المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوباما والتغيير ...والنظام العربي !!



إسلامية
14-08-2009, 09:15 AM
وصل أوباما للحكم بناء على برنامجه وشعاراته والتي تدعو للتغيير في أساليب الحكم والسياسة الأمريكية داخليا وخارجيا. بل إن وصوله للبيت الأبيض كأول رئيس أسود في التاريخ يظهر مدى التعطش الشعبي الأمريكي للتغيير بعد ولايتين للرئيس جورج بوش شكلا كوارث على أمريكا أخلاقيا وعسكريا واقتصاديا.


ولعل الإخفاق الأمريكي في أكثر من جبهة والتراجع العسكري والخسائر الكبيرة شكلت حوافز كبرى للتغيير، فانصبت أصوات الناخبين والتي ذهبت إلى بوش في ولايته الثانية منتشية بالانتصارات العسكرية الظاهرة وحمامات الدم في العراق وأفغانستان، إلى الاتجاه المعاكس لعل الرئيس الجديد ينتشل أمريكا من عثراتها وانتكاساتها.



فهل كان الدافع الأساسي والمحرك الرئيسي لأوباما في التغيير هو قيم أخلاقية أم عوامل التبدل في معطيات وموازيين القوى؟ وبكل الأحوال فإن المبادئ والقيم قد تكون نتاج لتحولات مادية تكشف عن حقائق وتفضح أخرى. غير أن السؤال الأخر والأكثر أهمية، هل أوباما صادق في مساعيه للتغيير وفي توجهاته المغايرة ومقارباته المختلفة عن سلفه، أم أن الأمر لا يعدو كونه شعارات زائفة وتكتيكات قصيرة، حتى عادت الهيمنة للقوة الأمريكية واستعادت توازنها رأينا أوباما أخر لا يختلف كثيرا عن بوش الصغير؟



خطاب أوباما في القاهرة شكل نقلة نوعية وموقف الرجل من مسألة الحجاب تحسب له، وإن كان البعض شكك في أطروحاته معتبرا أن تشديد الرئيس الأمريكي في خطابه للعالم الإسلامي حول إستراتيجية العلاقة مع الدولة العبرية بمثابة دليل على عدم جدية الأفكار المطروحة والتي لن تخرج عن العبارات الإنشائية المنمقة. وبطبيعة الحال فإن أوباما ولو كان صادقا في أطروحاته، فإنه لن يستطيع سوى أن يسلك مسلكا متدرجا في طرق سياسية وساحات تعج باللوبي الصهيوني وبالمتعاطفين معه.



غير أن الصورة ومع مرور الأيام بدت تميل إلى السواد وتحمل الكثير من القرائن للمتشككين، فالتعنت الإسرائيلي والمواقف المخالفة للقوانين الدولية لم تلق من إدارة أوباما اعتراضا أو تنديدا بل وأكثر من ذلك تلقت المديح والتقريض. فخطاب نتنياهو والذي نسف فيه كل أسس السلام –والقائمة أصلا على موازيين جائرة- مستهترا فيه بمبادرة السلام العربية وبدعوات أوباما ، تلقى من الإدارة الأمريكية عبارات الإشادة والترحيب.



كما نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية تقريرا عن اتفاقية أمريكية-إسرائيلية حول استمرار البناء في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. أخر الصرعات الأمريكية دعوة هيلاري كلينتون الدول العربية إلى المبادرة الآن باتخاذ تدابير ملموسة باتجاه تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وقالت كلينتون في كلمة في واشنطن، إن "الدول العربية لديها مسؤولية اتخاذ تدابير لتحسين العلاقات مع "إسرائيل" وإعداد الرأي العام لديها لتقبل السلام وتقبل مكانة إسرائيل في المنطقة "، وأضافت "نحن نطلب منها قبول اقتراحنا باتخاذ تدابير ملموسة الآن".



وقالت الوزيرة "إننا نتوقع أعمالا من جانب إسرائيل، لكننا نقر بان هذه القرارات صعبة سياسيا"، وأضافت "نعرف إن التقدم نحو السلام ليس من مسؤولية الولايات المتحدة أو "إسرائيل" فقط". بعبارات أخرى وكما أشار عدد من المحللين السياسيين فإن إدارة أوباما تعرض على العرب: التطبيع الكامل مقابل تجميد الاستيطان، ويا لبؤس العرض، التجميد وليس التوقف عن اغتصاب أراض الفلسطينيين. من السلام مقابل الأرض إلى التطبيع مقابل التجميد المؤقت للاستيطان، ولعل الموقف الأمريكي الأخير هو الموقف العلني الأسوأ دوليا في مسألة الاستيطان.



فهل علينا أن نلوم أوباما ونكتفي بتسفيه أطروحاته وبإثبات أن السياسة الأمريكية مهما تبدلت الأحزاب والشخصيات والأعراق هي سياسة جائرة ومعادية للعرب والمسلمين؟ برأيي إن من يجب أن يلام هو النظام العربي الرسمي، هذا النظام والذي يتصرف في الساحة الإقليمية والدولية كجثة محنطة لا تملك الفعل ولا ردات الفعل. كما إن غياب الديمقراطية والرأي العام عن صناعة القرار السياسي في معظم العواصم العربية هو الذي يشجع كلينتون وغيرها على إصدار الأوامر والطلبات للعرب والتحدث عن الصعوبات التي تواجهها حكومة الاحتلال في اتخاذ قراراتها.



دولة الاحتلال ترتكب الجرائم والإبادة في حق الفلسطينيين في غزة، وتستمر بسرقة الأراضي في الضفة وفي بناء جدار الفصل العنصري وتهدد المسجد الأقصى وتتجرأ عليه عبر اقتحام وزير إسرائيلي له وتصوير مقاطع من الأفلام في جنباته وتتجاوز عبر خطاب نتنياهو جميع متطلبات "السلام"، ومع كل ذلك تبقى مبادرة السلام العربية على الطاولة خيارا وحيدا ويتيما لأمة تنفق عشرات المليارات على الجيوش وتسليحها. فلا تلوموا أوباما ولا نتنياهو، فالنظام العربي أدمن على تلقى الصفعات السياسة وهو يجبر حتى من أراد أن يتعامل بشيء من الإنصاف مع العرب على العدول عن سياساته والانحياز الكامل للاحتلال وظلمه وجرائمه.


http://almoslim.net/node/116191