المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رئاسة الجمهورية في إيران.. تعيين في صورة انتخاب وصلاحيات بلا مضمون



إسلامية
22-05-2009, 01:02 AM
الإعلام بعامة مشغول في هذه الأيام بانتخابات رئاسة الجمهورية المقرر إجراؤها في إيران بعد أقل من ثلاثة أسابيع،والمحللون يتحدثون في الصحف والفضائيات عن السباق الذي يكاد ينحصر بين أربعة مرشحين اثنان منهم من "المحافظين"واثنان من "الإصلاحيين"،مع ترجيح كفة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.


والمتابع ذو المعرفة الكافية بتركيبة النظام الإيراني،يأسف لوقوع الإعلام جملةً في التضليل غير المقصود،نتيجة نقص المعلومات لدى المشتغلين على المسألة.فالمتابعة الإخبارية المحضة لمجريات نظام ذي تكوين شاذ عن كل المألوف،يجعل الخبر الخارج عن سياقه مصدراً للفهم المغلوط.


ولذلك تبدو الأمور –بحسب هذه الصورة السطحية –وكأن التنافس بين المرشحين للرئاسة الإيرانية يجري في ظل نظام ديموقراطي وفقاً للمعايير الغربية المعروفة،في حين تتجلى الحقيقة عندما يعلم المرء طبيعة النظام السياسي وشروط الترشيح وكيفية قبوله ثم يدرك أخيراً الصلاحيات المتواضعة لصاحب أعلى منصب سياسي من الناحية النظرية.صحيح أن هناك جمهوريات تضع السلطات التنفيذية الفعلية في يد رئيس الحكومة لأن منصب رئاسة الجمهورية فيها ذا طابع شرفي(مثل الهند)،لكن الأمر في طهران ليس كذلك،فالذي يسلب السلطة الفعلية من رئيس الجمهورية ليس رئيس الوزراء-الذي يغيب منصبه من سُلّم المناصب أو يكون أدنى منزلة وتأثيراً-،بل هو "المرشد الأعلى للثورة"-بناء على التسمية الرسمية-أو "الولي الفقيه"بحسب الجذر الديني الذي فرضه الخميني منذ سيطرته المطلقة على زمام الأمور في إيران قبل ثلاثين عاماً.


ويحتكر المرشد مباشرة أهم قرارين في أي دولة،هما :صنع السياسة الخارجية والهيمنة على القوات المسلحة،فهو قائدها الأعلى.فإذا أضفنا إلى كل ذلك تبعية الحرس الثوري له –وهو القوة الموازية للجيش لحماية نظام الآيات من احتمال أي انقلاب عسكري ممكن-فإن رئيس الجمهورية يغدو مجرد كبير الموظفين التابعين للمرشد صراحة وضمناً.لكن رئيس الجمهورية مسؤول عن كل خلل أو تقصير أو يقع في أجهزة الدولة التي ليس له سلطة فعلية عليها،فهو يتحمل الأوزار فحسب،أما "الحسنات"فتتم نسبتها إلى سيده ذي العمامة السوداء!!



وكان يفترض في ظل ميزان قوى كهذا يمنح رجل الدين الأول صلاحيات لا حدود لها،ويجعل الرئيس مجرد واجهة شكلية،كان يفترض أن يتساهل النظام في سبل اختيار الرئيس من الشعب-حرصاً على الصورة الزائفة التي يقدمها النظام عن نفسه للعام الخارجي-.لكن الواقع نقيض ذلك تماماً،فقبول طلبات الترشيح يمر عبر آلية"فلترة"من خلال مجلس صيانة الدستور الذي يعيّنه المرشد نفسه.وبالرغم من اشتراط "الإيمان"بالنظام الثوري –أي ولاية الفقيه ناهيكم عن الانتماء إلى العرق الفارسي والمذهب الرافضي-فإن كل مرشح لا يثق المرشد في ولائه ولا يصدق ادعاءاته يجري إقصاؤه من الترشح.




وبعبارة أخرى،فإن الشعب يختار شكلياً شخصاً من بين الأشخاص المرضيّ عنهم من قبل رأس نظام الآيات.لكن هذه الشكلية-على بؤسها- ليست مفتوحة،فالمرشد يتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة لترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك.


وواقعياً،فإن من رابع المستحيلات أن يمر رئيس جمهورية ذي برنامج إصلاحي حقيقي،من هذه المصافي التي تتحكم في مفاصل الاختيار 100%،كما تسيطر على السلطة بعد الاختيار بنسبة 100% في القرارات الكبرى والمواقف الحاسمة.


وتبقى بعد التذكير بهذه الأساسيات نقطة يجب التنبيه إليها،وهي تتعلق ببعض التغريبيين الذين يخطبون الخطب الرنانة ويتغنون بالنظام الإيراني،مع علمهم بأنه أبعد نظام في عالم اليوم عن الدولة بمعناها الحديث.فهو نظام يمنح شخصاً مستبداً غير مُنْتَخَب صلاحيات مطلقة في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على غرار نظم القهر الأوربية في القرون الوسطى،والتي كانت تزعم حيازتها تفويضاً إلهياً!! أما تفسير هذا المسلك غير المفهوم فليس سوى حقد هذه الفئة على الإسلام إلى درجة تأييدها لأي نظام يعاديه حتى لو كان من صنف نظام الآيات!!وإذا عُرِفَ السبب بطل العجب.



http://almoslim.net/node/112269 (http://almoslim.net/node/112269)