المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التظاهر بالبؤس !



رفعت خالد
24-03-2009, 06:31 PM
التظاهر بالبؤس !



http://ektob.com/uploads/k/khalidrifaat/48497.jpg



إن طبيعةالحياة المتقلبة من شأنها أن تصيب الإنسان من حين لآخر بصدمات و كدمات بعضها لا يزول أبدا. و أنا أتحدى أي شخص - متعجرف - يدّعـي أنه سعيد دوما و لا يجد بحياته نكدا و عسراً !


و لحكمة لا يعلمها إلا الله جل في عُلاه تختلف وطأة الصعوبات على المرء و أخيه. فتجد الذي يفقد عقله بسبب تكالب النوائب عليه و غياب المساعدة من لدن المحيطين به ، و الذي يُشلّ نتيجة صدمة كانت أقوى منه فلم تتحملها أعصابه المرهفة !


قد تظنون بأني أبالغ و أضخّم الأمور و لكن ما قلته تعرفونه بالتأكيـد و مليئة به الجرائد و المسلسلات ، فدعونا صرحـاء..


كلنا نصـاب بخيبات أمل قاسية عندما يتبدد حلم كنا نصبو إليه و نمنّي أنفسنا به في أحلام النوم و اليقظة ، هذا شيء بديهي. و لكن من غير اللائق أن نجرح مشاعر الآخرين و نتعـالى عليهم بطريقة غير مباشرة.


سأوضّح كلامي..


قال أحدهم بنبرة تذرف لها الأسود دموعا : ( يا إلهي ، أنا في ورطة حقيقية. لا يوجد أحد في مثل حالة الاكتئاب التي أنا فيها ، لقد ضاعت حياتي. سأتخرج الأسبوع المقبل من كلية الطب - دكتورا - و أنا أعشق الكمبيوتر ، فما العمل ؟ يا ربي ارحمني ! ).


و الله ؟!..


من حقك يا أخي أن تتألم على ما يخصك و تندم على ما فعلت.. هذا أكيد، و لكن ليس أي مقام ملائم لهذا المقال ! لا تضحك على ذقون الآخرين و لا تقلل من ذكائهم. فأنت تعرف أن من بيننا من لم تتح له الظروف للالتحاق بأبسط الكليات و أحقرها. و كلامك هذا سيحسّس هؤلاء بالضياع و الاندثار. فإذا أشفق دكتور من مستقبله العملي ماذا سيفعل هؤلاء المساكين ؟.. يدسون ألغاما تحت ألسنتهم ؟!


و ما معنى أن يقول أحدهم و هو يطوح رأسه في يأس : ( الحياة ليست رائعة لدى الكل ، هذا أكيد. و الذكاء نعمة مغبون عليها أصحابها ). و لما تسأله عن الذي يجده في نفسه يخبرك أنه يشك في السؤال الأخير من امتحان في مادة من المواد !


فقط !.. و ماذا أقول أنا الذي دفعت ورقة الجواب ناصعة البياض ؟ ألا تبا لك !


فعلا ، أكره أمثال هؤلاء المتحذلقين الذين لا يتورعون عن إيذاء السامعين بتأوهاتهم المتصنعة و زفراتهم المسمومة التي تنطلق كالشوك من جسم ظاهره بريء !


و لربما هي لذة نفسية دفينة و شعور أسطوري مقدس يريدون من خلاله الظهور بمظهر عديم الحظ الذي يدير ظهره و يغادر بخطوات أسيفة و العيون تودعه بدموع و حرقة فيبلعه الظلام ثم تسودّ الدنيا من وراءه !


لكنه يعلم مع ذلك أن ما يقوله لا أساس له من الصحة و إلا لكانت الكارثة ! فمشاهدة فلم رعب ليست كمعاينة نفس أحداث الفلم على أرض الواقع.


إلا أنه ذلك العشق الشرير للتظاهر بالبؤس دون اعتبار مشاعر الآخرين الذين يعضون شفاههم من الغيظ !


كحال رجل أعمى يفترش الأرض و يمدّ يده للمارة فإذا برجل من العامة يمر بجانبه و يقول بصوت مسموع : ( تبا! مللت من رؤية الألوان ، فأنا أريد ألوانا جديدة غير هذه. يا لي من إنسان تعس ! ).

DARK PAST
25-03-2009, 08:27 PM
اعجبني محتوى الموضوع كثيرا.. محتواه واقعي جدا

اممممممممممممم .. واحب ان اضيف بعض المداخلات ..
ربما بعض الربط الحاصل بموضوعك تم ربطه من زاوية ما .. ليست الزاوية التي من المفترض أن يـُنظر المنظر منها ..

