المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن جزائر العزة و الكرامة أتحدث !



إسلامية
05-04-2009, 03:02 PM
عندما أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "قرار" ترشحه لعهدة ثالثة " ديمقراطية!" كان واضحا أن الذين عايشوا العهدتين الماضيتين عن قرب، أي أولئك الذين جمعوا ثرواتهم الطائلة على حساب تجويع الشعب، أنهم أول من سوف يصفقون، و يهللون و يهرولون لمساندة المرشح " الحر"


باعتبار أن الرئيس الجزائري أراد أن يترشح تحت سقف" المرشح الحر" و التي تعني أنه لا يمثل حزبا ما، مع ذلك أغلب أحزاب الائتلاف تسانده، و أغلب المؤسسات تسانده، و أغلب الوزراء الحاليين و السابقين و السابقين جدا يساندونه، حتى الفنانين و الشطاحين و الرياضيين يساندونه، بمن فيهم أولئك الذين باعوا جلدتهم في السابق، مثل اللاعب الفرنسي (جزائري الأصل) زين الدين زيدان الذي يخوض حراكا سياسيا لصالح عبد العزيز بوتفليقة في فرنسا و دول أوروبية ليفوز هذا الأخير بعهدة ثالثة سوف تكون " مدى الحياة" إن كانت ثمة حياة أخرى، و السبب أن الرئيس بوتفليقة الذي حقق " سعادتهم في الدنيا" هو الذي سوف يتربع على الحكم لسنوات أخرى الله وحده يعرف عددها، و الله وحده يعرف نهايتها، و الله وحده يعرف خسائر الشعب فيها.. !



جزائر العزة و الكرامة !



بهذا الشعار يصر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على خوض حملته الانتخابية الراهنة، تماما كما خاض سابقاتها، بنفس الشعارات الرنانة مثل " ارفع رأسك" التي انطلت بلا شك على نسبة كبيرة من الجزائريين الراغبين في التغيير، و الحالمين به، فأن يطلب منهم رئيس دولة أن يرفعوا رؤوسهم فهذا مطلب مهم على الرغم من كل الإسقاطات التي تحيط بالجزائريين، بكل الجزائريين دون استثناء، بحيث أن رؤوسهم المنتكسة يصعب رفعها بالشعارات، و بالخطاب السياسي الذي من الصعب أن ينطلي على الجميع اليوم قبالة أوضاع اقتصادية و اجتماعية أقل ما يمكن وصفها بالمأساوية و الكارثية على حد سواء.


فالجزائر ليست أثيوبيا و لا الصومال و لا اريتريا، الجزائر هي ثاني أكبر دولة افريقية مساحة، و واحدة من بين أهم الدول العربية نفطا و غازا و خيرات، ناهيك على 34 مليون جزائري ليسوا بالرقم الخرافي الذي يمكن أن يصنع من الجزائريين هذا القطيع من المنبوذين و الفقراء و المنفيين في الداخل، و الهاربين إلى أوطان الآخرين عبر عرض البحر، و على قوارب الموت بالعشرات يوميا. لم يفكر الجزائري الشاب البالغ من العمر العشرين أو الثلاثين عاما و الذي يفر من بلده نحو إيطاليا أو اسبانيا أو فرنسا على قارب الموت، لم يفكر هل تلك البلاد أفضل فعلا من بلده التي ولد و كبر فيها، ليس من حيث قوانينها و مؤسساتها الدستورية القانونية،


بل على أساس ما يحلم به ذلك الشاب الهارب، الذي لا يعرف أنه حسب دراسة صدرت من أهم جامعة في مدريد فإن الجزائر أغنى من إسبانيا ثلاث مرات و من فرنسا أربع مرات و من إيطاليا ست مرات، و هي دراسة لا نظن أنها مبالغ فيها لأنها حملت تقييما دقيقا لإيرادات النفط، و مكاسب الجزائر في سنوات الريع النفطي و التي كان من الممكن توزيعها على الشعب و لو بنسبة (50%)، بدل أن تترك غالبية الشعب تعيش على المحك، إزاء يوميات لا يأخذون من السلطة فيها سوى الكلام، حتى في غمرة الأزمة المالية العالمية، تبدو مؤسسات على حافة الإفلاس، و العديد من الموظفين قاب قوسين أو أدنى من الطرد.


كل هذا كأنه ليس كافيا لتأتي إحصائيات أخرى تظهر الوضع المأساوي داخل الأسرة الجزائرية نفسها، مع تزايد أعمال العنف، و حالات الانتحار، و الطلاق، و الجريمة، ناهيك عن الفساد الاقتصادي و الاجتماعي الذي حوّل الجزائر إلى غابة يتقاتل فيها الوحوش على دنيا لن يخلدوا فيها أبدا. جزائر العزة و الكرامة، لم تغادر قط الشعار الذي كتبت فيه و عليه، و لم يستعد الشعب كرامته المهدورة قبالة جيل من الغيلان الذي يتكاثر كالفطريات على حساب الشعب، و ينهب على حساب الشعب، و يبني لنفسه مساحات بعيدة عن الشعب، ليأتون اليوم مطالبين من الشعب أن يخرج يوم الاقتراع ليدلي بصوته للرجل الوحيد الذي سوف ينقذ الشعب مما هو فيه، لعهدة ثالثة و أبدية ! تلك هي النكتة البائتة !


الدولة القوية في خدمة شعب يقتات من المزابل !



قبل أيام نشرت صحيفة النهار اليومية حادثة شجار وقع بين ابن جنرال و ابن شخصية نافذة في مجلس الشعب، تخاصما في حالة سكر، و تلفظا ضد بعضهما بكلام ينم على اعتقاد الأول أنه السيد، مثلما اعتقد الشخص الثاني نفس الشيء بعبارة " أنا هو الشيكور" و هو تعبير دارجة يلخص فكرة الظن أن كل شيء يتحول إلى الملكية الخاصة بالنسبة للمهمين في البلد، و لأبنائهم بطبيعة الحال، بما في ذلك الشعب نفسه الذي لا يساوي شيئا أمام شخص مهم، بيد أن مواطن بسيط سيجد نفسه في السجن إن تلفظ بتلك العبارة التي يتلفظ بها أبناء الأثرياء و المهمين. هذا السلوك هو الذي صنع دولتين في دولة، دولة للأغنياء و أخرى لمن يقتات من المزابل و يدفع فاتورة النفط حين يرتفع سعره و حين ينخفض سعره فالأمر سيان !



و قبل أيام أيضا ذكرت صحيفة الشروق اليومية أن أمراض الفقر عادت تصيب الجزائريين، مثل السل، ناهيك على الأمراض التي تنتقل بفعل غياب النظافة، حيث يعيش العديد من المواطنين بالقرب من مواسير المياه منذ سنوات. أزمة الجزائريين التي كانت منذ الاستقلال تتلخص في "السكن" بشكل خاص، تحولت اليوم إلى أزمات، بداية بأزمة الإنسان نفسه الذي بكل أسف حفنة تتحكم في الأغلبية بسلطة المال، و القانون الذي لا يحمي الجميع بنفس العدل.. لهذا تبدو الجزائر ضبابية في غمرة المشاكل العويصة التي تزايدت في السنوات الماضية، حتى وصلت إلى مرحلة الانسداد، و الحال أن خروج الشعب للانتخاب تحت شعار "العزة و الكرامة" لن يغير من الأوضاع الكثير لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، و تلك لعمري آية أبدية لا تزول، لأن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، و من إرادة السلطة في إحقاق الحق الذي سيعني: العودة إلى الأصل فضيلة !



http://almoslim.net/node/109707 (http://almoslim.net/node/109707)