المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستبصرون ( الشيخ معتصم السيد أحمد )



nag11
16-01-2002, 01:46 PM
الشيخ معتصم السيد أحمد

كان البحث عن المنهج والفكر الناضج والثقافة المسؤولة صعباً، وكانت المرحلة مريرة رغم أن بحثي كان بصورة عفوية وفطرية، ففي أثناء حياتي الطبيعية كنت أسأل وأناقش وغير ذلك، ولم يكن هناك تفرغ للبحث والمثابرة.

وبعد الغزو الوهابي العنيف على السودان، واشتدت المناظرات والمناقشات وازدياد الحركة الدينية انكشفت كثير من الحقائق وظهرت كثير من الاختلافات والمفارقات التاريخية والعقائدية والفقهية، وبدأت عملية تكفير بعض الفرق وإخراجها من رقعة الإسلام مما أدى إلى التمذهب وتباين الخطوط.

وكانت مناقشاتهم وندواتهم تثير اهتمامي وحتى جرأتهم في مخالفة الواقع. ومن كثر الأسئلة التي كانت تشغل بالي ولم أجد لها أجوبة كان كفيلاً بأن أتعاطف معهم، حتى أني رفعت في ذهني شعار أن الوهابية أقرب نموذج للإسلام ولا بديل غيرها..

ولكن مشكلة الوهابية هي قوانينهم الجامدة، والأنفة التي ينظرون بها إلى الناس، والعزلة التي يعيشونها، وغرور ما بعده غرور، وكل شيء في المجتمع في نظرهم بدعة وضلال.

حتى أني بقيت في حالة من التشتت الذهني، ولا قرار لي، فمرة أكون معهم وأخرى بعيداً عنهم وفي يوم من الأيام قررت أن أدخل كلية أو جامعة إسلامية بدلاً من الكلية العسكرية التي كانت هي حلمي وان أدافع عن الوطن وأكون قائداً عسكرياً يتكلم عنه التاريخ، حتى ماتت أحلامي في خضم هذه المعركة.

وفعلاً تم لي ذلك ودخلت الكلية الإسلامية في جامعة وادي النيل في (السودان)، كان مدير الكلية رجلاً مريحاً وقد أعجبت بشخصيته، وبعدما انتهيت من القبول الرسمي، انطلقت إلى المكتبة لأغرق في أعماق الكتب المصفوفة على الرفوف ولا أدري من أين أبدأ، وبدأت أنتقل من كتاب إلى آخر، ولكن بفعل مساعدة أحد أقاربي بدأت بدراسة التاريخ وتتبع المذاهب الإسلامية لمعرفة الحق من بينها.

ومر حادث غريب عليّ وهو تحاور (عبد المنعم) ابن عمي مع أحد الأخوان المسلمين، ولم أكن لاسمع ما يدور بينهم حتى أرهفت السمع وإذا بهم يتحاورون عن الإسلام، وما أن انتهى حديثهم حتى قال له الأخ المسلم: الشيعة كفار زنادقة...!!

هنا انتهيت وأمعنت النظر، ودار في ذهني استفهام حائر...

من هم الشيعة؟ ولماذا هم كفار؟

وهل عبد المنعم شيعي؟

وما يقوله من كلام غريب، هل هو كلام الشيعة؟!

وللانصاف إن عبد المنعم قد أفحم خصمه في كل مسألة طرقه في النقاش بالإضافة إلى لباقته ومنطقه وقوة حجته.

وبعد الانتهاء من صلاة المغرب حاولت أن اتقرب منه لكي أشبع فضولي واكتشف حقيقة ما سمعته، حتى بادرت بوابل من الأسئلة:

- هل أنت شيعي؟... ومن هم الشيعة؟ ومن أين تعرفت عليهم.

أوقفني عبد المنعم مبتسماً:

- مهلاً. مهلاً.. سؤال بعد سؤال.

قال:

- عفواً، أنا مازلت مذهولاً مما سمعته منك.

قال: هذا بحث طويل ومجهود أربع سنوات من العناء والتعب مع الأسف لم تكن النتيجة متوقعة.

فقاطعته: أي نتيجة هذه؟

قال: ركام من الجهل عشناه طوال حياتنا، نركض خلف مجتمعاتنا من غير ان نسأل، هل ما عندنا من دين هو مراد الله تعالى، وهو الإسلام؟ وبعد البحث أتضح ان الحق كان مع أبعد الطرق تصوراً في نظري وهم الشيعة.

قلت له: لعلك تعجلت.. أو اشتبهت..!

فابتسم في وجهي قائلاً: لماذا لا تبحث أنت بتأمل وصبر؟ وخاصة ان لكم في الجامعة مكتبة كبيرة وقد تفيدك في هذا الأمر.

قلت: مكتبتنا سنية، فكيف أبحث فيها عن الشيعة؟!

قال: من دلائل صدق الشيعة انه يستدل على صحته من كتب وروايات علماء السنّة فإن فيها ما يظهر حقهم بأجلى الصور.

قلت: إذن مصادر السنة هي نفس مصادر الشيعة؟!

قال: لا، فإن للشيعة مصادر خاصة تفوق أضعافاً مضاعفة مصادر السنة، وكلها مروية عن أهل البيت (عليهم السلام) وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكنهم لا يحتجون على أهل السنة بروايات مصادرهم، لأنها غير ملزمة لهم، فلابد أن يحتجوا عليهم بما يثقون به، أي الزموهم بما الزموا به أنفسهم.

