المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية الشارعان العربي والإسلامي تحولا إلي شارع طالباني



abeosama50
12-01-2002, 07:33 PM
إن قراءة مجري الأحداث من اللحظات الأولي لتفجيرات واشنطن ونيويورك التي قامت فيها أميركا بإعلان الحرب كخيار وحيد علي الضربة يصاحبها عناد مكابر بعدم فتح ملف أسبابها وعدم تقديم أدلة قانونية علي من قام بها وبترشيح أفغانستان كساحة أولي لها إلي اللحظة الراهنة التي تمتد فيها الحرب الأميركية عسكرياً علي اليمن ولم تجف دماء الأبرياء الأفغان بعد، وتتركز إعلامياً علي مصر والسعودية وتطال حركات النضال الفلسطينية والجنوب اللبناني وتلوح بتهديدات غير مطمئنة لأجوع شعبين في العالم اليوم الصومال والعراق، تؤكد أن الحرب الأميركية تتبع استراتيجيات محددة في إدارة هذه الحرب.

و تقول صحيفة الحياة اللندنية : والقول بأن هناك استراتيجيات محددة تدار من خلالها الحرب يعني أن هذه الاستراتيجيات والهدف النهائي للحرب لا يرتبط فقط بالدفاع عن النفس والرد علي التفجيرات ضد أميركا ولكنه يأتي كتكريس لسياسة أميركا الخارجية ما قبل أحداث 11 ايلول بما لا ينم عن أي اتجاه إلي مراجعة أو تعديل في خطاب السيطرة العالمية الأميركي. وهنا نكتفي بتناول 3 استراتيجيات من استراتيجيات حرب أميركا كما تبدو من مجري الحدث وهي:
1- استراتيجية العمل العسكري:
أ - العمل العسكري بالأصالة عن أميركا.
ب - العمل العسكري التحالفي.
ج - العمل العسكري بالنيابة عن أميركا.
2 - استراتيجية العمل الديبلوماسي:
أ - العمل الديبلوماسي التحييدي.
ب - العمل الديبلوماسي التوريطي.
3 - استراتيجية العمل الإعلامي:
أ - العمل الإعلامي الوعيدي.
ب - العمل الإعلامي الوعودي.

أولاً: استراتيجية العمل العسكري:
هذه الاستراتيجية سمح بها التفوق العسكري الأميركي والخشية الدولية من بطش آلتها العسكرية التي أبداها معظم الأنظمة في العالم حسب منظومة علاقة أميركا الفوقية بالمجتمع الدولي ما قبل أحداث 11 ايلول، وذلك ما أعطي أميركا القدرة علي السرعة في اتخاذ قرار الحرب من دون النظر في أي بدائل أخري لمعالجة التفجيرات وما نتج عنها من أزمة ثقة داخلية.
وهذه الاستراتيجية التي أعلنتها أميركا صراحة وبإصرار وأخذت عليها طوعاً أو كرهاً موافقة الأمم المتحدة وحشدت لها ما أسمته بالتحالف الدولي، اتبع في تنفيذها عدداً من التكتيكات الاستراتيجية والآنية معاً.
ويمكن تقسيم العمل العسكري الذي تفرع عن هذه الاستراتيجية إلي ثلاثة أنماط رئيسية:
أ- العمل العسكري بالأصالة عن أميركا:
وهو العمل العسكري الذي تقوده اميركا وتقوم فيه بالحرب بالأصالة عن نفسها، وقد انتزعت له الإدارة الأميركية من الأيام الأولي لاتخاذ قرار الحرب دعماً شعبياً عن طريق رصد معدلات عالية للرأي العام في تأييد القرار، كما حصلت فيه علي موافقة الكونغرس علي ميزانية حربية قدرت بـ40 بليون دولار، وقامت من أجله باستنفار جيشها وبتسيير مختلف التشكيلات لفرقه العسكرية من أعلي قيادات الجيش، لأساطيلها الجوية والبحرية إلي فرق المشاة، بعدما ضمنت له ضرب طوق حربي حول الحقل التجريبي الأول لهذه الحرب (أفغانستان) باستخدام الأجواء المجاورة لها وبإقامة القواعد العسكرية علي الحدود الأفغانية، خصوصاً الحدود مع طاجيكستان وأوزبكستان، هذا عدا الاعتماد علي القواعد العسكرية القريبة والبعيدة في المنطقة والتي تملك أميركا حرية مسبقة قبل أحـداث 11 ايلــول للتحــرك في مياههــا .
