المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الثاني للاية 187 البقرة ( فوائد النسخ ومحاسبة النفس )



ابن ابن ادم
14-05-2010, 11:42 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اما بعد
يقول الحق تبارك وتعالى
( علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ) جزء من الاية 187البقرة

يتحدث الولى سبحانه وتعالى عن سبب نسخه لحكم منع جماع النساء بعد العشاء خلال ليلة الصيام حيث انه سبق ان قلنا ان في بداية الصيام كان يمنع الاكل والشرب خلال الليل ايضا كما في نهار رمضان ويكون الاكل والشرب والجماع فقط بين المغرب والعشاء ومن نام بعد المغرب ولم ينتظر للعشاء إذا اصبح يصبح صائما الى اليوم التالي فشق ذلك عليهم حتى ان احدهم لم يصبر فنسخ الله ذلك الحكم بهذه الاية بقوله ( فتاب عليكم وعفا عنكم ....)
ولاشك ان في الاية فوائد عظيمة جدا نذكر منها

يقول سبحانه وتعالى ( ما ننسخ من اية او ننسها ناتي بخير منها اومثلها .........) ولا حظ ( ناتي بخير منها ) خير منها للعباد وقد يقول قائل لماذا لم تكن من البداية فهذه الاية ترد عليهم هاهو فإنه لو بقى النهي عن الاكل والشرب والجماع خلال الليل ايضا لما استطاع الناس ذلك فبين بالدليل العملي انهم لن يستطيعوا حتى ولو ظن البعض انه يستطيع ذلك اليوم ولكن مع تغير الحال لن يستطيع وعلى ذلك تمنى عبداللع\ه ابن عمرو لو اخذ برخصة رسول الله كما اخبر عنه البخاري (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله ، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل . فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : فلا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لزورك عليك حقا ، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام ، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها ، فإن ذلك صيام الدهر كله . فشددت فشدد علي . قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة ؟ . قال : فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه . قلت : وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام ؟ . قال : نصف الدهر . فكان عبد الله يقول بعدما كبر : يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم .
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1975
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فتأمل قوله ليتني اخدت برخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا الدين لم يأتي لتعذيب العباد بل جاء رحمة بهم ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين )
وقد جاء في الصحيح انه جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5063
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فلا يمكن ان يكون هناك تشريع فةق ارادة البشر ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) والله يعلم من البدايه انهم لن يستطيعوا ذلك ولكنه اخر النسخ ليبين لهم وللمشككين ايضا فوائد النسخ بشكل عملي كما في قوله عن قيام الليل كله قال الله: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ [المزمل:20)
فتبين لنا الفائدة العظيمة هي مصلحة العباد وعليه نقول ايضا انه ينبغي لنا الا نعسر على انفسنا الاحكام وخاصة من يتصدون للفتاوى للتضيق على الناس وهم لا يشعرون بمعانتهم اولئك الذين يرفعون شعار الاخذ بالاحوط في كل فتاويهم حتى اصبح الدين كله احوط ويرفضون الاخذ بالرخصة والنظر في مصلحة العباد
والنبي نهى عن ذلك ففي الحديث يقول: جابر بن عبدالله الأنصاري رضى الله عنه (خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده
المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 336
خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
ارايت قتلوه كم هي كلمة قوية فكم من اناس شق عليهم معيشتهم بسبب فتوى لم يقدر المفتي معاناة السائل فيها ولم يبذل عناية في الرد عليها ولم يضع نفسه مكانه قبل الرد
فهذا دين الله بالدليل العملي نزل لبشر ولم ينزل لملائكة وبين لهم المولى سبحانه وتعالى كم هي الرحمة بنسخ الاحكام التي فيها مشقة فالحمد لله رب العالمين


قال بعضهم ان المقصود بها ظلم الانسان لنفسه بفعل المعاصي و فصل ابن تيمية ان المقصود بها ذنوب السر فقط وشرح ذلك بقوله (وإذا كان اختيان النفس هو ظلمها أو ارتكاب ما حرم عليها، كان كل مذنب مختانا لنفسه، وإن جهر بالذنوب، وكان كفر الكافرين وقتالهم للأنبياء وللمؤمنين اختيانا لأنفسهم، وكذلك قطع الطريق والمحاربة، وكذلك الظلم الظاهر، وكان ما فعله قوم نوح وهود، وصالح وشعيب اختيانا لأنفسهم.
ومعلوم أن هذا اللفظ لم يستعمل في هذه المعاني كلها، وإنما استعمل في خاص من الذنوب مما يفعل سرا) (مجموع الفتاوى | المجلد الرابع عشر)

وقال ابن عثيمين (أن هذا الاختيان بكون الإنسان يفتي نفسه بأن هذا الأمر هين؛ أو بأنه صار في حال لا تحرم عليه زوجته؛ وما أشبه ذلك؛ وأصل هذا أنهم كانوا في أول الأمر إذا صلى أحدهم العشاء الآخرة، أو إذا نام قبل العشاء الآخرة فإنه يحرم عليه الاستمتاع بالمرأة والأكل والشرب إلى غروب الشمس من اليوم التالي؛ فشق عليهم ذلك مشقة عظيمة حتى إن بعضهم لم يصبر؛ فبين الله عز وجل حكمته، ورحمته بنا، حيث أحل لنا هذا الأمر؛ ولهذا قال تعالى: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } تفسير ابن عثيمين
و يظهر لي ونحن في معرض استخلاص الفوائد ان في الاية مدح لهم بذكر التوبة عليهم والعفو عليم بقرأن يتلى الى يوم القيامة ولن الله اختارهم لتنفيذ حكمة له وهي التخفيف عن الامة كلها بسببهم فكانوا سببا لرحمة الله بكل عباده الصائمين
ولاشك ان في ذلك دليل على ايمانهم وانهم اصحاب قلوب مؤمنه ونفس زكية تدعوهم الى الحق كما قال صلى الله عليه وسلم ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران ، فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ! ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا ، وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم
الراوي: النواس بن سمعان الكلابي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3887
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلا شك ان واعظ الله في قلوبهم اعلى ما يكون في أي قلب اخر فلذلك اختارهم الله ليكونوا مقياس للامة كلها والله اعلم 1- من فوائد النسخ مصلحة العباد والخير لهم 2- ( معنى تختانون انفسكم ) http://www.qtl.co.il/img/copy.pnghttp://www.google.com/favicon.icohttp://www.qtl.co.il/img/trans.png