المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال شهادة السيدة العجوز سفيرة معتقلات _1_



انتصار الآلوسي
20-09-2010, 08:29 PM
وثيقة عار للأنظمة العربية والإسلامية
صدق أو لا تصدق شهادة السيدة العجوز سفيرة معتقلات
وسجون الاحتلال الأمريكي خطوة بخطوة
4-4
انتصار إبراهيم الآلوسي
(وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا )النساء (75)
من الغرابة أن تصدق ما تشاهدهُ على شاشة التلفاز لانتصارات قامت بها قوات الاحتلال الأمريكي لنصرة حقوق الإنسان وحرية المرأة. بينما تنزوي المشاهد المريعة للجرائم والانتهاكات في زاوية مظلمة يستهدف الصغير قبل الكبير, الشيخ قبل الشاب والمرأة. ثم يظهر بطل التحرير والسلام والحرب ضد الإرهاب بوش المنتهية ولايته متبجحاً بأكذوبته:ـ لقد جئنا بالديمقراطية وحرية المرأة . في خضم المجازر والانتهاكات تصدر المنظمة الدولية لحقوق المرأة MADRالكثير من التقارير حول أوضاع نساء العراق, لتكشف عن القدر الواسع من الإهمال والدمار, التعسف, التهديد بالقتل، اعتداءات جنسية، والأهم القتل غسلاً للعار والعنف المنزلي, وهذا تحديداً جعل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية تأتي بجيوشها مسببة دماراً شاملا على جميع الأصعدة لتحرير المرأة من الرجل!!, ومن أجل ذلك دفع العراق أكثر من 2.5 مليون ضحية, و 800 ألف رجل مغيب أو مفقود والحقيقة 800 ألف من قبورٍ بلا شواهد سوى أرقاماً من دون هوية .
هكذا أخذت المرأة في ظل الديمقراطية حريتها وغرقت بحقوقها حتى ورثت أكثر من 5 مليون يتيماً بلا معيل, 90 ـ100 قتيل ضحية يومياً, فيما تغرق مدن العراق بأطفال الشوارع, المدمنين, المنحرفين, المصابين بمرض الايدز, المتسولين, اللصوص والعصابات مع ازدهار تجارة الرقيق وتجارة الأعضاء البشرية و و .
فالحرب أضافت للمرأة أعباءً فوق أعبائها كالترمل في سنٍ مبكر والجري خلف لقمة تسد بها جوع أيتامها. أو مطاردة من قبل المحتل ومليشياته, إن لم تكن مغلوبة على أمرها حبيسة السجون والمعتقلات ( لم تظهر إحصائيات المنظمة أي تقارير حول هذه الجرائم والانتهاكات).
إن احتلال العراق (من قبل الإرهابي الصليبي بوش وجيوشه الحليفة) لا دخل له بالمفهوم الذي تتحدث عنه المنظمات وترويه, كقصص العنف المنزلي والقتل غسلا للعار, فنساء العراق وحرائره أسمى وأشرف من أن تدنس أعراضهن, أو يرتكبن مثل هذه الحماقات. عراقيات مسلمات يقبعن في غياهب المعتقلات وعتمة الألم وظلم المحتل عرضة لهؤلاء المرتزقة الذين لا يفرقون بين القانون الدولي , مفهوم حقوق الإنسان , مقررات معاهدة جنيف, وبين الهمجية والغوغائية والتخلف والوحشية. أو بين القيم الأعراف السماوية وأعراف وقوانين رعاة البقر .
هنا تحديداً نتساءل, ماذا حدث ويحدث في عراق الديمقراطية والحرية ؟ سؤال تجيب عليه السيدة الفاضلة والمعلمة والأم فاطمة. التي دار بها الزمن لتكون سفيرة سجون ومعتقلات الاحتلال, مع ابنتها الشابة التي لم تبلغ السابعة والعشرين .
القصة ستروى بالكامل لمحاجة الاحتلال المجرم والعملاء والخونة وقادة الأنظمة الإسلامية والعربية التي باتوا خطراً على الشعب العربي والإسلامي.
