المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال فلا تلوموني ولوموا أنفسكم "



طارق الجعبري
07-07-2010, 10:02 AM
"فلا تلوموني ولوموا أنفسكم "
بقلم طارق عبد الفتاح الجعبري
قَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ مّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَأُدْخِلَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ . سورة ابراهيم

"فلا تلوموني ولوموا أنفسكم "
صرخة إبليس لأتباعه ..صعقة إبليس لجنده .. حسرة الكافرين يوم لا ينفع مال ولا بنون ..
إلى كل ضحايا القدر ... وحاصل أخطاء الاخرين ..
إلى كل المظلومين ... وليس بيدهم حيلة إلا ما كان ...
لمن عاشها غفلة .. وحسبها لحظة ... وظنها لهوا ومزحا ... إلى كل المستضعفين في الأرض ...ومن جار الزمن عليهم .. ووقف العالم ضدهم ...
إلى كل السابحين في الخطيئة ..إلى كل المنحرفين عن الحقيقة
إلى الذين سلبوا إرادتهم بأيديهم ... وعبّدوا أنفسهم شهواتهم .. وملّكوا أمرهم شيطانهم ...
لا تلوموني ولوموا أنفسكم .. نعم ..لا تلوموني ولوموا أنفسكم
إلى الذين يعدّون قائمة مبرراتهم ... ويعملون ليل نهار في إقناع أنفسهم بأنهم مسيّرون لما هم فيه ... وليس في الإمكان أفضل مما كان ...
"لا تلوموني ولوموا أنفسكم" ... "ولا تزر وازرة وزر أخرى ".. "وليس للعبد إلا ما سعى"
وما الشيطان بمساعدكم وما انتم بمساعديه وما هو بمصرخكم وما انتم بمصرخيه
{فلا تلوموني} اليوم {ولوموا أنفسكم} فإن الذنب لكم لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل ،انه (إبليس ) يخلي بكم وينفض يده منكم ،وهو الذي وعدكم من قبل ومنّاكم، ووسوس لكم أن لا غالب لكم ، فأما الساعة فما هو بملبّيكم إذا صرختم كما أنكم لن تنجدوه إذا صرخ .

لا تلوموني على إجابتكم إياي ولوموا أنفسكم عليها ، فروى ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: (فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجه المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك: "إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم" الآية). "وعد الحق" وعدكم الله وعد اليوم الحق ووعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم. "وما كان لي عليكم من سلطان" وليس لي من حجة وبيان؛ وما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا، "إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي" فأغويتكم فاتبعتموني. ولم أقهركم على ما دعوتكم إليه. "إلا أن دعوتكم" ولكن دعوتكم بالوسواس والأماني فاستجبتم لي باختياركم، "فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" "فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" إذا جئتموني من غير حجة. "ما أنا بمغيثكم. "وما أنتم أي بمغيثي. والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة، والمصرخ هو المغيث قال سلامة بن جندل.
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع وكان الصراخ له قرع الظنابيب
إن إبليس متلبّس بيننا بوجوه وأشخاص قد لا تعدّ ولا تحصى ، فهو بين أفكارنا وفي أعمالنا ومؤسساتنا ،في ساستنا ومدراؤنا وموظفينا وأسواقنا ...،فصرخات وتلبيسات أباليس وشياطين الإنس والجنّ مشرعة علينا ليل نهار ،أفلا تستحق الانتباه والتمحيص بل الا تستوجب النفير والاجتهاد في صدّها ،فسلعة الله الجنة هي سلعة غالية ،وثمنها عظيم ولا تمنح لمتقاعس أو كسول يرمي على غيره عيوبه وتقصيره وتقاعسه ،انه الإيمان والعمل الصالح الذي يستطيعه كل واحد منا القيام به حتى يمتلك مفتاح أبواب الجنة قال تعالى* وَأُدْخِلَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ.
فاتركوا وتبرّؤا من كل مبررات الكسل والإحباط والقهر والضعف ،ولا تلوموا إلا أنفسكم ،فلن تتحصّلوا ما تريدون من حسن الآخرة إلا بأنفسكم وجهدكم ،مهما علا الطغيان وحل الفساد.

المراجع:تفاسير القرطبي وابن كثير و الظلال والطبري. 6/7/2010م

chris
08-07-2010, 11:53 PM
موضوع طيب يا اخي العزيز
وجزاك الله كل خير
وفعلا كم نحتاج الى ان نعرف جيدا ً على من يقع اللوم
فنحن نسارع للبحث عن شماعة او متهم نرمي عليه لومنا وسبب ما نحن فيه وما نقع فيه
وننسى اننا من يستحق ان يلوم نفسه ...



شكرا على الموضوع الطيب مرة اخرى



واهلا بيك




سلام