المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة (مستوحاة من الواقع )



ZURA
25-10-2009, 04:24 PM
تبدأ هذه القصة في أحد حواري جدة القديمة ، التي كانت تسمى حينها بحارة الشام . وبالرغم من أن أزقتها الضيقة لم تكن لها أي مميزات عن غيرها من الأماكن إلا أنه قد خرج من هذا المكان عدد من المهندسين و الأطباء ، ويقال أن مسقط رأس بعض الوزراء هو هذا المكان البسيط . ومن ضمن كل هؤلاء وقف ذلك الطفل ذو الست سنوات وهو يشاهد أمه وهي تحمل أمامه وكفنها ملفوف على جسمها ، وهو يسأل : إلى أين تأخذون أمي؟ فيجيبون : سوف تسافر لبعض الوقت ثم تعود ، وعاش هذا الطفل مفتقداً لحنان أمه التي تركته ، وقد كان أباه يحاول تعويضه عن حنان أمه ولكن بالطبع لم يستطع تعويضه عن حنان الأم بحكم عمله الذي يتطلب غيابه عن منزله لفترات طويلة ، فقد كان طباخاً لدى الملك عبد العزيز .
ومرت الأعوام حتى بلغ هذا الطفل 8 سنوات ، وشجعه والده على العمل بالرغم من صغر سنه ، وقد كان لا يأكل لقمة من الطعام في يومه إلا من عرق جبينه ، وكان ممن يهمه أن يمضي يومه الحالي وهو سعيد ولا يهتم بما سيحدث غداً وكان يعمل ليلاً ونهاراً في عمل البناء الشاق ، ومرت الأيام حتى بلغ 29 عاماً وأقبل على الزواج من امرأة في نفس مستواه المعيشي المتواضع ، وكانت هي امرأة كادحة أيضاً كانت تقضي معظم ساعات يومها على آلة الخياطة القديمة ، وتحيك الملابس وتبيعها لتساعد زوجها في عمل المنزل ، وبعد مرور عامين أنجبا طلتهما الأولى ، وكانا على أمل أن يربياها التربية الصحيحة وأن تكون شخص ذو تأثير في المجتمع كما هو الحال مع أخويها وأختها الصغرى ، فظل الأب على حاله يخرج منذ أن تشرق الشمس إلى أن تغرب ملاحقاً الذي حلم بتحقيقه منذ صغره ،وهو الحصول على بيت كبير ويكون ملكاً له وكم تمنى أن يقابل هذا المنزل مسجداً لكي يصلي فيه متى شاء ، وبالرغم من أن هذا الأب لم يكن متعلماً ولكنه كان ذكياً سريع الحفظ والتعلم ، وربما يكون أبناءه قد ورثوا هذا عنه ، وبالحديث عن الأبناء فقد كانوا يعانون من الأذى الشديد والسخرية من قبل زملاءهم في المدرسة والسبب الأول هو الفقر ، فلم يكونوا يحملون الحقائب الجديدة دوماً بل كانوا يحملون كتبهم في أيديهم أو بداخل سجادة ، أما السبب الثاني فهو أن والدهم لم يكن متعلماً ، وبالطبع علم الأب بذلك فحاول قدر استطاعته حتى نجح في تعلم القراءة والكتابة ، وأما عن حال الأم فقد كانت تعرف القراءة والكتابة ، ولكنها كانت تبذل هي أيضاً الجهد من أجل أبناءها ، فتعمل صباحاً في الخياطة منتظرة عودة أبناءها من المدرسة لتعد لهم الغداء ، وتساعدهم فيما تستطيع وتوفر لهما الجو المريح بقدر الإمكان ، وبالرغم من أنهما لم يكونا متعلمين لمستوى مرتفع جداً إلى أنهما كانا يجلسان مع أبناءهم بعد استلام النتائج المدرسية ويحاسبونهم على أي تقصير أو نقص يصدر عنهم ، فلا يسمح لهم بتضييع أي جزء من وقتهم فيما لا يفيد والسبب هو أنهم لا يملكون أي وقت ليضيعوه فيجب أن يكونوا الأفضل ، وفي في المقابل فقد كان أباً حنوناً عطوفاً يوفر لهم كل ما يحتاجون من وسائل الترفيه والراحة ومرت الأيام وانقضت الأعوام ، وكبر الأبناء ،فها هي الأولى وقد أكملت دراستها الجامعية و أصبحت معلمة ومن ثم وكيلة إلى أن أصبحت مديرة لأحد أفضل المدارس الحكومية بجدة ، وأما الثاني فقد تخرج من كلية الهندسة ، ومارس عمله على أكمل وجه بل وقد عمل بوظيفة أخرى وأتقنها أشد الإتقان بسبب حبه لها وهي المحاماة ، والثالث أكمل هو الآخر دراسته الجامعية ودخل قسم الهندسة مثل أخيه الأكبر وتخرج منه وعمل في شركة من أفضل الشركات ، أما آخر أبناءه وهي الفتاة الصغرى فقد أكملت دراستها الجامعية وأصبحت ربة منزل ناجحة تزرع في أبناءها ما زرعه أباها فيها وفي إخوتها ، فأين الذين سخروا منهم الآن ، إنهم يطلبون منهم المساعدة في مجالات أعمالهم ، بل ويمدحونهم على ما حققوا وهم نادمون على سخريتهم منهم .
وأما حلمه فقد تحقق ، فاشترى له أبناءه المنزل الذي حلم به وأمامه المسجد الذي تمناه بل وقد أصبح يؤذن في هذا المسجد من حين لآخر . و ما استفدته من هذه القصة فهو أن من صبر نال خير المراد من ربه ، وأن من زرع في أبناءه ثمرة حسنة فسوف يلقى ثمارها في كبره . :ee2:





أحتاج إلى أرائكم للتشجيع :biggthump

L.J
26-10-2009, 07:05 PM
good story even though i told u that

حسـ(باشا)ـان
26-10-2009, 07:39 PM
لو كنت امامي الان لوقفت وصفت وهللت على هذه القصة الرائعة .... وخصوصا انها تحكي عن حي رائع شهد الكثير من القصص والاحداث الرائع

في الحقيقة عندما قرأت القصة تذكرت عندما كنت صغيرا واجلس امام امي وابي وهم يحكون لي الكثير من مغامراتهم في هذا الحي الرائع ولولا الله ثم صبرهم لما كان هذا حالنا اليوم .... لما كنت الان في هذا المكان .... فأمي وابي من مواليد هذا الحي

لا ننسى الاحياء الاخرى طبعا ..... المظلوم ..... البحر ..... اليمن
حقا شدتني القصة كثيرا وتأثرت بها

بانتظار المزيد من قصصك الرائعة

:ee2: