المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التخبط بين الفكر والكفر



kfinjan
24-04-2009, 12:27 PM
التخبط بين الفكر والكفر



كاظم فنجان الحمامي

كتبتُ في العام الماضي مقالة سياسية بعنوان (أنا مستقل إذن أنا متهم). نشرتها في صحيفة المنارة بعددها 564 . ذكرت فيها : إنه بات من المؤكد ان ايماني المطلق بالاستقلالية السياسية والفكرية, وعدم انتمائي الى الكيانات والتكتلات الحزبية, ورفضي الانضمام الى صفوف حزب ما, وعدم قناعتي ببعض الشعارات. جلب لي الهم والغم, ووضعني في مواقف محرجة لم اكن اتوقعها. . فقد انهالت عليّ الاتهامات الملفقة. وتعرضت لسخط وكراهية معظم المتحزبين. وتعاقبت عليّ الحملات العدائية منذ ثمانينات القرن الماضي ولحد الآن. ابتداء من النظام السابق الذي كان يعتبرني من ( ذوي المجرمين ), ومرورا ببعض الاحزاب التي كانت تعتبرني مرة (ليبراليا), وطورا (متمردا), وحينا آخر (متدينا متزمتا), وتارة (شيوعيا), و(علمانيا), و(متطرفا) . . الى آخره من التهم الملفقة الجاهزة. . ويشترك المبغضون جميعهم بطريقة أو بأخرى في تلفيق التهم المتناقضة والمتقاطعة والمتضاربة, حول انتمائي الى هذه الفئة أو تلك . . ويعزى هذا العداء المستعر منذ فترة طويلة الى حرصي الدائم على ابداء الرأي الصريح في المواقف التي تتطلب معالجة بؤر الفساد الاداري المستشري هنا وهناك. الأمر الذي جعلني معرضا مثل بقية العراقيين الشرفاء لأن تمارس ضدي بعض العناصر الشريرة هواياتها في تلفيق التهم المزيفة, بقصد النيل مني وايذائي, وابعادي خلف جدران القهر والاهمال. . وكانت تهمة الانتماء السياسي الباطلة. هي السلاح القديم المستخدم في تقييد حريتي, وشل حركتي. من دون ان اقترف اثما, أو ارتكب ذنبا. . ولكن مع كل هذا وذاك سأبقى مستقلا, ومسلما, وعربيا, وعراقيا, وعاشقا لشمس الحرية, ومحبا للفكر الوطني الحر . إذن انا منتمي ومنحاز الى ديني ووطني وبيتي وانسانيتي. وارفض ثقافة الموت, وأنبذ كل مظاهر العنف المسلح, وبخاصة المستتر منه خلف غطاء ديني متطرف. وارفض ان اكون معصوب العينين وسط القطعان البشرية المنقادة على غير هدى خلف المجهول. واعلن التزامي بالصراحة والشفافية في التعبير عن رأيي. ولم اقم بالتخفي خلف اسم مستعار. .
وما انفكت الاتهامات الباطلة تتحاذف عليّ من بعض المتخلفين عقليا, وأصحاب النفوس الضعيفة. وكنت معتادا عليها. ولكن لم يخطر على بالي أبدا انها ستأتيني هذه المرة من مؤسسة فكرية معنية بنشر الثقافة والفنون والآداب. ولم يخطر ببالي أبدا إنّ تلك المؤسسة ستنهال عليّ بالسب والشتم. وتلفق لي تهمة الانتماء الحزبي, وتهمة تغيير الملامح السكانية والاجتماعية لمحافظة كركوك برمتها ؟؟. وأنا الذي لم أزر كركوك منذ ولادتي ولحد الآن. بل أني لم أذهب في تنقلاتي البرية المحلية أبعد من سامراء, التي زرتها في طفولتي عام 1965. فقد انحصرت تنقلاتي وتحركاتي على المسطحات البحرية, واقتصرت اهتماماتي في المجالات الملاحية. فتخصصت بقيادة السفن العملاقة, وإرشادها عبر الممرات الملاحية العراقية. ومازلت أعمل في البحر. .