المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السرية والعلنية في إنترنت



holly_smoke
08-02-2001, 08:32 PM
السرية والعلنية في إنترنت

يحكم تضارب المصالح والرغبات بين الفرد والجماعة، تاريخ البشرية بأكمله. فتسعى، مثلاً، مؤسسات السلطة السياسية والشركات التجارية إلى جمع أكبر ما يمكن من المعلومات عن سلوك الأفراد، كل منها لغاية مختلفة. فيما يسعى الفرد إلى حماية خصوصياته، بإخفاء بعض سلوكياته وتصرفاته عن أعين الفضوليين.

مع بروز واتساع إنترنت، انتقلت هذه التناقضات إلى رحاب الشبكة العالمية المتنامية، بل وتزايد السعي لاكتشاف تحركات وتصرفات الأفراد على الشبكة، وكشف خصوصياتهم. ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين:

الأول تسويقي. فإذا تمكنت الشركات التجارية من معرفة السلع التي يسعى إليها الأفراد، فسوف يؤدي ذلك إلى زيادة فرص تسويق منتجاتها، ويساعدها في الاتصال المباشر مع الزبائن المحتملين.

الثاني أمني. ويهدف لاكتشاف أي استخدام غير قانوني للشبكة، والتعرف على الفاعل.

أدى هذا التناقض إلى ظهور فريقين يعملان باتجاهين متعاكسين، الأول يطور برمجيات تساعد مزودي خدمات إنترنت، وأصحاب المواقع، في جمع المعلومات عن مستخدمي الشبكة. والثاني، يطور تقنيات تمنع أصحاب مواقع إنترنت من الحصول على تلك المعلومات. دعونا، الآن، نلقي نظرة على نتائج أفعال الفريقين.

عندما تستخدم إنترنت، توجد جهتين بإمكانهما التعرف على ما تفعل، بفضل الأدوات والبرمجيات التي طورها الفريق الأول:

الجهة الأولى، هي المؤسسة التي توفر لك خدمة الاتصال بإنترنت، أو مدير الشبكة في شركتك (webmaster)، إن كان لديها شبكة خاصة. المعلومات التي تستطيع هذه الجهة جمعها عنك، شاملة ومفصلة، فهي تضم اسمك، وعناوين كافة المواقع التي زرتها، أو تبادلت معها الرسائل أو الحوار، والكلمات أو العبارات التي فتشت عنها باستخدام آلات البحث. ولا يعني هذا أن يطلع المسؤولون، في المؤسسات الموفرة لخدمة الاتصال بإنترنت، على كافة المعلومات الخاصة بأفعال المشتركين، فهذا غير ممكن من الناحية العملية، نظراً لضخامة هذه المعلومات. لكن بإمكانهم العودة والاطلاع على المعلومات الخاصة بشخص معين، عندما يرغبون في ذلك. تأكد أن عقدك الموقع مع إحدى المؤسسات الموفرة لخدمة إنترنت، يتضمن فقرة تتعهد فيها المؤسسة بحماية سرية المعلومات التي تجمعها عنك، وأنها لن تكشف هذه المعلومات، إلا إذا طلب منها "القضاء" ذلك.

الجهة الثانية، هي الموقع الذي تزوره. المعلومات التي تستطيع تلك الجهة جمعها عنك أقل شمولية من سابقتها، لكنها تتضمن عنوان مزود الكمبيوتر الذي جئت منه (IP)، ومتى تم ذلك، والمتصفح الذي تستخدمه وأخر صفحة زرتها قبل أن تصل إليه، وهي معلومات غير كافية للتعرف عليك مباشرة، لكن من الممكن استخدامها لتتبع آثار خطواتك، واكتشافك، أحياناً. وإذا كنت تسمح لمتصفحك أن يستقبل بريمجات جافا أو لغتها الوصفية، فقد يتمكن الموقع الذي تزوره من التقاط عنوان بريدك الإلكتروني ومعلومات أخرى حساسة عنك، ويفضل، لذلك، أن تلغي هذه الإمكانية من متصفحك، قبل الإبحار في إنترنت. أما إذ طلب منك الموقع إعطاء معلومات إضافية عن هويتك، واستجبت له، فسوف تُحفظ تلك المعلومات ضمن سجلات الموقع، وربما تستخدم لإغرائك بشراء سلعة معينة، وقد تعطى لجهات أخرى.

ننتقل، الآن، للحديث عن الفريق الذي يعمل لحماية خصوصيتك بالحفاظ على سرية تحركاتك عبر إنترنت:

بعض الجهات، غير راضية عن علنية إنترنت الحالية، وهي من أنصار حماية خصوصية المستخدم بشكل كامل. وأنشأت، لهذا السبب مواقع وسيطة على الشبكة، توفر لك إمكانية الاتصال بأي موقع آخر عن طريقها، وتتكفل بإخفاء المعلومات الخاصة بك عنه. وكمثال على ذلك، الموقع الذي طورته مجموعة من الطلاب في جامعة "كارنجي ميلون" في الولايات المتحدة الأمريكية، وعنوانه (www.anonymizer.com). تستطيع من خلال هذا الموقع، زيارة أي موقع آخر بدون أن تترك أي أثر، كما تستطيع استخدام البريد الإلكتروني بالطريقة ذاتها. ويضم الموقع خدمة لطيفة تسمح لك بالتعرف على المعلومات التي تكشفها عادة أمام الآخرين عند تجولك في شبكة إنترنت، جرب هذا العنوان كي تتعرف عليها (www.anonymizer.com/cgi-bin/snoop.pl).

يوفر لك هذا الموقع، فقط، إمكانية إخفاء هويتك عن الطرف الذي تزوره، لكنه لا يستطيع حجب المعلومات الخاصة بتحركاتك عن مزود خدمة إنترنت، أو مدير الشبكة التي تتصل عن طريقها بإنترنت. ويعد العاملون على الموقع، بإطلاق خدمة جديدة باسم (Anonymizer Pipeline)، توفر هذه الإمكانية، قريباً. وإذا كنت مصراً على إخفاء تحركاتك عن أعين مزود خدمة إنترنت، فبإمكانك استخدام برنامج التشفير (SSH Tunnel&Terminal)، مع حساب خاص من الموقع (www.cyberpass.net)، لكن العملية تنطوي على بعض التعقيدات.

تستطيع عندما تبحر متنكراً في شعاب إنترنت، أن ترسل رسائل تهديد إلى الآخرين، أو قنابل بريدية، أو تقوم بتصرفات أخرى غير قانونية. وعلى الرغم من أن الطرف المستهدف لن يتمكن من تتبع أثرك، لكن هذا لا يعني أن اكتشافك غير ممكن! فالجهة الوسيطة تحفظ كافة تحركاتك بسرية كاملة، لكنها ملتزمة أمام القانون بالكشف عن هذه التحركات، في حال وقع جريمة، مصدرها الكمبيوترات التي تستخدمها.

أدت التقنيات الحديثة إلى تزايد إمكانيات مراقبة الأفراد والكشف عن خصوصياتهم، لكن هذا لا يعني أن الصراع بين السرية والعلنية قد انتهى، فأنصار حماية الخصوصية يقاومون باستخدام التقنيات ذاتها.

عزيزي القارئ.. هل أنت مع السرية، أم العلنية؟ بإمكانك إبداء رأيك في هذا الموضوع، وإرساله إلى بريدي الإلكتروني.