Black_Horse82
17-01-2002, 08:17 PM
رفيق بن لادن في كهوف تورا بورا: الظواهري أحدث انقلابا فكريا في ذهن زعيم القاعدة وأدى إلى تغيير أولوياته نحو الصدام مع أميركا
لندن: محمد الشافعي
سيكتب التاريخ فصلا مهما عن افغانستان وحركة طالبان وتنظيم «القاعدة» واحداث 11 سبتمبر (ايلول). وكما تابع العالم الغارات الاميركية منذ 7 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي لضرب طالبان، فإن البحث عن اسامة بن لادن تحول الى ما يشبه البحث عن مفتاح لشخصيته في اجهزة الاعلام العربية والاجنبية.
ومن بين الصحافيين الذين تعرفوا على بن لادن عن قرب هناك الصحافي المصري عصام دراز الذي عايش بن لادن في الكهوف ومغارات تورا بورا في جلال اباد وخوست في السابق. ودراز ضابط استطلاع مصري سابق تحول الى الصحافة والادب وحمل قلمه وعدسات التصوير وسافر ليحارب بين صفوف المجاهدين ضد الروس، ورغم انه تعرض لحادث سقوط طائرة في بيشاور، الا انه عاد ليسجل بقلمه وعدسات التصوير المعارك الحية للمجاهدين.
http://www.asharqalawsat.com/pc/news/20.jpg
«الشرق الأوسط» التقت في العاصمة لندن بدراز، رفيق بن لادن لمدة اربع سنوات، خلال تسويقه لكتابه «قصتي مع بن لادن.. اربع سنوات مع الافغان العرب»، ووضع اللمسات الاخيرة على فيلمه الوثائقي «الافغان العرب.. البداية والنهاية» الذي يحتوي على مقابلة مع عبد الله عزام مؤسس مكتب الخدمات، النواة الاولى لتنظيم «القاعدة»، قبل موته في حادث سيارة مفخخة. وفي الكتاب يحكي دراز، الذي عرفته الاوساط الادبية في مصر بستة كتب عن الجهاد الافغاني، وثلاثة افلام وثائقية عن مرحلة الجهاد ضد الروس، وتنظيم «الافغان العرب»، وكذلك روايتين ادبيتين هما «قصة حب من يونيو 67» و«غسيل مخ». وكان لقاؤه الاول في شارع المكرونة بجدة مع بن لادن عام 1987. ويقول دراز انه شخصيا اكتوى بنار القرب الشديد من بن لادن و«الافغان العرب» فقد اعتبرته السلطات المصرية احد العائدين من افغانستان، ومنعته من السفر لمدة عشر سنوات الى ان كتب رسالة للرئيس المصري حسني مبارك، ناشده فيها بمحاكمته ان كان بدر منه شيء في حق بلده، او ازالة اسمه من قوائم الممنوعين. ويضيف انه بعد اسبوع واحد ابلغته السلطات باستجابة الرئيس مبارك الى طلبه وازالة اسمه من قوائم الممنوعين. ويروي دراز في 300صفحة من القطع الكبير علاقاته بقادة «الافغان العرب» مثل ابو عبيدة البنشيري القائد العسكري السابق لـ«القاعدة» الذي استضافه مع عائلته لاسابيع طويلة في منزله بمدينة بيشاور الحدودية، والكتور عبد المعز او ايمن الظواهري زعيم «الجهاد» المصري الحليف الاول لابن لادن، والذي كان الطبيب المعالج لزعيم القاعدة، وكثيرا ما كان يأتي الى جلال آباد حيث يقيم بن لادن في مخيمات المجاهدين، وبعد انتهائه من الكشف عليه، كان يسرع الخطى الى الخطوط الامامية حاملا الكلاشينكوف للمشاركة في القتال، ويقول كان الجميع ينادونه باسم الدكتور عبد المعز، وهي الكنية التي لصقت به، وكذلك ابو محمد. واعتبر دراز ان الظواهري هو الذي احدث انقلابا فكريا عند بن لادن دفعه الى تغيير اولوياته بعد سنوات الجهاد ضد الروس، نحو