تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تعديلات بالكتاب المقدس لصالح الجمعيات النسوية !



محب للسنه
05-02-2002, 10:15 AM
في مختلف الثقافات والديانات عندما يتعلق أمر من الأمور أو حكم من الأحكام بالرجال والنساء معـًا ، تكون صيغة الخطاب بلفظ المذكر تصريحـًا ، ويندرج تحته النساء تضمينـًا ، إلا إذا كان الحكم يتعلق بالنساء فيكون اللفظ بصيغة المؤنث تصريحـًا .
ولكن الجمعيات النسوية تعتبر أن توجيه الخطاب بصيغة المذكر ينطوي على نوع من التهميش والإقصاء لهنَّ ، ولذا جاء مفهوم " الجندر " متوجـًا لجهودهنَّ في الطالبة بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء .
على أنه أصبح هناك نوع من الحرص والتدقيق في اختيار اللفظ ، بحيث يصلح للجنسين .
وقد يبدو هذا جليـًا في بعض اللغات دون غيرها ؛ ففي اللغة الإنجليزية إذا وجد الكاتب نفسه مضطرًا لذكر ضمير مفرد ، فإنه لا يكتفي بذكر ضمير المذكر ، بل يذكر ضميري المذكر والمؤنث على سبيل الشمول ، فيكتب (he/she) ، وهذا يعني " هو أو هي " ، بينما كان الأمر في السابق غير ذلك ، وكان الكاتب يكتفي بذكر ضمير المذكر فقط ، ويفهم من السياق أن الخطاب لكلا الجنسين .
فقد ورد في صحيفة " واشنطن بوست " أن جمعية الكتاب المقدس الدولية أعلنت أنها سوف تصدر ترجمة جديدة للكتاب المقدس ، تتسم ألفاظها بالحيادية في مخاطبة الجندر ( النوع الاجتماعي ) ، ويأتي ذلك على الرغم من الانتقادات السابقة لتلك الفكرة من قبل المحافظين .
وسوف تجرى هذه التعديلات اللغوية على أكثر ترجمات الكتاب المقدس مبيعـًا في الأسواق الأمريكية وهي " الترجمة الدولية الجديدة " ، والمعلوم من هذا الأمر أن التعديل يشمل استبدال الألفاظ التي تخاطب الذكور بالألفاظ التي تصلح لمخاطبة الجنسين ، وستعرف الترجمة المعدلة ب" ترجمة اليوم الدولية الجديدة " .
وقد فاقت مبيعات الترجمة الأصلية التي ستجرى عليها التعديلات أكثر من (150) مليون نسخة في جميع أنحاء العالم منذ 1978م ، وستظل مطروحة في الأسواق مع الترجمة الجديدة .
وسوف تصدر في أبريل القادم الترجمة المعدلة للعهد الجديد فقط ، ومن المتوقع أن يصدر الكتاب المقدس كاملاً في 2005م .
وتتمتع دار " زونديرفان " المملوكة لدار نشر " هاربر كولينز " بحقوق نشر الترجمتين الأصلية والمعدلة في أمريكا الشمالية .
وحتى اليوم أنفقت " زونديرفان " وجمعية الكتاب المقدس مليونين من الدولارات لتطوير الترجمة الجديدة ، لكنهما لم يفصحا عن أي بنود مالية أخرى .
وتناول الترجمة القديمة لـ " الجندر " أصبح محل نزاع شديد عام 1997م ، عندما ذكرت " المجلة العالمية " ، وهي دورية أسبوعية تابعة للمحافظين ، أن " جمعية الكتاب المقدس " تقوم بعمل تعديل لغوي شامل لترجمة الكتاب المقدس .
وقامت الجمعية فعلاً بنشر تلك الطبعة بالتعاون مع دار نشر بريطانية .
جدير بالذكرأن زعماء المؤتمر الجنوبي المعمداني وهو أكبر طائفة بروتستانتية في الولايات المتحدة ، قد انتقدوا التعديل اللغوي ، الأمر الذي فعله " جيمس دوبسون " من خلال برنامجه الإذاعي المؤثر .
وبعد لقاء النقاد ذكرت الجمعية أنها سوف توقف نشر الطبعة البريطانية الشاملة ، وأنها قد تخلت عن كل خططها بشأن التغييرات المتعلقة بـ " الجندر " في الطبعات المستقبلية للترجمة القديمة " الترجمة الدولية الجديدة" .
وفي واقع الأمر لم تتخلَّ " جمعية الكتاب المقدس " عن عزمها تمامـًا، لأن الترجمة الحديثة لن تحل محل الترجمة الأصلية ، وإنما ستباع بجانبها .
ومن أمثلة التغييرات التي حدثت منذ 1978م إلى الآن ، نجد في إنجيل " متى " في الإصحاح الخامس ، تغيرت كلمة (sons) إلى كلمة (Children) ، والكلمة الأولى تعني الأبناء الذكور فقط ، أما الثانية فتشمل الأبناء من الجنسين .
