المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناصب دولية مقابل الكرامة



إسلامية
25-04-2009, 12:19 AM
المعهود في الوزراء في الدول الحديثة أن يرحلوا بعد سنوات معدودات تتراوح بين أربع وسبع سنوات، وأما في الدول التقليدية فيغادر الوزير مقعده عندما يستنفد طاقته سواء أكانت المبادرة منه إذا كان مرهف الحس، أم بإعفاء من القيادة العليا إذا كان غليظ الإدراك.وتلك سُنّة حسنة في دنيا الإدارة والسياسة، لأنها تجدد دماء العمل الرسمي، وتثريه بمزيد من الطاقات المؤهلة، وتتيح فرصة المشاركة في خدمة الأمة لمزيد من القياديين المقتدرين، فلا تصبح المناصب احتكاراً لفئة ولا يتكلس العمل العام ويفقد تواصله مع الجمهور المستهدف.


ومصر ليست استثناء مما سبق، فمن النادر أن يستمر وزير في منصبه مدة طويلة، وذلك النادر يصبح مثار كلامٍ كثير، معظمه هامس وقليله بصوت شبه مرتفع، ويختلط هنالك الواقع بالشائعات في غياب المعلومة الصريحة الصحيحة من مصادرها.
وفاروق حسني –وزير الثقافة حالياً-هو من تلك الاستثناءات التي يكثر حولها الحديث ويشتد الجدل، فقد مضى على استيزاره ربع قرن من الزمان، من دون أن يكون في مسيرته من الإنجازات ما يستحق الثناء فكيف بهذا البقاء المديد وغير المفهوم من عامة الناس الذين يعنيهم طول مدته أكثر مما تهمهم وزارته ، وهو غير مفهوم كذلك من النخبة المثقفة التي تأسى لما وصل إليه حال الثقافة المصرية في عهد حسني من تقهقر وتراجع، وهي الثقافة الأصيلة والرائدة وذات الأثر التاريخي الحاسم في محيطها العربي والإسلامي.
وسِجلّّ الرجل حافل بالأخطاء الفادحة والمواقف التي تطيح بحكومات كاملة عادة، يستوي في ذلك سياساته في الوزارة ومواقفه الشخصية الاستفزازية.والفصل بين الأمرين متعذر-إن لم يكن مستحيلاً-ففي أشد بلدان الغرب تعصباً للعلمانية اللادينية، لا يجرؤ مسئول رسمي على التطاول على مقدسات مواطنيه حتى لو كان لديه أدلة قطعية تثبت أن تلك المقدسات خرافة محضة.أما حسني فقد دأب على هجر القول والسخرية من أمور الدين الثابتة كحجاب المرأة النصوص عليه في الكتاب والسنة والمجمع عليه من الأمة سلفاً وخلفاً.وعلى الأقل كان يمكنه الاحتفاظ بهذه السفاهات لنفسه ما دام وزيراً يتقاضى راتبه الشهري من أموال الشعب المسلم، ودستور بلده ينص على أن الإسلام دين الدولة وأن شريعته مصدر رئيس للتشريع!!
ولقد ملأ فاروق حسني المواقع القيادية في وزارته بصنف معين من أدعياء الثقافة، والقاسم المشترك بينهم هو العداء للإسلام قولاً وفعلاً، سواء أكانوا من أيتام الماركسية المهزومة، أم من دعاة القومية العربية-فقط لما كانت في صيغة مصادمة للدين وهو الإسلام وحده!!-.


ونشر هؤلاء كثيراً من الأعمال الكفرية بأموال الشعب المصري ذي الأكثرية المسلمة المعتزة بدينها، حتى لو كانت ساقطة بالمعايير الأدبية المجردة.
وكل تلك المخازي لم تجعل حسني يغادر منصبه الراسخ ولم تدفع النظام إلى التخلي عنه لسوء سمعته على الأقل، الأمر الذي يثير علامات استفهام لا تتوقف عن السر الباتع الذي يُبْقيه فوق رؤوس معارضيه من عشرات الملايين المصريين.
وها هو قبل أيام يسعى إلى التطبيع مع العدو اليهودي بفرض موسيقي صهيوني –وليس ها هنا موضع بيان الحكم الشرعي في الموسيقا ابتداء-، فثار المصريون عليه من مختلف الشرائح الاجتماعية، ولم يؤيد باطله سوى حفنة التغريبيين الكارهين للإسلام.والأشد عجباً أن بعض الرموز القومية –سابقاً-هللوا لتصرف الوزير، الذي يأتي وأنقاض العدوان الصهيوني ما زالت جاثمة فوق صدور أهلنا في غزة.ومما يضاعف من الأسى أن بعض مناهضي التطبيع من نصارى مصر عارضوا سلوك فاروق حسني، في حين صمت العلماء الرسميون الذين يجب عليهم الصدع بكلمة الحق في وجه وزير لا يحترم الدين ولا أهله.


وقد تبين أن حسني يتعجل بتصرفه الأخير قبول الغرب به مديراً لليونسكو المتخصصة في تشويه الإسلام أصلاً، وهو ما يستدعي إلى الذاكرة سيرة أخرى هي سيرة بطرس غالي الذي كافأه العم سام بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة في مقابل دوره المخزي في زيارة السادات للقدس ثم عقد اتفاقات كامب ديفيد.فهل هانت ثوابت الأمة وانحدرت قيمتها المعنوية لكي تصبح سُلّماً للصغار الباحثين عن إرضاء سادتهم في الغرب الحاقد وصولاً إلى مناصب لا تشرف أصحابها؟


http://almoslim.net/node/110608 (http://almoslim.net/node/110608)