المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكمة الإسلام في حصة المرأة من الميراث



محمد السويسي
15-08-2009, 10:26 PM
التوارث بين المسلمين واجب في الكتاب والسنة ، قال تعالى : " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً " . وقال : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقى فلأولى رجل ذكر".
وقال : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " . والوارثات من الإناث ثلاثة أقسام وهي : الزوجة والمعتقة وذوات القرابة ،
وثلاثة أقسام : أصول ، وهي الجدة والجدة لأم أو لأب . وفروع ، وهي البنت وبنت الأبن وإن نزلت ، وحاشية قريبة ، وهي الأخت مطلقاً.

وهكذا أنصف الإسلام المرأة ورعى حقوقها بإعطائها حق الميراث. وميراث المرأة المسلمة من الأمور التي تحدث فيها كثيرون من الأجانب . ففي الوقت الذي كانت فيه شرائع بعض الدول الغربية تجعل الميراث للأبن الأكبر وتحرم سائر الأولاد ذكوراً وإناثاً ، نرى كتاباً من هذه الدول يعيبون على نظرية الميراث الإسلامي ، بينما رجل الحقوق والقانون في جامعات باريس العميد دوجيه يرى غير ذلك بقوله :
" أنه لو اجتمع أساتذة القانون في جامعات اوروبا وعكفوا عدة شهور ليضعوا قواعد للمواريث كقواعد الشريعة الإسلامية لأصابهم فشل ذريع " .

ذلك أن المجتمعات غير الإسلامية وفقاً للدكتور حسن الحفناوي " إنما تسلك في المواريث قواعد بشرية إن أنصفت طرفاً ظلمت أطرافاً .
إما نظرية المواريث في الشريعة الإسلامية فهي نظرية باهرة في ضبطها ودقتها وإنصافها وشمولها وعدالتها "

ومن القواعد التي تبناها الإسلام في الميراث : عدم الإعتداد بالسن . فإذا كان الورثة أخوة فهم سواسية في الأنصبة بقطع النظر عن سن كل منهم . كذلك لم يعتد بالذكورة والأنوثة فكلا الذكرين والأنثى يرث إن كان مستحقاً . ومنها أنه جعل للذكر دائماً مثل حظ الأنثيين بقوله تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " . هذا بالنسبة إلى الأولاد .
كذلك بالنسبة إلى الأب والأم فلو كانا هما الوارثين فقط لاابنهما ، فيكون للأب الثلثان وللأم الثلث .
يقول الله تعالى : " فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث" .

والذي يتأمل في ذلك يجد أن قسمة المواريث تلك عادلة ومنطقية بما فيها من فوارق في البنية والدور الذي يسره الله لكل منهما في الدنيا .

فالمرأة تحمل وتلد وترضع وتربي وما يتطلب ذلك من وقت وجهد ومشقة كما القيام بالأعباء المنزلية وواجباتها تجاه زوجها وأولادها . لذا خفف عنها الإسلام مقابل ذلك عدم تكليفها السعي على كسب العيش وأناط بالرجل لكسب القوت وكلفة الإنفاق ورفع ذلك عن المرأة . فإن كانت بنتاً فنفقتها على أبيها . وإن كانت زوجاً فنفقتها على زوجها . وإن كانت أماً فنفقتها على ولدها إن كان زوجها متوفياً أو لايعمل لعلة .

فعبء الإنفاق من مسؤولية الرجل دائماً . والمرأة لاتكلف بالإنفاق أبداً بل هي مُنفق عليها ، ولذلك فلقد أعان الله الرجل على هذا الإلتزام بأن جعل نصيبه في الميراث ضعف نصيب الأنثى . وبذلك نجد أرفع قواعد العدالة . إذ بالرغم من أنه لم يكلف المرأة بالإنفاق قط فإنه مع ذلك لم يحرمها من الميراث وإنما زاد نصيب الرجل ليعينه على أداء ماكلفه به .

وبذلك يبين لنا أن الإسلام لم يظلم المرأة قيد أنملة ، بل لعله جعلها أوفر حظاً من الرجل إذ ليست مكلفة بالإنفاق أبداً ، ومع ذلك قدر لها نصيباً من الميراث .
وقد ردت السيدة هدى شعراوي على بعض المطالب بتعديل نصيب المرأة من الميراث بقولها :" ...إننا لم نلاحظ تذمراً من المرأة أو شكوى من عدم مساواتها بالرجل في الميراث ، والظاهر ان إقتناعها بما قسم لها من نصيب ناشىء من أن الشريعة عوضتها مقابل ذلك بتكليف الزوج بالإنفاق عليها وعلى اولادها كما منحتها حق التصرف في أموالها ..."

إن الشرائع التي تعطي المرأة في الميراث مثل نصيب الرجل ألزمتها بأعباء مثل أعبائه وواجبات مالية مثل واجباته ، لاجرم إن كان إعطاؤها مثل نصيبه في الميراث في هذه الحالة أمراً منطقياً ومقبولاً . أما أن ننفي المراة من كل عبء مالي ومن كل سعي للإنفاق على نفسها وعلى أولادها ونلزم الرجل بذلك وحده ثم نعطيها مثل نصيبه في الميراث فهذا ليس أمراً منطقياً في شريعة العدالة .
عن كتاب لكاتب هذا المقال بعنوان " حقوق المرأة في السنة النبوية