AMINWALID
11-10-2009, 01:32 PM
الإدانـــــــة
وأخيرا جادت الأمطار فبللت المكان.
وهبت العواصف فمزقت الأردية والحجب . وجثا الضحية القرفصاء خلف أحزانه وآلامه .
يتتبع فلول السحب الهاربة في اتجاه الشمال ، مهزومة أمام قيظ الحر .
باحثة عن موطئ قدم بسماء أراضي الخصب والخضرة والماء المتدفق .
ابتلع الفضاء الشاسع آخر قوافل السحب الداكنة .
وبقي وحيدا يواجه مصيره .
يستأنس كلما جن الليل بصلصلة الصراصير ،المختفية وراء أكوام الحجارة المتناثرة هنا وهناك .
وكأنها لا تجرؤ على المغامرة ،
فتغادر مخابئها .
بطول المراس ، وفعل الاحتكاك .
يفهم أنها تستنجد همسا .
وتندد في نفسها .
وتحتج بغمغمة غير مفهومة على حرمانها وضياعها .
لا تقوى على المواجهة .
ولا تغادر مكامنها إلا بعد أن يسدل الظلام أرديته .
ما أشبه واقعه بحال الصراصير .
هو بدوره لا يبرح معتقله الطوعي .
ولا يجرؤ على البوح ببنت شفة ، بما يفيد الرغبة في تحرره من قيوده .
وبل ...
لا يتلذذ بأكل ولا مرح ولا شراب.
ولا يقوى على قول ولا إشارة ولا تفكير .
ولا يتمكن من أن يبصر ولا أن يسمع ولا أن يتحرك .
هو حي ...
شبيه بنزلاء القبور .
يتذكر أنه ضاق يوما بجدران رمسه .
فقرر الخروج إلى العراء .
أطل في البداية من كوة كوخه ، مرسلا نظراته المنكسرة المترقبة .
يتحسس المحيط وأهله .
ثم يلقي بمحاولته الأولى في تردد وتوجس .
يكتب فيصيح ثم ينادي ..
ينطلق صوته مدويا في الأفق .
لا أثر لأي مجيب .
يبدو أن الخطر قد انحسر .
استمر يتأرجح ويتمايل ، محاولا بث التعود على المشي المستقيم .
يصر على السير منتصب القامة ، رافع الهامة .
مشعرا بشموخه وعزته وصلابته .
يبحث بإلحاح بين النفايات ، عن مصدر رزق مدرار .
وفي الأماكن المهجورة عن مأوى فسيح آمن . وفي الفضاء الملوث عن مهب هواء نقي منعش .
لم يهنأ بفسحته طويلا .
فجأة انقض عليه حراس المكان
وساقوه بتهمة التحريض على التمرد ،
والعمل على تشكيل عصابات إجرامية ، والتخطيط لتهديد الأمن والعباد والبلاد .
أنكر أمام القاضي كل ما اتهم به ،
وأكد أنه لا يرغب إلا في التمتع بالعيش الكريم وتوفير الراحة والاستقرار .
مكنوه من الدفاع (النزيه) ،والحاكم (العادل)، والشهود (الصادقين) .
وفي ظرف وجيز ، وزمن قياسي ،
أدانوه وقرروا تنفيذ عقوبة شنقه على الأعمدة بالساحة العامة .
مع توصية بقاء جثته في العراء تنهشها الغربان والبوم والهوام .
ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يغادر مخبأه أو يرفع صوته ، و يبحث عن لقمة يسد بها رمقه ويكفي بها أود أهله وذويه .
بأعجوبة ...
استغفل جلاديه ... ،
وارتدى سترة الظلام الحالك ... ،
ومشى حبوا عبر قنوات الصرف في اتجاه مقبرته الأولى ....
عاد من حيث أتى ....
واستقرمن جديد في مكان الراحة والاستقرار ....
الحواط
aminwalid
وأخيرا جادت الأمطار فبللت المكان.
وهبت العواصف فمزقت الأردية والحجب . وجثا الضحية القرفصاء خلف أحزانه وآلامه .
يتتبع فلول السحب الهاربة في اتجاه الشمال ، مهزومة أمام قيظ الحر .
باحثة عن موطئ قدم بسماء أراضي الخصب والخضرة والماء المتدفق .
ابتلع الفضاء الشاسع آخر قوافل السحب الداكنة .
وبقي وحيدا يواجه مصيره .
يستأنس كلما جن الليل بصلصلة الصراصير ،المختفية وراء أكوام الحجارة المتناثرة هنا وهناك .
وكأنها لا تجرؤ على المغامرة ،
فتغادر مخابئها .
بطول المراس ، وفعل الاحتكاك .
يفهم أنها تستنجد همسا .
وتندد في نفسها .
وتحتج بغمغمة غير مفهومة على حرمانها وضياعها .
لا تقوى على المواجهة .
ولا تغادر مكامنها إلا بعد أن يسدل الظلام أرديته .
ما أشبه واقعه بحال الصراصير .
هو بدوره لا يبرح معتقله الطوعي .
ولا يجرؤ على البوح ببنت شفة ، بما يفيد الرغبة في تحرره من قيوده .
وبل ...
لا يتلذذ بأكل ولا مرح ولا شراب.
ولا يقوى على قول ولا إشارة ولا تفكير .
ولا يتمكن من أن يبصر ولا أن يسمع ولا أن يتحرك .
هو حي ...
شبيه بنزلاء القبور .
يتذكر أنه ضاق يوما بجدران رمسه .
فقرر الخروج إلى العراء .
أطل في البداية من كوة كوخه ، مرسلا نظراته المنكسرة المترقبة .
يتحسس المحيط وأهله .
ثم يلقي بمحاولته الأولى في تردد وتوجس .
يكتب فيصيح ثم ينادي ..
ينطلق صوته مدويا في الأفق .
لا أثر لأي مجيب .
يبدو أن الخطر قد انحسر .
استمر يتأرجح ويتمايل ، محاولا بث التعود على المشي المستقيم .
يصر على السير منتصب القامة ، رافع الهامة .
مشعرا بشموخه وعزته وصلابته .
يبحث بإلحاح بين النفايات ، عن مصدر رزق مدرار .
وفي الأماكن المهجورة عن مأوى فسيح آمن . وفي الفضاء الملوث عن مهب هواء نقي منعش .
لم يهنأ بفسحته طويلا .
فجأة انقض عليه حراس المكان
وساقوه بتهمة التحريض على التمرد ،
والعمل على تشكيل عصابات إجرامية ، والتخطيط لتهديد الأمن والعباد والبلاد .
أنكر أمام القاضي كل ما اتهم به ،
وأكد أنه لا يرغب إلا في التمتع بالعيش الكريم وتوفير الراحة والاستقرار .
مكنوه من الدفاع (النزيه) ،والحاكم (العادل)، والشهود (الصادقين) .
وفي ظرف وجيز ، وزمن قياسي ،
أدانوه وقرروا تنفيذ عقوبة شنقه على الأعمدة بالساحة العامة .
مع توصية بقاء جثته في العراء تنهشها الغربان والبوم والهوام .
ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يغادر مخبأه أو يرفع صوته ، و يبحث عن لقمة يسد بها رمقه ويكفي بها أود أهله وذويه .
بأعجوبة ...
استغفل جلاديه ... ،
وارتدى سترة الظلام الحالك ... ،
ومشى حبوا عبر قنوات الصرف في اتجاه مقبرته الأولى ....
عاد من حيث أتى ....
واستقرمن جديد في مكان الراحة والاستقرار ....
الحواط
aminwalid