سيف السحاب
30-06-2011, 09:56 AM
http://www.ansaaar.com/eb3ab59bea.gif
تقرير "فلكسنر" المشهور
نقطة التحوّل الحاسمة في مسيرة الطب الغربي ؛؛
إن الامتيازات التي تقدمها المدارس الطبية لا يمكن إعطاءَها للمتسكعين القادمين من الشارع أو المشعوذين الآتين من الأدغال... من الآن فصاعداً، وجب تعيين بواب أو حارس مهمته هي التدقيق في مدى أهلية ومصداقية الداخلين إلى هذه المهنة الشريفة..."
هذه مقتطفات من تقرير "فلكسنر" المقدم إلى الكونغرس عام 1910م، والذي أصدر بدوره قرار على أساس ما ورد فيه، واضعاً حدّ حاسم للعلاجات الخارجة عن المذهب العلمي المنهجي. وبمعنى آخر: "أصبح أي نظام علاجي لا يستخدم الأدوية الكيماوية في معالجة المرضى يعتبر شعوذة طبية غير قانونية، مهما أظهرت من فعاليَّة، لأنها لا تستند على أي أساس علمي ثابت".
من هو الدكتور فلكسنر؟!
الدكتور سايمون أبراهام فلكسنر هو صاحب التقرير المشهور الذي تقدم به باسم مؤسسة "كارنيغي" حول التعليم الطبّي. كما أنه كان مؤسّس وأوّل مدير عام لبرامج "مؤسسة روكفيللر للأبحاث الطبية" العلاجية بالكيماويات في التعليم الطبي الرسمي.
فلكسنر وسيّده فردريك غيتس
أوّل مجلس مدراء "مؤسسة روكفيللر للأبحاث الطبية"، ويبدو "فلكسنر" (المدير العام) على اليسار
دعونا الآن نتعرّف على حقيقة تاريخية أخرى لم يعرفها احد، ولا حتى "المتخصصين الرسميين" في مجال الطب المنهجي، لأنهم بكل بساطة لم يتعرفوا عليها خلال مرحلتهم التخصصية:
نهاية لجميع الأمراض
في العام 1931م !!!
في 20 / تشرين ثاني / 1931م، كرّم 44 طبيب من أبرز الأطباء في الولايات المتحدة، الدكتور "رويال ريموند رايف" بمأدبة عشاء احتفالية عنوانها "نهاية لكل الأمراض". لقد تمكن الدكتور رايف من إيجاد وسيلة فعالة للقضاء على السرطان والأوبئة والأمراض البكتيرية إلى الأبد.
لكن بعد 75 عام على مرور هذه المناسبة، اعتقد أنه بإمكاننا طرح السؤال:
أين هي وسيلة رايف العلاجية اليوم؟!!
يقولون لنا أن الدواء الذي نتناوله هو آمن وفعّال حيث تم اختباره على الحيوانات لإثبات ذلك. دعونا الآن نتعرّف على بعض الحقائق عن الحيوانات، والتي ربما لا يعرفها "المتخصصين الرسميين":
اختبار الأدوية على الحيوانات للتأكّد من جدواها،
هل هي وسيلة علميّة مجدية؟
يعتبر مجال "التجارب على الحيوانات" حجر الزاوية التي تستند عليه الصناعة الدوائيّة. يستخدمونها لدعم ادعاءاتهم بأنّ أدويتهم هي آمنة وسليمة ومناسبة للاستخدام البشري. هناك عدد لا يحصى من المحاكمات القضائية التي أقيمت ضد الشركات الدوائيّة التي سبّبت أضراراً وضحايا كبيرة، كان الدفاع الأكثر فعّاليّة المستخدم بين الحين والآخر هو: أجريت كل الاختبارات العاديّة والمطلوبة على الحيوانات من أجل التأكّد من سلامة الدواء المشكوك فيه. لكن هل البنية الجسدية عند الحيوانات متطابقة تماماً للبنية البشرية ؟. الحقائق التالية قد تحمل الجواب:
".... إن كمية 2غرام من السكوبولامين scopolamine (مادّة شبه قلويّة سامّة) تقتل إنساناً، لكن يمكن للكلاب والقطط أن تتحمّل جرعات أعلى بمئات المرّات!. يمكن لفطر سام أن يقضي على عائلة بكاملها ولكنّه يعتبر طعام صحي للأرنب!. يستطيع الشيهم (حيوان شائك من القوارض) أن يلتهم دون تعب كمية أفيون تعادل الكمية التي يدخنها المدمن في أسبوعين، ويهضمها في معدته مستخدماً كمية إفرازات حامض البروسيك تستطيع تسميم فوج كامل من الجيش... تستطيع الأغنام أن تبتلع كميّات ضخمة من الزرنيخ، هذه المادة التي تستعمل بكميات قليلة لتسميم البشر. المورفين الذي يهدِّئ ويُخدِّر الإنسان، يسبب استثارة جنونيّة لدى القطط والفئران. ومن ناحية أخرى يمكن لحبة لوز أن تقتل الثعلب! والبقدونس الشائع لدينا يعتبر سام لطير الببّغاء، والبنسلين الذي يشفينا من الأوبئة، يقتل حيوان آخر مفضّل في المختبرات هو الخنزير الهندي guineapig..."
من كتاب "الإمبراطورة العارية"، للدكتور هانز رويش
بعد أن تعرفنا على حقيقة أن اقتصاد صناعة الدواء يعتبر ثاني أكبر صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة، سوف نستنتج مباشرة بأن هذا الوحش الاقتصادي العملاق لا يستطيع البقاء دون أن يحافظ على سبب وجوده، وسبب وجوده هو سوء الصحّة. وكما يعمل مصنعي الأسلحة بإثارة النزاعات واختلاق الحروب بأساليب خسيسة لكي يحافظوا على بقائهم واستمرارهم من خلال بيع الأسلحة، نرى أن مصنعي الدواء وأسياد النظام الطبّي الرسمي يتبعون نفس الإستراتيجية. فالسبب الرئيسي لانتشار الأوبئة والأمراض العصرية إذاً قد يعود لشركات صناعة الأدوية. لكن الحقيقة الأكثر رعباً هي التالية:
شركات صناعة الأدوية ومؤامرة الحد من تزايد السكان
جميع القائمين على شركات صناعة الأدوية والمواد الغذائية (خصوصاً عائلة روكفيلر) متورطين في نشاطات وإجراءات خفيّة تقرّها المؤتمرات السنوية المنعقدة بهدف تحديد النسل وتحسينه eugenics. هذه الاجتماعات الدورية تعقد أمام عيوننا دون أن نلقي لها بالاً. وإحدى أهدافها هي إيجاد وسائل فعّالة للحد من الزيادة السكانية دون اللجوء للحروب، لكن بتحكّم كامل ومباشر واصطناعي بعملية التكاثر والإنجاب!! تذكّر أن شركات صناعة الأغذية متورطة في هذه اللعبة الخطيرة أيضاً. مع العلم بأن 90% من تجارة المواد الغذائية تتركز بيد خمس شركات عملاقة متعددة الجنسيّات! وتخضع 50 % منها لسيطرة شركتي يوني ليفر Unilever ونستله Nestle وحدهما. هل لازال لدينا فرصة للعيش في هذا العالم المحكوم تماماً من قبل هؤلاء الأبالسة الماليين؟.
مصادفات فاضحة
بعدما أضرب الأطباء عن العمل، انخفض معدل الوفيات!
في عام 1978و في الولايات المتحدة دخل مليون ونصف شخص المستشفيات بسبب التأثيرات الجانبية للدواء فقط. وفي عام 1991، قتل 72.000 شخص في الولايات المتحدة بسبب سوء التشخيص ووصف الأدوية من قبل الأطباء. بينما مات ما قدره 24.073 ضحايا أسلحة ناريّة، مما جعل الأطباء أخطر من الأسلحة بنسبة تفوق ثلاثة مرات تقريباً. ولهذا تبعات خطيرة وتأثيرات هامّة على باقي دول العالم. ففي الولايات المتحدة يعتبرون الرواد الأوائل في مجال الرعاية الصحيّة على المستوى العالمي، وما يحصل في عالم الرعاية الصحيّة في الولايات المتحدة ينفّذ عادةً في باقي دول العالم بعد عقود من الزمن.
في فلسطين المحتلة، بعد إضراب الأطباء اليهود في كامل البلاد لمدة شهر كامل في العام 1973م، انخفضت معدلات الوفيات إلى أدنى مستوياتها. ووفق إحصاءات أقامتها جمعية "جيروسيلوم" لدفن الموتى Jerusalem Burial Society، انخفض عدد المآتم إلى النصف. ظروف مشابهة حصلت في بوغوتا عاصمة كولومبيا في العام 1976م، حيث أضرب الأطباء هناك لمدة 52 يوماً، وكما أشارت صحيفة "كاثوليك ريبورتر":
"خلال فترة الإضراب، انخفض مستوى الوفيات إلى 35%." وقد تم التحقق من ذلك من قبل إتحاد الحانوتيين الوطني في كولومبيا National Morticians Association of Columbia.. وقد تكررت هذه المصادفة بعد سنوات في كاليفورنيا، وكذلك خلال إضراب الأطباء في المملكة المتحدة عام 1978م.
أرجو عدم اعتبار ذكر هذه الحقائق هو بهدف الإهانة أو التجريح، خاصة العاملين في هذه المهنة الشريفة، لكنها وقائع لا يمكن نكرانها، والكثير من الأطباء الشرفاء انتقدوا هذا التوجه الطبي الملتوي، وعارضوا القائمين عليه في الكثير من المسائل المصيرية، لكن دون جدوى، وإليكم بعض الأمثلة:
شهادات أطباء بارزين
الرشوة الدوليّة والفساد، والخداع الجاري في عملية اختيار الأدوية، والإهمال في التصنيع غير الآمن للدواء – كل هذا وأكثر يجعل من إمبراطورية صناعة الأدوية تملك أسوأ سجل في خرق القوانين والخروج عنها.
الدكتور جون بيرث ويت John Braithwaite عضو لجنة العمليّات التجاريّة، خلال فضحه للجريمة المنظمة القائمة في مجال صناعة الأدوية
"إنّ الإمبراطورية الاحتكارية الطبية، والتي تسمي نفسها الاتحاد الطبي الأمريكي AMA، هي ليست أكثر الاحتكارات لؤماً فقط بل أكثرها تعجرفاً وخطراً يمكن أن تدير شؤون شعب من الأحرار في أي عصر من العصور. إنّ الوسائل العلاجية التي تستخدم أساليب آمنة وبسيطة وطبيعية سوف تُهاجم بعنف من قبل القادة المغرورين في الإتحاد الطبي الأمريكي AMA الذين يلجؤون إلى التزييف والخداع ووالاحتيال للوصول إلى مآربهم. إنّ كل طبيب لا يتحالف مع الإتحاد الطبي سوف يُتّهم بكونه دجّال خطير ومُدّعي من قبل أطباء هذا الإتحاد المفترس. إنّ كل اختصاصي في علم الصحّة والذي يريد أن يشفي مرضاً ما، مستخدماً وسائل طبيعية دون اللجوء إلى الأدوية السامّة أو مصل أو حتى لقاح، سوف تتمّ مهاجمته فوراً من قبل هؤلاء الأطباء المتعصبون حيث يتهمونه بشكل جارح ومهين، فيشوهون اسم وسمعة الطبيب بالإضافة إلى ملاحقته قانونياً بحيث يدفع الثمن غالياً."