وأميركا في هذا لم تكتف بالعمل العسكري بصفته عملاً تقوم به بالأصالة عن نفسها، بل إنها قدمته علي أنه عمل عسكري تقوم به أميركا بالأصالة عن النفس وبالنيابة عن العالم الغربي كله بل عن الحضارة الغربية، وهي في هذا تحشد خطابها الإعلامي المعتمد لترويج الحرب بمفردات يجري تسويقها علي أنها مفردات قيمية خاصة بالحضارة الغربية وحكراً عليها مثل قيمة الحرية والعدالة، فأصبحت حرب أميركا كأنها حرب للدفاع عن هذه القيم، وأصبح كل من لا يتحالف مع أميركا عدواً ليس لأميركا وحدها بل للحضارة الغربية ككل، وعلي وجه التحديد لقيم الحرية والعدل التي لا تري أميركا أنه يمكن إحقاقها إلا بالحرب. ومن هذا الادعاء تفرع الفرع الثاني من استراتيجية العمل العسكري:

ب - العمل العسكري التحالفي:
سعت أميركا علي هذا المستوي من مستويات العمل العسكري الي اقامة تحالف دولي يمكنها من استعارة الشرعية الدولية كغطاء قانوني وأخلاقي لحربها ولتشن تحت غطائه هجومها العسكري والإعلامي أيضاً علي من تشاء ممن تصنفهم في خانة الأعداء، وإذا كانت أميركا حتي بعد مضي 3 أشهر من إعلان الحرب استطاعت الحفاظ علي الهيكل العام لهذا التحالف الدولي رغم هشاشته مما سمح للمتحدث العسكري برفقة الرئيس الأميركي في مزرعته بتكساس ما قبل المساء الأخير من عام 2001 بأن يباهي بأن هناك 50 دولة لا تزال صامدة في التحالف، منها 16 دولة موجودة ولو رمزياً في القواعد الأميركية في الخارج و 26 دولة موجود في غرف العمليات في الداخل الأميركي، فإن من الواضح للمتابع أن هذا التحالف في واقعه العسكري الفعلي يكاد يكون تحالفاً ثنائياً بين أميركا وبريطانيا، بينما اتخذ الآخرون من أعضاء التحالف أدواراً مساندة تفاوتت قوة وضعف حماسها للحرب الأميركية في ما بينها حتي ضمن منظومة العالم الغربي نفسه، بل إن بريطانيا التي أبدي رئيس وزرائها حماساً ينافس الحماس الأميركي للحرب لم يسلم من موجات النقد اللاذع داخل بلاده علي موقفه التابع، خصوصاً عندما كانت الفضائيات العالمية تنقل صورة عدم التكافؤ المريع بين آلية القصف التقني الوحشي وبين الشعب الأفغاني الأعزل الذي لم يكن لديه ما يدفع به عن نفسه غائلة البطش الأميركي والبريطاني إلا بيوتاً طينية لا تتحمل قذيفة واحدة فكيف بملايين الأطنان من القذائف.
وتجدر الملاحظة أيضا أنه في مجال العمل العسكري التحالفي مع حرب أميركا قد تفاوت توزيع الأدوار بين أعضاء دول التحالف كما تفاوتت أهمية هذه الأدوار فمن أدوار استخباراتية واقتصادية وعسكرية وإعلامية مساندة إلي أدوار لا تزيد علي الالتزام بالصمت غير المحايد بالطبع لصالح الحرب الأميركية سواءً كان ذلك من جانب بعض الدول الأوروبية كروسيا أو من جانب الدول الآسيوية ذات الثقل المركزي في مجالات المنطقة المعنية بالحرب كالصين واليابان والهند، أو من جانب دول المنطقة المعنية مباشرة بالحرب كإيران والسعودية ومصر وسورية. فباستثناء باكستان من دول منطقة الحرب التي كان توريطها توريطاً مباشراً في العمق العسكري لحلف الحرب مطلباً ملحاً، فإن التحالف الدولي للحرب قد راوح في فعاليته كغطاء شرعي للحرب مراوحة كبيرة. وهذه المراوحة وإن لم تصل إلي حد انهياره أو إلي حد تهديد استمرار دول المنطقة كجزء منه، فإن تلك المراوحة قد خلفت للإدارة الأميركية إشكالية في مدي إمكان الاعتماد علي صمود موقف دول المنطقة مع التحالف من دون قيد أو شرط كما كانت تتوقع علي ما يبدو.
