سلامة المصرى
19-03-2010, 02:46 PM
سلسلة من الأحداث المؤسفة لـ ليموني سنيكيت
الكتاب الأول : البداية السيئة
الإهداء : إلى بياتريس العزيزة , الغالية , المتوفاة
الفصل الأول
لو كنتَ مهتما بالقصص ذات النهايات السعيدة فمن الأفضل لك أن تقرأ كتابا آخر. فهذا الكتاب لا يفتقر فقط لنهاية سعيدة بل للبداية السعيدة أيضا, هذا غير أن القليل جدا من الأشياء السعيدة تحدث في المنتصف. وهذا عائد لأن القليل من الأشياء السعيدة قد وقعت في حياة أبناء بودلير الثلاثة. فيوليت وكلاوس وصني هم أطفال أذكياء فاتنين متنورين لهم وجوه سمحة. لكنهم على درجة كبيرة من سوء الحظ وأغلب ما حدث لهم كان حافلا بالبؤس واليأس والألم. أنا آسف لأن أخبرك بهذا لكن هكذا هي القصة.
محنتهم بدأت يوما ما على شاطئ البحر. فبالقرب من هذا الشاطئ عاش الأطفال الثلاثة مع والديهم في قصر ضخم يقع في قلب مدينة متسخة ومشغولة دائما. ومن وقت لآخر كان والداهم يسمحان لهم باستقلال حافلة مترنحة – كلمة مترنحة هنا تعني, كما لابد وأنك تعلم, غير ثابتة أو ميالة للسقوط – إلى ساحل البحر بمفردهم حيث يقضون النهار في نوع من النزهة طالما يعودون للمنزل في وقت العشاء. هذا الصباح بالذات كان رماديا وغائما وإن لم يضايق هذا أبناء بودلير الصغار في أقل القليل. لأنه عندما يكون الجو حارا ومشمسا يزدحم الشاطئ بالسياح ويستحيل أن تجد مكانا جيدا تضع فيه دثارك على الأرض لتجلس. في الأيام الرمادية والغائمة يستحوز الأطفال الثلاثة على الشاطئ كله لأنفسهم.
فيوليت بودلير , الأخت الكبرى, كانت تحب أن تقذف الحجارة في الماء. وكأغلب من هم في سن الرابعة عشر كانت فيوليت تستخدم يدها اليمنى لذا كانت الأحجار تقفز أبعد على السطح الداكن للماء عندما تستعمل يمناها أكثر مما لو استعملت يسراها. وفيما هي تقذف الأحجار كانت تنظر للأفق وتفكر في اختراع تريد أن تبنيه. كل من يعرف فيوليت كان سيعرف أنها تفكر بقوة لأن شعرها الطويل كان مربوطا بشريط ليبعده عن عينيها. كان لدى فيوليت موهبة في اختراع وبناء الأجهزة الغريبة لذا كان عقلها غالبا مملوءا بصور البكرات والروافع والتروس ولذا لم ترد أبدا أن يتشتت انتباهها بشيء هامشي كشعرها. هذا الصباح كانت تفكر في كيف تنشئ جهازا يستعيد الحجارة بعد أن تكون قد قذفتها للمحيط.
كلاوس بودلير , الابن الأوسط , والولد الوحيد كان يحب أن يفحص المخلوقات الموجودة في حفر على الشاطئ. كلاوس أكبر من الثانية عشر بقليل ويرتدي النظارات مما جعله يبدو ذكيا. وفي الحقيقة هو كان فعلا ذكيا. فوالدا الأطفال كان عندهما مكتبة ضخمة داخل القصر. غرفة مشغولة بآلاف الكتب عن تقريبا كل موضوع ممكن. ولأنه كان فقط في الثانية عشر فكلاوس بالطبع لم يقرأ كل الكتب في المكتبة لكنه قرأ الكثير والكثير منها واحتفظ في ذاكرته بالعديد من المعلومات من تلك القراءات. كان يعرف كيف يفرق مثلا بين التمساح العادي وتمساح القاطور الأمريكي. كان يعرف من قتل يوليوس قيصر وكان يعرف الكثير عن المخلوقات البحرية الصغيرة التي توجد على شواطئ المحيطات والتي كان الآن يفحص بعضها.