وفي موضع آخر من الكتاب تغيرت كلمة (man) التي تعني " الرجل " وتطلق على الذكور فقط ، إلى (person) وهي بمعنى شخص أو إنسان ، ومن ثم فهي تطلق على الجنسين .
وصدر بيان عام جاء فيه أن تلك الترجمة ليست مجرد ضبط لألفاظ " الجندر " ؛ لأن (70 %) من التعديلات لا تتعلق بـ " الجندر " ، وأن التعديل قد شمل ألفاظـًا تشير إلى الله سبحانه وتعالى وإلى عيسى عليه الصلاة والسلام .
وكما هو الشأن مع ترجمة الكتاب المقدس لعام 1978م ، فإن الترجمة الجديدة أيضـًا موجهة للبروتستانت ، ولن تظهر مع الطبعات الخاصة للكتب المقدسة التي يعترف بها الرومان الكاثوليك والكنيسة الأرثوذكسية .
وتعتبر " ترجمة الملك جيمس " المنافس الرئيسي لـ " الترجمة العالمية الجديدة " في نسبة المبيعات في الولايات المتحدة .
وآخر ما ذكر فيما نشرته " واشنطن بوست " أن الكتاب المقدس ، أو أجزاء منه ، متاح الآن بنحو سبعين ترجمة بالإنجليزية .
وبذلك ينتهي ما ورد في " واشنطن بوست " .
أما ما نود نحن الإشارة إليه فهو أنه تم استخدام مفهوم " الجندر " ( النوع الاجتماعي ) في الآونة الأخيرة في جميع القطاعات المهتمة بالتنمية ، وبالرغم من ذلك فإن هذا المفهوم ما يزال غامضـًا ، إذ أنه تم تعريبه إلى مصطلحات عدة ، منها الجنس البيولوجي ، والجنس الاجتماعي ، والدور الاجتماعي ، والنوع الاجتماعي . ولكن يبقى المصطلح الأكثر شيوعـًا هو النوع الاجتماعي ، وهو يشير إلى تعديل وتطوير العلاقة بين الرجل والمرأة حتى يتم تحقيق المساواة بينهما .
ومصطلح " الجندر " الذي يعني النوع هو البديل عن كلمة (sex) التي تعني " الجنس " ، حيث إن الجنس يولد به الإنسان بيولوجيـًا ، وبالتالي فهو غير قابل للتغيير - وإن أصبح يتغير الآن - ، بينما النوع الاجتماعي قابل للتغيير ؛ لأنه يتكون اجتماعيـًا ، ولذا فإن أدوار النوع الاجتماعي هي الأدوار التي يقوم بها الرجال والنساء حسبما حددها المجتمع مسبقـًا لكل منهما .
وتبديل كلمة ( sex ) (الجنس) بكلمة ( gender ) (النوع) ، يهدف أيضـًا إلى تمرير ما أسمته مؤتمرات الأمم المتحدة بـ " التنوع الجنسي " ، أي المثيل والسحاقي والطبيعي ، حتى يندرج الجميع تحت مظلة لغة تخاطب واحدة .
ومن وجهة النظر الإسلامية فإن مصطلح " الجندر " ( النوع الاجتماعي ) يقصد به التفاعل في الأدوار الاجتماعية بين كل من الرجل والمرأة في إطار المساواة التي أقرها الإسلام بين كل البشر ، حيث لا تفاضل بين الناس أو بين الرجل والمرأة إلا بالتقوى ، وبما فضل الله به بعضهم على بعض ، من قيام كل منهما بواجباته الدينية والإنسانية وفقـًا للدور المنوط به والذي تيسره له تركيبته وصفاته البيولوجية والفسيولوجية.
ويبقى شيء يشد الآذان ويجعلنا نتساءل : هل الأفكاروالمبادئ التي تتبناها الجمعيات النسوية أكثر قدسية من الكتاب المقدس المفترض أنه كلام الله عز وجل على حد زعمهم ؟
وهل مست الحاجة فعلاً إلى ذلك التغيير الذي يعد قلبـًا وتحريفـًا لمفاهيم ثابتة لن يقف تأثيرهما فقط عند مساواة النساء بالرجال ، بل سيمتد إلى ما هو أسوأ من ذلك ؛ إلى جعل المجتمع كله في عباءة واحدة برجاله ونسائه وشواذه ؟!!
نحن المسلمين لا نخشى على كتابنا المقدس من التحريف ، فقد تعهد الله جل وعلا بحفظه أبدًا ، ولكن ما نخشاه هو الانخراط في تلك الفلسفات ، والدعوات التي تؤدي بنا إلى السير في اتجاه مناقض تمامـًا لما جاء في كتاب الله تعالى ، ولما جاءت به فطرتنا التي فطرنا الله تعالى عليها .