فعلي رغم أن الغليان الشعبي ضد الحرب الأميركية في دول المنطقة الحليفة ضمناً أو علناً مع حرب أميركا لم يسفر عن وجهه الحقيقي بما يكشف درجة غليانه العالية بشكل تظاهرات أو مسيرات شعبية باستثناء باكستان وإندونيسيا وإلي حد محدود السودان واليمن والبحرين، وعلي رغم أن دول المنطقة المعنية بالحرب الدائرة وقتها علي أفغانستان بضراوة غير مسبوقة قد نجحت في كبح جماح أي مظهر من مظاهر الاحتجاج الشعبي علي مستوي الشارع العربي والإسلامي بتحريمه تماماً أو بقمعه كما حدث من جانب السلطة الفلسطينية تجاه بوادر التظاهرات الشعبية الواقعة تحت قيادتها والتي انتهت بمقتل مواطنين فلسطينيين علي أيدي شرطة فلسطينية، فإن ذلك النجاح أي نجاح الأنظمة في كبح إظهار السخط الشعبي علي حرب أميركا ضد شعب مسلم أعزل لم يكن علي ما يبدو ثمناً كافياً لأميركا لتثق في ذلك الجانب من جوانب تحالفها الدولي .
كما لم يكن في إغلاق إيران لحدودها مع أفغانستان ولهجتها اللينة في إدانة الحرب الأميركية علي دولة مسلمة ما يكفي لطمأنة أميركا، ومن هنا فقد كانت الحملة الإعلامية الأميركية المعادية التي شنتها علي السعودية ومصر في ذروة حملتها العسكرية علي أفغانستان تعبيراً عن شكوكها في جدية موقفهما من التحالف وعدم رضاها التام عن مستوي أداء كل منهما داخل التحالف. فأميركا التي طالما التزم إعلامها الصمت المطبق تجاه قضايا جوهرية تخص حقوق الإنسان والشعوب في المنطقة التزاماً بمصالحها مع الأنظمة لم يرضها أن يكتفي بعض دول المنطقة بالصمت في تأييد حربها علي أفغانستان (وإن كان بطبيعة الحال صمتاً غير محايد)، كما لم يكفها التزام عدد من تلك الدول بالتزامات مالية ومساعدات استخباراتية، بل يبدو أن أميركا أرادت لعملها العسكري تأييداً مطلقاً وصريحاً من الدول الحليفة بالمنطقة، حتي وإن جاء ذلك علي حساب فتح جبهة داخلية بين تلك الدول وبين شعوبها.

ج - العمل العسكري بالنيابة عن أميركا:
لقد تردد في بداية الهجوم الأميركي علي أفغانستان في 7/ 10 / 2001وكذلك في ذروة القصف وقبل أن تصل الإدارة الأميركية إلي قرار نهائي في الاعتماد علي قوات تحالف الشمال الأفغاني وبعد الفشل الذريع لعملها التجريبي الأولي بإنزال فرقة عسكرية من الكوماندوس آكلة الأفاعي كما يسمون، علي الأرض الأفغانية التي انتهت بمقتل اثنين منهم، أن أميركا تنوي الاعتماد علي ميليشيات من المشاة المرتزقة من خارج الجيش الأميركي عندما تنتهي من وصلة القصف الجوي المكثف وتصل إلي فصل المواجهة العسكرية وجهاً لوجه مع المقاتلين الأفغان.