فإن كان هناك شابان صديقان يدرسان في الجامعة ..
احدهما مجتهد مثابر هدفه احراز الدرجة النهائية ..

والآخر .. قل اجتهاده وقلت مثابرته .. هدفه فقط النجاح دون اي درجات علا ..

صديقنا المجتهد .. لم يوفقه الله في احراز الدرجات النهائية ..
مجهوده كان ذاك المجهود المسبب في تحقيق هدفه .. لكن لم يحالفه الحظ ولم يقدر الله ذلك ..
عندها سيصيبه الهم والحزن .. لأنه حصل على ما كان لا يرجوه ولا يتمناه ..
ولنفرض انه كان يريد تحقيق الرقم 10 .. ولكنه حقق الرقم 8

اما صديق صديقنا .. ذاك المهمل قليلا ..
لم يوفقه الله في النجاح .. وقدر الله له الفشل .. والرسوب ..
مع أن مجهوده كان ذاك المجهود المسبب في تحقيق هدفه .. لكن لم يحالفه الحظ ولم يقدر الله ذلك..
عندها سيصيبه الهم والحزن .. لأنه حصل على ما كان لا يرجوه ولا يتمناه ..
ولنفرض أن ما كان يريد تحقيقه هو الرقم 2 ولكنه حقق الرقم 0

فلماذا اصاب الإثنين الحزن بنفس المقدار ؟
لأن كلا منهما لم يحقق اهدافه ..فقط

اما إن حققا هما الاثنين هدفهما ..
سيصيبهما نفس المقدار من الفرح ..
لأن الاول هدفه الرقم 10 لا أكثر ! فإن حققه .. فقد حقق غايته .. وغايته هي اشد لحظات سعادته
ولثاني هدفه الرقم 2 لا أكثر !! .. فإن حققه .. فقد حقق غايته ايضا ..وغايته ايضا هي اشد لحظات سعادته

فعندها الحزن لدى الطرفين .. لا يسما التظاهر بالبؤس ..

ولكن عندها يأتي حمد الله على النعمة ..
فينظر الشخص المثابر والمجتهد الى ما حققه وهو اقل مما كان يريده .. وينظر ايضا الى ما حققه الشخص المهمل .. ويحمد ربه على النعمة ..

وينظر المهمل ايضا .. الى فئة اخرى .. لم ينعم الله عليها اساسا بشيئا من العلم .. على عكسه يدرس الآان في الجامعه .. عندها وجب عليه حمد ربه على النعمة ..

-------------
اما تصنع البؤس يأتي في مواقف عدة اخرى .. من امثلتها :
فتاة توهم نفسها بالبؤس والهم والحـَـزَن
فتضع نفسها في مخيلات ليس لها من الواقع نصيب .. وتفسر مواقف تحصل امامها بتفسير.. المنطق بريء منه ..
فمثلا .. تتفرج على احد الأفلام المليئة بالبؤس .. فتتخيل ان الفتاة البائسة التي في الفلم .. هي نفسها هي .. فيبدأ هنا تيار البؤس ..
اي قصة بائسة تقرأها .. تربط هذه القصة بقصة حياتها المتناقضة تماما مع القصة الاخرى ...
تفسر ردود فعل والدها .. بأنه يكرها وانه قاسي عليها .. مع العلم انه يعطف عليها اكثر من اي شخص اخر
كذلك اخوتها ..وصديقاتها ...
تتخيل بأنها فتاة طيبة بائسة الجميع من حولها اشرار يعادونها بلا سبب << ربطت بين الشخصيات الخيالية التي تقرأ عنها وبين شخصيتها ..
مع العلم انها لا طيبة ولا يحزنون "<.<

تتخيل بعدها بأنها ستموت بعد مدة قصير T_T
وانها ستموت وحيدة T_T
تتخيل نفسها سالي T_T
تتخيل نفسها انها بطلة رواية البؤساء (&)

تبدأ تتكلم مع الآخرين دائما عن همومها المصتنعة .. وان زمانها غدرها كسرها :P

واذا نظرت الى مجمل حياتها ..
ستجد حياتها تماما متناقضة مع ما تتصنعه من بؤس :D

بل انك ممكن تحسدها على حياتها ..


وفي الاتجاه المقابل ...
ترا تلك الفئة التي تتصنع السعادة !

محاولين اقناع انفسهم .. ان الهم الذي يعيشونه ليس الا هم سخيف ..
فتجدهم دائموا الضحك .. و ان رأيتهم .. تظن انهم اسعد الناس ...

اما ان رأيت مجمل حياتهم .. ستصدم بأن حياتهم مليئة فعلا بالبؤس ...


اطلت الرد .. المعذرة

رفعت خالد
26-03-2009, 06:25 PM
السلام عليكم.