الصدام «مع العدو البعيد». وفي الكتاب يتحدث دراز عن رؤيته عن قرب لابن لادن، وفيه تظهر الى السطح مفاتيح شخصية زعيم «القاعدة» وفكره ورؤيته من تجميع «الافغان العرب» في جبهة واحدة تأتمر بأمره على جبهات القتال، وهو ما يتطرق اليه في الباب الثاني الذي خصصه لنشأة «الافغان العرب»، ومأسدة الانصار العرب، وهي جبهة قتال خصصها بن لادن للافغان العرب، ومكتب الخدمات، والعلاقة الوطيدة بين بن لادن والدكتور عبد الله عزام قبل موت الاخير في حادث سيارة مفخخة مع ولديه. سألت عصام دراز: كيف فكرت في السفر الى افغانستان؟
ـ شعرت وقتها ان الاعلام العربي والاسلامي مقصر في حق المجاهدين الافغان خلال سنوات القتال ضد الروس، واذا تابعنا اخبار المجاهدين نجد ان وكالات الانباء كانت المصدر الرئيسي لمعظم الاخبار من خلال الكتب والصحافيين الذين ذهبوا الى هناك، حتى الحملة العسكرية الاميركية على افغانستان، كانت وكالات الانباء الغربية هي المصدر الرئيسي لمعرفة ما يحدث على الارض هناك. وفكرت في محاولة صادقة بان اقوم بانتاج اول فيلم تسجيلي عن الجهاد الافغاني، وليس كثوار او متمردين كما كانت تصورهم وكالات الانباء العالمية. واقتنعت آنذاك ان هناك جوهرا لهذه القضية لا بد من ابرازه، ولاحظت وقتها ان الصحافة العربية تكتب اسماء قادة الجهاد الافغاني بطريقة خطأ، فحملت معدات التصوير وذهبت الى هناك لاتابع بالكاميرا ما يحدث على الارض من عمليات قتال راح ضحيتها الكثير من ابناء الدول العربية.
وتعرفت على بن لادن او ابي القعقاع وهي كنيته على الجبهة عندما كان الافغان العرب يتنادون باسمه في الخطوط الامامية عبر اللاسلكي، ووجدته شابا هادئ الطباع الى حد كبير، وكانت لديه «كاريزما» خاصة في التعامل، وكان تأسرني اليه بساطته الشديدة في الحياة اليومية، وكثيرا ما نمت بجانبه في كهوف تورا بورا وتناولت معه الطعام من صحن واحد، وفي احيان كثيرة لم نجد سوى الشاي والخبز الافغاني، وكانت كهوف تورا بورا ملجأ لـ«الافغان العرب» من الغارات التي يشنها الروس عليهم.
* من الذي أحدث الانقلاب في شخصية بن لادن؟ ـ نقطة التحول الاولى في شخصية بن لادن جاءت بعد لقائه باستاذه عبد الله عزام الاستاذ في الجامعة الاسلامية في اسلام اباد، والذي اصدر فتوى مع مجموعة من العلماء الاخرين تحض المسلمين على القتال الى جانب المجاهدين ضد الروس، وترك العمل في الجامعة، واشرف على عمليات الاغاثة الانسانية، واسس مكتب الخدمات، النواة الاولى لـ«القاعدة»، وحاليا اعد فيلما وثائقيا عن «الافغان العرب» فيه المقابلة الوحيدة مع عبد الله عزام قبل موته في حادث سيارة مفخخة مع ولديه. واصطحب عزام في الايام الاولى لسنوات الجهاد بن لادن الى بيشاور حيث مخيمات المقاتلين العرب. واعتقد ان رؤية بن لادن لالاف من الجرحى من المقاتلين الافغان الذين فقد معظمهم الاطراف بسبب جهلهم بحقول الالغام وضراوة القصف الروسي عليهم، حرك في بن لادن المشاعر التي دفعته الى الانتقال الى بيشاور ليكون بجوار اخوانه، ونظرا لمساعداته المالية في انشاء المخيمات لاستقبال المقاتلين الجدد، وشراء السلاح لهم فقد التف الكثيرون حوله.
