رابعة العدوية
10-06-2009, 08:55 PM
مريم الحكايا ..
حين دخلتَ البيت , وأيقظتني , كنت غضبى جدا , أربع ساعات أخر , أمضيتها على الأريكة الباردة أنتظرك ..!
طعامك الذي رفضت تناوله للمرة الرابعة هذا الأسبوع , برد ولم تعد يجديني ساعات المطبخ الطويلة التي أقضيها في ابتكار ما يسعدك .. ألواني التي لونت فيها وجهي بكل دقة , فسدت أيضا , دون أن تنتبه لها , أكلمت طريقك إلى غرفة النوم , دون كلمة , لتغظ في نوم عميق , كثور أنهكه الحرث , وتركت لي مهمة إلباسك ملابس النوم , والمحافظة على نظافة قمصانك البيضاء و كيّها .
للمرة الرابعة هذا الأسبوع أسألك عن تأخرك , فتعللني بالعمل , أللعمل هذا الشعر الأشقر يجلل سواد بذلتك ؟
أراقبك وأنت نائم , أبحث عن جواب لما يحدث بدون فائدة تذكر , تتقلب كطفل وتهمهم بغزل مبهم – ربما للعمل أيضا – أعيد الغطاء على جسدك و أحاول النوم بلا جدوى ..!!
أكاد أحاكمك , أترك تخونني ؟ ! – ولم لا – ألم تكن باردا في السرير خلال الأسبوع المنصرم ؟ قد أكون حمقاء , ساذجة في بعض الأحيان , ولكنني أعرف بحواس الأنثى التي لا تخطأ بل أوقن تمام اليقين , أن هذه البرودة معناها أنك وجدت جسدا جديدا لتكتشفه ..
لم تأكل من طعامي لقمة واحدة , كأنني أستهدف لحظة سهوك لأدس لك سما – ربما أفعل – لم تنظر إلى وجهي أو عيناي – والأهم عيناي – فنحن معشر الإناث , نقرأ الكذب كقراءتنا جريدة صباحية غائمة .. حتى عطلتك الرسمية تعللت فيها بالأصدقاء وخرجت , -وحين عدت , عدت منهكا أكثر من العادة , و لم تبالي حتى بإيقاظي , بل نمت مباشرة .. دون غطاء .
أتخيلها الآن , شقراء , فالشعرة شقراء , أجل شقراء كما لوحتها الطبيعة – لا صبغة المصفف – قصيرة ( لسبب اجهله كنت تستقبح طولي ) , ضعيفة البنية ( ميلك الأبدي إلى الأجساد التي تشبه أجساد المراهقات ) , واسعة العينين , كرزية الفم , بيضاء البشرة بدون أي سوء ! .. يزين جسدها خال أسود , في أعلى النحر تماما , أليست هكذا ؟ أقص عليك ما أظنه فتسخر مني , وتلملم ثيابك ممعنا في الصمت وتنصرف ..
أمضي يومي بإعادة ترتيب المنزل , ونفض الغبار , أدعو الجارات لأغيظهن فليس هناك ذرة غبار واحدة في منزلي الصغير , اصرفهن لأمضي ساعات في المطبخ , ابتكر شيئا جديدا لك , أرسم قناعا خفيفا من الألوان على وجهي , و أتخير قطعة ملابس جيدة ( اقتنيتها أمس ) , وأنتظرك , السادسة , ستدخل خفية , أمامي تنبثق كمارد عظيم , تحمل الزهور التي أحب , وتقبلني , تناديني لأساعدك في خلع ثيابك .. تأكل طعامي مثنيا على جودته , أخبرك بأخبار العالم , اعلم أنك مشغول ولا وقت لديك لتواكب كل هذا فألخصه لك , قد أطعمك الطعام بيدي هاتين كأنك طفل , نتخير ما سنفعله في الأمسية ’ قد نخرج أو نشاهد فيلما ما , قد نخيم تحت النجوم , وقد نمضي في تمشية طويلة حول الحديقة .. نتأمل سعادتنا المخملية , فما بالك تغيرت ؟!
ليلا , تهمهم باسم غريب , ليس اسمي بالتأكيد , فليس باسمي سين أو ألف أو حتى راء .. لم أخبرك يوما عن كلامك أثناء النوم – الآن أحمد الله أني لم أفعل – في الماضي كانت همهمتك تشعرني بالأمان , فألتصق بك أكثر وأغفو , لكنك اليوم تكاد تقتلني بها , أقصرت بحقك يوما لتطعنني في الصميم ؟ أم أن ميل الرجال نحو التعدد والتغير أمر لا مفر منه ؟ وهل لامست جسدها ؟ وكيف كان مذاقه ؟ فجأة أشعر بالقرف ..يداك التي تلمسني بها أباحت لنفسها حرما سواي , لكنك لا تهتم !!
حاولت جاهدة في الأيام الماضية , أن أبحث عن نقص ما , حتى أنني بدأت العمل كمحاسبة في البقالة المجاورة , ولكنك لم تنتبه , حتى إلى ذرات الغبار التي بدأت تغطي كل شيء , نظرا لضيق الوقت , لم تنتبه إلى تعبي , أو حتى خروجي من المنزل ..
غيرت شكلي تماما , قصصت شعري الأسود الذي تحبه طويلا , وجعلته قصيرا جدا , فلم تغضب .. عجزت أن أنفخ الروح فيك أو أعيد البهجة إلى حياتنا , و عجزت .. اليوم وبعد همهمتك بسارة تلك , قررت !!
"إن لم تكن لي , فلن تكون لأحد" , استغرقت بالنوم ,تجللني دموعي حزنا عليك , أنت تعلم أني احبك , ولكنك ما تركت لي خيارا ..
وصباحا ومع قهوتك دسست لك سم الفئران , كانت القهوة مُرة , لم أخف تغير طعمها , فلن يظهر مع كم المرارة الهائل في قهوتك , أربع قطرات من السم تكفي لقتل فيل , هكذا اخبروني في قسم مكافحة القوارض في وزارة الصحة ..
كنت تشربها بهدوء , بثقة , دون ابتسامة , ببطء , لكنك لم تكمل النصف , تشنجت معلنا النهاية , وسقط فنجانك , وأنت .. ووقفت أنا , ودون ندم استدعيت الشرطة ..
مما جاء في تقرير الشرطة , بتاريخ 22 يناير , عام 2009 .
بعد أن استدعتنا المدعوة مريم محمد إلى شقتها , بدعوى أنها قتلت زوجها , وبعد تفتيش دقيق في شقتها تبين لنا التالي :
أولا : وجدنا فنجاني قهوة , كما وصفت , كان أحدهما مسموما و قد فرغ نصفه .
ثانيا : وجدنا السم المستعمل في الفنجان , سم فئران مرخص من قسم مكافحة القوارض , وزارة الصحة .
ثالثا : وجدا المتهمة في الزاوية في حالة أقرب إلى الذهول واللامبالاة ..
وبالتحقيق , تبين لنا أن المدعوة مريم , لها من العمر 29 عاما , لم تتزوج يوما , ولم ترتبط بأي ارتباط رسمي أو غير رسمي , وتم نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية , مع التحفظ على حالتها والتفاصيل ..
انتهى
تنويه : لمن امتلك نفسا ليصل الى آخر حرف هنا .. أنوه الى ان عنوان مريم الحكايا هو عنوان رواية لعلوية صبح .. - طبعا لا أقارن ذاتي بها - فشتان , ولكنني لم أجد في ذهني لهذه الأقصوصة ان صح التعبير سوى هذا العنوان ..
مودتي جميعا .. http://forum.shamsawy.net/style_emoticons/default/smile.gif
حين دخلتَ البيت , وأيقظتني , كنت غضبى جدا , أربع ساعات أخر , أمضيتها على الأريكة الباردة أنتظرك ..!
طعامك الذي رفضت تناوله للمرة الرابعة هذا الأسبوع , برد ولم تعد يجديني ساعات المطبخ الطويلة التي أقضيها في ابتكار ما يسعدك .. ألواني التي لونت فيها وجهي بكل دقة , فسدت أيضا , دون أن تنتبه لها , أكلمت طريقك إلى غرفة النوم , دون كلمة , لتغظ في نوم عميق , كثور أنهكه الحرث , وتركت لي مهمة إلباسك ملابس النوم , والمحافظة على نظافة قمصانك البيضاء و كيّها .
للمرة الرابعة هذا الأسبوع أسألك عن تأخرك , فتعللني بالعمل , أللعمل هذا الشعر الأشقر يجلل سواد بذلتك ؟
أراقبك وأنت نائم , أبحث عن جواب لما يحدث بدون فائدة تذكر , تتقلب كطفل وتهمهم بغزل مبهم – ربما للعمل أيضا – أعيد الغطاء على جسدك و أحاول النوم بلا جدوى ..!!
أكاد أحاكمك , أترك تخونني ؟ ! – ولم لا – ألم تكن باردا في السرير خلال الأسبوع المنصرم ؟ قد أكون حمقاء , ساذجة في بعض الأحيان , ولكنني أعرف بحواس الأنثى التي لا تخطأ بل أوقن تمام اليقين , أن هذه البرودة معناها أنك وجدت جسدا جديدا لتكتشفه ..
لم تأكل من طعامي لقمة واحدة , كأنني أستهدف لحظة سهوك لأدس لك سما – ربما أفعل – لم تنظر إلى وجهي أو عيناي – والأهم عيناي – فنحن معشر الإناث , نقرأ الكذب كقراءتنا جريدة صباحية غائمة .. حتى عطلتك الرسمية تعللت فيها بالأصدقاء وخرجت , -وحين عدت , عدت منهكا أكثر من العادة , و لم تبالي حتى بإيقاظي , بل نمت مباشرة .. دون غطاء .
أتخيلها الآن , شقراء , فالشعرة شقراء , أجل شقراء كما لوحتها الطبيعة – لا صبغة المصفف – قصيرة ( لسبب اجهله كنت تستقبح طولي ) , ضعيفة البنية ( ميلك الأبدي إلى الأجساد التي تشبه أجساد المراهقات ) , واسعة العينين , كرزية الفم , بيضاء البشرة بدون أي سوء ! .. يزين جسدها خال أسود , في أعلى النحر تماما , أليست هكذا ؟ أقص عليك ما أظنه فتسخر مني , وتلملم ثيابك ممعنا في الصمت وتنصرف ..
أمضي يومي بإعادة ترتيب المنزل , ونفض الغبار , أدعو الجارات لأغيظهن فليس هناك ذرة غبار واحدة في منزلي الصغير , اصرفهن لأمضي ساعات في المطبخ , ابتكر شيئا جديدا لك , أرسم قناعا خفيفا من الألوان على وجهي , و أتخير قطعة ملابس جيدة ( اقتنيتها أمس ) , وأنتظرك , السادسة , ستدخل خفية , أمامي تنبثق كمارد عظيم , تحمل الزهور التي أحب , وتقبلني , تناديني لأساعدك في خلع ثيابك .. تأكل طعامي مثنيا على جودته , أخبرك بأخبار العالم , اعلم أنك مشغول ولا وقت لديك لتواكب كل هذا فألخصه لك , قد أطعمك الطعام بيدي هاتين كأنك طفل , نتخير ما سنفعله في الأمسية ’ قد نخرج أو نشاهد فيلما ما , قد نخيم تحت النجوم , وقد نمضي في تمشية طويلة حول الحديقة .. نتأمل سعادتنا المخملية , فما بالك تغيرت ؟!
ليلا , تهمهم باسم غريب , ليس اسمي بالتأكيد , فليس باسمي سين أو ألف أو حتى راء .. لم أخبرك يوما عن كلامك أثناء النوم – الآن أحمد الله أني لم أفعل – في الماضي كانت همهمتك تشعرني بالأمان , فألتصق بك أكثر وأغفو , لكنك اليوم تكاد تقتلني بها , أقصرت بحقك يوما لتطعنني في الصميم ؟ أم أن ميل الرجال نحو التعدد والتغير أمر لا مفر منه ؟ وهل لامست جسدها ؟ وكيف كان مذاقه ؟ فجأة أشعر بالقرف ..يداك التي تلمسني بها أباحت لنفسها حرما سواي , لكنك لا تهتم !!
حاولت جاهدة في الأيام الماضية , أن أبحث عن نقص ما , حتى أنني بدأت العمل كمحاسبة في البقالة المجاورة , ولكنك لم تنتبه , حتى إلى ذرات الغبار التي بدأت تغطي كل شيء , نظرا لضيق الوقت , لم تنتبه إلى تعبي , أو حتى خروجي من المنزل ..
غيرت شكلي تماما , قصصت شعري الأسود الذي تحبه طويلا , وجعلته قصيرا جدا , فلم تغضب .. عجزت أن أنفخ الروح فيك أو أعيد البهجة إلى حياتنا , و عجزت .. اليوم وبعد همهمتك بسارة تلك , قررت !!
"إن لم تكن لي , فلن تكون لأحد" , استغرقت بالنوم ,تجللني دموعي حزنا عليك , أنت تعلم أني احبك , ولكنك ما تركت لي خيارا ..
وصباحا ومع قهوتك دسست لك سم الفئران , كانت القهوة مُرة , لم أخف تغير طعمها , فلن يظهر مع كم المرارة الهائل في قهوتك , أربع قطرات من السم تكفي لقتل فيل , هكذا اخبروني في قسم مكافحة القوارض في وزارة الصحة ..
كنت تشربها بهدوء , بثقة , دون ابتسامة , ببطء , لكنك لم تكمل النصف , تشنجت معلنا النهاية , وسقط فنجانك , وأنت .. ووقفت أنا , ودون ندم استدعيت الشرطة ..
مما جاء في تقرير الشرطة , بتاريخ 22 يناير , عام 2009 .
بعد أن استدعتنا المدعوة مريم محمد إلى شقتها , بدعوى أنها قتلت زوجها , وبعد تفتيش دقيق في شقتها تبين لنا التالي :
أولا : وجدنا فنجاني قهوة , كما وصفت , كان أحدهما مسموما و قد فرغ نصفه .
ثانيا : وجدنا السم المستعمل في الفنجان , سم فئران مرخص من قسم مكافحة القوارض , وزارة الصحة .
ثالثا : وجدا المتهمة في الزاوية في حالة أقرب إلى الذهول واللامبالاة ..
وبالتحقيق , تبين لنا أن المدعوة مريم , لها من العمر 29 عاما , لم تتزوج يوما , ولم ترتبط بأي ارتباط رسمي أو غير رسمي , وتم نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية , مع التحفظ على حالتها والتفاصيل ..
انتهى
تنويه : لمن امتلك نفسا ليصل الى آخر حرف هنا .. أنوه الى ان عنوان مريم الحكايا هو عنوان رواية لعلوية صبح .. - طبعا لا أقارن ذاتي بها - فشتان , ولكنني لم أجد في ذهني لهذه الأقصوصة ان صح التعبير سوى هذا العنوان ..
مودتي جميعا .. http://forum.shamsawy.net/style_emoticons/default/smile.gif