولكن ذلك لم يحدث ويبدو أنه لن يحدث.