ج.و. يوهودج J. W. Hodge، دكتوراه في الطب من نياغارا فولز – نيويورك
"إن حملات الملاحقة والتطهير التي تمارسها مؤسسات صناعة الدواء، الممولة من قبل دافعي الضّرائب، لا توفر جهداً في تدمير ضحيتها بالكامل. وإذا كان باحثاً أو طبيباً بسيطاً (فقيراً) سيتم تدميره بالكامل وإخراجه من السوق نتيجة نفقات المحاكمة وأتعاب المحامين التي تترتب عليه".
موريس. أي. بيل،محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد
" لقد تمّ قمع الحقيقة حول العلاج الذي لا يستخدم الأدوية، إلا إذا كانت تناسب أهداف المتحكمين اللذين يقومون بتحريفها. سواء كانت هذه الطرق العلاجية تمارس من قبل المعالجين الطبيعيين أو المعالجين عن طريق تقويم العظام أو المعالجين بالإيمان أو الروحانيين أو المعالجين بالأعشاب أو من قبل الأطباء الحكماء اللذين يستخدمون عقولهم، فإنّك لم ولن تقرأ عنها أبداً في الصحف الكبرى".
موريس. أي. بيل، محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد
الحقيقة المثيرة
الحقيقة التي وجب علينا معرفتها هي أن مؤسس هذه الإمبراطورية الطبّية السائدة في جميع أنحاء العالم اليوم، وتعتبر الجهة الرسمية الوحيدة في مجال الصحة الدولية، وهو جون د.روكفيلر، عاش أكثر من 98 سنة متمتعاً بصحة جيدة. وكذلك وريثه جون د.الصغير، الذي عاش 86 سنة مفعمة بالصحة والحيوية أيضاً. وسرّ هذه الصحة الممتازة هي أن كلاهما لم يتناولا أي من الأغذية أو المشروبات التي كانا يصنّعانها، بالإضافة إلى تجنب الأدوية الكيماوية، والطبيب الاستشاري المسؤول عن صحتهما كان معالجاً هوموباثياًhomeopathic وليس له أي علاقة بالنظام الطبي الذي عملوا على ترسيخه بين شعوب العالم.
أندرو كارنيغي
بعد العام 1890م، لم يعد هناك أي وجود لسوق المنافسة أو النظام الرأسمالي
في الولايات المتحدة
في العام 1890م، كتب أندرو كارنيغي (الوحش الاقتصادي الأمريكي) سلسلة مؤلفة من 11 مقالة بعنوان "إنجيل الثراء". عبارة عن رسالة يذكر فيها بأن سوق المنافسة والنظام الرأسمالي لم يعد لهما مكان في الولايات المتحدة، لأن هو وروكفيلر أصبحا يملكان كل شيء، بما في ذلك الحكومة! وأن المنافسة مستحيلة إلا إذا سمحا بذلك.
يضيف كارنيغي: "لكن في النهاية، سوف يكبر الأطفال ويعرفون بهذا الوضع وسيشكلون منظمات سرّية لمقاومته". يقترح كارنيغي على الأثرياء (أتباعه) أن يخلقوا نظاماً اصطناعياً فيه سوق للمنافسة، ويتم تكريس هذا النظام المزوّر من خلال السيطرة على التعليم والمدارس التي تدرّب الأجيال الصاعدة على التعامل مع هكذا نظام. والعمل على ترسيخ الاعتقاد بأن كل من يتقدم في التعليم ونيل الشهادات سوف يكون ناجحاً في حياته المهنية. وجعل الحكومات لا تمنح تراخيص العمل سوى بالاعتماد على هذه الشهادات العلمية. بهذه الطريقة، يمكن السيطرة بالكامل على النظام الاقتصادي في البلاد، و"سيضطرّ الناس لتعلّم ما نريد تعليمهم، بالإضافة إلى أن هذه الوسيلة تضع عقول الأطفال في أيدي مجموعة صغيرة من المهندسين الاجتماعيين الذين يمكنهم قولبة المجتمع كما نشاء وجعله يتوجه حسب ما نرغب".
ج.ب.مورغان
أوّل إمبراطور مطلق للصحافة الأمريكية
منذ العام 1915م، تم السيطرة بالكامل على الصحافة الأمريكية الساحرة، حاملة شعار الرأي الحرّ، من قبل الإمبراطور المالي ج.ب.مورغان. لكن بعد موته وتفتّت إمبراطوريته، ورث روكفيلر وكارنيغي أجزائها المفتتة وكانت مملكة الإعلام مننصيب روكفيلر. إن كل ما تشاهدونه اليوم من تعدد الآراء الصحفية والتناقض في المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية هو عبارة عن خداع بصري.
المجلس التعليمي العام
"... سوف لن نجعل من هؤلاء الناس أو أولادهم فلاسفة أو مثقفين، أو رجال علم. سوف لن ننشئ من بينهم كتّاب، محرّرين، شعراء، أو أدباء. سوف لن نبحث عن موهوبين يافعين من الفنانين، الرسامين، موسيقيين، محامين، أطباء، واعظين، سياسيين، رجال دولة، بحيث لدينا الكثير منهم... المهمّة التي وجب وضعها نصب أعيننا هي بسيطة كما أنها جميلة، وهي تدريب هؤلاء الناس لعيش حياتهم كما هي الآن لكن بجودة أكبر. لذلك سوف نقوم بتنظيم أطفالنا ونعلّمهم كيف يمارسون الأعمال بطريقة أكثر كمالاً واتقاناً مما يقوم به آبائهم وأمهاتهم في المنزل، الدكّان، والحقل..."
أوّل رسالة موجّهة من القسّ "فريدريك غيتس" إلى المجلس التعليمي العام في 1904م
القسّ المعمداني الموقّر "فريدريك غيتس" Frederick Gates هو المسؤول الأوّل عن إدارة امبراطورية روكفيللر المالية،
ومهندس توزيع الهبات الخيرية (الرشاوى)، والمستشار الإعلامي العام لمؤسسات روكفيللر.
أعضاء المجلس التعليمي العام، في إحدى منتجعات روكفيلر. 1915
تم تأسيس وتمويل المجلس التعليمي العام من قبل جون.دي.روكفيللر وأندرو كارنيغي لتوجيه الثقافة الأمريكية حسب الرغبة وتحويلها إلى ثقافة استهلاكية بحيث الهدف الأساسي هو تسويق منتجاتهم الصناعية المختلفة. قام هذا المجلس التعليمي بدعم الجامعات والكليات بملايين الدولارات بشرط التحكم بمناهجها التعليمية (أهمها تكريس طريقة العلاج بالأدوية الكيماوية). أما المؤسسات التعليمية التي رفضت الرشاوى المقدّمة لها، فكان مصيرها هو السحق والتدمير والاندثار.
الحقيقة التي لا يريدونا معرفتها
لقد نجحت شركات صناعة الأدوية، في معظم أنحاء العالم، بنشر فكرة أنّ المرض هو جزء محتوم من الحياة البشرية، خاصّة في العقود الأخيرة. ومن خلال الشخصيات العلمية البارزة التي تمثله، قام النظام الطبيّ وبشكل حاسم وفعّال بالحدّ من مدى خيارات العلاج والرعاية الصحيّة التي يدركها العامّة من الناس، وتم توجيههم نحو خيار واحد: "العقاقير الكيماوية الجاهزة".
القسم الأكبر من البشر يولدون بصحّة طبيعية. وإن لم يتم التلاعب بها، فهي مجهّزة بشكل طبيعي للمحافظة على الصحّة الجيدة مدى العمر. نادراً ما تتطلّب صحتنا أي تدخّل في حال أصيبت بمرض، لأن الجسم، وكذلك العقل، لديه قدرة طبيعية على الشفاء ضد المرض. لكن السؤال هو: هل يوجد كائن بشري واحد على سطح هذه المعمورة، والذي لم يتم التلاعب بصحته وطريقة حياته منذ أن يولد، من خلال التلقيح والتطعيم، وتناول المواد الغذائية المصنّعة والمنتجات الزراعية الملعوب بها والخالية من عناصر التغذية، والمشروبات الغازية والسكاكر والتدخين والمواد المضافة إلى مياه الشرب، وطريقة العيش وسط نظام استهلاكي مادي استعبادي يضغط بقوة على نفسية الشخص وتفكيره ووجدانه ؟!!
الحقيقة هي العلاج لكل الأمراض
الحقائق التي ستتعرفون عليها في الكتاب هي ضرورية لأنها أساسية في سبيل التوصل للحقيقة ... هذا السرد للحقائق ليس بهدف الإهانة أو التهجّم على جهة من الجهات، إنها محاولة منا لتحديد مكان الخطأ ... من خلال سرد تاريخ هذا المنهج الطبي والإشارة إلى المسؤولين عن تأسيسه ودعمه وتكريسه. سوف نحاول التعرّف على جذور هذا النظام الطبي والسبب الذي جعله يبرز بهذه الصيغة وهذه المبادئ وهذه الطريقة في العلاج. ربما بعدها سوف نعرف أن الدواء لم يعد ضرورياً للمحافظة على الصحة، إلا في حال حصول الحوادث أو العمليات الجراحية الطارئة. بعد قراءة تاريخ هذا النظام الطبي، سوف نعرف أن التقدم الصحي للبشرية وارتفاع معدّل الأعمار (طول العمر) هي ليست بفضل هذا النظام بل بفضل تقدّم طريقة الحياة الصحية النظيفة التي طرأت على البشرية في القرن الماضي.
ملاحظة: إن الفكرة السائدة التي تربط بينطول العمروالطب الحديث هي عبارة عن أكذوبة كبرى ليس لها أي أساس من الصحة. فلازال هناك الكثير من القبائل البدائية التي تعيش في المناطقالنائية والتي لم تسمع عن هذا المنهج الطبي الحديث، لازال شائعاًبين أفرادها أشخاص يعيشون بين 100 و150 سنة. فالسر هنا هو طريقةحياة هؤلاء بالإضافة إلى منظومتهم الغذائية.