غير أن أميركا سرعان ما عدلت عن هذا التكتيك علي ما يبدو عندما تبين لها أنها يمكن أن تجد من يخوض بعض فصول الحرب نيابة عنها في أفغانستان وفي غير أفغانستان بالاعتماد علي بعض الأنظمة من دون أن تزيد في تسويء سمعتها كدولة عظمي بالاعتماد في حربها علي الهواة من المرتزقة، وربما يكون في تجربتها مع قوات تحالف الشمال وقيامها علي خير ما تروم أميركا بالحرب نيابة عنها وبأكثر مما كان سيكون في طاقة ميليشياتها الأرضية الجاهلة بطبيعة اللغة والجغرافيا علي الأرض الأفغانية (خصوصاً أن أولئك أبدعوا أيما إبداع في تصفية الأسري والتنكيل بالمحاصرين في سجن القلعة في مزار الشريف من المقاتلين الذين أعلنوا استعدادهم للاستسلام من الأفغان والأفغان العرب فلم يقبل منهم أقل من القتل وعرض جثثهم التي لم يمح حتى الموت آثار الذعر عليها أمام الكاميرات كشاهد علي انتصار الإرهاب الأميركي في حربها علي الإرهاب المزعوم)، ما شجع أميركا علي المضي قدماً في تكريس استراتيجيتها العسكرية في الاعتماد علي العمل العسكري بالنيابة عنها.
إلا أن ما يسترعي الانتباه أنه إذا كانت أميركا وجدت ضالتها في من يقوم بالعمليات العسكرية القذرة نيابة عنها في أفغانستان نظراً إلى العداء والتناحر بين الأخوة الأعداء الذين خلفتهم الظروف القاسية للمواجهة مع السوفييت فإن ظروف أفغانستان لن يكون في إمكان أميركا استعادتها أو تكرارها لتجد أميركا من يخوض حربها نيابة عنها.
ومع ذلك فإن ما يجري علي أرض الواقع في المنطقة يشي بأن أميركا ماضية في تجريب حظها لإيجاد من يقوم بالعمليات العسكرية نيابة عنها ولصالحها ومن دون أن تتكبد الخسائر العسكرية والمادية والعصبية نفسها التي تكبدتها في أفغانستان ومن دون أن تعرض سمعتها للنقد اللاذع نفسه الذي تلقته من المعارضين للعمل العسكري وللسياسة الأميركية في الداخل والخارج.
لقد ذهب بعض التحليلات المتفائلة إلي القول بأن ما يجري علي أرض اليمن اليوم من معارك عسكرية يعتم إعلامياً علي ما يبدو علي حجمها ، لا يمكن أن يكون فاتحة لعنف داخلي قد يهدد لا سمح الله بحرب أهلية قبلية بل إنه علي العكس من ذلك يعتبر الموقف الرسمي لليمن ضرباً من ضروب الذكاء السياسي، إذ تختار اليمن (هذا لو كانت في وضع يسمح بالاختيار) أن تكون حصتها من حرب أميركا بيدها لا بيد عمر، أي بيد جيشها النظامي لا بيد الجيش الأميركي، وذلك لتصفية من صنفتهم أميركا بالأسماء وربما بالعناوين وسلمـــت قوائمهـــا إلي اليمـــن.
إن مواجهة مثل هذه الموجات من الرأي المخالف السياسي لا تكون بإعلان الحملات العسكرية بالنيابة عن أميركا لأن مثل هذا الموقف لا يؤدي في الغالب إلي انحسارها بل إلي مدها، كما لا يؤدي إلي انفتاحها بل إلي مزيد من انغلاقها. كما أن شن الحملات العسكرية عليها بالنيابة عن أميركا قد يعطيها تعاطفاً شعبياً لم تكن لتكتسبه إلا بتحولها إلي ضحية من ضحايا حملة الحرب الأميركية علي المنطقة، فسواء اعترفنا أو لم نعترف فلا بد أن المراقب الموضوعي يعلم ولو بمجرد السماع ما يتم تناقله عبر رسائل هاتف الجوال بأن الشارعين العربي والإسلامي قد تحولا إلي شارع طالباني مع بداية القصف الأميركي القاهر علي أفغانستان، وذلك حتى من جانب أولئك الذين كانوا يتخذون موقفاً نقدياً من تشدد وانغلاق الخطاب السياسي الطالباني. فذلك الموقف المتعاطف لم يكن مبعثه الحب المفاجئ لطالبان ولكن مصدره بالتأكيد هو الكره كل الكره للعدوان العسكري الأميركي علي الشعب الأفغاني المسلم والرفض كل الرفض للوجود الأميركي في المنطقة. وهذا ينطبق علي واقع اليوم سواء كانت العمليات العسكرية تتم بيد الجيش الأميركي أو بيد زيد أو عمرو، وسواء كان هذا الوجود متجسداً بالقواعد والأساطيل أو بسياسة الإملاء وتصدير الأوامر والتمويل للعمليات العسكرية التي تتم بالنيابة عن أميركا.
