المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال أحكم بعقلك



عمر العريفي
04-07-2010, 04:22 AM
أحكم بعقلك



رزق الله الإنسان بنعمة العقل وميزه عن غيره من المخلوقات ليستخدمه في التفكير وفهم الأمور والحكم عليها ومن ثم التعامل معها، ولكن هناك آفات تمنع الإنسان من أن يكون موضوعياً في فهمه وحكمه وقراراته، وينبغي على العاقل أن ينظر إلى الأمور بعقلٍ متزنٍ وتفكيرٍ موضوعيٍ ليكون فهمه لها وحكمه عليها أقرب إلى الصحة، فيتجنب الميل إلى الأهواء والتمسك بالقشور والانجراف مع الأفكار والتسرع في تصنيف الآخرين.

وعليه أن يكون أوعى من أن يقع في خطأ التصنيف المتعجل، وأرقى من أن يسلم عقله لغيره لينسخ آراءهم دون اطلاع وتفكير، وأعقل من أن يسارع بتصديق كل ما يسمعه دون تحفظ، قال العقاد عن كتاب وُصف له وصفاً سلبياً: “قد حكم الناس عليه بعقولهم، فدعني أحكم عليه بعقلي“. ويكون الإنسان أكثر حذراً وتحفظاً في تصديق ما يقوله خصم عن خصمه، فالإشاعات والأكاذيب تنتشر عن الأصدقاء بين الأصدقاء، فما بالك إذا كانت عن الأعداء والخصوم والمنافسين؟

وتبرز أهمية الحكم على الأمور بموضوعية واعتدال أثناء مرحلة تلقي الإنسان وتعلمه من أي مصدر من مصادر التعلم في هذه الحياة، ولكن بعض المتعلمين يقعون في خطأ جسيم بأن لا يثقوا بمعلمهم أثناء مرحلة التلقي، ولا يأخذوا ما يتعلمونه منه بالجدية الكافية، سواءً كان هذا المعلم إنساناً أو كتاباً أو موقفاً أو علماً أو غير ذلك، فيكونون رافضين لما يتلقونه منه قبل أن يفكّروا به، فلا يتأملونه ولا يستفيدون منه، فهم يحكمون على معلميهم بانطباعات مسبقة ويضعونهم قوالب ذات موصفات محددة ربما تم بنائها على انطباعات متسرعة أو عواطف شخصية أو إشاعات كاذبة، فيحكمون على ما يقولونه قبل أن يستمعوا إليهم أو يفكروا فيه، وهذا يفقدهم فرصاً هائلةً للتعلم.

ولا أقول أنه يجب أن تقتنع بكل ما يقوله معلمك أو أن تتبنى جميع أفكاره، ولكن أن تثق به أثناء مرحلة التلقّي وتأخذ ما يقوله بجدية تامّة وتفكر فيه بعمق تاركاً الانطباعات المسبقة مؤقتاً لتحدد قبوله أو رفضه أو غير ذلك، ومن ثم تُراجع انطباعاتك.

ويميل البعض إلى تصنيف كافة البشر بين إنسان صالح في كل أموره وآخر فاسدٌ في كل أموره، وكأنهم لا يرون على الأرض إلا ملائكة أو شياطين، فإن صنفوا أحداً على أنه ملاك طاهر جعلوه منزهاً إلا عن القليل من الخطأ الغير مقصود، فلا يصدّقون فيه إلا ما يتماشى مع تصنيفهم له، ولا يتوقعون منه إلا ما يليق بفكرتهم عنه، ولو أحدث ما يهز ثقتهم فلربما حولوه مباشرة إلى شيطان خبيث منافق أظهر الخير وأبطن الشر واستطاع خداعهم لفترة طويلة، أما إن صنفوا أحداً على أنه شيطان مريد فإنهم لا يصدقون فيه إلا شراً يتماشى مع تصنيفهم له، وإن بدر منه خير حملوه على محمل النفاق والخبث والتخطيط لسوء، فهو في نظرهم شيطان يسعى للضرر فقط.

وفي نظري إن هذا تطرف عاطفي متسرع، فالحقيقة أن عامة البشر يعيشون بين الخير والشر، ففي كلٍ خير وفي كلٍ شر، ولا يوجد في عامتهم ملاك طاهر ولا شيطان رجيم، كما أن الإيمان يزيد وينقص، فيمكن للإنسان الخيّر أن يميل إلى عمل خبيث، ويمكن للإنسان الخبيث أن يميل إلى عمل خير.



عمر بن سليمان العريفي

واااحد
16-07-2010, 08:26 AM
بعد كل ما قلت يا عمر
لا اقول الا كلمة واحدة
ابدعت

أمير المجرة
16-07-2010, 11:35 AM
موفق اخي الكريم....

Leon + Ada
16-07-2010, 11:43 AM
أحكم بعقلك



رزق الله الإنسان بنعمة العقل وميزه عن غيره من المخلوقات ليستخدمه في التفكير وفهم الأمور والحكم عليها ومن ثم التعامل معها، ولكن هناك آفات تمنع الإنسان من أن يكون موضوعياً في فهمه وحكمه وقراراته، وينبغي على العاقل أن ينظر إلى الأمور بعقلٍ متزنٍ وتفكيرٍ موضوعيٍ ليكون فهمه لها وحكمه عليها أقرب إلى الصحة، فيتجنب الميل إلى الأهواء والتمسك بالقشور والانجراف مع الأفكار والتسرع في تصنيف الآخرين.

وعليه أن يكون أوعى من أن يقع في خطأ التصنيف المتعجل، وأرقى من أن يسلم عقله لغيره لينسخ آراءهم دون اطلاع وتفكير، وأعقل من أن يسارع بتصديق كل ما يسمعه دون تحفظ، قال العقاد عن كتاب وُصف له وصفاً سلبياً: “قد حكم الناس عليه بعقولهم، فدعني أحكم عليه بعقلي“. ويكون الإنسان أكثر حذراً وتحفظاً في تصديق ما يقوله خصم عن خصمه، فالإشاعات والأكاذيب تنتشر عن الأصدقاء بين الأصدقاء، فما بالك إذا كانت عن الأعداء والخصوم والمنافسين؟

وتبرز أهمية الحكم على الأمور بموضوعية واعتدال أثناء مرحلة تلقي الإنسان وتعلمه من أي مصدر من مصادر التعلم في هذه الحياة، ولكن بعض المتعلمين يقعون في خطأ جسيم بأن لا يثقوا بمعلمهم أثناء مرحلة التلقي، ولا يأخذوا ما يتعلمونه منه بالجدية الكافية، سواءً كان هذا المعلم إنساناً أو كتاباً أو موقفاً أو علماً أو غير ذلك، فيكونون رافضين لما يتلقونه منه قبل أن يفكّروا به، فلا يتأملونه ولا يستفيدون منه، فهم يحكمون على معلميهم بانطباعات مسبقة ويضعونهم قوالب ذات موصفات محددة ربما تم بنائها على انطباعات متسرعة أو عواطف شخصية أو إشاعات كاذبة، فيحكمون على ما يقولونه قبل أن يستمعوا إليهم أو يفكروا فيه، وهذا يفقدهم فرصاً هائلةً للتعلم.

ولا أقول أنه يجب أن تقتنع بكل ما يقوله معلمك أو أن تتبنى جميع أفكاره، ولكن أن تثق به أثناء مرحلة التلقّي وتأخذ ما يقوله بجدية تامّة وتفكر فيه بعمق تاركاً الانطباعات المسبقة مؤقتاً لتحدد قبوله أو رفضه أو غير ذلك، ومن ثم تُراجع انطباعاتك.

ويميل البعض إلى تصنيف كافة البشر بين إنسان صالح في كل أموره وآخر فاسدٌ في كل أموره، وكأنهم لا يرون على الأرض إلا ملائكة أو شياطين، فإن صنفوا أحداً على أنه ملاك طاهر جعلوه منزهاً إلا عن القليل من الخطأ الغير مقصود، فلا يصدّقون فيه إلا ما يتماشى مع تصنيفهم له، ولا يتوقعون منه إلا ما يليق بفكرتهم عنه، ولو أحدث ما يهز ثقتهم فلربما حولوه مباشرة إلى شيطان خبيث منافق أظهر الخير وأبطن الشر واستطاع خداعهم لفترة طويلة، أما إن صنفوا أحداً على أنه شيطان مريد فإنهم لا يصدقون فيه إلا شراً يتماشى مع تصنيفهم له، وإن بدر منه خير حملوه على محمل النفاق والخبث والتخطيط لسوء، فهو في نظرهم شيطان يسعى للضرر فقط.

وفي نظري إن هذا تطرف عاطفي متسرع، فالحقيقة أن عامة البشر يعيشون بين الخير والشر، ففي كلٍ خير وفي كلٍ شر، ولا يوجد في عامتهم ملاك طاهر ولا شيطان رجيم، كما أن الإيمان يزيد وينقص، فيمكن للإنسان الخيّر أن يميل إلى عمل خبيث، ويمكن للإنسان الخبيث أن يميل إلى عمل خير.



عمر بن سليمان العريفي


مشكووور على الموضوع الي فيه الخير والى الامام يدا بيد نبني المنتدى

chris
17-07-2010, 08:44 PM
لقد كتبت فابدعت يا اخي العزيز عمر العريفي
شكرا لك على موضوعك الرائع
وللامانة قد اعجبتني الفقرة الاخيرة من الموضوع

ويميل البعض إلى تصنيف كافة البشر بين إنسان صالح في كل أموره وآخر فاسدٌ في كل أموره، وكأنهم لا يرون على الأرض إلا ملائكة أو شياطين، فإن صنفوا أحداً على أنه ملاك طاهر جعلوه منزهاً إلا عن القليل من الخطأ الغير مقصود، فلا يصدّقون فيه إلا ما يتماشى مع تصنيفهم له، ولا يتوقعون منه إلا ما يليق بفكرتهم عنه، ولو أحدث ما يهز ثقتهم فلربما حولوه مباشرة إلى شيطان خبيث منافق أظهر الخير وأبطن الشر واستطاع خداعهم لفترة طويلة، أما إن صنفوا أحداً على أنه شيطان مريد فإنهم لا يصدقون فيه إلا شراً يتماشى مع تصنيفهم له، وإن بدر منه خير حملوه على محمل النفاق والخبث والتخطيط لسوء، فهو في نظرهم شيطان يسعى للضرر فقط.


لقد قلت عين الحقيقة والصواب
ففعلا الرجل يكون ممدوحا بين اهله ومن حوله
وما ان يخط خطا كان كبير او صغير ينسى الناس الخير وفضال الرجل ولا يرون الا خطائه فيبدون بشتمه واهانته
كالذي يترك البياض العظيم في الثوب الابيض ولا ينظر الا الى النقطة السوداء فقط وكانها بحر ..


شكرا على المقالة الرائعة



سلام chris

عمر العريفي
17-07-2010, 11:46 PM
شكراً لكم جميعااخواني:
واااحد وأمير المجرة وLeon + Ada وchris

تعليقاتكم وتشجيعكم لها الأثر الكبير علي وسعدت كثيراً بها..

جزاكم الله خيرا

chris
25-07-2010, 09:58 PM
لا شكر على واجب
واهلا بيك في كل وقت اخي العزيز




سلام chris