المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال معاريف تدعو اليهود إلى إثبات حقّهم في بناء الأهرامات



أبو حمزة المصرى
29-06-2010, 07:23 AM
معاريف تدعو اليهود إلى إثبات حقّهم في بناء الأهرامات...
وخبراء الآثار المصريون يردّون
تقول الحكمة القديمة: «من ليس له ماضٍ يفخر به فلا حاضر ولا مستقبل له»، لذا يحاول مغتصبو الأرض الفلسطينية صناعة تاريخ خاص بهم، فاختاروا التعدي على ثقافة فلسطين وأرضها. وآخر الادعاءات المتكررة على الحضارات العربية مقال نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، دعت فيه الكاتبة الإسرائيلية أنجيل غريس كل يهودي إلى أن يسأل نفسه: ماذا يفعل ليثبت حقه التاريخي؟ مجيبة في الوقت نفسه «إننا نحن بناة الأهرامات»!
أبدى أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية د. زاهي حواس انزعاجه مما تنشره الصحف الإسرائيلية، خصوصاً «معاريف»، حول بناة الإهرامات، وعلّق بأن الإسرائيليين لا صلة لهم ببناء الأهرامات، لذا دأبوا على تزييف التاريخ. كذلك أوضح حواس أن بعض الباحثين الإسرائيليين قال إن المصريين ليسوا فراعنة، و{أنا أرد عليهم بأن معظم الشعب المصري مسلم يتحدث العربية، لكن طبيعتنا وعاداتنا المصرية الفرعونية الخالصة التي تعيش معنا حتى الآن هي أبرز دليل على الادعاءات الكاذبة}.
بدوره، قال د. محمد أبو غدير، خبير الإسرائيليات ورئيس قسم الدراسات العبرية الأسبق في كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر، إن «ادعاءات الإسرائيليين المتكررة حول الحضارة الفرعونية القديمة لا سيما أنهم بناة الأهرامات غير صحيحة والقضية محسومة، لأن العصر الذي بنيت فيه الأهرامات كان قبل الوجود اليهودي في مصر، لكن أهم ما يميز اليهود حتى داخل إسرائيل هو الاختلاف الشديد في ما بينهم، فكل منهم يكتب ما يشاء».
أضاف: «تحمل هذه الادعاءات جانباً سياسياً، إذ يريد الإسرائيليون تبرير وجودهم في فلسطين، إذاً تتسم القضية بأبعاد ثقافية ودينية وغيرهما... وأهم ما يرهق الإسرائيليين أنفسهم تغلغل الثقافة العربية إلى ثقافتهم العبرية، فقد استمدوا الكثير منَّا في عصر الإسلام الذهبي وحضارة الأندلس الإسلامية، لذا نجد اللغة العبرية مليئة بكلمات عربية. أما دينياً فنجد الحاخام موسى، وهو أكبر حاخامات اليهود الذين يطلقون عليه الشيخ العربي، يقول إننا نعيش أزمة في الثقافة العبرية مع تشابهها مع الثقافة العربية».
مزاعم متكررة
في سياق متصل، ذكر المفكر الفلسطيني سمير غطاس أن «هذه المزاعم ليست جديدة، فطالما نشرت الصحافة والإذاعات الإسرائيلية مزاعم مفادها أنهم أقدم جماعة بشرية في المنطقة ولهم الحق التاريخي في فلسطين والمنطقة كاملة، والأخطر ادعاءاتهم حول الثقافة والتراث الفلسطيني والعربي ومحاولتهم سرقة كل الرموز الفلسطينية ونسبها إلى أنفسهم، كالمأكولات العربية مثل «الطعمية» والحمّص، إضافة إلى السجاد الفلسطيني المُطرّز وبعض الأسلحة التي كان يستخدمها الكنعانيون والفلسطينيون، وكلها أساليب تندرج ضمن تغيير الطبيعة الجغرافية والديمغرافية العربية لإحلال مستوطنين يهود بدلاً من أصحاب الأرض».
تابع غطاس: «كذلك ثمة علماء ومفكرون إسرائيليون يدحضون ما يدّعيه البعض من حق إسرائيل التاريخي، وثمة مدرسة كاملة أحد أبرز أعضائها رئيس قسم الآثار في جامعة تل أبيب إسرائيل فلنكشتاين، الذي صرّح بأنه ظل يبحث في الآثار اليهودية فلم تدله الدراسة على أي «وجود حقيقي لتاريخنا على هذه الأرض العربية».
أما البرفسور الإسرائيلي زائيف هسلوج (أستاذ علم الآثار الدولي الإسرائيلي) فاشتغل في الحفريات مع فريق كبير من العلماء، ونشر نتيجة أبحاثه في جريدة «هآرتس» الإسرائيلية، جاء فيها: «حاولنا أن نتتبع موارد التاريخ كافة حول بعض الأمور مثل مطاردة الفرعون المصري لليهود، ونزول التوراة على موسى، ومملكة الهيكل السليماني المزعوم... لكننا لم نجد لها أي أثر يدلّ على صدقها».
أضاف: «لا يصلح التوراة كتاباً لتاريخ اليهود، فالمدرسة الأثرية نفسها في إسرائيل لم تعد تعترف به كمرجع لها... إن لم نكن نحن فأغلب الظن أننا كنا قبائل تعيش على الساحل، ثم صعدت من أماكن عدة إلى منطقة القدس، نحن قبائل سامية جاءت من قبائل وأماكن مختلفة».
إنجازات كاذبة
بدوره دعا وكيل المجلس الأعلى للصحافة المصرية د. عصام فرج الدول العربية والمعنيين بالثقافة العربية من خبراء وعلماء، إلى تفنيد هذه الادعاءات المتكررة للجمهور العربي، «لأن الحكومات وحدها ليست المسؤولة عن مواجهة الصهيونية في محاولة ترسيخها بعض المفاهيم الخاطئة أمام العالم، وأبرزها أن اليهودية والعبرية وراء إنجازات تاريخية عربية كثيرة، وأن العرب لا حول لهم ولا قوة».
أضاف فرج: «تأتي الخطورة في الصمت أو عدم التعقيب على هذه الادعاءات، فتصبح يوماً ما حقائق، ومنها مقولات وادعاءات طرحها اليهود مثل: إلقاء اليهود في البحر. الحقيقة أنه لم يثبت عن أي حاكم عربي أنه قام بذلك، لكنهم استطاعوا ترسيخ مثل هذه المقولة، كذلك لم يثبت أن الفلسطينيين تركوا أرضهم في حرب 1948 وهربوا، أو باعوها».
لاحظ فرج أنه في الآونة الأخيرة بدأت الصهيونية السطو على الحضارة المصرية ومحاولة نسب بناء الأهرامات لها. بدأ مناحم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق هذه الإدعاءات، لدى زيارته مصر قبالة توقيع معاهدة «كامب ديفيد»، إذ أشار إلى هذا الأمر، فتصدى له مثقفو العرب عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة.
تهويد التاريخ
من جهته أكد الأمين الأسبق للمجلس الأعلى للآثار المصرية د. عبد الحليم نور الدين أن «اليهود لم يسكنوا مصر إبان بناء الأهرام، فكيف يدّعون أنهم ساهموا في بنائها ويطالبون بحقهم التاريخي فيها؟ إنها ادعاءات كاذبة، ففي داخل هرم خوفو العظيم كتب الفراعنة المصريون اسم الملك واسم المهندس المصري الذي وضع تصميمه وأشرف على بنائه، وأسماء زوجات الملك والموظفين والعمال. كذلك كُشف عن بقايا مقابر ومنازل خاصة ببناة الأهرام من المصريين وأسماء العمال والموظفين على مقربة منها وجميعهم بالدليل القاطع من المصريين».
تابع نور الدين: «تاريخياً أتى اليهود إلى مصر وعاشوا كجالية صغيرة إبان حكم الأسرة 26 في جزيرة التلفين في أسوان، ولم يكن لديهم أي تأثير، مع ذلك لا يوجد اسم أو إشارة لأي شخص يهودي على أثر مصري على فترات الحضارة المصرية القديمة. نحن أمام ادعاءات كاذبة هدفها تهويد التاريخ، والسؤال الذي يطرح نفسه: أين الأهرامات التي بناها اليهود لأنفسهم في بلادهم إذا كانوا هم بناة الأهرامات المصرية؟».
أخيراً أكد د. محمد هشام (خبير الإسرائيليات)، أن هذه الادعاءات الكاذبة من الإسرائيليين في المجالات الثقافية والحضارية لا يجب أن تأخذ أكثر من حجمها، «فتاريخ الحركة الصهيونية قائم على تزييف التاريخ والحقائق ومحاولة فرض وقائع جديدة»، وأضاف أن ذلك كله غير مستغرب على الواقع الصهيوني، إذ ظهرت خلال التاريخ كتب كثيرة تردّ على هذه الادعاءات.