صني بودلير, الصغرى, كانت تحب أن تقضم الأشياء. كانت رضيعة وصغيرة بالنسبة لسنها, أكبر بالكاد من فردة حذاء "بوط". لكن ما فقدته في الحجم عوضته بحجم وحدة أسنانها الأربعة. صني كانت في عمر حيث يتكلم المرء غالبا بسلسلة من الصيحات غير المفهومة. وباستثناء بضعة كلمات حقيقية يحويها قاموس مرادفاتها مثل "زجاجة" و "ماما" و"أعض" فغالبية الناس كانوا يواجهون صعوبة في فهم ما تقوله صني. فهذا الصباح على سبيل المثال كانت تصيح "جاكو!" مرة بعد الأخرى مما من المحتمل أن يعني "انظروا لهذا الشخص الغامض القادم في الضباب!"
وبالفعل, على البعد على الساحل الضبابي للشاطئ كان يمكن أن يُرى شخص طويل يخطو خطوات واسعة نحو الأطفال. صاحت وأشارت صني ناحية الشخص لفترة قبل أن يرفع كلاوس بصره عن حيوان السرطان الشوكي الذي كان يفحصه ويرى هو أيضا الشخص. مد يده ولمس ذراع فيوليت معيدا إياها من أفكارها الاختراعية.
قال كلاوس "انظري لهذا" وأشار ناحية الشخص الذي كان يقترب مما أتاح للأطفال أن يتبينوا بضعة تفاصيل. كان في حجم رجل بالغ ما عدا الرأس التي كانت طويلة ومربعة بعض الشيء.
سألت فيولت "ماذا تعتقد أن يكون هذا ؟". "لا أدري" أجاب كلاوس مدققا النظر " لكن يبدو أنه متجه صوبنا"
قالت فيوليت بشيء من العصبية " نحن بمفردنا على الشاطئ , لا يوجد أحد آخر يمكن أن يتجه إليه" تحسست الصخرة الضئيلة في يدها اليسرى والتي كانت على وشك أن تقذفها لأبعد ما تستطيع. مرت بها فكرة خاطفة أن ترميها على الشخص لأنه كان يبدو مرعبا للغاية.
قال كلاوس وكأنه قرأ أفكار أخته "إنه فقط يبدو مرعبا بسبب كل الضباب"
وكان هذا صحيحا لأنه إذ وصل إليهم الشخص تبين للأطفال في ارتياح أنه لم يكن شيئا مخيفا على الإطلاق بل شخصا يعرفونه , السيد بو. السيد بو كان صديقا للسيد والسيدة بودلير وقابله الأطفال العديد من المرات في حفلات العشاء. واحد من الأشياء التي أحبها فيوليت وكلاوس وصني في والديهم هي أنهما لا يبعدان أبنائهما عندما تأتي صحبة للزيارة بل يسمحان لهم بالانضمام لطاولة العشاء مع الكبار والمشاركة في المحادثة طالما ساعدوا في رفع الأطباق. تذكر الأطفال السيد بو لأنه كان دائما مصابا بزكام وكثيرا ما اعتذر وقام عن المائدة ليدخل في نوبة سعال في الحجرة المجاورة.
رفع السيد بو قبعته العالية التي كانت تجعل رأسه يبدو كبيرا ومربعا في الضباب ووقف للحظة يسعل بقوة في منديل أبيض. فيوليت وكلاوس تقدما ليصافحاه ويرحبا به.
قالت فيوليت "كيف حالك؟"
وقال كلاوس "كيف حالك؟"
وقالت صني "كفا هالوك؟"
قال السيد بو "بصحة جيدة. شكرا" لكنه بدا حزينا للغاية. لثوان لم يقل أحد شيئا وتساءل الأطفال ما الذي أتى بالسيد بو للشاطئ حين أنه من المفترض أن يكون بعمله بالبنك في المدينة. هذا بالإضافة أنه لم يكن مرتديا ملابس مناسبة للشاطئ.
قالت فيوليت محاولة بدء محادثة "إنه يوم جميل". صني أصدرت صوتا يشبه طائرا غاضبا فرفعها كلاوس وأمسكها.
قال السيد بو في شرود ناظرا للشاطئ الفارغ "نعم .. إنه يوم جميل. لكن أخشى أنني أحمل لكم بعض الأخبار السيئة للغاية أيها الأطفال". نظر الثلاثة إليه. فيوليت تحسست في بعض الإحراج الصخرة في يدها اليسرى وسعدت لأنها لم تقذفها عليه.
قال السيد بو "والداكما .. توفيا في حريق مروع".
لم ينطق الأطفال ببنت شفه.
