المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر قناع ملوّن على وجه الحقيقة المشوّه !



رفعت خالد
17-03-2009, 04:26 PM
قناع ملوّن على وجه الحقيقة المشوّه !


http://ektob.com/uploads/k/khalidrifaat/48129.jpg


بسم الله الرحمن الرحيم


إن الفكرة الجميلة و هي تتجلى في الذهن و تعبق الفكر برائحتها العطرة لأجمل و أكمل و أبهى و أنقى مما ترمز له في الواقع. سواء كانت هذه الفكرة شخصا ما كالزوجة أو معنى معينا كــالطب أو العبقرية.. و لو اقتربت من ذلك الشخص لوجدته مملا، تافها. و لو لامست ذلك المعنى حقيقةً لألفيته قاسيا، خشنا !

فمثلا، لا وجود للزوجة المثالية و لا لتلك الحياة الفردوسية التي يتخيلها الشاب في أحلامه الهنيئة، الباردة، المليئة بالفيلات الفخمة المطلة على البحر و بالزوجات الفاتنات، الخاضعات اللاتي لا يتذمرن و كلهن حب و رقة و جمال.

لا وجود لكلية طب يدرس بها طلاب يرتدون بذلات سوداء أنيقة، و أنت بينهم يلمع شعرك الأسود، الأملس و تنفرج شفتاك دوما على ابتسامة فاتنة و أنت ممسك بكتب جديدة تحت إبطك و الكل يرجوك أن تتصدق عليه بمعلومة من معلوماتك النادرة و الفتيات يغازلنك و يمتدحن عبقريتك !

لا وجود لذلك العبقري السعيد الذي حيزت له الدنيا كلها كما حيز له الذكاء و النبوغ، و الذي مجده الناس من طفولته حتى شيخوخته. بل إن كلهم قد عرفوا أقسى ما عند الحياة و منهم من لم يدري الناس بوجوده حتى ابتلعته الأرض، تعيسا. و لكن العبقرية تبقى تلك الزهرة العالية جدا و التي نكتفي بالنظر إليها بانبهار !

إن النقص و الضعف و الأنانية و العدوان مرادفات مناسبة للواقع، و ما الأشعار الرومانسية و اللوحات البديعة و القصص الخيالية و المسرحيات الكوميدية إلا محاولات يائسة للفرار و للتغيير اندرجت تحت ما يسمى بالفن و الأدب. و سيظل الذهن يصوّر الكمال و يخترع الجمال و ينخدع بالصور و ما ظهر من الأحوال.. في حين أن كل شيء يسير في الواقع بنظام الترقيع و الاستعاضة، و غدا التظاهر موهبة تكتسب و علما يعلّم و منهجا يُنتهج.. فتجد التظاهر بالأدب و التظاهر بالعفة و التظاهر بالشرف و التظاهر بالإيمان و التظاهر بالنبل و التظاهر بالقرف و التظاهر بالعلم و التظاهر بالحكمة و المعرفة و الملل.. كل شيء مفبرك و مفتعل، و لو سمحوا للحقيقة بالظهور لصدمتك لتباينها و تعارضها مع ما كانت تتدثر به من جمال و رونق و بهاء.

فالخطيب يتحول- فجأة - إلى فارس أحلام و بطل مغوار و شجاع لا يشق له غبار و هو يتحدث ممسكا يد خطيبته التي تكاد تبكي من فرط الانبهار و.. السذاجة.

و الأستاذ الذي كان و هو طالب يُضرب به المثل في الغش و الاعتماد على الغير تراه يتبختر و يتحدث بفخامة و علوّ ما كان ليتحدث بهما إينشتين في محاضراته.

و الفتاة تراها تتفل و تتذمر و تلعن الرجال و تدعو عليهم بالهلاك و الدمار الشامل و بسريرها ليلا تجدها تذرف الدموع و تندب حظها العثر مع الشباب و تدعو الله في تضرع و خشوع أن يهبها ذكرا.. كيفما كان !

و كم مرة فوجئت برؤية الوجه القبيح المشوه للحقيقة، عندما ينزلق القناع فوق وجه أحدهم لأرى جزئا من.. البشاعة.


رفعت خالد

LongJohnSilver
19-03-2009, 12:13 AM
لا وجود للحياة المثالية الجميلة ، ولا ليوم ٍ دون هموم. أنا معك في ذلك.

وإن أحدنا إذا نزع عن نفسه قناع الوقار والإنسانية يبقى القبح والبشاعة ، لهذا السبب ميزنا الله بالعقول. على أحدنا استخدام عقله وعدم إظهار الصفات السيئة ، وذلك يكون بالتقوى ومخافة الله والعمل الصالح. وإن حسن معاملة الناس كان من خلق النبي صلى الله عليه وسلم.

والأمور التي ذكرتها أنت هي حال الدنيا ، لكن لا يمكنك منع الناس من الفرح ، ومن السعادة ، ومن الأحلام ، ومن التخيلات ، ومن التفكير. لعل تلك الأمور تجعل الحياة جميلة ومحتملة في بعض الأحيان.

هذه هي الحياة ، وهؤلاء هم عامة الناس. إما أن تعيش مثلهم وتفرح مثلهم وتحزن مثلهم وترضى بما قسمه الله ، وإما ألا يعجبك ذلك وتعيش في هم وغم باستمرار ، وفي هذه الحالة أضمن للشخص بأنه سيعيش حياة ضنكى. لاحظ معي بأن الانتحار خيار غير وارد ؛ لأن المنتحر يذهب إلى جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.