* كيف كان اول لقاء مع بن لادن؟ ـ التقيته بعد ان اديت العمرة، عقب نجاتي من حادث الطائرة الباكستانية، واخبرته انني جئت بمعدات تصوير كلفتني اموالا طائلة ضاع معظمها في حادث الطائرة، وكان اللقاء الاول بمنزله في شارع المكرونة بجدة وهو عبارة عن منزل بسيط مكون من دورين، الدور الاول فيه اربع شقق لزوجاته الاربع، وفي الدور الارضي صومعته الخاصة للاعتكاف ومكتبه، وشقة خصصها لاستضافة الافغان العرب من الجرحى الذين كانوا يأتون الى جدة للعلاج، او غيرهم من الذين كانوا يتنظرون دورهم للسفر الى بيشاور كمحطة اولى قبل الانتقال الى باكستان.
* كيف كانت اول مقابلة صحافية مع بن لادن؟ ـ اجريت معه اول حوار باعتباره قائد «مأسدة الانصار العرب»، وهي مجموعة قتالية من الشباب العربي، الذين تركوا بلادهم، وجاءوا للقتال مع بن لادن، وكان عددهم لا يزيد على مائة شاب، لا يعرف احد منهم فنون القتال، وكان عمر زعيم «القاعدة» وقتها 28 عاما.
* ما هو الامر وراء التحول الذي جعل بن لادن ينتقل من خانة مجاهد في سنوات الحرب ضد الروس الى مطلوب ارتبط اسمه بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، وكمتهم رئيسي في احداث 11 سبتمبر؟ ـ شهادتي لله وليست للبشر وهي بصدق وبدون ادعاء ان علاقتي مع بن لان انتهت عام 1987 ولكنني قابلته بعد ذلك في جدة بعد عودته الى السعودية، واعتقد ان تحولا خطيرا في فكره الجهادي طرأ عليه بعد اقترابه من اعضاء منظمة «الجهاد» المصرية، وفي مقدمتهم ايمن الظواهري، ومحمد عاطف (ابو حفص المصري) المسؤول العسكري لـ«القاعدة» الذي قتل في الغارات الاميركية على كابل في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، وهذا التحول وجدناه في تغيير الاولويات نحو العدو البعيد والصدام مع الولايات المتحدة، اما بن لادن الذي عرفته في سنوات الجهاد ضد الروس، فهو شاب مسلم مجاهد في سبيل الله، آمن بالقضية وتحمل اعباءها بامواله وبنفسه، ودفع اموالا طائلة لتدعيم القوات الافغانية، وجمع الشباب العربي حوله، الذي كان نواة تشكيل «القاعدة» في ما بعد.. ثم ان بن لادن كان يشعر بالمرارة لاغتيال استاذه الشيخ عبد الله عزام، وللحرب الضارية التي اندلعت بين كومندانات الجهاد بعد خروج الروس من افغانستان. لقد عشت مع بن لادن اربع سنوات، بعضها في كهوف ومغارات تورا بورا بالقرب من جلال اباد، كانت الحياة اليومية في غاية الصعوبة، وكثيرا ما تعرضت للموت، واتذكر اننا كنا نصلي الفجر في الارض المكشوفة بين الجبال خلف أمين علي الرشيدي (ابو عبيدة البنشيري) القائد العسكري السابق لـ«القاعدة» الذي غرق في في منتصف عام 1996 وكنت اصلي بجوار بن لادن، وحامت الطائرات الهليكوبتر الروسية فوق رؤوسنا، وكان الموت يتهددنا، ولكن البنشيري اكمل الصلاة من دون ان يرمش له جفن، او يتهدج صوته، ولقد قضيت شهورا طويلة في منزل البنشيري مع زوجتي وطفلتي في بيشاور، وهذا الرجل كانت حياته مليئة بالمحن والابتلاءات، ومن المجاهدين الذين ارتبط اسمهم بتاريخ الجهاد الافغاني لدرجة ان اللقب الذي اطلق عليه «البنشيري» نسبة إلى بسالته في معارك وادي بنشير في أفغانستان.
