المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية الإسلام .. فيه ما فقدته المسيحية * قسيس روماني كاثوليكي وكاتب يعيش في روما *



Black_Horse82
15-01-2002, 06:19 PM
(الشبكة الإسلامية)
بقلم ديفد مكلورين * - ترجمة : إيمان الكواري



ينظر كثير من المسلمين إلى الغرب المسيحي على أنه منحط ، فهل يمكن أن يكونوا على صواب ؟ إن الإسلام يملك من الصفاء والقوة اللتين فقدتهما المسيحية فيما يبدو ، ما يؤهله لأن ينتصر في حرب الأفكار ، حتى لو انتصرنا نحن في حرب أفغانستان.
إن كلمات من قبيل : الله أكبر ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله … هي روح الإسلام ، والإنسان لا يستطيع أن يقول أي شيء عن الله سوى أنه الله ، وعظمته لا يمكن أن توصف بكلمات . تلك الطبيعة التي فوق نطاق المعرفة البشرية هي السبب وراء النجاح الفائق للإسلام . إنه البساطة بكل معانيها ، إنه الدين في أنقى أشكاله ، وبالمقارنة فالمسيحية تبدو مشتتة ومعناها غامض ، و رموزها التي كانت يومًا ما قوية سوف تغلف بطريقة تقليدية فالرهبة – مثلاً - والخوف من الصليب نُسيتا .
وقد أعدت صحيفة روما اليومية ذائعة الصيت ( لاريببليكا ) تقريرًا مدهشاً في إيطاليا يفيد بأن حوالي 70,000يهتدون للإسلام ؛ فمنذ أحداث 11 سبتمبر زاد الاهتمام بالإسلام ، وارتفعت مبيعات الكتب التي تتحدث عنه ، فلماذا يحدث هذا ؟
إنه ما من شك أن الهجوم على أمريكا ألقى بظلاله على العالم الإسلامي ، وربما لن يكون هناك شيء أكثر ضرراً من السمعة السيئة فلا يخفى علينا أن أسامة بن لادن ليس بالوجه الحقيقي للإسلام ، وقد قيل لنا هذا تكرارًا . وعلى الرغم من هذا فإن إمكانية أن يكون الرجل سببًا لجعل الأشخاص المثقفين مستعدين للموت ، شيء يدعو للتأمل ، فضلاً عن تقشفه الشديد وشخصيته المنضبطة جدًا التي دفعته لأن يكرس نفسه لخدمة دينه ، وصوته في أشرطة الفيديو الذي ليس صوتًا تعصبيًا بل هو منطقي ، وملامحه هادئة، وإيمانه بنفسه لا يمكن أن يهزه شيء ، وملابسه الدينية وملازمته لجبله وركونه إلى عالم غير عالمنا وأولوياته التي تختلف عن أولوياتنا . إن جميع ذلك يجبرنا على مواجهة سؤال غير مرغوب به : ما هو – حقًا – ما نؤمن به ؟
إنه لمن الصعب القول : في حين تكون دعوة الإسلام البساطة ذاتها ، فإن دعوة المسيحية مبهمة بدراسات علم الدين العديم الفائدة لكثير من الناس ! وللأسف هناك عدة عناصر لتقهقر الكنيسة المسيحية ، وخاصة في الكاثوليكية الرومانية ؛ ففي عام 2001 لا تزال الكنيسة تمارس طقوسها التي كان لها معنى في عام 1601، ولكنها الآن لا تتماشى مع اهتمامات هذا القرن . وقد حاول المجلس الفاتيكاني اكتشاف اللغز المخيف الذي يوجد جوهر الإيمان ، ولكنه لم ينجح تمامًا ؛ فنحن نعلم أن القوانين القديمة قد ولت ، ولكننا لم نتقبل بعد القوانين الجديدة ؛ فاللاتينية ولت ليُستبدل بها – فقط - الكلام الفاتيكاني وتفاهات العمل الاجتماعي !
وبعد هذا كله لا تزال هذه الرسالة تكافح ليفهمها الجميع ، ودعوة المسيحية وإن لم تكن " الله أكبر " فإن الله رحيم وقانونه الحب ، وهذا الشعور بالرحمة هو أساس ما نتمسك به ، وحتى الملحدون يصدقون به .
ولكن المشكلة أن المسيحية تعاني من نقص في الثقة ، وهذا دليل على أن انحرافها سيزداد ؛ فعلى الرغم من أن لدينا قيمنا نجد من الصعب تحديدها ، وعندما يستطيع جورج بوش أن يقول: " ليبارك الله أمريكا " ، نجد أن " القاعدة" وبكل سخرية قد اختارت أمريكا هدفًا لها ! والبلد الأقل انحطاطًا والأكثر تمسكًا بدينه في الغرب كبريطانيا مثلاً من الصعب أن يقول أي سياسي بريطاني هذا دون أن يتعرض للاستهزاء .
و بعبارات أخرى ، نحن في أوروبا ذوو الثقافة الرفيعة وأصحاب الفكر العالي يصعب علينا التحدث بكل صراحة عن الصواب والخطأ ، بل نتحرج من ذلك ، وهو الأمر الذي سيجعل من الصعب علينا وضع نهاية للصراع الحالي .
إن هذه الحرب مثل كل الحروب لا يمكن محاربتها بالقنابل والرصاص فقط ، والتي نملك منها الكثير ، ولكنها الأفكار والإيمان الصادق الذي ينقصنا .
________________________
* قسيس روماني كاثوليكي وكاتب يعيش في روما


الأربعاء : 9 / 1 / 2002