لا أرى مشكلة في الفرار من الواقع عن طريق قصة أقرؤها ، أو عمل أتابعه ، أو مسلسل كرتوني أعيش أجواءه لبرهة من الوقت ، أو شريكة حياة يمكنني البقاء معها لحظات جميلة نتناسى فيها كل شيء (رغم احتمال خلافنا في نفس اليوم معاً) قبل الاستيقاظ في اليوم التالي بهمومه ومشاكله. الضغط يولد الانفجار ، وعلى أحدنا أن يرتاح في وقت من الأوقات.


فالخطيب يتحول- فجأة - إلى فارس أحلام و بطل مغوار و شجاع لا يشق له غبار و هو يتحدث ممسكا يد خطيبته التي تكاد تبكي من فرط الانبهار و.. السذاجة.
ربما كانت سذاجة ، لكن لو أن كل فتاة كانت واعية 100% لما تقوله أنت ، وتعاملت مع موضوع الخطبة بعملية وجدية ، صدقني لصارت الخطبة أمراً كريهاً جداً ، ولزادت حالات الطلاق إلى ربما 95%.
هي وهو يشقان الحياة ويتعلمان منها ، وربما تعرف هي ذات يوم بأنها كانت ساذجة ، وربما يراها البعض براءة أو عفوية بدلاً من السذاجة. حتى في هذه الأمور تختلف وجهات النظر.

دمتَ بود ، رفعت خالد.

shjoonal3in
19-03-2009, 03:27 AM
رائع جداً ما كتبته أخي رفعت من فلسفة ...
صورت جزء كبير من الحقيقة -أو ما نعته في نهاية حديثك بالبشاعة- بمــهارة ...
حسناً لنتفائل ونقول (نرقع!) ...
أن النقص والضعف والخ هي صفات الانسان والدنيا ...
و الجمال موجود ويشعر به الانسان عندما يعرف نقصه و يفهم مواطن ضعفه ...
و يسعى لفهمها و لتغييرها أو التعايش معها ...
و ... و ... الحقيقة ... أن لا شيء يكتمل في الدنيا ... هذا ما نسلم به !
أتفق مع الكثير ... مما ذكر هنا ... وأعجبني بالذات


في حين أن كل شيء يسير في الواقع بنظام الترقيع و الاستعاضة، و غدا التظاهر موهبة تكتسب و علما يعلّم و منهجا يُنتهج.. فتجد التظاهر بالأدب و التظاهر بالعفة و التظاهر بالشرف و التظاهر بالإيمان و التظاهر بالنبل و التظاهر بالقرف و التظاهر بالعلم و التظاهر بالحكمة و المعرفة و الملل.. كل شيء مفبرك و مفتعل

بانتظار جديدك دائماً .... (:

طه الزروق
19-03-2009, 09:32 PM
ها انت يا اخي خالد....
قررت ان تكتب هدا النوع الدي احبه...لم تخبرني بنيتك هاته في دردشتنا الاخيرة...
جميلة و الله...و انا متفق معك...
لان حال الدنيا ناقص معوج...
و لو كتب لها التمام...
فكيف بالجنة ان تغري العابدين...
...
و لو كتب الكمال لاهل الارض...فكيف باهل السماء...
فكيف بخالق الكمال...
****
نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا
****
لقد ترك الله الكمال للاخرة...و لاهل الاخرة...
***
احبك في الله اخي خالد

ياسمين الشام
19-03-2009, 11:40 PM
لو وضعنا في أذهاننا ما قلت وجعلناه مقياساً لكل ما نفعل في حياتنا
لكانت الحياة كارثة!!
وربما من نعم الله علينا أن ننظر في بعض الأحيان إلى الأشياء الجميلة فقط في الحياة..
تخيل ألا تتزوج الفتيات لأنهن يعرفن أن جميع الشباب كاذبون
وألا يفعل الشبان ذات الشيء لنفس السبب
أن نعيش بواقعية ..
فلا نفرط في الخيال ولا نغرق في بؤس الحياة وننسى القليل الجميل فيها..

جميل ما كتبت وإن كان يغالي في الوقعية والسوداوية..
أوافق طه فيما قال ..
وإلا فلماذا الجنة ثمينة جداً..
عسيرة جداً..

تحياتي لك..
بالتوفيق لك سيدي..^_^

Sander
22-03-2009, 01:19 AM
السلام عليكم

حقيقة.. لسنا نستطيع العيش بدون أقنعة..
المجاملة، التمثيل، التصنع، الإدعاء ... الخ كلها باتت شكليات لا غنى لنا عنها..
كلها مكملات لذك النقص الذي نشتكيه ليل نهار و مادام الزمان..
عبثاً نحاول إتمامه و لا سبيل لإتمامه..

لو أننا نقبل الحقيقة لما تفننا في وضع الأقنعة..
كلنا يعلم أن الحقيقة مرّه و ليس من السهل التلفظ بها..
كلنا يقبل هذا الواقع و يلعب دوره المتوقع كما يحب ليرتقي بين الناس فلا يغدو ناقصاً كما البقية!

أي عقلٍ نخدع؟ نتباهى أمام الغير لنشير لما يعانون من نقص و نحن نعاني مثل ذلك..

تعبير جميل، يعطيك العافية
تحية