المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية تقرير مخابراتي : أمريكا ستعيد رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط



abeosama50
12-01-2002, 07:13 PM
يُفيد تقرير مخابراتي ورد في نشرة «فورين ريبورت» الأميركية الاستراتيجية إن من بين المصالح الأمنية الأميركية في المنطقة، بعد الحملة الأميركية على أفغانستان، إبرام تسويات سلمية في الشرق الأوسط تستقر مع إعادة رسم الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة التي تشتعل بالصراعات الاقليمية والدولية وفقا للتخطيط الأميركي، بينما يبقى الاهتمام الأميركي في المنطقة هو المحافظة على التفوق العسكري الاسرائيلي وخلق كيانات صغيرة في المنطقة للمحافظة على ذلك التفوق، ومن ثم تأمين تدفق البترول من الخليج العربي وبحر قزوين الى الغرب بالمعدلات والأسعار الملائمة له، وتأمين خطوط المواصلات البحرية العالمية بما يخدم حرية التجارة الدولية بلا قيود، وتدفق الصادرات الأميركية والأوروبية، وفي مقدمتها السلاح، الى الدول العربية، ودول جنوب آسيا. ويضيف المصدر الآنف الذكر «ان هناك في بعض الدول العربية المجاورة لاسرائيل فريقا أميركيا من كبار المخططين السياسيين يدرس أحوال الدول العربية وذلك بهدف تفكيك دول المنطقة وإعادة تركيبها من جديد، بل ان بعض الدول ستظهر في المنطقة وسيختفي بعضها الآخر». ويرى المخططون الأميركيون أنه بالإمكان تفتيت دول المنطقة وإعادة تركيبها كما حدث عندما قام في 3 نوفمبر 1916، السير مارك سايكس، ممثل الامبراطورية البريطانية، والمسيو فرنسوا جورج بيكو، ممثل مصالح الامبراطورية الفرنسية، بالتوقيع على ما سمي بـ «اتفاق سايكس بيكو» وتم التصديق عليه في فبراير، وهو الاتفاق الذي تمت على يده ولادة الكيانات العربية كما نعرفها اليوم.
ولا شك في أن اتفاق «سايكس ــ بيكو» كان نتيجة صراع بريطاني ــ فرنسي، اعاد تشكيل الشرق الأوسط كعمل من أعمال سياسة القوى الأوروبية الكبرى في زمن التوسع الاستعمار الأوروبي عقب الحرب العالمية الأولى، وصحيح ان هذا الاتفاق كان محصورا في المشرق العربي «أي سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن، العراق» إلا انه دوره كان يشمل الشرق الأوسط بمفهومه الأوسع، أي بالاضافة الى دول المشرق، كانت هناك مصر وايران وتركيا والجزيرة العربية، الى جانب أفغانستان ودول آسيا الوسطى الروسية آنذاك، السوفياتية فيما بعد، وكانت ساحة الصراع تمتد حول طريق الهند الذي، حتى ذلك الوقت كانت بريطانيا تحاول الدفاع عنه في وجه هجمات فرنسا وروسيا. وقد كان من أهم أسباب «اتفاق سايكس ــ بيكو» التي اتضحت فيما بعد إبعاد روسيا عن الشرق الأوسط، خاصة بعد قيام الثورة البلشفية في عام 1917، ووضع حد نهائي للصراع الروسي ــ البريطاني الذي بلغ ذروته في القرن التاسع عشر، وعُرف باسم «اللعبة الكبرى». ومع بدايات القرن العشرين، وسقوط روسيا القيصرية، وقيام ثورة شيوعية غير معروفة الأهداف لأغلب الأوروبيين وغامضة لمعظم العالم، أرادت بريطانيا وفرنسا احتكار هذه المنطقة باستبعاد روسيا كليا عنها، لذا، قررت بريطانيا وفرنسا احتلال الجزء العربي من الشرق الأوسط لصد الثورة البلشفية عن هذه المنطقة. وقد كان قيام الثورة البلشفية هو ما كشف عن «اتفاق سايكس ــ بيكو» الذي كان سريا، وشكل هذا الكشف الروسي أول فجيعة لحلفاء بريطانيا وفرنسا من العرب في التاريخ المعاصر، ولما كان كل شيء ممكنا في عصر السير مارك والمسيو فرنسوا، العصر الذي اصطنعت فيه اوروبا كيانات المنطقة، كان لدى اوروبا الاستعمارية، بما في ذلك روسيا، وهم في انها تستطيع ان تغير العالم العربي «كذلك آسيا الاسلامية» عن طريق اصطناع كيانات من الممكن ان تتحول مع الزمن الى بلدان او اوطان أو أمم. ولكن تلك الكيانات كانت تفتقر لشرعية سياسية او وطنية في الداخل، فلما