" لقد توفيا في حريق جاء على المنزل كله. أنا آسف للغاية أن أخبركم بهذا يا أعزائي"
فيوليت رفعت عينيها عن السيد بو وحملقت في المحيط. السيد بو لم يدعهم بـ"أعزائي" من قبل. فهمت الكلمات التي نطق بها لكن فكرت أنه لا بد أن يكون مازحا. مزحة رهيبة يلعبها عليها وعلى أخيها وأختها.
قال السيد بو " توفيا تعني ماتا". قال كلاوس في استهجان "نحن نعلم ماذا تعني كلمة توفيا". كان يعلم ماذا تعني "توفى" لكنه مع ذلك كان يواجه صعوبة في فهم ما قاله السيد بو بالضبط. بدا له أن السيد بو لا بد وقد أخطأ في الحديث.
"قسم الإطفاء حضر بالطبع, لكنهم وصلوا متأخرين جدا. المنزل بأكمله كان محاطا بالنيران وقد احترق للأساسات"
تصور كلاوس كل الكتب في المكتبة وقد اشتعل فيها اللهب. الآن لن يقرأ كلاً منها أبدا.
سعل السيد بو عدة مرات في منديله قبل أن يكمل "أنا تم إرسالي لإحضاركم من هنا وأخذكم لمنزلي حيث ستقيمون بعض الوقت إلى أن ندبر الأمور. أنا الوصي على ممتلكات والديكم وهذا يعني أنني سأشرف على ثروتهم الضخمة وعن تدبير أين ستسكنون. عندما تصل فيوليت لسن الرشد ستكون الثروة من نصيبكم لكن إلى أن يأتي هذا الحين سيكون البنك مسئولا عنها".
على الرغم من قوله أنه الوصي شعرت فيوليت كما لو أنه الجلاد. لقد مشى إليهم ببساطة وغير حياتهم للأبد.
قال السيد بو وهو يمد يده "تعالوا معي", ولتمسك بها اضطرت فيوليت لإلقاء الصخرة التي كانت تمسك بها. كلاوس أمسك يد فيوليت الأخرى وصني أمسكت يد كلاوس الحرة, وبهذه الطريقة ابتعد أبناء بودلير – أيتام بودلير الآن – عن الشاطئ , وعن حياتهم الماضية.
الكتاب الأول : البداية السيئة
الإهداء : إلى بياتريس العزيزة , الغالية , المتوفاة
الفصل الأول
لو كنتَ مهتما بالقصص ذات النهايات السعيدة فمن الأفضل لك أن تقرأ كتابا آخر. فهذا الكتاب لا يفتقر فقط لنهاية سعيدة بل للبداية السعيدة أيضا, هذا غير أن القليل جدا من الأشياء السعيدة تحدث في المنتصف. وهذا عائد لأن القليل من الأشياء السعيدة قد وقعت في حياة أبناء بودلير الثلاثة. فيوليت وكلاوس وصني هم أطفال أذكياء فاتنين متنورين لهم وجوه سمحة. لكنهم على درجة كبيرة من سوء الحظ وأغلب ما حدث لهم كان حافلا بالبؤس واليأس والألم. أنا آسف لأن أخبرك بهذا لكن هكذا هي القصة.
محنتهم بدأت يوما ما على شاطئ البحر. فبالقرب من هذا الشاطئ عاش الأطفال الثلاثة مع والديهم في قصر ضخم يقع في قلب مدينة متسخة ومشغولة دائما. ومن وقت لآخر كان والداهم يسمحان لهم باستقلال حافلة مترنحة – كلمة مترنحة هنا تعني, كما لابد وأنك تعلم, غير ثابتة أو ميالة للسقوط – إلى ساحل البحر بمفردهم حيث يقضون النهار في نوع من النزهة طالما يعودون للمنزل في وقت العشاء. هذا الصباح بالذات كان رماديا وغائما وإن لم يضايق هذا أبناء بودلير الصغار في أقل القليل. لأنه عندما يكون الجو حارا ومشمسا يزدحم الشاطئ بالسياح ويستحيل أن تجد مكانا جيدا تضع فيه دثارك على الأرض لتجلس. في الأيام الرمادية والغائمة يستحوز الأطفال الثلاثة على الشاطئ كله لأنفسهم.