فالمياه المعقّمة والتمديدات الصحية التي نظمت خروج المجاري من البيوت والمدن هي التي ساهمت في القضاء على التيفؤيد والكوليرا مثلاً. صحيح أنهم أوجدوا الأدوية التي قضت على الأمراض، مثل البنسلين وعقاقير السولفا وغيرها، لكنها ساهمت بنفس الوقت في القضاء على عناصر كثيرة في أجسادنا كانت تعمل لصالحنا، ومنها ما كان ضرورياً وأساسياً. ومن ناحية أخرى، فقد قمعوا علاجات وأدوية أكثر أمناً وسلامة على صحة الإنسان. والذي تبين مؤخراً أن سبب أمراضه الرئيسي هو طريقة الحياة التي صممت له من قبل أسياد العالم الكبار. التلاعب به غذائياً ودوائياً ونفسياً ومادياً .. إلى آخره. شبكة معقدة من الارتباطات والالتزامات والفرائض والواجبات وغيرها من عوامل صنعت خصيصاً لتقييده واستعباده.
وقد تحوّل إلى مستهلك صغير في ماكينة الاستهلاك العالمية العملاقة التي تقودها المصارف والشركات الغربية والمتعددة الجنسيات. رقم صغير من بين قوائم الأرقام الطويلة المخزّنة في حواسيبهم ودفاتر حساباتهم. نعم يا سيدي، فالقصة كبيرة جداً.. أكبر من مجرّد نقد عابر أو تهجّم مقصود على هذه المهنة الشريفة. الوسيلة الوحيدة التي تحررنا من هذه الشبكة المعقّدة التي نتخبّط بها هي معرفة الحقيقة. التعرّف على الحقيقة ثم التحرّر... فالمعرفة دائماً هي القوة.
أرجو أن تساهم المعلومات في هذا الكتاب بزيادة المعرفة، ومن ثم حسن الاستنتاج، ويمكن بعدها اتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوص صحتك. هذا هو هدفنا في المقام الأوّل.
إمبراطورية اقتصاد الأدوية
في النصف الأوّل من القرن العشرين نظّم عمالقة صناعة المواد الكيميائيّة انقلاباً على مجال البحث الطبي المتمثل بمؤسسات الصحة والمستشفيات والجامعات الطبيّة. وحققت عائلة روكفلرز Rockefellers هذا الإنجاز الشيطاني الكبير بواسطة تمويل ورعاية البحوث ومنح هدايا ماليّة للجامعات والكليّات الطبيّة في الولايات المتحدة، حيث كان البحث مبنياً على أساس العقار (الدواء الكيماوي المخدّر) ثم وُسِّعت هذه السياسة لتشمل المؤسسات الطبيّة العالمية عن طريق مجلس التعليم الدولي. أمّا تلك البحوث غير المبنيّة على أساس العقار الكيماوي المخدّر فكان تمويلها مرفوض، فتلاشت مع مرور الزمن حيث توجهت الجهود نحو المشاريع الدوائية الأكثر ربحاً ذات الأساس الكيماوي.
في عام 1939، تم إنشاء "اتّحاد احتكاري دوائي" بين إمبراطورية روكفلر الأمريكية وإمبراطورية أي. ج. فاربن I. G. Farben الألمانية. بعد الحرب العالمية تم تفكيك شركة فاربن، لكنّها ظهرت فيما بعد على شكل شركات عديدة يجمع بينها اتفاق "الاتحاد الاحتكاري الدوائي"، وتتضمّن هذه الشركات: شركة الصناعات الكيميائيّة الإمبريالية ICI، وشركة بوردن Borden، وشركة كارنيشن Carnation، جنرال ميلز General Mills، شركة أم دبل يو كيلوغ M. W. Kellogg، نستله Nestle، بت ميلك Pet Milk، سكويب وأولاده Squib and Sons، بريستول ميارز Bristol Meyers، مختبرات وايت هول Whitehall، بروكتر وغامبل Procter and Gamble، روش Roche، هويتشت وبيير Hoechst and Beyer، ( شركتان دوائيّتان وظّفتا في البداية مجرمي الحرب المحكومين فريد ريتش جيهنFredrich Jaehne وفرتز تيرمير Fritz ter Meer كرؤساء مجلس إدارة). تمتلك شركة روكفيلر الآن بالتعاون مع مصرف تشيز منهاتن Chase Manhattan Bank ما يزيد عن نصف الأسهم الدوائيّة للولايات المتحدة وهي أكبر مجمّع لتصنيع الدواء في العالم. منذ الحرب كسبت صناعة الدواء أرباحاً خيالية من جراء مبيعات الدواء، لتصبح ثاني أضخم صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة.
مركز شركة أي.جي.فاربن في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية
أما اليوم، في القرن الواحد والعشرين، فتتعلّق العناية الصحيّة للكائن البشري بمجال صناعة عملاقة تدرّ مئات المليارات من الدولارات على أصحابها، وهي ذات انتشار واسع في كل العالم (جميع سكان العالم تحولوا إلى استخدام الدواء الكيماوي) مع إنفاق متزايد من قبل المواطنين مما يزيد من الأرباح الخيالية بأيدي مصنّعي الدواء.
تسيطر هذه الشركات الآن على أغلبيّة مؤسسات الرعاية الصحيّة وهي التي تحدّد معايير ممارسة الطب في كل الدول المتطوّرة. لم يعد الأطباء أحراراً في اختيار الصيّغ العلاجية الأكثر أماناً ووثوقاً، لكنّهم أصبحوا تحت رحمة اعتمادهم المالي التام على شركات الدواء الراعية والممولة لأبحاثهم (غالباً ما تأتي الأموال على شكل رشاوى). بعد تخرّج الأطباء من المعاهد والكليات الطبية الممولة من قبل شركات الأدوية، يواجهون صعوبة في استيعاب الكم الهائل من الأدوية والعقاقير والمنتجات الصيدليّة التي تطرحها الشركات في الأسواق، والتي وجب على الطبيب فهمها ودراستها ثم استخدامها في علاجاته. إن الكم الهائل من المعلومات التي يحصل عليها الطبيب العام تأتي أساساً من بائعي الأدوية، وهذا ما أدى إلى الوضع الحالي حيث أن ثقافة هؤلاء الأطباء ضعيفة عن المواد الكيميائيّة التي يعطوها لمرضاهم، ويجمعون المعلومات بشكل أساسي بعد التخرّج من بائعي تلك الأدوية. أما نتائج هذا الوضع من الناحية الصحية، فهي مرعبة.
أصبح عدد المستحضرات الطبيّة المتوفرة في الأسواق ما يزيد عن 200.000 مستحضر. في عام 1980، أكّدت منظّمة الصحّة العالميّة أنَّ 240 نوع من الأدوية هي ضروريّة من أجل توفير رعاية صحيّة جيّدة في العالم الثالث. بينما في عام 1981 صرّحت منظّمة التطوير الصناعي التابعة للأمم المتحدة بأنَّ مجرّد 26 من هذه الأنواع تعتبر "ضروريات لا يستغنى عنها".
تعتمد الشركات الدوائيّة على سوء الصحة المنتشرة بين السكان لتحصد أرباحها. لا توجد لدى أي شركة دوائيّة اهتمام بشفاء المرضى. لدى الشركات اهتمام راسخ وواسع في الحفاظ على سوء الصحة وخلق أمراض جديدة وتصنيع المواد الكيميائيّة التي سوف تشجّع انتشار سوء الصحة تحت قناع "معالجة أعراض المرض" ونادراً ما يكون هو السبب الحقيقي للمرض. يقول الدكتور جون بيرث ويت John Braithwaite عضو لجنة العمليّات التجاريّة، خلال فضحه للجريمة المنظمة القائمة في مجال صناعة الأدوية:
الرشوة الدوليّة والفساد، والخداع الجاري في عملية اختيار الأدوية، والإهمال في التصنيع غير الآمن للدواء – كل هذا وأكثر يجعل من إمبراطوريات صناعة الأدوية تملك أسوأ سجل في خرق القوانين والخروج عنها .
في عام 1978و في الولايات المتحدة دخل مليون ونصف شخص المستشفيات بسبب التأثيرات الجانبية للدواء فقط. وفي عام 1991، قتل 72.000 شخص في الولايات المتحدة بسبب سوء التشخيص ووصف الأدوية من قبل الأطباء. بينما مات ما قدره 24.073 ضحايا أسلحة ناريّة. مما جعل الأطباء أخطر من الأسلحة بنسبة تفوق ثلاثة مرات تقريباً. ولهذا تبعات خطيرة وتأثيرات هامّة على دول أخرى بما فيها بريطانيا لأنَّ أطباء الولايات المتحدة يعتبرون الرواد الأوائل في مجال الرعاية الصحيّة على المستوى العالمي، وما يحصل في عالم الرعاية الصحيّة في الولايات المتحدة ينفّذ عادةً في بريطانيا بعد عقد من الزمن.
لقد نجحت شركات صناعة الأدوية، في معظم أنحاء العالم، بنشر فكرة أنّ المرض هو جزء محتوم من الحياة، خاصّة في العقود الأخيرة. من خلال الشخصيات العلمية البارزة التي تمثله، قام النظام الطبيّ، وبشكل حاسم وفعّال، بالحدّ من مدى خيارات العلاج والرعاية الصحيّة التي يدركها العامّة من الناس، وتم توجههم نحو خيار واحد: "العقاقير الكيماوية الجاهزة".
من خلال التحكّم التام بالمنهج العلمي والتمويل ألحصري للأكاديميات الطبية الرسمية، تبيّن في النهاية أن الصيغ والوسائل الطبيعيّة للعلاج قد تمَّ تجاهلها تماماً وجرّدت من حقها في البحث العلمي كما غيرها من الصيغ العلاجية الأخرى.
أما العلاجات التي تُظهر الأسباب الحقيقيّة للمرض وتبحث في تحسين صيغ فعّالة لمنع المرض مثل الطب الغذائي والمعالجة الطبيعيّة فتمّت مهاجمتها بشكل مستمرٍ في وسائل الإعلام، وصُنِّفت من قبل المنظّمات الدوائيّة على أنّها ضرباً من ضروب الشعوذة، وتم تكذيبها ودحرها من الساحة على يد حملات منظمة ممولة من قبل شركات الأدوية، كالحملة ضدَّ الاحتيال الصحيّ Campaign Against Health Fraud التي أصبحت تسمى الآن بمنظمة المراقبة الصحيّة Healthwatch.
وقد سوّقوا أيضاً فكرة أنَّ الشفاء نتيجة العلاجات الطبيعية التي استخدمت بشكلٍ ناجحٍ طوال قرون من الزمن هي عبارة عن "بدائل" ويجب أن تُعامل بشكٍ وحذر كبيرين. وغالباً ما يتم إبلاغنا (بواسطة أجهزة الإعلام المشبوهة بالإضافة إلى مصادر تعتبر نزيهة ورسمية) كيف تَضرّر أو قُتل شخص أو شخصان بسبب سوء تطبيق العلاج بالأعشاب من قبل أطباء مشكوك بأمرهم، ولكنّنا لم نعلم في نفس الوقت عن الآلاف الذين يتضرّروا بالأدوية التقليديّة التي تُوزَّع كالحلوى من قبل الأطباء. "الإعلام الموجّه" الداعم للدواء العقاري هو العنصر الفعال في هذه اللعبة.