*السيدة الكريمة أم محمد.
ـ بل فاطمة أحب بنات الرسول (ص) عليه, حتى يدرك القادة العرب الذين دعموا وساندوا الاحتلال, ما هم إلا متآمرين على الإسلام والعرب.
* سيدة فاطمة نحن لا نعزيك بل نعزي أنفسنا بالمرارة التي تشعرين بها , والظلم الذي وقع عليك أو على أي امرأة عربية أو مسلمة وقع على نساء المسلمين والعرب جميعاً.
السيدة فاطمة مقاطعة:ـ ليس كل مَن حمل أسماً عربيا يعني أنه عربي . وليس كل مَن سجد يعني أنه مسلم . حكايتي مع بداية الاحتلال حين أقدمت القوات الظالمة الكافرة بتفجير بوابة منزلي, وهجومهم علينا كالكلاب السائبة. قتلوا زوجي وولدي داخل المنزل وأمام عيني بدمٍ بارد وقلبٍ حاقد, عند الساعة 3.28 دقيقة صباحا , من يوم الخميس 21/7/2003( اذكر الوقت بالتحديد, لأني نهضت من فراشي للصلاة ). بقيت أنا وابنتي جنان نصرخ ونستنجد بالله وبالشرفاء. لم ترحل قوات الغازي بل فتشت المنزل وسرقة أموالنا ومصوغاتنا الذهبية ودمرته بالكامل. ثم تقدم رجل يرتدي ملابس المارينز من ابنتي. كان يتحدث بلهجة خليجية, هذا الزنجي القبيح الحقير رفع عنها حجاب رأسها وقال:ـ ( لنرى ماذا تخبئ الماجدة العراقية تحت حجابها الكاذب ). بصقت أبنتي في وجهه, فلكمها بقوة أسقطها أرضاً قائلاً:ـ ( لا تكوني شريفي برأسي ) فنهره أحد جنود الاحتلال. رجع نفس الجندي ورفع ابنتي وأوقفها على قدميها ثم كبل يديها خلف ظهرها, وأسدل شعرها بيده وهو يقول :ـ هكذا أجمل. وحين حاولت منعه أمسك بي الجنود بقوة. قفزت نحو كتاب الله وحملته بيدي وقلت له:ـ دخيل الله ودخيل القران وأنت عربي مسلم , لا تأخذ أبنتي وانحنيت أقبل قدمه . إلا أنه ضرب كتاب الله بقدمه وأخذ يضربني قائلا:ـ أين القران حين دخلتم الكويت, فصرخت أبنتي به ياكافر .
قال مهدداً:ـ سترين ما سيفعله الكافر بك.
فقلت :ـ دعك منها, إنها لا تعرف ما تقول, خذني وافعل بي ماشئت واتركها. أعتبرها عرضك.
قفز على فاطمة وأمسك برقبة الكلابية وشقها إلى نصفين, وفاطمة تصرخ تحاول أن تستر جسدها من دون فائدة, ثم قبلها بحقارة ونجاسة ( هذا الكافر البائس الدنيء):ـ ( هذه هي الماجدة العراقية وين صدام حسين . خل يشوف الماجدة إلي حارب من اجلها) .
ثم بدأ يوجه الشتائم البشعة والألفاظ النابية على سيدة بعمر والدته وفتاة بعمر شقيقته . بعدها قيدونا وأغمضوا عيوننا, وصعدنا الهمر. لا أعرف هل أبكي على ولدي البكر الذي تركته غارقا بدمائه أم زوجي العجوز ورفيق عمري وذكريات شبابي, أم على أبنتي التي ستضيع مني قريبا .