فيوليت بودلير , الأخت الكبرى, كانت تحب أن تقذف الحجارة في الماء. وكأغلب من هم في سن الرابعة عشر كانت فيوليت تستخدم يدها اليمنى لذا كانت الأحجار تقفز أبعد على السطح الداكن للماء عندما تستعمل يمناها أكثر مما لو استعملت يسراها. وفيما هي تقذف الأحجار كانت تنظر للأفق وتفكر في اختراع تريد أن تبنيه. كل من يعرف فيوليت كان سيعرف أنها تفكر بقوة لأن شعرها الطويل كان مربوطا بشريط ليبعده عن عينيها. كان لدى فيوليت موهبة في اختراع وبناء الأجهزة الغريبة لذا كان عقلها غالبا مملوءا بصور البكرات والروافع والتروس ولذا لم ترد أبدا أن يتشتت انتباهها بشيء هامشي كشعرها. هذا الصباح كانت تفكر في كيف تنشئ جهازا يستعيد الحجارة بعد أن تكون قد قذفتها للمحيط.
كلاوس بودلير , الابن الأوسط , والولد الوحيد كان يحب أن يفحص المخلوقات الموجودة في حفر على الشاطئ. كلاوس أكبر من الثانية عشر بقليل ويرتدي النظارات مما جعله يبدو ذكيا. وفي الحقيقة هو كان فعلا ذكيا. فوالدا الأطفال كان عندهما مكتبة ضخمة داخل القصر. غرفة مشغولة بآلاف الكتب عن تقريبا كل موضوع ممكن. ولأنه كان فقط في الثانية عشر فكلاوس بالطبع لم يقرأ كل الكتب في المكتبة لكنه قرأ الكثير والكثير منها واحتفظ في ذاكرته بالعديد من المعلومات من تلك القراءات. كان يعرف كيف يفرق مثلا بين التمساح العادي وتمساح القاطور الأمريكي. كان يعرف من قتل يوليوس قيصر وكان يعرف الكثير عن المخلوقات البحرية الصغيرة التي توجد على شواطئ المحيطات والتي كان الآن يفحص بعضها.
صني بودلير, الصغرى, كانت تحب أن تقضم الأشياء. كانت رضيعة وصغيرة بالنسبة لسنها, أكبر بالكاد من فردة حذاء "بوط". لكن ما فقدته في الحجم عوضته بحجم وحدة أسنانها الأربعة. صني كانت في عمر حيث يتكلم المرء غالبا بسلسلة من الصيحات غير المفهومة. وباستثناء بضعة كلمات حقيقية يحويها قاموس مرادفاتها مثل "زجاجة" و "ماما" و"أعض" فغالبية الناس كانوا يواجهون صعوبة في فهم ما تقوله صني. فهذا الصباح على سبيل المثال كانت تصيح "جاكو!" مرة بعد الأخرى مما من المحتمل أن يعني "انظروا لهذا الشخص الغامض القادم في الضباب!"
وبالفعل, على البعد على الساحل الضبابي للشاطئ كان يمكن أن يُرى شخص طويل يخطو خطوات واسعة نحو الأطفال. صاحت وأشارت صني ناحية الشخص لفترة قبل أن يرفع كلاوس بصره عن حيوان السرطان الشوكي الذي كان يفحصه ويرى هو أيضا الشخص. مد يده ولمس ذراع فيوليت معيدا إياها من أفكارها الاختراعية.
قال كلاوس "انظري لهذا" وأشار ناحية الشخص الذي كان يقترب مما أتاح للأطفال أن يتبينوا بضعة تفاصيل. كان في حجم رجل بالغ ما عدا الرأس التي كانت طويلة ومربعة بعض الشيء.
سألت فيولت "ماذا تعتقد أن يكون هذا ؟". "لا أدري" أجاب كلاوس مدققا النظر " لكن يبدو أنه متجه صوبنا"
قالت فيوليت بشيء من العصبية " نحن بمفردنا على الشاطئ , لا يوجد أحد آخر يمكن أن يتجه إليه" تحسست الصخرة الضئيلة في يدها اليسرى والتي كانت على وشك أن تقذفها لأبعد ما تستطيع. مرت بها فكرة خاطفة أن ترميها على الشخص لأنه كان يبدو مرعبا للغاية.
