المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال ميراث المرأة في الإسلام



محمد السويسي
26-03-2010, 10:10 PM
في الميراث:
التوارث بين المسلمين واجب في الكتاب والسنة . قال الله تعالى :
"للرجال نصيب مما ترك الوالدان ، والأقربون ، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه ، أو كثر نصيباً مفروضاً " . وقال : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " 1.
وقال رسول الله ۖ : " ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فلأولي رجل ذكر" 2.

وقال " ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث "3 .
والوارثات من الإناث ، ثلاثة أقسام وهي :
1- الزوجة .
2- المعتقة .
3- ذوات القرابة ، وثلاثة أقسام : أصول ، وهي الجدة والجدة لأم أو لأب ، وفروع وهي البنت وبنت الأبن وإن نزلت ، وحاشية قريبة وهي الأخت مطلقاً .
وهكذا أنصف الإسلام المرأة ورعى حقوقها بإعطائها حق الميراث .

وميراث المرأة المسلمة من الأمور التي تحدث فيها كثيرون من الأجانب ففي الوقت الذي كانت فيه شرائع بعض الدول الغربية تجعل الميراث للأبن الأكبر وتحرم منه سائر الأولاد ذكوراً وإناثاً ، نرى كتاباً من هذه الدول يعيبون على نظرية الميراث الإسلامي .
بينما رجل الحقوق والقانون العميد " دوجيه " يرى غير ذلك بقوله : "أنه لو اجتمع أساتذة القانون في جامعات أوروربا وعكفوا عدة شهور ليضعوا قواعد للمواريث كقواعد الشريعة الإسلامية لأصابهم فشل ذريع " . ذلك أن المجتمعات غير الإسلامية :" إنما تسلك في المواريث قواعد بشرية إن أنصفت طرفاً ظلمت أطرافاً . أما نظرية المواريث في الشريعة الإسلامية فهي نظرية باهرة في ضبطها ودقتها وإنصافها وشمولها وعدالتها "4.

ومن القواعد التي تبناها الإسلام في الميراث ، عدم الإعتداد بالسن . فإذا كان الورثة ، أخوة سواسية في الأنصبة بقطع النظر عن سن كل منهم .
كذلك لم يعتد بالذكورة والأنوثة فكلا الذكرين والأنثى يرث إن كان مستحقاً . ومنها أنه جعل للذكر دائماً مثل حظ الأنثيين بقوله تعالى : " يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "5 . هذا بالنسبة إلى الأولاد وكذلك بالنسسبة إلى الأب والأم ؛ فلو كانا هما الوارثين فقط لا ابنهما ، فيكون للأب الثلثان وللأم الثلث بقول الله تعالى :" فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث "6.

والذي يتأمل في ذلك يجد أن قسمة المواريث تلك عادلة ومنطقية بما فيها من فوارق في البنية والدور الذي يسره الله لكل منهما في الدنيا . فالمرأة تحمل وتلد وترضع وتربي وما يتطلب ذلك من وقت وجهد ومشقة ، كما القيام بالأعباء المنزلية وواجباتها تجاه زوجها وأولادها . لذا خفف عنها الإسلام مقابل ذلك عدم تكليفها السعي على كسب العيش وأناط ذلك بالرجل لكسب القوت وكلفة الإنفاق ورفع ذلك عن المرأة ، فإن كان بنتاً فنفقتها على أبيها وإن كانت زوجاً فنفقتها على زوجها ، وإن كانت أماً فنفقتها على ولدها إن كان زوجها متوفياً أو لايعمل لعلة . فعبء الإنفاق من مسؤولية الرجل دائماً . والمرأة لاتكلف بالإنفاق أبداً بل هي منفق عليها ، ولذلك فقد أعان الله الرجل على هذا الإلتزام بأن جعل نصيبه في الميراث ضعف نصيب الأنثى ، وبذلك نجد أرفع قواعد العدالة .

إذ بالرغم أنه لم يكلف المرأة بالإنفاق قط فإنه لم يحرمها من الميراث وإنما زاد نصيب الرجل ليعينه على إداء ماكلفه به . والله هو المعين أبداً في كل شؤون الحياة . وبذلك يبين لنا أن الإسلام لم يظلم المرأة قيد أنملة ، بل لعله جعلها أوفر من الرجل حظاً إذ ليست هي مكلفة بالإنفاق أبداً ، ومع ذلك قدر لها نصيباً من الميراث . وقد ردت السيدة هدى شعراوي (7) على بعض المطالب بتعديل نصيب المراة من الميراث من أعداء الإسلام بقولها :"..إننا لم نلاحظ تذمراً من المرأة أو شكوى من عدم مساواتها بالرجل في الميراث ، والظاهر ان اقتناعها بما قسم لها من نصيب ناشىء من أن الشريعة عوضتها مقابل ذلك بتكليف الزوج بالإنفاق عليها وعلى اولادها كما منحتها حق التصرف في أموالها .."8 .

إن الشرائع التي تعطي المرأة في الميراث مثل نصيب الرجل ، ألزمتها بأعباء مثل أعبائه وواجبات مالية مثل واجباته ، فلا جرم أن اعطاءها مثل نصيبه في الميراث في هذه الحالة أمراً منطقياً ومقبولاً . أما أن ننفي المرأة من كل عبء مالي ومن كل سعي للإنفاق على نفسها وعلى أولادها ونلزم ذلك للرجل وحده ثم نعطيها مثل نصيبه في الميراث ، فهذا ليس أمراً منطقياً أو مقبولاً في شريعة العدالة(9 ).
....................................................................................................
1- سورة النساء : 11
2- متفق عليه .
3- رواه أبو داوود وغيره من السنن .
4- العميد ، كان إستاذاً في كلية القانون في باريس وانتدب للتدريس في كلية الحقوق في مصر في النصف الأول من القرن العشرين .
5- سورة النساء الآية 11
6- الآية السابقة .
7- رئيسة لجمعية الإتحاد النسائي ورائدة لحركة النساء في مصر . توفيت عام 1947 .
8- الإسرة المسلمة وتحديات العصر . حسن الحفناوي ص 206
9- المراة بين الفقه والقانون : د. مصطفى السباعي ص 35
]