بعد انتمائهم إلى الحقل الطبيِّ ذات التوجه الغربي، يتم تعليم الأطباء اليافعين الشباب على يد رؤسائهم "الحكماء" أنَّ العلاجات البديلة للطبِّ الغربي التقليدي هي مخادعة وشبيهة بالشعوذة. يعلمّوهم بأنّه لا يوجد دليل علمي يدعم أيًّ من العلاجات الروحية المختلفة، كالعلاج بالطاقة الحيوية مثلاً، وغالباّ ما ينتهي الحديث عن هذا المجال بضحكة وإشارة باليد تسخيفاً بالموضوع. وبعد ذلك يبدأ الطلاب بتلقي تلك الكميات الهائلة من الدراسات والأبحاث والمعلومات المصممة خصيصاً لصالح شركات الأدوية، ثم الدروس العملية "اللاإنسانية" التي يطبقونها على جثث الأموات، حيث يستوعبون من خلال هذا كله وجهة النظر المتحيّزة لمعلميهم الأطباء الروّاد.
ليس للطبيب الشاب أي وقت للخروج عن حالة الأرق التي يعاني منها خلال مرحلة التعلّم الصعبة والمرهقة، فماذا لو قلنا محاولته البحث عن أساليب بديلة للعلاجات التي يتعلمها؟. هذه الطريقة في غسيل الدماغ متبعة في معظم المنظمات العقائدية التي تعمل على قولبة عقول أتباعها إلى نظام اعتقادي وحيد ليس له بديل. التكتيكات الرئيسية هي: المحافظة على حالة قلة النوم والتي تقلل من مقاومة الفرد للتعاليم، الانعزال عن العالم الخارجي إلى درجة يصبح فيها الشخص يأكل، يتنفس، وينام على التعاليم. بالإضافة إلى عامل مساعد يتمثّل بحالة الخوف من الفشل، وهذه الحالة تتفاقم عندما تكثر فترات الامتحانات والفحوص التي تتخلل مرحلة التعليم.
يبدو واضحاً أن النظام الطبي الغربي أصبح عبارة عن نظام عقائدي متزمّت مشابه تماماً للأديان المنظمة. هذا النظام ينشئ المنتمين إليه على عقيدة موجّهة ومحددة بحيث يتم انتزاع التفكير الحر والمنطقي من جوهر الفرد ويستبدله بأفكار موجّهة تخدم مصالح النظام لتساعده على البقاء. فهذا النوع من الأنظمة يعمل على غرس "الخوف من الفشل" في أتباعه، وبالمقابل، يستفيد من الميول الطبيعية لـ "عمل الخير ومساعدة الآخرين " الكامنة في جوهرهم. وبنفس الوقت، نرى أن الذي يقبع على قمة هرم هذا النظام الصحي ليس أطباء أو معالجين، بل شركات صناعة الأدوية المتعددة الجنسيات، والتي هي ليست موجودة من أجل خدمة الإنسانية بل من أجل المال والسلطة. وخلفهم، وراء الستار، تقبع المنظمات والمجموعات والمحافل السرّية المسيطرة على العالم.
يعتبر النظام الطبي بين الشعوب رمزاً للخير والإنسانية في الوقت الذي يمارس فيه القائمين عليه (الذين في قمة الهرم) كل أساليب الشعوذة والمكر والخديعة من أجل المال والسلطة والنفوذ، ولا يهمهم كم من الضحايا التي خلفوها خلال سيرهم نحو تحقيق أهدافهم.
المثال الواضح والصريح على الخداع الكبير الذي تمارسه شركات الأدوية هو ما ستستعرضه الصفحات القادمة، حيث سنلقي نظرة دقيقة على فضيحة الإيدز AIDS، والتي تكشف عن مدى اختراق هذه الشركات وتسرّب عملائها إلى جميع زوايا وأقسام وفروع نظام الرعاية الصحيّة، وهدفهم الأساسي هو تعريض الناس للخطر، وتدعهم يُقتلون، كل ذلك من أجل تحقيق منافعها عبر الأداة الفتاكة المتمثلة بالفساد والرشوة، والمنظّمة الأماميّة التي أنشأتها كواجهات إنسانية، المتمثلة بنظامنا الطبي الرسمي.
روكفيللر وإمبراطورية الطبّ المنهجي
بعض المقاطع المفقودة من تاريخ المنهج الطبّي العصري
من كتاب قصة عن الأدوية
للمؤلّف "موريس. أي. بيل"
في الثلاثينيات من القرن الماضي، كان "موريس. أي. بيل" Morris.A.Bealle (وهو محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد) يدير صحيفة محلّية في إحدى المقاطعات، والتي كانت شركة الكهرباء المحليّة تشتري فيها مساحة إعلانية ضخمة كل أسبوع. هذا الأمر كان يساعد في تغطية نسبة كبيرة من الفواتير المستحقة على "بيل" Bealle حيث كانت دائماً مصدر قلق كبير. لكن في إحدى الأيام، وتبعاً لرواية "بيل" Bealle، نشرت الصحيفة مقالاً يدافع عن بعض قرّائها اللذين ينالون خدمة سيئة من قبل شركة الكهرباء، فتلقى "موريس بيل" اكبر إهانة في حياته من قبل الوكيل الاستشاري الذي يدير حسابات شركة الكهرباء لدى الصحيفة. وأخبروه بأن أي "تجاوز للخطوط الحمر" سيؤدي إلى إلغاء مباشر لعقد استثمار الشركة في الجريدة المعلنة وكذلك إلغاء عقود كل من شركتي الغاز والهاتف الإعلانية في نفس الجريدة.
عندها أدرك "بيل" الحقيقة الكامنة وراء ما يسمى بالصّحافة "الحرّة "، وقرّر بعدها أن يترك العمل الصحفي. وكان بإمكانه تحمل ذلك لأنّه ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية مالكة الأراضي في ميريلاند، ولكن للأسف الشديد، فإن محرري الصحف الآخرين لا يملكون هذا الحظ من الحياة الميسورة.
استعان "بيل" بخبرته المهنيّة ليجري بحثاً استقصائياً معمّقاً حول ما يسمى بمجال "الصحافة الحرّة" وخرج بعدها بقصتين تمثلان فضيحتان مدويتان، هما بعنوان: قصة الأدوية، ومنزل روكفيللر Rockefeller. وعلى الرغم من أنه كان معروف جيداً في عالم الصحافة والمحررين، بالإضافة إلى صلاته الوثيقة بشخصيات مهمة، إلا أنه لم يتمكن من طباعة أو نشر تلك القصص إلا بعد ما أنشأ شركته الخاصة، دار كولومبيا للنشر The Columbia Publishing House، في العاصمة واشنطن عام 1949. كان هذا مثالاً رئيسيّاً على حالة الصمت المطبق وفرض الرّقابة المتسلطة في "بلاد الأحرار ووطن الشجعان"، أليس هذا ما توصف فيه أمريكا ؟. وعلى الرّغم من أنّ كتاب " قصة الأدوية " هو أحد أهم الكتب حول الصّحة والسياسة في تاريخ الولايات المتحدة، فلم يتم الاعتراف به من قبل المكتبات الكبيرة ولم يتم الحديث عنه من قبل أي صحيفة، وكان يباع حصريّاً بالبريد. ومع ذلك، عندما قرأناه في السبعينيات كان في طبعته الثالثة والثّلاثين وبأسماء دور نشر مختلفة- ناشرو بيورلد Biworld Publishers، أورم Orem، يوتاه Utah.
وكما أشار بيل Bealle، فإن العمل الذي يعطي مردود 6% من رأس المال المستثمر يعتبر مصدراً جيّداً للمال. شركة ستيرلنغ للأدوية Sterling Drug, Inc، وهي أكبر وأقوى شركة مسيطرة في إمبراطورية روكفيللر الدوائية، بفروعها الثمانية والستين، كانت فوائدها الجارية لعام 1961 قد بلغت 23.463.719 دولاراً بعد اقتطاع الضرائب، عن أصول صافية بلغت 43.108.106 دولاراً، أي بفائدة نسبتها 54%. أما "سكويب" Squibb وهي شركة أخرى تسيطر عليها روكفيللر، فقد حققت ليس فقط 6% وإنّما 576% من القيمة الفعلية لممتلكاتها.
أما خلال سنوات الحرب المترفة، فكان مكتب الضباط الجراحين في الجيش ومكتب الأدوية والجراحة التابع للبحرية لم يلعبا دور المسوّق والمقنع الإعلاني الذي يعزّز الثقة بتلك الأدوية، بل قاموا بحقن هذه السموم فعلاً في دماء الجنود ورجال البحريّة الأمريكيين، حتى تم حقن 200 مليون جرعة. هل هناك من لازال يتساءل لماذا تشترك شركات روكفيللر، وعملاؤهم في إدارة الأغذية والأدوية الفدرالية ومكتب الصحة العامة الأمريكي ولجنة التجارة الفيدرالية ومكتب العمل والفيالق الطبيّة التابعة للجيش ومكتب الأدوية التابع للبحرية، والآلاف من المسؤولين الصحفيين في مختلف أنحاء البلاد، لإيقاف وقمع ومحاربة جميع أشكال العلاج التي تشجع على عدم استخدام الأدوية ؟!!! يقول بيل Beale:" آخر تقرير سنوي صادر عن مؤسسة روكفيللر يعدد الهبات التي قدمتها المؤسسة للكليات والمدارس والجامعات والوكالات والمؤسسات الحكومية خلال الـ44 عاماً الماضية، وقد بلغت بمجموعها ما يزيد على نصف مليار دولار!. وبالطبع فإن هذه المؤسسات التعليمية تحقن طلابها بجميع المعلومات التي يريد روكفيلر تعليمها حول الدواء، وإلا فلن يكن هناك هبات أخرى، وهذا ما حصل بالفعل مع بعض الجامعات والكليات التي تمرّدت على روكفلر وامتنعت عن تعليم الأكاذيب، فقطع عنها الهبات فوراً.
أما جامعة هارفارد Harvard، مع كليتها الطبية ذائعة الصيت، فقد تلقّت مبلغ 433 764 8 دولاراً، من نفقات الترويج التي تدفعها شركة روكفيللر للأدوية. وجامعة يال Yale حصلت على 800 927 7 دولاراً، وجامعة جون هوبكنز Johns Hopkins حصلت على 531 418 10 دولاراً، وتلقّت جامعة واشنطن في سانت لويس Washington University in St. Louis مبلغ 172 842 2 دولاراً، وجامعة كولومبيا Columbia في نيويورك تلقّت مبلغ 371 424 5 دولاراً, وجامعة كورنيل Cornell تلقّت مبلغ 072 709 1 دولاراً..... إلى آخره... إلى آخره...