* تردد في اجهزة الاعلام الغربية ان بن لادن كان عميلا للمخابرات الاميركية خلال سنوات القتال ضد الروس؟ ـ لم يكن بن لادن في حاجة لان يكون عميلا لاي مخابرات عالمية، فهو واسع الثراء، وكان لا يبحث عن زعامة وقتها، وهو من اسرة عريقة معروفة في السعودية، اشتهرت بالمقاولات، وكان اسم عائلته يسمح له بمصاهرة اغنى واكبر الاسر في المنطقة العربية والخليجية. وكان الاعلام وقتها يهتم بالمجاهدين العرب، لانهم يقفون في مواجهة الخندق الاول المعادي للروس عدوهم اللدود.
* هل امدت الولايات المتحدة المجاهدين بالسلاح خلال سنوات القتال ضد الروس؟ ـ معظم الاسلحة المستخدمة مثل الكلاشينكوف والار بي جي المضاد للدروع كانت معظمها اسلحة روسية او من الكتلة الشرقية، وكان كثير منها عليه شعار صنع في جمهورية مصر العربية او «ج.م .ع»، وفي مرحلة لاحقة استخدم المجاهدون صواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وهي التي غيرت دفة الحرب بسرعة لصالحهم، وانهت التفوق الجوي الروسي فوق سماء افغانستان.
* ما تفسيرك من خلال خبرتك كضابط للاستطلاع في الجيش المصري للسقوط السريع لطالبان؟ ـ الارض والناس من الاولويات عند وضع الخطط العسكرية، فهزيمة الامبراطور الفرنسي نابوليون بونابرت في روسيا كانت على يد الجنرال شتاء عند اقترابه من موسكو، حيث تحولت الارض الى اوحال، وكرر نفس الخطأ هتلر وهزمه ثانية الجنرال شتاء في سنوات الحرب العالمية الثانية. اما بالنسبة الى عامل الناس فطالبان اساءت تقديرها للامور، والآية الكريمة والتي رفعها قادة طالبان في الغارات الاميركية على افغانستان: «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله» لا تعبر عن واقع الحال، وكان عليهم الاعداد والاخذ بالاية الكريمة: «واعدوا لهم من قوة ورباط الخيل». وفارق القوة كان ساحقا لصالح الترسانة العسكرية الاميركية، ثم ان التأييد الشعبي لم يكن في صالح طالبان سواء على صعيد الجبهة الداخلية او الخارجية، وذلك كان واضحا من اول غارة جوية على العاصمة كابل، فقادة طالبان نجحوا نجاحا باهرا في ان يكرهوا العالم فيهم، حيث لا توجد دولة واحدة على ظهر الارض لها علاقات طيبة مع نظام طالبان، اي انهم خسروا التأييد الدولي قبل ان تبدا الحرب، وخسروا كذلك تأييد الجبهة الداخلية، ووضح ان الملا عمر رجل جاهل بالدين واعمى البصيرة في شؤون السياسة!!!!، فلم يعرف له دور ديني، فهو ليس حجة ولا حتى فقيها، وليست له اي مساهمة في اية قضية شرعية باستثناء انه يحرم كل شيء!!!! وهي اسهل طريقة للتعامل مع مستجدات الحياة،!!!! وهو شخصية مثيرة للشفقة!!??!!!، ورجل بلا تاريخ قبل ان يصبح الخليفة المزعوم للمسلمين. وكانت عقليته المغلقة !!!!احد الاسباب المباشرة لتخلف دولته وعودتها الى القرون الوسطى. وكنت اتمنى ان ينتقل الملا عمر الى كابل وقيادة الدفاع عنها حتى الموت، بدلا من المكوث في قندهار، قبل هروبه الى الجبال القريبة من عاصمته الدينية.
* من خلال اقترابك من شخص بن لادن لماذا لم يسلم نفسه او يخرج من افغانستان كحل لانقاذ طالبان والشعب الافغاني من الدمار؟ ـ لم يكن امامه سبيل آخر سوى الاقامة في افغانستان ومواجهة مصيره المحتوم.