وكم كانت دهشتي عظيمة عندما واصلت مؤسسة (فكر) قذف التهم والشتائم بوجهي عبر الرسائل التي بعثها الفنان (محمد رسول البستاني). وكانت مملوءة باللعنات والافتراءات. والحقيقة إنّ مثل هذه التصرفات يمكن أن تنبعث من المراهقين والصبيان المتهورين, لا من مؤسسة (فكرية) يفترض أن يكون لديها فكر وطني واع, ولديها عقل ورؤيه ثاقبه, ولديها سجل علمى حافل, ولديها نشاطات ثقافية واسعة . وقادرة على تحدي تيارات الظلم والطغيان, وإرساء أسس الحق والعدالة, ونشر الوعى بين طبقات المعدمين ماديا وفكريا. فهل حرية الفكر, التي تؤمن بها هذه المؤسسة, تعني فتح الباب لأعضائها, ليقولوا ما شاءوا, ويتقيئوا ما أرادوا, من دون رقيب أو حسيب ؟؟. وكم كانت دهشة نوارس شط العرب عظيمة من هذه الشتائم والاتهامات غير المبررة. وأتضح لي أن بعض المؤسسات الفكرية تضع (الفكر) أحيانا في موضع (الكفر), ولا تفرق بين المعنيين. فالكلمتان تنتميان إلى مجموعة حرفية واحدة. تشتمل على حروف (الكاف والفاء والراء). وكأنها تعيش حالة فريدة من الشيزوفرينيا الفكرية. نعم وبكل أسف وغضب أقولها. وإلا فما علاقتي أنا بتقلبات الاوضاع السياسية والاجتماعية في كركوك ؟. وهي تهمة تبعث على الضحك, لأنها تشبه تماما تلفيق التهمة لقبائل الاسكيمو بالتورط بما فعله الجنجويد في اقليم دارفور ؟؟. وعرب وين ؟. طنبورة وين ؟. ثم ما الداعي لمثل هذا اللغط ؟. ومتى تتوقف مهزلة الاتهامات الباطلة, التي يطلقها تجار الكلمات الملفقة في كل زمان ومكان ؟؟. . وهكذا تراني تارة أتصدّى لشخبطات الدكتور (جلال الوزير), وهجومه العنيف على سكان جنوب العراق. وتارة اقف في وجه الصحفي الكويتي (سعود العصفور), وأستخفافاته المتواصلة بالشعب العراقي, التي يطلقها يوميا من خلال ما يكتبه في جريدة (الراي) الكويتية. وأحيانا أرفع صوتي محتجا على تلميحات (خالد العبد الجليل) واستفزازاته التلفزيونية, التي تطاول فيها على العراق وأهله, عبر برنامجه (تو الليل) في قناة (الوطن) الكويتية الفضائية. وهناك مؤسسات كثيرة تتجلبب بجلباب (الفكر), وتتستر أحيانا بيافطة (الرأي الحر), لكنها في حقيقة الأمر, تضمر الحقد والشر لأقوم البلدان قبلة, وأوسعها دجلة, وأقدمها تفصيلا وجملة. وتستبطن الخواء الفكري بعينه. وتتعمد العجرفة والعنطزة والشمخرة. وتتعالى على الآخرين, وتنظر إليهم بفوقية واستخفاف. نظرة ترى في الدفاع عن العراق وأرضه الطاهرة أمرا مستهجنا يسيء إلى سمعة اسيادهم من الغزاة والمتجبرين. وهي نظرة أجدها تشكل امتدادا لما مورس مع شعب العراق من قبل الانظمة الشمولية الجائرة, التي امتهنت البطش والقهر والغدر والتنكيل منذ القرن الهجري الأول. حتى مررنا بسنوات عجاف ملئت بفكر تكفيري متطرف يرمي إلى زعزعة أمن واستقرار أرض الرافدين. وحوض الفراتين. وظهر علينا أدعياء الثقافة, وسماسرة الفكر المنحرف بنسخته الأمريكية الجديدة. ليشنوا علينا باسم (الحداثة) غاراتهم العدائية. ويستعرضوا مواهبهم في كيل التهم والشتائم والتجريح الشخصي. ويصبّوا جام سخطهم على العراق, الذي كانوا ينتمون إليه. وسيبقى العراق, رغم انوف هؤلاء, مهد الحضارات البشرية. .