تقرير "فلكسنر" المشهور
نقطة التحوّل الحاسمة في مسيرة الطب الغربي ؛؛
إن الامتيازات التي تقدمها المدارس الطبية لا يمكن إعطاءَها للمتسكعين القادمين من الشارع أو المشعوذين الآتين من الأدغال... من الآن فصاعداً، وجب تعيين بواب أو حارس مهمته هي التدقيق في مدى أهلية ومصداقية الداخلين إلى هذه المهنة الشريفة..."
هذه مقتطفات من تقرير "فلكسنر" المقدم إلى الكونغرس عام 1910م، والذي أصدر بدوره قرار على أساس ما ورد فيه، واضعاً حدّ حاسم للعلاجات الخارجة عن المذهب العلمي المنهجي. وبمعنى آخر: "أصبح أي نظام علاجي لا يستخدم الأدوية الكيماوية في معالجة المرضى يعتبر شعوذة طبية غير قانونية، مهما أظهرت من فعاليَّة، لأنها لا تستند على أي أساس علمي ثابت".
من هو الدكتور فلكسنر؟!
الدكتور سايمون أبراهام فلكسنر هو صاحب التقرير المشهور الذي تقدم به باسم مؤسسة "كارنيغي" حول التعليم الطبّي. كما أنه كان مؤسّس وأوّل مدير عام لبرامج "مؤسسة روكفيللر للأبحاث الطبية" العلاجية بالكيماويات في التعليم الطبي الرسمي.
فلكسنر وسيّده فردريك غيتس
أوّل مجلس مدراء "مؤسسة روكفيللر للأبحاث الطبية"، ويبدو "فلكسنر" (المدير العام) على اليسار
دعونا الآن نتعرّف على حقيقة تاريخية أخرى لم يعرفها احد، ولا حتى "المتخصصين الرسميين" في مجال الطب المنهجي، لأنهم بكل بساطة لم يتعرفوا عليها خلال مرحلتهم التخصصية:
نهاية لجميع الأمراض
في العام 1931م !!!
في 20 / تشرين ثاني / 1931م، كرّم 44 طبيب من أبرز الأطباء في الولايات المتحدة، الدكتور "رويال ريموند رايف" بمأدبة عشاء احتفالية عنوانها "نهاية لكل الأمراض". لقد تمكن الدكتور رايف من إيجاد وسيلة فعالة للقضاء على السرطان والأوبئة والأمراض البكتيرية إلى الأبد.
لكن بعد 75 عام على مرور هذه المناسبة، اعتقد أنه بإمكاننا طرح السؤال:
أين هي وسيلة رايف العلاجية اليوم؟!!
يقولون لنا أن الدواء الذي نتناوله هو آمن وفعّال حيث تم اختباره على الحيوانات لإثبات ذلك. دعونا الآن نتعرّف على بعض الحقائق عن الحيوانات، والتي ربما لا يعرفها "المتخصصين الرسميين":
اختبار الأدوية على الحيوانات للتأكّد من جدواها،
هل هي وسيلة علميّة مجدية؟
يعتبر مجال "التجارب على الحيوانات" حجر الزاوية التي تستند عليه الصناعة الدوائيّة. يستخدمونها لدعم ادعاءاتهم بأنّ أدويتهم هي آمنة وسليمة ومناسبة للاستخدام البشري. هناك عدد لا يحصى من المحاكمات القضائية التي أقيمت ضد الشركات الدوائيّة التي سبّبت أضراراً وضحايا كبيرة، كان الدفاع الأكثر فعّاليّة المستخدم بين الحين والآخر هو: أجريت كل الاختبارات العاديّة والمطلوبة على الحيوانات من أجل التأكّد من سلامة الدواء المشكوك فيه. لكن هل البنية الجسدية عند الحيوانات متطابقة تماماً للبنية البشرية ؟. الحقائق التالية قد تحمل الجواب:
".... إن كمية 2غرام من السكوبولامين scopolamine (مادّة شبه قلويّة سامّة) تقتل إنساناً، لكن يمكن للكلاب والقطط أن تتحمّل جرعات أعلى بمئات المرّات!. يمكن لفطر سام أن يقضي على عائلة بكاملها ولكنّه يعتبر طعام صحي للأرنب!. يستطيع الشيهم (حيوان شائك من القوارض) أن يلتهم دون تعب كمية أفيون تعادل الكمية التي يدخنها المدمن في أسبوعين، ويهضمها في معدته مستخدماً كمية إفرازات حامض البروسيك تستطيع تسميم فوج كامل من الجيش... تستطيع الأغنام أن تبتلع كميّات ضخمة من الزرنيخ، هذه المادة التي تستعمل بكميات قليلة لتسميم البشر. المورفين الذي يهدِّئ ويُخدِّر الإنسان، يسبب استثارة جنونيّة لدى القطط والفئران. ومن ناحية أخرى يمكن لحبة لوز أن تقتل الثعلب! والبقدونس الشائع لدينا يعتبر سام لطير الببّغاء، والبنسلين الذي يشفينا من الأوبئة، يقتل حيوان آخر مفضّل في المختبرات هو الخنزير الهندي guineapig..."
من كتاب "الإمبراطورة العارية"، للدكتور هانز رويش
بعد أن تعرفنا على حقيقة أن اقتصاد صناعة الدواء يعتبر ثاني أكبر صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة، سوف نستنتج مباشرة بأن هذا الوحش الاقتصادي العملاق لا يستطيع البقاء دون أن يحافظ على سبب وجوده، وسبب وجوده هو سوء الصحّة. وكما يعمل مصنعي الأسلحة بإثارة النزاعات واختلاق الحروب بأساليب خسيسة لكي يحافظوا على بقائهم واستمرارهم من خلال بيع الأسلحة، نرى أن مصنعي الدواء وأسياد النظام الطبّي الرسمي يتبعون نفس الإستراتيجية. فالسبب الرئيسي لانتشار الأوبئة والأمراض العصرية إذاً قد يعود لشركات صناعة الأدوية. لكن الحقيقة الأكثر رعباً هي التالية:
شركات صناعة الأدوية ومؤامرة الحد من تزايد السكان
جميع القائمين على شركات صناعة الأدوية والمواد الغذائية (خصوصاً عائلة روكفيلر) متورطين في نشاطات وإجراءات خفيّة تقرّها المؤتمرات السنوية المنعقدة بهدف تحديد النسل وتحسينه eugenics. هذه الاجتماعات الدورية تعقد أمام عيوننا دون أن نلقي لها بالاً. وإحدى أهدافها هي إيجاد وسائل فعّالة للحد من الزيادة السكانية دون اللجوء للحروب، لكن بتحكّم كامل ومباشر واصطناعي بعملية التكاثر والإنجاب!! تذكّر أن شركات صناعة الأغذية متورطة في هذه اللعبة الخطيرة أيضاً. مع العلم بأن 90% من تجارة المواد الغذائية تتركز بيد خمس شركات عملاقة متعددة الجنسيّات! وتخضع 50 % منها لسيطرة شركتي يوني ليفر Unilever ونستله Nestle وحدهما. هل لازال لدينا فرصة للعيش في هذا العالم المحكوم تماماً من قبل هؤلاء الأبالسة الماليين؟.
مصادفات فاضحة
بعدما أضرب الأطباء عن العمل، انخفض معدل الوفيات!
في عام 1978و في الولايات المتحدة دخل مليون ونصف شخص المستشفيات بسبب التأثيرات الجانبية للدواء فقط. وفي عام 1991، قتل 72.000 شخص في الولايات المتحدة بسبب سوء التشخيص ووصف الأدوية من قبل الأطباء. بينما مات ما قدره 24.073 ضحايا أسلحة ناريّة، مما جعل الأطباء أخطر من الأسلحة بنسبة تفوق ثلاثة مرات تقريباً. ولهذا تبعات خطيرة وتأثيرات هامّة على باقي دول العالم. ففي الولايات المتحدة يعتبرون الرواد الأوائل في مجال الرعاية الصحيّة على المستوى العالمي، وما يحصل في عالم الرعاية الصحيّة في الولايات المتحدة ينفّذ عادةً في باقي دول العالم بعد عقود من الزمن.
في فلسطين المحتلة، بعد إضراب الأطباء اليهود في كامل البلاد لمدة شهر كامل في العام 1973م، انخفضت معدلات الوفيات إلى أدنى مستوياتها. ووفق إحصاءات أقامتها جمعية "جيروسيلوم" لدفن الموتى Jerusalem Burial Society، انخفض عدد المآتم إلى النصف. ظروف مشابهة حصلت في بوغوتا عاصمة كولومبيا في العام 1976م، حيث أضرب الأطباء هناك لمدة 52 يوماً، وكما أشارت صحيفة "كاثوليك ريبورتر":
"خلال فترة الإضراب، انخفض مستوى الوفيات إلى 35%." وقد تم التحقق من ذلك من قبل إتحاد الحانوتيين الوطني في كولومبيا National Morticians Association of Columbia.. وقد تكررت هذه المصادفة بعد سنوات في كاليفورنيا، وكذلك خلال إضراب الأطباء في المملكة المتحدة عام 1978م.
أرجو عدم اعتبار ذكر هذه الحقائق هو بهدف الإهانة أو التجريح، خاصة العاملين في هذه المهنة الشريفة، لكنها وقائع لا يمكن نكرانها، والكثير من الأطباء الشرفاء انتقدوا هذا التوجه الطبي الملتوي، وعارضوا القائمين عليه في الكثير من المسائل المصيرية، لكن دون جدوى، وإليكم بعض الأمثلة:
شهادات أطباء بارزين
الرشوة الدوليّة والفساد، والخداع الجاري في عملية اختيار الأدوية، والإهمال في التصنيع غير الآمن للدواء – كل هذا وأكثر يجعل من إمبراطورية صناعة الأدوية تملك أسوأ سجل في خرق القوانين والخروج عنها.
الدكتور جون بيرث ويت John Braithwaite عضو لجنة العمليّات التجاريّة، خلال فضحه للجريمة المنظمة القائمة في مجال صناعة الأدوية
"إنّ الإمبراطورية الاحتكارية الطبية، والتي تسمي نفسها الاتحاد الطبي الأمريكي AMA، هي ليست أكثر الاحتكارات لؤماً فقط بل أكثرها تعجرفاً وخطراً يمكن أن تدير شؤون شعب من الأحرار في أي عصر من العصور. إنّ الوسائل العلاجية التي تستخدم أساليب آمنة وبسيطة وطبيعية سوف تُهاجم بعنف من قبل القادة المغرورين في الإتحاد الطبي الأمريكي AMA الذين يلجؤون إلى التزييف والخداع ووالاحتيال للوصول إلى مآربهم. إنّ كل طبيب لا يتحالف مع الإتحاد الطبي سوف يُتّهم بكونه دجّال خطير ومُدّعي من قبل أطباء هذا الإتحاد المفترس. إنّ كل اختصاصي في علم الصحّة والذي يريد أن يشفي مرضاً ما، مستخدماً وسائل طبيعية دون اللجوء إلى الأدوية السامّة أو مصل أو حتى لقاح، سوف تتمّ مهاجمته فوراً من قبل هؤلاء الأطباء المتعصبون حيث يتهمونه بشكل جارح ومهين، فيشوهون اسم وسمعة الطبيب بالإضافة إلى ملاحقته قانونياً بحيث يدفع الثمن غالياً."