وااااو كل هذا رد :bigeyes: !.. أدهشني فعلا اهتمامك و استطرادك في التفسير ، سأتكلم مع الإدارة حتى يمنحوك أوسكار أحسن مشارك :D.

أعتقد أنكِ بنت مع أن اسمك لا يدل على أي كائن حي :p. امممم ، أنا معك فيما قلت ، إلا أن الحالات تختلف كما قلت ، أنا لم أقل أن الذي يتأفف و يتذمر ليس من حقه و لكن تأففه و تذمره أمام من هو أقل حظا.. هذا الذي ليس من حقه. و مثال ذلك ، المشهد الخيالي الذي ذكرته بالنهاية.

على العموم ، حمد الله واجب في جميع الأحوال ، فلا يُحمد على سوء سواه سبحانه. و الخبثاء لن يختفوا من على وجه الأرض حتى تختفي الأرض نفسها.

شكرا يا صاحبة الأوسكار :)

DARK PAST
26-03-2009, 08:31 PM
انا بنت؟ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ

ما اعتقد /:

رفعت خالد
30-03-2009, 01:59 AM
ما الذي لا تعتقدينه ؟

ردودك غامضة قليلا :)، فحتى الرد الذي أدرجته بمعرض صوري لم أفهم مغزاه تماما !

Sander
31-03-2009, 01:49 PM
يعطيك العافية

و لربما هي لذة نفسية دفينة و شعور أسطوري مقدس يريدون من خلاله الظهور بمظهر عديم الحظ الذي يدير ظهره و يغادر بخطوات أسيفة و العيون تودعه بدموع و حرقة فيبلعه الظلام ثم تسودّ الدنيا من وراءه !

لكنه يعلم مع ذلك أن ما يقوله لا أساس له من الصحة و إلا لكانت الكارثة ! فمشاهدة فلم رعب ليست كمعاينة نفس أحداث الفلم على أرض الواقع.

إلا أنه ذلك العشق الشرير للتظاهر بالبؤس دون اعتبار مشاعر الآخرين الذين يعضون شفاههم من الغيظ !

كحال رجل أعمى يفترش الأرض و يمدّ يده للمارة فإذا برجل من العامة يمر بجانبه و يقول بصوت مسموع : ( تبا! مللت من رؤية الألوان ، فأنا أريد ألوانا جديدة غير هذه. يا لي من إنسان تعس ! ).
مشكلتنا نسعى للكمال على حساب الغير، مو عاطيين إهتمام لمشاعرهم.. المهم أنا و بس.

قمة التناقض هي أننا ندعي بأنا على وعي و عندنا كم لا بأس به من الثقافة و لسه مو قادرين نتحكم في غرورنا.

نتكلم بلا تفكير و نتصنع البؤس اما لنسمع كلمات تشجيع ما قدرنا نحصلها بإنجازاتنا -نحاول نعطي لأنفسنا أهمية و نغطي الفراغ-
أو لنحصل على فرصة نستعرض فيها "ميزاتنا" لأننا متعطشين للتفاخر امام الغير -نقنع أنفسنا بأننا مختلفين أو بالأصح مميزين-
و هذي فيها لذة مؤقتة يستمتع بها السطحيون من البشر.
"عقدة نقص" تنفك لما الواحد يطور نفسه و تفكيره.

و عموماً الهدف "إشباع غرور" < ولو أنه طماع عمره ما يشبع :09:

وفي الاتجاه المقابل ...
ترا تلك الفئة التي تتصنع السعادة !

محاولين اقناع انفسهم .. ان الهم الذي يعيشونه ليس الا هم سخيف ..
فتجدهم دائموا الضحك .. و ان رأيتهم .. تظن انهم اسعد الناس ...

اما ان رأيت مجمل حياتهم .. ستصدم بأن حياتهم مليئة فعلا بالبؤس ...
أثني على هالكلام.

تسلم عالموضوع.

Amir Imam
31-03-2009, 04:40 PM
بسم الله
هذا الموضوع بلا مبالغه من المواضيع المهمه التي تؤثر في اعماق النفس فعلا
كثير من الناس يحاول تجنب جرح مشاعر الاخرين .. ولكنه ينظر لاشياء وينسى اشياء اخرى .. ومنها هذا الموضوع
وخلاصة الكلام مثل عندنا في مصر : "اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته "
واعتقد ان الحل لهذا الموضوع هو الحمد والشكر والرضا في كل حال .. وبالتالي سيعيش الكل في سعادة
شكرا يا اخي على الموضوع

رفعت خالد
31-03-2009, 09:29 PM
بارك الله فيكما يا ساندر و يا أمير.

الكمال لله ، و لا يزال الإنسان به ضعف و نقص و عيوب حتى يرث الله الأرض و من عليها.