والغارات الاميركية على افغانستان حولت بن لادن الى اسطورة، وسيظل البحث عنه مستمرا حتى اشعار آخر.
لندن: محمد الشافعي
سيكتب التاريخ فصلا مهما عن افغانستان وحركة طالبان وتنظيم «القاعدة» واحداث 11 سبتمبر (ايلول). وكما تابع العالم الغارات الاميركية منذ 7 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي لضرب طالبان، فإن البحث عن اسامة بن لادن تحول الى ما يشبه البحث عن مفتاح لشخصيته في اجهزة الاعلام العربية والاجنبية.
ومن بين الصحافيين الذين تعرفوا على بن لادن عن قرب هناك الصحافي المصري عصام دراز الذي عايش بن لادن في الكهوف ومغارات تورا بورا في جلال اباد وخوست في السابق. ودراز ضابط استطلاع مصري سابق تحول الى الصحافة والادب وحمل قلمه وعدسات التصوير وسافر ليحارب بين صفوف المجاهدين ضد الروس، ورغم انه تعرض لحادث سقوط طائرة في بيشاور، الا انه عاد ليسجل بقلمه وعدسات التصوير المعارك الحية للمجاهدين.
http://www.asharqalawsat.com/pc/news/20.jpg
«الشرق الأوسط» التقت في العاصمة لندن بدراز، رفيق بن لادن لمدة اربع سنوات، خلال تسويقه لكتابه «قصتي مع بن لادن.. اربع سنوات مع الافغان العرب»، ووضع اللمسات الاخيرة على فيلمه الوثائقي «الافغان العرب.. البداية والنهاية» الذي يحتوي على مقابلة مع عبد الله عزام مؤسس مكتب الخدمات، النواة الاولى لتنظيم «القاعدة»، قبل موته في حادث سيارة مفخخة. وفي الكتاب يحكي دراز، الذي عرفته الاوساط الادبية في مصر بستة كتب عن الجهاد الافغاني، وثلاثة افلام وثائقية عن مرحلة الجهاد ضد الروس، وتنظيم «الافغان العرب»، وكذلك روايتين ادبيتين هما «قصة حب من يونيو 67» و«غسيل مخ». وكان لقاؤه الاول في شارع المكرونة بجدة مع بن لادن عام 1987. ويقول دراز انه شخصيا اكتوى بنار القرب الشديد من بن لادن و«الافغان العرب» فقد اعتبرته السلطات المصرية احد العائدين من افغانستان، ومنعته من السفر لمدة عشر سنوات الى ان كتب رسالة للرئيس المصري حسني مبارك، ناشده فيها بمحاكمته ان كان بدر منه شيء في حق بلده، او ازالة اسمه من قوائم الممنوعين. ويضيف انه بعد اسبوع واحد ابلغته السلطات باستجابة الرئيس مبارك الى طلبه وازالة اسمه من قوائم الممنوعين. ويروي دراز في 300صفحة من القطع الكبير علاقاته بقادة «الافغان العرب» مثل ابو عبيدة البنشيري القائد العسكري السابق لـ«القاعدة» الذي استضافه مع عائلته لاسابيع طويلة في منزله بمدينة بيشاور الحدودية، والكتور عبد المعز او ايمن الظواهري زعيم «الجهاد» المصري الحليف الاول لابن لادن، والذي كان الطبيب المعالج لزعيم القاعدة، وكثيرا ما كان يأتي الى جلال آباد حيث يقيم بن لادن في مخيمات المجاهدين، وبعد انتهائه من الكشف عليه، كان يسرع الخطى الى الخطوط الامامية حاملا الكلاشينكوف للمشاركة في القتال، ويقول كان الجميع ينادونه باسم الدكتور عبد المعز، وهي الكنية التي لصقت به، وكذلك ابو محمد. واعتبر دراز ان الظواهري هو الذي احدث انقلابا فكريا عند بن لادن دفعه الى تغيير اولوياته بعد سنوات الجهاد ضد الروس، نحو الصدام «مع العدو البعيد». وفي