ج.و. يوهودج J. W. Hodge، دكتوراه في الطب من نياغارا فولز – نيويورك
"إن حملات الملاحقة والتطهير التي تمارسها مؤسسات صناعة الدواء، الممولة من قبل دافعي الضّرائب، لا توفر جهداً في تدمير ضحيتها بالكامل. وإذا كان باحثاً أو طبيباً بسيطاً (فقيراً) سيتم تدميره بالكامل وإخراجه من السوق نتيجة نفقات المحاكمة وأتعاب المحامين التي تترتب عليه".
موريس. أي. بيل،محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد
" لقد تمّ قمع الحقيقة حول العلاج الذي لا يستخدم الأدوية، إلا إذا كانت تناسب أهداف المتحكمين اللذين يقومون بتحريفها. سواء كانت هذه الطرق العلاجية تمارس من قبل المعالجين الطبيعيين أو المعالجين عن طريق تقويم العظام أو المعالجين بالإيمان أو الروحانيين أو المعالجين بالأعشاب أو من قبل الأطباء الحكماء اللذين يستخدمون عقولهم، فإنّك لم ولن تقرأ عنها أبداً في الصحف الكبرى".
موريس. أي. بيل، محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد
الحقيقة المثيرة
الحقيقة التي وجب علينا معرفتها هي أن مؤسس هذه الإمبراطورية الطبّية السائدة في جميع أنحاء العالم اليوم، وتعتبر الجهة الرسمية الوحيدة في مجال الصحة الدولية، وهو جون د.روكفيلر، عاش أكثر من 98 سنة متمتعاً بصحة جيدة. وكذلك وريثه جون د.الصغير، الذي عاش 86 سنة مفعمة بالصحة والحيوية أيضاً. وسرّ هذه الصحة الممتازة هي أن كلاهما لم يتناولا أي من الأغذية أو المشروبات التي كانا يصنّعانها، بالإضافة إلى تجنب الأدوية الكيماوية، والطبيب الاستشاري المسؤول عن صحتهما كان معالجاً هوموباثياًhomeopathic وليس له أي علاقة بالنظام الطبي الذي عملوا على ترسيخه بين شعوب العالم.
أندرو كارنيغي
بعد العام 1890م، لم يعد هناك أي وجود لسوق المنافسة أو النظام الرأسمالي
في الولايات المتحدة
في العام 1890م، كتب أندرو كارنيغي (الوحش الاقتصادي الأمريكي) سلسلة مؤلفة من 11 مقالة بعنوان "إنجيل الثراء". عبارة عن رسالة يذكر فيها بأن سوق المنافسة والنظام الرأسمالي لم يعد لهما مكان في الولايات المتحدة، لأن هو وروكفيلر أصبحا يملكان كل شيء، بما في ذلك الحكومة! وأن المنافسة مستحيلة إلا إذا سمحا بذلك.
يضيف كارنيغي: "لكن في النهاية، سوف يكبر الأطفال ويعرفون بهذا الوضع وسيشكلون منظمات سرّية لمقاومته". يقترح كارنيغي على الأثرياء (أتباعه) أن يخلقوا نظاماً اصطناعياً فيه سوق للمنافسة، ويتم تكريس هذا النظام المزوّر من خلال السيطرة على التعليم والمدارس التي تدرّب الأجيال الصاعدة على التعامل مع هكذا نظام. والعمل على ترسيخ الاعتقاد بأن كل من يتقدم في التعليم ونيل الشهادات سوف يكون ناجحاً في حياته المهنية. وجعل الحكومات لا تمنح تراخيص العمل سوى بالاعتماد على هذه الشهادات العلمية. بهذه الطريقة، يمكن السيطرة بالكامل على النظام الاقتصادي في البلاد، و"سيضطرّ الناس لتعلّم ما نريد تعليمهم، بالإضافة إلى أن هذه الوسيلة تضع عقول الأطفال في أيدي مجموعة صغيرة من المهندسين الاجتماعيين الذين يمكنهم قولبة المجتمع كما نشاء وجعله يتوجه حسب ما نرغب".
ج.ب.مورغان
أوّل إمبراطور مطلق للصحافة الأمريكية
منذ العام 1915م، تم السيطرة بالكامل على الصحافة الأمريكية الساحرة، حاملة شعار الرأي الحرّ، من قبل الإمبراطور المالي ج.ب.مورغان. لكن بعد موته وتفتّت إمبراطوريته، ورث روكفيلر وكارنيغي أجزائها المفتتة وكانت مملكة الإعلام مننصيب روكفيلر. إن كل ما تشاهدونه اليوم من تعدد الآراء الصحفية والتناقض في المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية هو عبارة عن خداع بصري.
المجلس التعليمي العام
"... سوف لن نجعل من هؤلاء الناس أو أولادهم فلاسفة أو مثقفين، أو رجال علم. سوف لن ننشئ من بينهم كتّاب، محرّرين، شعراء، أو أدباء. سوف لن نبحث عن موهوبين يافعين من الفنانين، الرسامين، موسيقيين، محامين، أطباء، واعظين، سياسيين، رجال دولة، بحيث لدينا الكثير منهم... المهمّة التي وجب وضعها نصب أعيننا هي بسيطة كما أنها جميلة، وهي تدريب هؤلاء الناس لعيش حياتهم كما هي الآن لكن بجودة أكبر. لذلك سوف نقوم بتنظيم أطفالنا ونعلّمهم كيف يمارسون الأعمال بطريقة أكثر كمالاً واتقاناً مما يقوم به آبائهم وأمهاتهم في المنزل، الدكّان، والحقل..."
أوّل رسالة موجّهة من القسّ "فريدريك غيتس" إلى المجلس التعليمي العام في 1904م
القسّ المعمداني الموقّر "فريدريك غيتس" Frederick Gates هو المسؤول الأوّل عن إدارة امبراطورية روكفيللر المالية،
ومهندس توزيع الهبات الخيرية (الرشاوى)، والمستشار الإعلامي العام لمؤسسات روكفيللر.
أعضاء المجلس التعليمي العام، في إحدى منتجعات روكفيلر. 1915
تم تأسيس وتمويل المجلس التعليمي العام من قبل جون.دي.روكفيللر وأندرو كارنيغي لتوجيه الثقافة الأمريكية حسب الرغبة وتحويلها إلى ثقافة استهلاكية بحيث الهدف الأساسي هو تسويق منتجاتهم الصناعية المختلفة. قام هذا المجلس التعليمي بدعم الجامعات والكليات بملايين الدولارات بشرط التحكم بمناهجها التعليمية (أهمها تكريس طريقة العلاج بالأدوية الكيماوية). أما المؤسسات التعليمية التي رفضت الرشاوى المقدّمة لها، فكان مصيرها هو السحق والتدمير والاندثار.
الحقيقة التي لا يريدونا معرفتها
لقد نجحت شركات صناعة الأدوية، في معظم أنحاء العالم، بنشر فكرة أنّ المرض هو جزء محتوم من الحياة البشرية، خاصّة في العقود الأخيرة. ومن خلال الشخصيات العلمية البارزة التي تمثله، قام النظام الطبيّ وبشكل حاسم وفعّال بالحدّ من مدى خيارات العلاج والرعاية الصحيّة التي يدركها العامّة من الناس، وتم توجيههم نحو خيار واحد: "العقاقير الكيماوية الجاهزة".
القسم الأكبر من البشر يولدون بصحّة طبيعية. وإن لم يتم التلاعب بها، فهي مجهّزة بشكل طبيعي للمحافظة على الصحّة الجيدة مدى العمر. نادراً ما تتطلّب صحتنا أي تدخّل في حال أصيبت بمرض، لأن الجسم، وكذلك العقل، لديه قدرة طبيعية على الشفاء ضد المرض. لكن السؤال هو: هل يوجد كائن بشري واحد على سطح هذه المعمورة، والذي لم يتم التلاعب بصحته وطريقة حياته منذ أن يولد، من خلال التلقيح والتطعيم، وتناول المواد الغذائية المصنّعة والمنتجات الزراعية الملعوب بها والخالية من عناصر التغذية، والمشروبات الغازية والسكاكر والتدخين والمواد المضافة إلى مياه الشرب، وطريقة العيش وسط نظام استهلاكي مادي استعبادي يضغط بقوة على نفسية الشخص وتفكيره ووجدانه ؟!!
الحقيقة هي العلاج لكل الأمراض
الحقائق التي ستتعرفون عليها في الكتاب هي ضرورية لأنها أساسية في سبيل التوصل للحقيقة ... هذا السرد للحقائق ليس بهدف الإهانة أو التهجّم على جهة من الجهات، إنها محاولة منا لتحديد مكان الخطأ ... من خلال سرد تاريخ هذا المنهج الطبي والإشارة إلى المسؤولين عن تأسيسه ودعمه وتكريسه. سوف نحاول التعرّف على جذور هذا النظام الطبي والسبب الذي جعله يبرز بهذه الصيغة وهذه المبادئ وهذه الطريقة في العلاج. ربما بعدها سوف نعرف أن الدواء لم يعد ضرورياً للمحافظة على الصحة، إلا في حال حصول الحوادث أو العمليات الجراحية الطارئة. بعد قراءة تاريخ هذا النظام الطبي، سوف نعرف أن التقدم الصحي للبشرية وارتفاع معدّل الأعمار (طول العمر) هي ليست بفضل هذا النظام بل بفضل تقدّم طريقة الحياة الصحية النظيفة التي طرأت على البشرية في القرن الماضي.
ملاحظة: إن الفكرة السائدة التي تربط بينطول العمروالطب الحديث هي عبارة عن أكذوبة كبرى ليس لها أي أساس من الصحة. فلازال هناك الكثير من القبائل البدائية التي تعيش في المناطقالنائية والتي لم تسمع عن هذا المنهج الطبي الحديث، لازال شائعاًبين أفرادها أشخاص يعيشون بين 100 و150 سنة. فالسر هنا هو طريقةحياة هؤلاء بالإضافة إلى منظومتهم الغذائية.
فالمياه المعقّمة والتمديدات الصحية التي نظمت خروج المجاري من البيوت والمدن هي التي ساهمت في القضاء على التيفؤيد والكوليرا مثلاً. صحيح أنهم أوجدوا الأدوية التي قضت على الأمراض، مثل البنسلين وعقاقير السولفا وغيرها، لكنها ساهمت بنفس الوقت في القضاء على عناصر كثيرة في أجسادنا كانت تعمل لصالحنا، ومنها ما كان ضرورياً وأساسياً. ومن ناحية أخرى، فقد قمعوا علاجات وأدوية أكثر أمناً وسلامة على صحة الإنسان. والذي تبين مؤخراً أن سبب أمراضه الرئيسي هو طريقة الحياة التي صممت له من قبل أسياد العالم الكبار. التلاعب به غذائياً ودوائياً ونفسياً ومادياً .. إلى آخره. شبكة معقدة من الارتباطات والالتزامات والفرائض والواجبات وغيرها من عوامل صنعت خصيصاً لتقييده واستعباده.
وقد تحوّل إلى مستهلك صغير في ماكينة الاستهلاك العالمية العملاقة التي تقودها المصارف والشركات الغربية والمتعددة الجنسيات. رقم صغير من بين قوائم الأرقام الطويلة المخزّنة في حواسيبهم ودفاتر حساباتهم. نعم يا سيدي، فالقصة كبيرة جداً.. أكبر من مجرّد نقد عابر أو تهجّم مقصود على هذه المهنة الشريفة. الوسيلة الوحيدة التي تحررنا من هذه الشبكة المعقّدة التي نتخبّط بها هي معرفة الحقيقة. التعرّف على الحقيقة ثم التحرّر... فالمعرفة دائماً هي القوة.
أرجو أن تساهم المعلومات في هذا الكتاب بزيادة المعرفة، ومن ثم حسن الاستنتاج، ويمكن بعدها اتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوص صحتك. هذا هو هدفنا في المقام الأوّل.
إمبراطورية اقتصاد الأدوية
في النصف الأوّل من القرن العشرين نظّم عمالقة صناعة المواد الكيميائيّة انقلاباً على مجال البحث الطبي المتمثل بمؤسسات الصحة والمستشفيات والجامعات الطبيّة. وحققت عائلة روكفلرز Rockefellers هذا الإنجاز الشيطاني الكبير بواسطة تمويل ورعاية البحوث ومنح هدايا ماليّة للجامعات والكليّات الطبيّة في الولايات المتحدة، حيث كان البحث مبنياً على أساس العقار (الدواء الكيماوي المخدّر) ثم وُسِّعت هذه السياسة لتشمل المؤسسات الطبيّة العالمية عن طريق مجلس التعليم الدولي. أمّا تلك البحوث غير المبنيّة على أساس العقار الكيماوي المخدّر فكان تمويلها مرفوض، فتلاشت مع مرور الزمن حيث توجهت الجهود نحو المشاريع الدوائية الأكثر ربحاً ذات الأساس الكيماوي.
في عام 1939، تم إنشاء "اتّحاد احتكاري دوائي" بين إمبراطورية روكفلر الأمريكية وإمبراطورية أي. ج. فاربن I. G. Farben الألمانية. بعد الحرب العالمية تم تفكيك شركة فاربن، لكنّها ظهرت فيما بعد على شكل شركات عديدة يجمع بينها اتفاق "الاتحاد الاحتكاري الدوائي"، وتتضمّن هذه الشركات: شركة الصناعات الكيميائيّة الإمبريالية ICI، وشركة بوردن Borden، وشركة كارنيشن Carnation، جنرال ميلز General Mills، شركة أم دبل يو كيلوغ M. W. Kellogg، نستله Nestle، بت ميلك Pet Milk، سكويب وأولاده Squib and Sons، بريستول ميارز Bristol Meyers، مختبرات وايت هول Whitehall، بروكتر وغامبل Procter and Gamble، روش Roche، هويتشت وبيير Hoechst and Beyer، ( شركتان دوائيّتان وظّفتا في البداية مجرمي الحرب المحكومين فريد ريتش جيهنFredrich Jaehne وفرتز تيرمير Fritz ter Meer كرؤساء مجلس إدارة). تمتلك شركة روكفيلر الآن بالتعاون مع مصرف تشيز منهاتن Chase Manhattan Bank ما يزيد عن نصف الأسهم الدوائيّة للولايات المتحدة وهي أكبر مجمّع لتصنيع الدواء في العالم. منذ الحرب كسبت صناعة الدواء أرباحاً خيالية من جراء مبيعات الدواء، لتصبح ثاني أضخم صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة.
مركز شركة أي.جي.فاربن في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية
أما اليوم، في القرن الواحد والعشرين، فتتعلّق العناية الصحيّة للكائن البشري بمجال صناعة عملاقة تدرّ مئات المليارات من الدولارات على أصحابها، وهي ذات انتشار واسع في كل العالم (جميع سكان العالم تحولوا إلى استخدام الدواء الكيماوي) مع إنفاق متزايد من قبل المواطنين مما يزيد من الأرباح الخيالية بأيدي مصنّعي الدواء.
تسيطر هذه الشركات الآن على أغلبيّة مؤسسات الرعاية الصحيّة وهي التي تحدّد معايير ممارسة الطب في كل الدول المتطوّرة. لم يعد الأطباء أحراراً في اختيار الصيّغ العلاجية الأكثر أماناً ووثوقاً، لكنّهم أصبحوا تحت رحمة اعتمادهم المالي التام على شركات الدواء الراعية والممولة لأبحاثهم (غالباً ما تأتي الأموال على شكل رشاوى). بعد تخرّج الأطباء من المعاهد والكليات الطبية الممولة من قبل شركات الأدوية، يواجهون صعوبة في استيعاب الكم الهائل من الأدوية والعقاقير والمنتجات الصيدليّة التي تطرحها الشركات في الأسواق، والتي وجب على الطبيب فهمها ودراستها ثم استخدامها في علاجاته. إن الكم الهائل من المعلومات التي يحصل عليها الطبيب العام تأتي أساساً من بائعي الأدوية، وهذا ما أدى إلى الوضع الحالي حيث أن ثقافة هؤلاء الأطباء ضعيفة عن المواد الكيميائيّة التي يعطوها لمرضاهم، ويجمعون المعلومات بشكل أساسي بعد التخرّج من بائعي تلك الأدوية. أما نتائج هذا الوضع من الناحية الصحية، فهي مرعبة.
أصبح عدد المستحضرات الطبيّة المتوفرة في الأسواق ما يزيد عن 200.000 مستحضر. في عام 1980، أكّدت منظّمة الصحّة العالميّة أنَّ 240 نوع من الأدوية هي ضروريّة من أجل توفير رعاية صحيّة جيّدة في العالم الثالث. بينما في عام 1981 صرّحت منظّمة التطوير الصناعي التابعة للأمم المتحدة بأنَّ مجرّد 26 من هذه الأنواع تعتبر "ضروريات لا يستغنى عنها".
تعتمد الشركات الدوائيّة على سوء الصحة المنتشرة بين السكان لتحصد أرباحها. لا توجد لدى أي شركة دوائيّة اهتمام بشفاء المرضى. لدى الشركات اهتمام راسخ وواسع في الحفاظ على سوء الصحة وخلق أمراض جديدة وتصنيع المواد الكيميائيّة التي سوف تشجّع انتشار سوء الصحة تحت قناع "معالجة أعراض المرض" ونادراً ما يكون هو السبب الحقيقي للمرض. يقول الدكتور جون بيرث ويت John Braithwaite عضو لجنة العمليّات التجاريّة، خلال فضحه للجريمة المنظمة القائمة في مجال صناعة الأدوية:
الرشوة الدوليّة والفساد، والخداع الجاري في عملية اختيار الأدوية، والإهمال في التصنيع غير الآمن للدواء – كل هذا وأكثر يجعل من إمبراطوريات صناعة الأدوية تملك أسوأ سجل في خرق القوانين والخروج عنها .
في عام 1978و في الولايات المتحدة دخل مليون ونصف شخص المستشفيات بسبب التأثيرات الجانبية للدواء فقط. وفي عام 1991، قتل 72.000 شخص في الولايات المتحدة بسبب سوء التشخيص ووصف الأدوية من قبل الأطباء. بينما مات ما قدره 24.073 ضحايا أسلحة ناريّة. مما جعل الأطباء أخطر من الأسلحة بنسبة تفوق ثلاثة مرات تقريباً. ولهذا تبعات خطيرة وتأثيرات هامّة على دول أخرى بما فيها بريطانيا لأنَّ أطباء الولايات المتحدة يعتبرون الرواد الأوائل في مجال الرعاية الصحيّة على المستوى العالمي، وما يحصل في عالم الرعاية الصحيّة في الولايات المتحدة ينفّذ عادةً في بريطانيا بعد عقد من الزمن.
لقد نجحت شركات صناعة الأدوية، في معظم أنحاء العالم، بنشر فكرة أنّ المرض هو جزء محتوم من الحياة، خاصّة في العقود الأخيرة. من خلال الشخصيات العلمية البارزة التي تمثله، قام النظام الطبيّ، وبشكل حاسم وفعّال، بالحدّ من مدى خيارات العلاج والرعاية الصحيّة التي يدركها العامّة من الناس، وتم توجههم نحو خيار واحد: "العقاقير الكيماوية الجاهزة".
من خلال التحكّم التام بالمنهج العلمي والتمويل ألحصري للأكاديميات الطبية الرسمية، تبيّن في النهاية أن الصيغ والوسائل الطبيعيّة للعلاج قد تمَّ تجاهلها تماماً وجرّدت من حقها في البحث العلمي كما غيرها من الصيغ العلاجية الأخرى.
أما العلاجات التي تُظهر الأسباب الحقيقيّة للمرض وتبحث في تحسين صيغ فعّالة لمنع المرض مثل الطب الغذائي والمعالجة الطبيعيّة فتمّت مهاجمتها بشكل مستمرٍ في وسائل الإعلام، وصُنِّفت من قبل المنظّمات الدوائيّة على أنّها ضرباً من ضروب الشعوذة، وتم تكذيبها ودحرها من الساحة على يد حملات منظمة ممولة من قبل شركات الأدوية، كالحملة ضدَّ الاحتيال الصحيّ Campaign Against Health Fraud التي أصبحت تسمى الآن بمنظمة المراقبة الصحيّة Healthwatch.
وقد سوّقوا أيضاً فكرة أنَّ الشفاء نتيجة العلاجات الطبيعية التي استخدمت بشكلٍ ناجحٍ طوال قرون من الزمن هي عبارة عن "بدائل" ويجب أن تُعامل بشكٍ وحذر كبيرين. وغالباً ما يتم إبلاغنا (بواسطة أجهزة الإعلام المشبوهة بالإضافة إلى مصادر تعتبر نزيهة ورسمية) كيف تَضرّر أو قُتل شخص أو شخصان بسبب سوء تطبيق العلاج بالأعشاب من قبل أطباء مشكوك بأمرهم، ولكنّنا لم نعلم في نفس الوقت عن الآلاف الذين يتضرّروا بالأدوية التقليديّة التي تُوزَّع كالحلوى من قبل الأطباء. "الإعلام الموجّه" الداعم للدواء العقاري هو العنصر الفعال في هذه اللعبة.
