المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البلاغ على الرسول



ابراهيم الشعلان
16-08-2009, 10:08 PM
منذ معصية آدم، وغواية الشيطان له، وتقرير العداء بينهما: »فأزلهما الشيطان عنها
فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى
حين « (البقرة : ٣٦ ) وعد الله - عز وجل - بنزول هدى، من يتبعه نجا وفاز، ومن كذب به خسر وخاب:
»قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم
يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون « (البقرة: ٣٨ - ٣٩ ).
وعلى هذا الوعد والنهج سارت البشرية من لدن آدم، وحتى مجيء آخر هدى على الأرض،
ممثلاً في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن مراعاة من الله - عز وجل - لتفرق العالم،
شرقاً وغرباً ويمنة ويسرة أرسل لكل أمة هدى »رسولاً« ليبلغ رسالة الله وهداه، وبنا ً ء عليه يقول
الله - عز وجل - : »وإن من أمة إلا خلا فيها نذير « (فاطر: ٢٤ ) وقد يرسل الله - عز وجل - للأمة
الواحدة أكثر من رسول كما حدث مع موسى وهارون عليهما السلام حينما أرسلا إلي فرعون،
ومن ثم يناديهما الله - عز وجل - بقوله: »اذهبا إلى فرعون إنه طغى « (طة: ٤٣ )، وقد يكون
المرسل أكثر من اثنين، كما وقع لأصحاب القرية، وذلك ما يتجلَّى في قوله تعالى: »واضرب لهم
مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا
إليكم مرسلون « (يس: ١٣ - ١٤ )، ومن ثم قد يتعاصر رسولان أو أكثر.
وطالما أن تفرق العالم وكثرته وعدم توافر سبل الاتصال والمواصلات بينه يقتضي إرسال
رسول، مبشراً ونذيراً لكل مة، فإن تقارب العالم وكونه قرية كونية صغيرة تتوافر فيها تقنيات
الاتصالات والمواصلات بين أقطارها من شأنه ألا يقتضي ذلك التعدد، بحيث يكون المبشر والمنذر
واحداً تُتم به الرسالات، وينضوي الجميع تحت رسالته، وذلك ما تمثل في محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، فهو خاتم الأنبياء والرسل، وكان مثل اللبنة التي أتمت البيت، ومن كانت
رسالته عالمية، للإنس والجن »وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين « (الأنبياء: »: ،(١٠٧ ليكون للعالمين
نذيرا ٠ « الفرقان: »: ،(١ وما هو إلا ذكر للعالمين « (القلم: ٥٢ ).
وبنا ً ء عليه، فهو صلى الله عليه وسلم شهيد على أمته من لدن بعثته، وحتى قيام الساعة،
وأمته من بعده شاهدة علي الناس: »لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً «
(البقرة ٤٣ )، ومن مقتضيات شهادة أمته على الناس ولوازمها من بعده أن تواصل رسالته في
التبليغ والدعوة لها في شتى أرجاء المعمورة، فتلك أمانة في أعناقها، يجب أن تضطلع بها،
بحيث لا تبقى بقعة في الأرض إلا ووصلتها، ومن ثم يكون من رفضها من بعد أن وصلته قد
برئت الذمة منه، وعليه يتحقق أن البلاغ على الرسول: »وما علي الرسول إلا البلاغ المبين « (النور:
٥٤ )، سواء في حياته، أو بعد مماته بما تركه من قرآن كريم، وسنة شريفة، وأمة شاهدة مبلغة