إن الخوف من أميركا يجب ألا يخفي فداحة المقامرة التي يمكن أن يقترفها البعض رغبة أو رهبة ليس فقط في حق حاضر ومستقبل شعوبهم ووحدة أوطانهم واستقرار مجتمعاتهم بل حتي في حق استحقاقهم للشرعية واستمرار أنظمتهم التي قد يظنون أن الرضا الأميركي كفيل بحمايتها. فأميركا لم تستطع أن تحمي شاه إيران محمد رضا بهلوي ضد إرادة شعبه، كما لم تستطع أن تحمي الرئيس المصري أنور السادات، وكذلك فإنها لم تستطع أن تدافع عن حربها في فيتنام ضد إرادة شعبها.
وإذا كان هذا الكلام ينطبق علي جميع الأنظمة العربية والإسلامية التي لم تجرب ولو مجرد التفكير في سيناريو بديل للانقياد لبيت الطاعة الأميركي ولو لمجرد التمنع لحفظ ماء الوجه أو علي الأقل لتصعيب الموقف علي أميركا إن لم يكن في المقدور الوقوف التام في وجهها، فإنه أشد ما ينطبق أيضاً علي السلطة الفلسطينية التي هي أحوج ما تكون إلي الحفاظ علي عنفوان شعبها وعنفوان انتفاضته المجيدة وإلا لن يكون مصير السلطة الفلسطينية وقيادتها في إمكانية الاستفراد بها أفضل من طالبان.
فإذا كان إعلامهم وإعلامنا لا يريدان لنا أن نتعلم من الدرس الأفغاني إلا درس ما الذي يمكن أن يحدث لمن يحاول الوقوف في وجه أميركا أو يتجرأ علي مخالفتها كما حاولت أن تفعل طالبان، فإن الوجه المعتم من الدرس أن الشعب الأفغاني كان يعاني من حالة من الإنهاك والاستنزاف والفقر والعزلة والتهميش السياسي من جانب أميركا بما جعله علي غير استعداد للدفاع عن طالبان وغير قادر علي الدفاع عن نفسه وأرضه عندما استدعت الحاجة ذلك، لأن الشعوب كالأشجار لا يمكن أن تقف في وجه العواصف وهي في حالة ركوع، كما أن الشعوب كالطيور فهي وإن كانت لا تستطيع أن تطير بأجنحة متكسرة فهي لا يمكن أن تتعايش إلي الأبد مع الخوف من تقصف الأجنحة.
واذا كانت فصائل المقاومة الفلسطينية وعلي رأسها حماس والجهاد قد استجابت، تقديراً وحفاظاً علي الوحدة الوطنية، لنداء السلطة الفلسطينية بإيقاف العمليات الاستشهادية، والذي لم يكن ليصدر من جانب من تسمي بالسلطة الوطنية لولا الضغط الإسرائيلي والأميركي علي قيادتها من دون أن يقدم منهما أي مقابل للجانب الفلسطيني إلا مزيداً من البطش الإسرائيلي بالسلاح الأميركي، فإن علي السلطة الفلسطينية أن تحذر كل الحذر من أن تتحول إلي مرشح أميركي جديد لتنفيذ العمل العسكري في الحرب الأميركية نيابة عنها عن طريق التحريض علي تحجيم المقاومة أو ربما سحقها.
إن استراتيجية العمل العسكري هي واحدة فقط من استراتيجيات حرب أميركا فإلي متي سنظل عاجزين عن مواجهة التحديات المصيرية بغير ردات الفعل الآنية؟