الكتاب يتحدث دراز عن رؤيته عن قرب لابن لادن، وفيه تظهر الى السطح مفاتيح شخصية زعيم «القاعدة» وفكره ورؤيته من تجميع «الافغان العرب» في جبهة واحدة تأتمر بأمره على جبهات القتال، وهو ما يتطرق اليه في الباب الثاني الذي خصصه لنشأة «الافغان العرب»، ومأسدة الانصار العرب، وهي جبهة قتال خصصها بن لادن للافغان العرب، ومكتب الخدمات، والعلاقة الوطيدة بين بن لادن والدكتور عبد الله عزام قبل موت الاخير في حادث سيارة مفخخة مع ولديه. سألت عصام دراز: كيف فكرت في السفر الى افغانستان؟
ـ شعرت وقتها ان الاعلام العربي والاسلامي مقصر في حق المجاهدين الافغان خلال سنوات القتال ضد الروس، واذا تابعنا اخبار المجاهدين نجد ان وكالات الانباء كانت المصدر الرئيسي لمعظم الاخبار من خلال الكتب والصحافيين الذين ذهبوا الى هناك، حتى الحملة العسكرية الاميركية على افغانستان، كانت وكالات الانباء الغربية هي المصدر الرئيسي لمعرفة ما يحدث على الارض هناك. وفكرت في محاولة صادقة بان اقوم بانتاج اول فيلم تسجيلي عن الجهاد الافغاني، وليس كثوار او متمردين كما كانت تصورهم وكالات الانباء العالمية. واقتنعت آنذاك ان هناك جوهرا لهذه القضية لا بد من ابرازه، ولاحظت وقتها ان الصحافة العربية تكتب اسماء قادة الجهاد الافغاني بطريقة خطأ، فحملت معدات التصوير وذهبت الى هناك لاتابع بالكاميرا ما يحدث على الارض من عمليات قتال راح ضحيتها الكثير من ابناء الدول العربية.
وتعرفت على بن لادن او ابي القعقاع وهي كنيته على الجبهة عندما كان الافغان العرب يتنادون باسمه في الخطوط الامامية عبر اللاسلكي، ووجدته شابا هادئ الطباع الى حد كبير، وكانت لديه «كاريزما» خاصة في التعامل، وكان تأسرني اليه بساطته الشديدة في الحياة اليومية، وكثيرا ما نمت بجانبه في كهوف تورا بورا وتناولت معه الطعام من صحن واحد، وفي احيان كثيرة لم نجد سوى الشاي والخبز الافغاني، وكانت كهوف تورا بورا ملجأ لـ«الافغان العرب» من الغارات التي يشنها الروس عليهم.
* من الذي أحدث الانقلاب في شخصية بن لادن؟ ـ نقطة التحول الاولى في شخصية بن لادن جاءت بعد لقائه باستاذه عبد الله عزام الاستاذ في الجامعة الاسلامية في اسلام اباد، والذي اصدر فتوى مع مجموعة من العلماء الاخرين تحض المسلمين على القتال الى جانب المجاهدين ضد الروس، وترك العمل في الجامعة، واشرف على عمليات الاغاثة الانسانية، واسس مكتب الخدمات، النواة الاولى لـ«القاعدة»، وحاليا اعد فيلما وثائقيا عن «الافغان العرب» فيه المقابلة الوحيدة مع عبد الله عزام قبل موته في حادث سيارة مفخخة مع ولديه. واصطحب عزام في الايام الاولى لسنوات الجهاد بن لادن الى بيشاور حيث مخيمات المقاتلين العرب. واعتقد ان رؤية بن لادن لالاف من الجرحى من المقاتلين الافغان الذين فقد معظمهم الاطراف بسبب جهلهم بحقول الالغام وضراوة القصف الروسي عليهم، حرك في بن لادن المشاعر التي دفعته الى الانتقال الى بيشاور ليكون بجوار اخوانه، ونظرا لمساعداته المالية في انشاء المخيمات لاستقبال المقاتلين الجدد، وشراء السلاح لهم فقد التف الكثيرون حوله.