قال كلاوس وكأنه قرأ أفكار أخته "إنه فقط يبدو مرعبا بسبب كل الضباب"
وكان هذا صحيحا لأنه إذ وصل إليهم الشخص تبين للأطفال في ارتياح أنه لم يكن شيئا مخيفا على الإطلاق بل شخصا يعرفونه , السيد بو. السيد بو كان صديقا للسيد والسيدة بودلير وقابله الأطفال العديد من المرات في حفلات العشاء. واحد من الأشياء التي أحبها فيوليت وكلاوس وصني في والديهم هي أنهما لا يبعدان أبنائهما عندما تأتي صحبة للزيارة بل يسمحان لهم بالانضمام لطاولة العشاء مع الكبار والمشاركة في المحادثة طالما ساعدوا في رفع الأطباق. تذكر الأطفال السيد بو لأنه كان دائما مصابا بزكام وكثيرا ما اعتذر وقام عن المائدة ليدخل في نوبة سعال في الحجرة المجاورة.
رفع السيد بو قبعته العالية التي كانت تجعل رأسه يبدو كبيرا ومربعا في الضباب ووقف للحظة يسعل بقوة في منديل أبيض. فيوليت وكلاوس تقدما ليصافحاه ويرحبا به.
قالت فيوليت "كيف حالك؟"
وقال كلاوس "كيف حالك؟"
وقالت صني "كفا هالوك؟"
قال السيد بو "بصحة جيدة. شكرا" لكنه بدا حزينا للغاية. لثوان لم يقل أحد شيئا وتساءل الأطفال ما الذي أتى بالسيد بو للشاطئ حين أنه من المفترض أن يكون بعمله بالبنك في المدينة. هذا بالإضافة أنه لم يكن مرتديا ملابس مناسبة للشاطئ.
قالت فيوليت محاولة بدء محادثة "إنه يوم جميل". صني أصدرت صوتا يشبه طائرا غاضبا فرفعها كلاوس وأمسكها.
قال السيد بو في شرود ناظرا للشاطئ الفارغ "نعم .. إنه يوم جميل. لكن أخشى أنني أحمل لكم بعض الأخبار السيئة للغاية أيها الأطفال". نظر الثلاثة إليه. فيوليت تحسست في بعض الإحراج الصخرة في يدها اليسرى وسعدت لأنها لم تقذفها عليه.
قال السيد بو "والداكما .. توفيا في حريق مروع".
لم ينطق الأطفال ببنت شفه.
" لقد توفيا في حريق جاء على المنزل كله. أنا آسف للغاية أن أخبركم بهذا يا أعزائي"
فيوليت رفعت عينيها عن السيد بو وحملقت في المحيط. السيد بو لم يدعهم بـ"أعزائي" من قبل. فهمت الكلمات التي نطق بها لكن فكرت أنه لا بد أن يكون مازحا. مزحة رهيبة يلعبها عليها وعلى أخيها وأختها.
قال السيد بو " توفيا تعني ماتا". قال كلاوس في استهجان "نحن نعلم ماذا تعني كلمة توفيا". كان يعلم ماذا تعني "توفى" لكنه مع ذلك كان يواجه صعوبة في فهم ما قاله السيد بو بالضبط. بدا له أن السيد بو لا بد وقد أخطأ في الحديث.
"قسم الإطفاء حضر بالطبع, لكنهم وصلوا متأخرين جدا. المنزل بأكمله كان محاطا بالنيران وقد احترق للأساسات"
تصور كلاوس كل الكتب في المكتبة وقد اشتعل فيها اللهب. الآن لن يقرأ كلاً منها أبدا.
سعل السيد بو عدة مرات في منديله قبل أن يكمل "أنا تم إرسالي لإحضاركم من هنا وأخذكم لمنزلي حيث ستقيمون بعض الوقت إلى أن ندبر الأمور. أنا الوصي على ممتلكات والديكم وهذا يعني أنني سأشرف على ثروتهم الضخمة وعن تدبير أين ستسكنون. عندما تصل فيوليت لسن الرشد ستكون الثروة من نصيبكم لكن إلى أن يأتي هذا الحين سيكون البنك مسئولا عنها".
على الرغم من قوله أنه الوصي شعرت فيوليت كما لو أنه الجلاد. لقد مشى إليهم ببساطة وغير حياتهم للأبد.
قال السيد بو وهو يمد يده "تعالوا معي", ولتمسك بها اضطرت فيوليت لإلقاء الصخرة التي كانت تمسك بها. كلاوس أمسك يد فيوليت الأخرى وصني أمسكت يد كلاوس الحرة, وبهذه الطريقة ابتعد أبناء بودلير – أيتام بودلير الآن – عن الشاطئ , وعن حياتهم الماضية.