والله لا أخفيك سراً دعوت من الله أن يوميتها حتى لا ينتهك عرضنا. والعرض ياأختي غالي أغلى من الولد. كنت في سري أقول :اللهم لا تخذلنا , ولا تذلنا , ولا تجعل أمرنا بيد عدونا , اللهم هذا عرضي وشرفي بين يديك أرحمه من هؤلاء الأنجاس. كنت بلا حول ولا قوة . تركت لساعات طويلة من دون أن أعرف أين أنا وأين أبنتي , ثم أقترب مني أحدهم وأزاح الغطاء عن عيني , فتلفت أبحث عن أبنتي. أقترب نفس المترجم الكويتي القذر. فتوسلت به:ـ أنت مثل أبني, أرجوك أرحم عمري وأرحم أبنتي من العار, لا تدنس عرضنا .
قال :ـ أسكتي أمي شريفة.
وجيء بفاطمة, أقترب منها وهو يضع يده عليها:ـ لماذا أنت محجبة ؟ وبدأ يغرز أصابعه بقسوة في جسدها وهي تصرخ. حتى حضر الضابط الأمريكي الذي لم تفارق عينيه أبنتي. والله العظيم دعوت من قلب أم ثكلى وأرملة مظلومة على كل قادة الأنظمة العربية والإسلامية الذين ساندوا وشاركوا الاحتلال وعرضونا لكل هذا. ومازلت أدعوا كل صباح ومساء, حسبنا الله ونعمة الوكيل عليكم ياخونة الله ياأنجاس .
وأجهشت السيدة العجوز بالبكاء وهي تقول لقد نسانا الله . لقد نسي الله العراق وأهله ( هذه العبارة اسمعها دائما ) .
*الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل. ماذا حدث بعد ذلك؟
:ـ أخذ الضابط يصرخ بوجه المترجم الكويتي ثم قام بطرده خارج الغرفة , وأمر بحبسي وابنتي في زنزانتين منفردتين. توسلت بالضابط أن يترك أبنتي, لأن أعرافنا لا تسمح بسجن الفتاة, فدفعني وخرج.
*كيف كان اليوم الأول ؟
:ـ سجنت في زنزانة صغيرة بالكاد تتسع لشخص واحد, تركت هناك لدهر من الزمن , وقبل دخولي الزنزانة جاءت جندية من الاحتلال وأمرتني بخلع جميع ملابسي وحين أخبرتها بأني مسلمة وعربية, وأني حاجة بيت الله وأرتدي الحجاب منذ طفولتي. انهالت علي بعصا سميكة, وأمرت الجنود بتمزيق ملابسي, بعدها فتشت جسدي تبحث عن علامات أو أثر لرصاصة. ثم سحبتني وأنا عارية إلى الزنزانة, عرفت منها إننا في المنطقة الخضراء ( مقر حكومة الاحتلال, والسفارة الأمريكية والبريطانية. لكني لم اعرف هل توجد أيضا سفارة إسرائيلية ). جاء الجنود وأخذوني إلى غرفة التحقيق وأنا عارية تماما. كان الضابط يجلس خلف طاولة كبيرة والغرفة مليئة بآثار الدم, فقال:ـ أجلسي. فجلست, كنت أرتجف خوفاً ورعباً على أبنتي (لأن مَن بمثل عمري بعيدة عن الاعتداء والتحرش) متسائلة داخلي ماذا حل بجنان؟ هل تحرشوا بها؟ هل قتلوها ثم استغفر الله.
قال لي :ـ أنت بعثية صدامية .
قلت:ـ بعثية نعم. كلنا بعثيون. أما صدامية فهذا مصطلح جديد علي.
بصق في وجهي وقال:ـ أجيبي فقط على السؤال, ما أسم المجموعة الإرهابي التي يقودها زوجك؟ وأين هم الآن؟ ما هي عناوينهم, وأين يختبئ زوجك ويخبئ الأموال والأسلحة؟
قلت:ـ لقد قتل جنودك زوجي وولدي وتركوهم في المنزل.
لم يترك لي الوقت حتى أقترب مني بصق في وجهي ثم ضربني بشدة وقال:ـ يا عاهرة تريدين اتهامنا بمقتل زوجك. ثم أمر جنوده بتكبيل قدمي بالكرسي , وأخذ يرفس الكرسي فينقلب, ثم يقوم بركلي وهكذا حتى فقدت الوعي. وحين استعدت وعيي كنت ممددة فوق الأرض وقد حل وثاقي وربطت رجلي متباعدتين عن بعضهما, رأيت الجنود عراة وبيد أحدهم كاميرا يصور, ثم . . . . . ( نقتطع الحديث حرصاً على خدش حياء أختنا المناضلة السيدة العجوز فاطمة ولغيرتنا على أعراض المسلمين, حسبنا الله ونعم والوكيل) .
رحل صوت السيدة فاطمة متقطعا مخنوقاً وهي تجهش بالبكاء محتسبة الله عز وجل.
*سيدة فاطمة : ماذا حدث بعد ذلك ؟
ـ بقيت في المنطقة الخضراء قرابة شهر, أستمر فيها الاعتداء والتعذيب يومياً ولثلاث ساعات على الدوام حتى أفقد وعيي, عندها لا ينفع الماء البارد أو الحار فيكبوني كالقمامة في الزنزانة .
* هل سمعت صراخ نساء أخريات ؟
ـ نساء كثيرات, يصرخن كل الليل, يدخل جنود الاحتلال لأكثر من مرة في الزنزانة الواحدة, وهناك زنازين لن يغفل عنها أحداً, خاصة حين تكون النزيلة صغيرة أو بنت أو شقيقة مسئول أو ضابط. عجوز لم تسلم من وهولاء الوحوش . والغريب لم أسمع صوت أبنتي أبدا لأن الأصوات اختلطت علي, وهذا ما أزاح عن كاهلي الكثير وأن الله استجاب لدعائي وماتت . كان يسمح لي بالذهاب إلى الحمام مرة واحدة يومياً, أرى فيها فتيات صغيرات عاريات تماما , يقفن باستحياء, لم يتجاوزن الرابعة عشر وقد غطت أجسادهن الدماء والقذارة وأثار التعذيب والإغتصاب, لا بل البعض منهن حوامل ( سترهن الله ورحمهن ), أنت لم تعرفي أو تفهمي الإحساس الذي تشعر به الأم حين ترى هذا المنظر ولديها ابنة (ياالله خلصيني من العذاب).
بعدها وعند الفجر جاءت الجندية المسئولة على الحراسة ومعها بعض الجنود وسحبوني كالشاة إلى غرفة التعذيب, وفي الغرفة عند الحائط تكوم شبح عاري, وقد حلق شعره, لم أتعرف عليه في بادئ الأمر ثم أدركت أن الشبح كان لجنان ابنتي, وحين حاولت احتضانها انهال علي الجنود بالضرب وأبعدوني عنها.
( قصة طويلة وسلسة من الانتهاكات تعرضت لها السيدة فاطمة وابنتها وكثير من النزيلات البريئات في سجون الاحتلال. ستكمل تفاصيلها الدقيقة في أربعة أجزاء لطولها).
(فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )آل عمران (146 )
ملاحظة: الأسماء محفوظة لدينا حرصاً على سلامة هذه الآسرة التي فقدت السلام. والعنوان ضياع بعدك يا عراق.
مهداة إلى قادة الأنظمة العربية والإسلامية الذين شاركوا الاحتلال ولائمه مع كل الاحترام والتقدير لمواقفهم المشرفة النبيلة إزاء العراق وفلسطين وأفغانستان و و... وفقهم الله عبيداً لتمرير المخططات الإمبريالية والصهيونية, وجعلهم أكثر ذلة في خدمة أسيادهم.
وإلى شرفاء العالم الإسلامي والعربي وإلى المقاومة العراقية الباسلة وكل المقاومات في أراضينا متأملين منهم رد الاعتبار لنا, والأخذ بالثأر لشرفنا واسترداد حقوقنا المسلوبة بالكامل.
رابطة توثيق الانتهاكات وحقوق الإنسان في العراق
البريد الالكتروني : d_waged@yahoo.com