* كيف كان اول لقاء مع بن لادن؟ ـ التقيته بعد ان اديت العمرة، عقب نجاتي من حادث الطائرة الباكستانية، واخبرته انني جئت بمعدات تصوير كلفتني اموالا طائلة ضاع معظمها في حادث الطائرة، وكان اللقاء الاول بمنزله في شارع المكرونة بجدة وهو عبارة عن منزل بسيط مكون من دورين، الدور الاول فيه اربع شقق لزوجاته الاربع، وفي الدور الارضي صومعته الخاصة للاعتكاف ومكتبه، وشقة خصصها لاستضافة الافغان العرب من الجرحى الذين كانوا يأتون الى جدة للعلاج، او غيرهم من الذين كانوا يتنظرون دورهم للسفر الى بيشاور كمحطة اولى قبل الانتقال الى باكستان.
* كيف كانت اول مقابلة صحافية مع بن لادن؟ ـ اجريت معه اول حوار باعتباره قائد «مأسدة الانصار العرب»، وهي مجموعة قتالية من الشباب العربي، الذين تركوا بلادهم، وجاءوا للقتال مع بن لادن، وكان عددهم لا يزيد على مائة شاب، لا يعرف احد منهم فنون القتال، وكان عمر زعيم «القاعدة» وقتها 28 عاما.
* ما هو الامر وراء التحول الذي جعل بن لادن ينتقل من خانة مجاهد في سنوات الحرب ضد الروس الى مطلوب ارتبط اسمه بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، وكمتهم رئيسي في احداث 11 سبتمبر؟ ـ شهادتي لله وليست للبشر وهي بصدق وبدون ادعاء ان علاقتي مع بن لان انتهت عام 1987 ولكنني قابلته بعد ذلك في جدة بعد عودته الى السعودية، واعتقد ان تحولا خطيرا في فكره الجهادي طرأ عليه بعد اقترابه من اعضاء منظمة «الجهاد» المصرية، وفي مقدمتهم ايمن الظواهري، ومحمد عاطف (ابو حفص المصري) المسؤول العسكري لـ«القاعدة» الذي قتل في الغارات الاميركية على كابل في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، وهذا التحول وجدناه في تغيير الاولويات نحو العدو البعيد والصدام مع الولايات المتحدة، اما بن لادن الذي عرفته في سنوات الجهاد ضد الروس، فهو شاب مسلم مجاهد في سبيل الله، آمن بالقضية وتحمل اعباءها بامواله وبنفسه، ودفع اموالا طائلة لتدعيم القوات الافغانية، وجمع الشباب العربي حوله، الذي كان نواة تشكيل «القاعدة» في ما بعد.. ثم ان بن لادن كان يشعر بالمرارة لاغتيال استاذه الشيخ عبد الله عزام، وللحرب الضارية التي اندلعت بين كومندانات الجهاد بعد خروج الروس من افغانستان. لقد عشت مع بن لادن اربع سنوات، بعضها في كهوف ومغارات تورا بورا بالقرب من جلال اباد، كانت الحياة اليومية في غاية الصعوبة، وكثيرا ما تعرضت للموت، واتذكر اننا كنا نصلي الفجر في الارض المكشوفة بين الجبال خلف أمين علي الرشيدي (ابو عبيدة البنشيري) القائد العسكري السابق لـ«القاعدة» الذي غرق في في منتصف عام 1996 وكنت اصلي بجوار بن لادن، وحامت الطائرات الهليكوبتر الروسية فوق رؤوسنا، وكان الموت يتهددنا، ولكن البنشيري اكمل الصلاة من دون ان يرمش له جفن، او يتهدج صوته، ولقد قضيت شهورا طويلة في منزل البنشيري مع زوجتي وطفلتي في بيشاور، وهذا الرجل كانت حياته مليئة بالمحن والابتلاءات، ومن المجاهدين الذين ارتبط اسمهم بتاريخ الجهاد الافغاني لدرجة ان اللقب الذي اطلق عليه «البنشيري» نسبة إلى بسالته في معارك وادي بنشير في أفغانستان.
