المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حدود إنسانية - قصة قصيرة



أحمد كمال سالم
17-04-2010, 06:33 PM
حدود إنسانية
قصة قصيرة


كتبها : أحمد كمال
لا أدري من أين أتيت ، لكني علمت أني من نطفة أبي ، في رحم أمي وضعت ، وفيه خلقت ، حدوده ظلمات ثلاث ، ومن حبل صري يأتي رزقي ، بلا قلق ، ولا إرهاق ؟! ويأتيني هواء .
وبقيت تسعة أشهر وعشرة أيام ، وربما عدة ساعات ، يعلم الكل عني ، وأنا عني لا أعلم شيئاً .
ومن بطن أمي نزلت ، واتسعت حدودي ، وصرت فرد ، في مربع صغير يسمى غرفة نوم ، وبقيت أمي الإنسان الوحيد الذي ألفت ، ولبن صدرها مصدر رزقي الذي منه نهلت ، وبين شهيقي وزفيري كبرت ، ونظرات عيني تتلقف عشرات الوجوه ، التي لها ما عرفت ، ولكني عادة بالابتسامة رددت ، وببعض الغمغمات مزحت ، وبغرغرة لعابي تسليت ، ولا أذكر إني بكيت ؟!
واتسعت حدودي ، عندما من غرفة نومي خرجت ، وصارت حدودي عدة غرف يقال لها بيت ، وزحفت وسط تصفيقً حار ، وبقى التصفيق حتى مشيت ؟! ويأتيني من يخطب ودي ، فأصفعه إذا رأيت ، ومن أخطب وده يتجاهلني فأصفعه حتى ارتويت ، لكني كما أنا بقيت ، عرفت واضع نطفتي ، وشركاء رحلتي ، وتذوقت أطعمة ، فأحببت بعضها ، وزهدت بعضها ، وما رضيت ؟! وصرت أستحي مما تخرج أحشائي ، وبالفطرة تواريت ؟! ورحت أغوص في أعماق حدودي حتى انتهيت .
واتسعت حدودي مع زى مدرسي ، وحافلة تقلني ، وأسوار تحيطني ، وفصل يضمني ، ومعلمة تدرسني ، وزملاء يحيطون بي ، عقلي يتسع ، وقلبي يختلع ، فأنا أريد كل شيء ، ولا أحصل إلا على شيء ؟! وصارت غمغمة الرضيع سباب ، وغرغرة اللعاب بصقات ، ولكني أبداً ما استرحت ، ولا أرحت ؟!
وقبل أن يكتمل نموي نضجت ، واتسعت حدودي بحجم الأرض ، فنهلت من معارفها ، وسحت حول معالمها ، في كل البحور أبحرت ، وفي أعماق المحيطات غصت ، عسى أن أدرك حد ليس بعده حد وكلما تعمقت ، للسماء عدت ، وأدركت إنها ربما نهاية حدودي ، وسر وجودي ، فإليها اتجهت ؟!
مع من صعد للقمر صعدت ، وعليه بقدمي وطئت ، ومن حدود الغلاف خرجت ، واتسعت حدودي إلى ما بعد الأرض ، ازددت شغفاً وامتلأت ثقة ، وبعد التجول من حد إلى حد ذهبت ، أحطم كل أركاني ، أهدم كل بنياني ، وأظن إني للحقيقة قد وصلت ، ونسيت إني من مجهول أتيت ؟!
وإلى ما بعد ، بعد الأرض اقتحمت ، وعلى المريخ هبطت ، فإذا بحدود ما قبل الميلاد ، تتسع إلى حدود ما بعد الفضاء ، وفيه أضعت نفسي ، في كون له اكتشفت ، وحدود أسبح فيها وما رجعت ، تمرد دائماً يدفعني لأجتاز ما بعد الحدود ، وعلى كبح عصيانه ما قدرت ؟!
في فضاء المجرة سبحت ، ورأيت مجرات بعدها مجرات ، حتى إني ذات يوم رجعت ، وكان الشيب قد نال من رأسي ، سألت عن أمي ، فلم يجبني أحد ، ولكني أحسست ؟!
ورحت أتأمل مرقد ها ، وتفيض عينيا بأنهار من الدموع ، ولكني تحيرت ، كيف إن حدودي التي اتسعت بحجم المجرة ، تنتهي في رحم الأرض ، في حفرة تسمى قبر ؟!


انتهى

ليون اس كينيدي
01-06-2010, 07:47 PM
مشكوور على القصة

أحمد كمال سالم
26-10-2010, 05:00 PM
مشكوور على القصة

شكراً لمرورك الكريم
وتعليقك الرقيق
مودتي

محب البرامج
30-11-2010, 09:49 AM
كم جميلة هي تعبيراتك و ما اجمل السجع و الموسيقى في نظمك. بصراحه انا من فتره كنت عايز اكتب في موضوع إن الغنسان كل ما بيكبر بتزيد مسؤلياته و اوضح أشياءا أخرى فإذا سمحت لي بإقتباس موضوعك لأضيف عليه ما يلهمني ربي به أكون من الشاكرين
تقبل تحياتي

أحمد كمال سالم
30-11-2010, 11:10 AM
كم جميلة هي تعبيراتك و ما اجمل السجع و الموسيقى في نظمك. بصراحه انا من فتره كنت عايز اكتب في موضوع إن الغنسان كل ما بيكبر بتزيد مسؤلياته و اوضح أشياءا أخرى فإذا سمحت لي بإقتباس موضوعك لأضيف عليه ما يلهمني ربي به أكون من الشاكرين
تقبل تحياتي

شكراً لمرورك الكريم
ولا مشكلة في إجابة طلبك على تشير إلى إقتباس النص
تشرفت بمعرفتك
مودتي

Bierhoff
30-11-2010, 07:43 PM
شكرا على القصة