سرني كلامه وطلبت منه البداية، حتى أرشدني إلى صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد والترمذي والنسائي وطلب مني ابدأ بقراءة هؤلاء بالإضافة إلى كتب التاريخ.

وما إن جاء اليوم حتى هجمت على الكتب وخرجت بصحة ما أخبرني به قريبي، ولم استطيع التحمل حتى بادرت إلى عرضه أمام الزملاء الموجودين فمنهم من اهتم بالأمر ومنهم من لم يعجبه القول.

وبعد كل هذا البحث اتجهت إلى عبد المنعم لاخوض معه ثورة البحث والتنقيب والكشف عن الحقائق، وقد أفادني كثيراً وخرجت منه بأدلة واقعية وأحاديث مسندة. وهذا ما زاد في هزيمتي بعد المكابرة التي كنت أعشيها.

كنت أبحث عن شخص أجلس أمامه وأفتح معه باب النقاش، فبعد أن ضاق أصدقائي بيّ طلبوا مني أن أذهب إلى الدكتور الذي يدرس الفقه لكي اتناقش معه، ولكن كان الحاجز كبيراً.

وفي أول درس للفقه بدأت النقاش معه بصورة أسئلة متعددة.. فوجدته لا يخالفني كثيراً بل العكس كان يؤكد على حب أهل البيت (عليهم السلام) ولزوم أتباعهم وذكر فضائلهم... وبعد أيام متعددة طلب مني أن آتيه في مكتبة في مقر الجامعة، ولما تم هذا قدم لي كتاباً من عدة أجزاء وهو (صحيح الكافي) من أوثق مصادر الحديث عند الشيعة. وطلب مني عدم التفريط به لأنه من تراث أهل البيت (عليهم السلام)... أخذته وشكرته وصرت أشك بتشيع الدكتور، مع معرفتي بأنه مالكي، وبعد السؤال والاستفسار اتضح لي أنه صوفي متعلق بحب أهل البيت (عليهم السلام).

وعندما شعر أصدقائي بهذا التوافق بيني وبين الأستاذ. طلبوا مني مناقشة أستاذ آخر كان يدرسنا مادة الحديث. وكان رجلاً متديناً كثير التواضع طيب الأخلاق، وكنت أحبه كثيراً فاستجبت لطلبهم وبدأت بيننا نقاشات متعددة حتى أنني شعرت بعدها بنفوره وعدم ارتياحه لنقاشي، وفكرت بأن اكتب له رسائل وأضع فيها أسئلتي ومجموعة الأحاديث والروايات التي تدل على وجوب أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وبصراحة.

ولكن كلما سألته عن الإجابة كان يعتذر، ولكني لم أتركه حتى صرخ بوجهي قائلاً:

- كلها صحيحة..

قلت: إنها واضحة في أتباع مذهب أهل البيت

هنا تركني وذهب مسرعاً إلى مكتبه، وكان صدمةً لي، وجعلني أشعر بصدق مقالة الشيعة ومن غريب الصدفة ان عميد الكلية وهو الأستاذ (علوان) كان يدرسنا التفسير، ففي يوم في الأيام قام بتفسير (سأل سائل بعذاب واقع) وتحدث عن أسباب نزولها وأعط حقها في ولاية أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) وبعدما انتهى لحق به أحد الأصدقاء وقال له:

إن ما قلته هو كلام الشيعة.

توقف الأستاذ هنيهة ثم نظر إلى هذا المستعرض وقال له: أدع لي (معتصماً) إلى مكتب الإدارة..!

فخبرني صديقي وذهبت إليه وقبل ان أجلس قال لي: يقولون إنك شيعي!

قلت: أنا مجرد باحث.

قال: إن البحث جميل ولابد منه.

ولكنه أخذ يعرض أمامي بعض الشبهات عن الشيعة التي كانت تردد، وأعطاني أدلة وبراهين.

وقيل الانتهاء من حديثه نصحني بأن اقرأ كتاب (المراجعات) وقال:

- أنه من الكتب الجيدة في هذا المجال.

وبعد أن حصلت عليه وجدت نفسي أمام سفر جديد. وأدلة واضحة على أحقية أهل البيت وأزدادت قوتي في النقاش والبحث، حتى كشف الله نور الحق في قلبي، وأعلنت تشيعي.

وكان نتيجة ذلك أن فوجئت بألفاظ السخرية والشتم والتهديد من الكثير، فاحتسبت الله وصبرت، ولكن ان يكون من أقرب أصدقائي فشيء يحزن حتى تركني وعشت في عزلة كاملة.

وبعد فترة شبت نار الفتنة من جديد بعدما أعلن ثلاثة من الطلبة تشيعهم وكذلك التعاطف من آخرين، حتى حدثت الصدامات والصراعات، واستطعنا من امتصاص الغضب بأسرع ما يكون.

وكرسنا جهدنا على الاستمرار في النهج الصحيح، وهي ولاية أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام). دون تردد أو خوف.. والحمد لله رب العالمين.

:أفكر: ;) :(

ابو كلام
21-01-2002, 08:41 PM
العب غيرها يا nag11