* تردد في اجهزة الاعلام الغربية ان بن لادن كان عميلا للمخابرات الاميركية خلال سنوات القتال ضد الروس؟ ـ لم يكن بن لادن في حاجة لان يكون عميلا لاي مخابرات عالمية، فهو واسع الثراء، وكان لا يبحث عن زعامة وقتها، وهو من اسرة عريقة معروفة في السعودية، اشتهرت بالمقاولات، وكان اسم عائلته يسمح له بمصاهرة اغنى واكبر الاسر في المنطقة العربية والخليجية. وكان الاعلام وقتها يهتم بالمجاهدين العرب، لانهم يقفون في مواجهة الخندق الاول المعادي للروس عدوهم اللدود.
* هل امدت الولايات المتحدة المجاهدين بالسلاح خلال سنوات القتال ضد الروس؟ ـ معظم الاسلحة المستخدمة مثل الكلاشينكوف والار بي جي المضاد للدروع كانت معظمها اسلحة روسية او من الكتلة الشرقية، وكان كثير منها عليه شعار صنع في جمهورية مصر العربية او «ج.م .ع»، وفي مرحلة لاحقة استخدم المجاهدون صواريخ ستينغر المضادة للطائرات، وهي التي غيرت دفة الحرب بسرعة لصالحهم، وانهت التفوق الجوي الروسي فوق سماء افغانستان.
* ما تفسيرك من خلال خبرتك كضابط للاستطلاع في الجيش المصري للسقوط السريع لطالبان؟ ـ الارض والناس من الاولويات عند وضع الخطط العسكرية، فهزيمة الامبراطور الفرنسي نابوليون بونابرت في روسيا كانت على يد الجنرال شتاء عند اقترابه من موسكو، حيث تحولت الارض الى اوحال، وكرر نفس الخطأ هتلر وهزمه ثانية الجنرال شتاء في سنوات الحرب العالمية الثانية. اما بالنسبة الى عامل الناس فطالبان اساءت تقديرها للامور، والآية الكريمة والتي رفعها قادة طالبان في الغارات الاميركية على افغانستان: «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله» لا تعبر عن واقع الحال، وكان عليهم الاعداد والاخذ بالاية الكريمة: «واعدوا لهم من قوة ورباط الخيل». وفارق القوة كان ساحقا لصالح الترسانة العسكرية الاميركية، ثم ان التأييد الشعبي لم يكن في صالح طالبان سواء على صعيد الجبهة الداخلية او الخارجية، وذلك كان واضحا من اول غارة جوية على العاصمة كابل، فقادة طالبان نجحوا نجاحا باهرا في ان يكرهوا العالم فيهم، حيث لا توجد دولة واحدة على ظهر الارض لها علاقات طيبة مع نظام طالبان، اي انهم خسروا التأييد الدولي قبل ان تبدا الحرب، وخسروا كذلك تأييد الجبهة الداخلية، ووضح ان الملا عمر رجل جاهل بالدين واعمى البصيرة في شؤون السياسة!!!!، فلم يعرف له دور ديني، فهو ليس حجة ولا حتى فقيها، وليست له اي مساهمة في اية قضية شرعية باستثناء انه يحرم كل شيء!!!! وهي اسهل طريقة للتعامل مع مستجدات الحياة،!!!! وهو شخصية مثيرة للشفقة!!??!!!، ورجل بلا تاريخ قبل ان يصبح الخليفة المزعوم للمسلمين. وكانت عقليته المغلقة !!!!احد الاسباب المباشرة لتخلف دولته وعودتها الى القرون الوسطى. وكنت اتمنى ان ينتقل الملا عمر الى كابل وقيادة الدفاع عنها حتى الموت، بدلا من المكوث في قندهار، قبل هروبه الى الجبال القريبة من عاصمته الدينية.
* من خلال اقترابك من شخص بن لادن لماذا لم يسلم نفسه او يخرج من افغانستان كحل لانقاذ طالبان والشعب الافغاني من الدمار؟ ـ لم يكن امامه سبيل آخر سوى الاقامة في افغانستان ومواجهة مصيره المحتوم.
والغارات الاميركية على افغانستان حولت بن لادن الى اسطورة، وسيظل البحث عنه مستمرا حتى اشعار آخر.