طرحت روسيا البلشفية، الشيوعية كنظام سياسي لهذه الكيانات، سارع البريطانيون الى طرح القومية العربية كبديل ايديولوجي لها، ولو عن طريق الولاء للأسر الحاكمة على الأقل، فبين عامي 1914 و1922م لم يكن النفط عنصرا هاما ولا اساسا في حياة الشرق الأوسط، ولا فاعلا في السياسة الأوروبية، ولم تكن أميركا أصلا موجودة سياسيا في المنطقة لذلك لم تدخل الثروة النفطية كثيرا في حسابات خرائط الدول لحظة اعداد المساطر وبري الأقلام. وجاءت فرنسا لتعلق انتدابها على سوريا ولبنان، فنال الفرنسيون حصة أقل قليلا مما اتفق عليه، وسمح للروس بالاحتفاظ فقط بما كان لهم في العهد القيصري، وان يشاركوا في اقتسام حكم آسيا الإسلامية مع بريطانيا «ايران وأفغانستان مثالا»، اما بريطانيا فقد فازت في التسوية حسب مخططات «سايكس» بنصيب الأسد، وحكمت البلدان العربية المستقلة اسميا، لكن ذات الأنظمة الملكية، حكما غير مباشر، بصفتها الدولة الحامية المنتدبة ، وطرحت نفسها داعية للقومية العربية وراعية للصهيونية في آن معا، وكانت بريطانيا تعتبر روسيا في المنطقة خطرا وفرنسا مصيبة. وبذلك وصلنا الى عام الشؤم 1922 الذي كان عام التحولات التاريخية والتسوية الشاملة في الشرق الأوسط، والذي أقرت ولادة كياناته في القرن العشرين، وكانت هذه الولادات في بعض منها عسيرة، إلا انها في نهاية المطاف حددت ملامح ومعالم المولود الجديد الذي ظل ضمن نطاق الأسرة التي فُرضت عليه ولم يغادرها، وان تشاجر معها كثيرا طوال 72 سنة. وبانهيار النظام القديم في المنطقة، ومعه بالدرجة الأولى الوجود البريطاني ــ الفرنسي، على امتداد حدود العالم العربي الجديد تسرب احساس بأن هذه التسوية غير مقنعة وغير دائمة، ولا أحد يُدافع عنها أو يريدها، لكنها عاشت الى اليوم ثلاثة أرباع القرن. ويعتـقــد بعض مــؤرخي المنطـقــة ان التــاريخ يُعيد نفسه كل مائة سنة او نحوها، إذ أنه منذ عام الشؤم ذاك، والى يومنا هذا، ونحن في العالم العربي نعيش هاجس ما اتفق عليه السير مارك والمسيو فرنسوا، حتى أصبحت لتلك الكيانات قدسية لدينا ولكن كل الذي فعله السيــدان المحتـرمان انهما رسما خطوطا على خريطة من دون الأخذ في الاعتبار الحقائق التاريخية ولا الجـغـرافيا السياسيــة وكانت تلك الخريـطـة تقبل التعديل في حـدودها وخطـوطـهـا حسب مقايضة العـرض والطلـب بـيـن الدول الاستعمارية الكبرى وكانت جثة السلطان العثماني لم تُدفن بعد، ولم تُرسم معالم حدود ورثته من فتيان الأتراك العثمانيين عندما صار لهذه الأقطار العربية دساتير ومجالس وحكام وأعلام وتمثيل، ومع مرور الزمن، اكتسبت هذه الكيانات القدسية عندما ظنت أنها أصبحت أزلية سرمدية. ونامت هذه الكيانات أكثر من ثمانية أجيال على حرير، وهي مطمئنة بأنه لا يمكن تغييرها او اعادة النظر بحدودها. ظنا منها ان التاريخ قد ينسى، بمرور الزمن، مَنْ أنشأها ولماذا وكيف؟. وهذا الشعور بالديمومة، لا يشمل ورثة سايكس ــ بيكو من دول المشرق وحسب، بقدر ما يشمل ايضا ورثة الانسحاب البريطاني من شرق السويس بعد عام 1967، من دول الخليج العربي، ومع الفارق في الظروف التاريخية بين المشرق والخليج، التي أدت الى ظهور كيانات كل منهما، إلا ان القاسم المشترك الدائم، هو ان هناك خريطة جديدة رسمت على الأرض. وقد أعادت أحداث العراق منذ الحرب العراقية ــ الإيرانية في عام 1989، ومن بعدها «عاصفة الصحراء» في عام 1991، والحرب الأميركية على الارهاب منذ 11 سبتمبر 2001، الى الأذهان هاجس إعادة رسم الخريطة العربية الجديدة، مشرقا ومغربا وخليجيا، وهذا الهاجس الذي لم يكن بعيدا عن تفكير صانعي القرار الدولي، بعيد إعلان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش تأسيس النظام العالمي الجديد، بقطبه الأميركي الأوحد، وهاجس رسم خرائط جديدة للشرق الأوسط، ما زال احتمالا ولم يصبح امكانية!