بعد انتمائهم إلى الحقل الطبيِّ ذات التوجه الغربي، يتم تعليم الأطباء اليافعين الشباب على يد رؤسائهم "الحكماء" أنَّ العلاجات البديلة للطبِّ الغربي التقليدي هي مخادعة وشبيهة بالشعوذة. يعلمّوهم بأنّه لا يوجد دليل علمي يدعم أيًّ من العلاجات الروحية المختلفة، كالعلاج بالطاقة الحيوية مثلاً، وغالباّ ما ينتهي الحديث عن هذا المجال بضحكة وإشارة باليد تسخيفاً بالموضوع. وبعد ذلك يبدأ الطلاب بتلقي تلك الكميات الهائلة من الدراسات والأبحاث والمعلومات المصممة خصيصاً لصالح شركات الأدوية، ثم الدروس العملية "اللاإنسانية" التي يطبقونها على جثث الأموات، حيث يستوعبون من خلال هذا كله وجهة النظر المتحيّزة لمعلميهم الأطباء الروّاد.
ليس للطبيب الشاب أي وقت للخروج عن حالة الأرق التي يعاني منها خلال مرحلة التعلّم الصعبة والمرهقة، فماذا لو قلنا محاولته البحث عن أساليب بديلة للعلاجات التي يتعلمها؟. هذه الطريقة في غسيل الدماغ متبعة في معظم المنظمات العقائدية التي تعمل على قولبة عقول أتباعها إلى نظام اعتقادي وحيد ليس له بديل. التكتيكات الرئيسية هي: المحافظة على حالة قلة النوم والتي تقلل من مقاومة الفرد للتعاليم، الانعزال عن العالم الخارجي إلى درجة يصبح فيها الشخص يأكل، يتنفس، وينام على التعاليم. بالإضافة إلى عامل مساعد يتمثّل بحالة الخوف من الفشل، وهذه الحالة تتفاقم عندما تكثر فترات الامتحانات والفحوص التي تتخلل مرحلة التعليم.
يبدو واضحاً أن النظام الطبي الغربي أصبح عبارة عن نظام عقائدي متزمّت مشابه تماماً للأديان المنظمة. هذا النظام ينشئ المنتمين إليه على عقيدة موجّهة ومحددة بحيث يتم انتزاع التفكير الحر والمنطقي من جوهر الفرد ويستبدله بأفكار موجّهة تخدم مصالح النظام لتساعده على البقاء. فهذا النوع من الأنظمة يعمل على غرس "الخوف من الفشل" في أتباعه، وبالمقابل، يستفيد من الميول الطبيعية لـ "عمل الخير ومساعدة الآخرين " الكامنة في جوهرهم. وبنفس الوقت، نرى أن الذي يقبع على قمة هرم هذا النظام الصحي ليس أطباء أو معالجين، بل شركات صناعة الأدوية المتعددة الجنسيات، والتي هي ليست موجودة من أجل خدمة الإنسانية بل من أجل المال والسلطة. وخلفهم، وراء الستار، تقبع المنظمات والمجموعات والمحافل السرّية المسيطرة على العالم.
يعتبر النظام الطبي بين الشعوب رمزاً للخير والإنسانية في الوقت الذي يمارس فيه القائمين عليه (الذين في قمة الهرم) كل أساليب الشعوذة والمكر والخديعة من أجل المال والسلطة والنفوذ، ولا يهمهم كم من الضحايا التي خلفوها خلال سيرهم نحو تحقيق أهدافهم.
المثال الواضح والصريح على الخداع الكبير الذي تمارسه شركات الأدوية هو ما ستستعرضه الصفحات القادمة، حيث سنلقي نظرة دقيقة على فضيحة الإيدز AIDS، والتي تكشف عن مدى اختراق هذه الشركات وتسرّب عملائها إلى جميع زوايا وأقسام وفروع نظام الرعاية الصحيّة، وهدفهم الأساسي هو تعريض الناس للخطر، وتدعهم يُقتلون، كل ذلك من أجل تحقيق منافعها عبر الأداة الفتاكة المتمثلة بالفساد والرشوة، والمنظّمة الأماميّة التي أنشأتها كواجهات إنسانية، المتمثلة بنظامنا الطبي الرسمي.
روكفيللر وإمبراطورية الطبّ المنهجي
بعض المقاطع المفقودة من تاريخ المنهج الطبّي العصري
من كتاب قصة عن الأدوية
للمؤلّف "موريس. أي. بيل"
في الثلاثينيات من القرن الماضي، كان "موريس. أي. بيل" Morris.A.Bealle (وهو محرر سابق لصحيفتي واشنطن تايمز وهيرالد) يدير صحيفة محلّية في إحدى المقاطعات، والتي كانت شركة الكهرباء المحليّة تشتري فيها مساحة إعلانية ضخمة كل أسبوع. هذا الأمر كان يساعد في تغطية نسبة كبيرة من الفواتير المستحقة على "بيل" Bealle حيث كانت دائماً مصدر قلق كبير. لكن في إحدى الأيام، وتبعاً لرواية "بيل" Bealle، نشرت الصحيفة مقالاً يدافع عن بعض قرّائها اللذين ينالون خدمة سيئة من قبل شركة الكهرباء، فتلقى "موريس بيل" اكبر إهانة في حياته من قبل الوكيل الاستشاري الذي يدير حسابات شركة الكهرباء لدى الصحيفة. وأخبروه بأن أي "تجاوز للخطوط الحمر" سيؤدي إلى إلغاء مباشر لعقد استثمار الشركة في الجريدة المعلنة وكذلك إلغاء عقود كل من شركتي الغاز والهاتف الإعلانية في نفس الجريدة.
عندها أدرك "بيل" الحقيقة الكامنة وراء ما يسمى بالصّحافة "الحرّة "، وقرّر بعدها أن يترك العمل الصحفي. وكان بإمكانه تحمل ذلك لأنّه ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية مالكة الأراضي في ميريلاند، ولكن للأسف الشديد، فإن محرري الصحف الآخرين لا يملكون هذا الحظ من الحياة الميسورة.
استعان "بيل" بخبرته المهنيّة ليجري بحثاً استقصائياً معمّقاً حول ما يسمى بمجال "الصحافة الحرّة" وخرج بعدها بقصتين تمثلان فضيحتان مدويتان، هما بعنوان: قصة الأدوية، ومنزل روكفيللر Rockefeller. وعلى الرغم من أنه كان معروف جيداً في عالم الصحافة والمحررين، بالإضافة إلى صلاته الوثيقة بشخصيات مهمة، إلا أنه لم يتمكن من طباعة أو نشر تلك القصص إلا بعد ما أنشأ شركته الخاصة، دار كولومبيا للنشر The Columbia Publishing House، في العاصمة واشنطن عام 1949. كان هذا مثالاً رئيسيّاً على حالة الصمت المطبق وفرض الرّقابة المتسلطة في "بلاد الأحرار ووطن الشجعان"، أليس هذا ما توصف فيه أمريكا ؟. وعلى الرّغم من أنّ كتاب " قصة الأدوية " هو أحد أهم الكتب حول الصّحة والسياسة في تاريخ الولايات المتحدة، فلم يتم الاعتراف به من قبل المكتبات الكبيرة ولم يتم الحديث عنه من قبل أي صحيفة، وكان يباع حصريّاً بالبريد. ومع ذلك، عندما قرأناه في السبعينيات كان في طبعته الثالثة والثّلاثين وبأسماء دور نشر مختلفة- ناشرو بيورلد Biworld Publishers، أورم Orem، يوتاه Utah.
وكما أشار بيل Bealle، فإن العمل الذي يعطي مردود 6% من رأس المال المستثمر يعتبر مصدراً جيّداً للمال. شركة ستيرلنغ للأدوية Sterling Drug, Inc، وهي أكبر وأقوى شركة مسيطرة في إمبراطورية روكفيللر الدوائية، بفروعها الثمانية والستين، كانت فوائدها الجارية لعام 1961 قد بلغت 23.463.719 دولاراً بعد اقتطاع الضرائب، عن أصول صافية بلغت 43.108.106 دولاراً، أي بفائدة نسبتها 54%. أما "سكويب" Squibb وهي شركة أخرى تسيطر عليها روكفيللر، فقد حققت ليس فقط 6% وإنّما 576% من القيمة الفعلية لممتلكاتها.
أما خلال سنوات الحرب المترفة، فكان مكتب الضباط الجراحين في الجيش ومكتب الأدوية والجراحة التابع للبحرية لم يلعبا دور المسوّق والمقنع الإعلاني الذي يعزّز الثقة بتلك الأدوية، بل قاموا بحقن هذه السموم فعلاً في دماء الجنود ورجال البحريّة الأمريكيين، حتى تم حقن 200 مليون جرعة. هل هناك من لازال يتساءل لماذا تشترك شركات روكفيللر، وعملاؤهم في إدارة الأغذية والأدوية الفدرالية ومكتب الصحة العامة الأمريكي ولجنة التجارة الفيدرالية ومكتب العمل والفيالق الطبيّة التابعة للجيش ومكتب الأدوية التابع للبحرية، والآلاف من المسؤولين الصحفيين في مختلف أنحاء البلاد، لإيقاف وقمع ومحاربة جميع أشكال العلاج التي تشجع على عدم استخدام الأدوية ؟!!! يقول بيل Beale:" آخر تقرير سنوي صادر عن مؤسسة روكفيللر يعدد الهبات التي قدمتها المؤسسة للكليات والمدارس والجامعات والوكالات والمؤسسات الحكومية خلال الـ44 عاماً الماضية، وقد بلغت بمجموعها ما يزيد على نصف مليار دولار!. وبالطبع فإن هذه المؤسسات التعليمية تحقن طلابها بجميع المعلومات التي يريد روكفيلر تعليمها حول الدواء، وإلا فلن يكن هناك هبات أخرى، وهذا ما حصل بالفعل مع بعض الجامعات والكليات التي تمرّدت على روكفلر وامتنعت عن تعليم الأكاذيب، فقطع عنها الهبات فوراً.
أما جامعة هارفارد Harvard، مع كليتها الطبية ذائعة الصيت، فقد تلقّت مبلغ 433 764 8 دولاراً، من نفقات الترويج التي تدفعها شركة روكفيللر للأدوية. وجامعة يال Yale حصلت على 800 927 7 دولاراً، وجامعة جون هوبكنز Johns Hopkins حصلت على 531 418 10 دولاراً، وتلقّت جامعة واشنطن في سانت لويس Washington University in St. Louis مبلغ 172 842 2 دولاراً، وجامعة كولومبيا Columbia في نيويورك تلقّت مبلغ 371 424 5 دولاراً, وجامعة كورنيل Cornell تلقّت مبلغ 072 709 1 دولاراً..... إلى آخره... إلى آخره...