المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال نظرية الأقنعة وانعدام الإرادة



حسام حربى
29-10-2011, 12:12 PM
http://ubser.files.wordpress.com/2011/10/white_mask_by_ielioi.jpg?w=288&h=300


لعلك بدأت تلاحظ أين تؤدى كل تلك الأفكار يا قارئى العزيز، لأنها تتمركز حول ما يمكن أن نسميه "نظرية الأقنعة" القائمة على أن البشر لا وجوه لهم، بل يرتدون أقنعة قابلة للإستبدال من وقت لآخر حسب تغيير الظروف والمصالح.

ولشرح تلك النظرية تخيل معى أننا سألنا بعض العرب أو المسلمين عن رأيهم فى إسرائيل مثلاً، ماذا سنسمع؟ طبعاً أنه كيان غاصب وظالم ومعتدى الخ.. لكن حينما نسأل يهود إسرائيل عنها سيشرحون أن اليهود تعرضوا لأبشع أنواع الإضطهاد على مر العصور ولذا لزم لهم دولة صغيرة يحتموا بها حتى إن عنى ذلك تقديم الفلسطينيين لـ"بعض التضحيات" الخ. طيب هل تعتقد أنه بالصدفة أيد معظم هؤلاء فكرة الدولة العبرية بينما رفضها معظم هؤلاء ؟ بالطبع لا.. الذى حدث هو أن المسلمين هنا إرتدوا "قناع" الإسلام والذى يحتم عليهم رفض إسرائيل وفَعل اليهود العكس. ويتضح هذا جلياً عند تغيّر المعسكرات فترى أن الصهيونى المتشدد سواءً كان يهودياً أو مسيحياً أو ملحداً إن تحول للإسلام -وهذا نادراً ما يحدث لكنه يحدث- تتبدل نظرته بالكلية فوراً تجاه الصهيونية ويغدو من أكبر المدافعين عن الفلسطينيين.. الله! هل علِم أشياء جديدة أو قرأ حقائق لم يكن يعلمها؟ أبداً.. كل ما فى الأمر أنه استبدل قناع الصهيونية بقناع الإسلام فتغيرت نظرته للحياة بما يناسب قناعه الجديد.

أول تجربة لى من هذا النوع كانت عندما عملت مدرساً لفترة قصيرة فى مَدرسة ثانوية.. والسبب فى كونها تجربة "قناعية" أنى أثناء كونى تلميذاً كنت أمقت معظم المدرسين أيما مَقت وأعتبرهم أناساً ثقلاء على النفس ولا فائدة منهم ويدرسون أشياء لا تنفع ولا تضر الخ.. فإذا بنظرتى هذه تتبدل 540 درجة فى اللحظة التى تم تعيينى فيها مُدرساً. فأصبح المدرس له شرعية "لأن أولياء أمور الأولاد اختاروا أن يعلموهم وهما حرين فى عيالهم" وأصبح التلاميذ حفنة من المخلوقات المزعجة المفتقدة للنضج التى يستحيل التفاهم معها الخ. كان ذلك التغيير الفورى فى المبادىء يفزعنى كلما تأملته وبدأت أتسائل عما إذا كانت هناك أية مبادىء على الإطلاق أم أن كل شىء يخضع للزاوية التى تنظر منها له.. وأتت نظرية الأقنعة لتجيب بالإجابة الثانية للأسف، فأنا لا أكره المدرسين ولا أكره التلاميذ، لكنى إرتديت قناع التلميذ فى فترة فكرهت المدرسين ثم ارتديت قناع المدرس فى فترة أخرى فكرهت التلاميذ.

وبدون تلك النظرية نستغرب عندما نجد أن عبد الناصر والسادات مثلاً كانوا "ثورجية" فى شبابهم ثم ما لبثوا أن وصلوا للحكم حتى غدو يلقون بمناوئيهم السياسيين فى السجون أكثر من الملك بل وتحت التعذيب الشديد أحياناً! لكن تأتى نظرية الأقنعة لتوضح أنهم ليسوا ثورجية وليسوا ظلمة، بل مِثلهم مِثل باقى البشر "بلا وجوه".. فارتدوا قناع الثورجية حينما كانوا ضباطاً فى الجيش ورأوا فساد النظام ثم إرتدوا قناع المستبدين حينما وصلوا للسلطة ورأوا إعتراض البعض عليهم.

وبنظرة فلسفية إلى نظرية الأقنعة تجد أننا إن وُلدنا فى فضاء تام بلا أشياء وبلا أشخاص فلن تكون لنا ذات ولا عقل بالمعنى المعروف.. فوعيك نفسه بما فى ذلك آراءك عن أبسط الأشياء أو أعقدها ما هو إلا نتيجة تفاعلات مختلفة مع ظروف الحياة حيث تضعك. وإن سلمنا بصحة تلك الفكرة وأخذناها للنهاية فسيبدو أننا كبشر منزوعى الإرادة تماماً من الناحية العملية، وتتحكم فينا الظروف الجينية والبيئية فتملى علينا تصرفاتنا بينما نتخيل أننا أحرار فيما يُعرف بالحتمية أو القدَر. وتؤيد تلك النظرية بعض التجارب العلمية والتى إكتشفت أن الناس يبررون أى قرار يُقال لهم زوراً أنهم إتخذوه فى الماضى*، إذ لا يكاد يشك أحد أنه لم يتخذه حقاً، بل يبدأ فى سَرد الأسباب والدوافع مباشرةً بناءاً على القناع الذى قيل له كذباً أنه ارتداه! نظرية محبطة ومخيفة أليس كذلك؟ لكن هكذا تكون الحقيقة..

حسام حربى
http://ubser.wordpress.com

*http://youarenotsosmart.com/2010/05/26/the-perils-of-introspection

Heartbeat
12-11-2011, 12:34 AM
السلام عليكم

مقال رائع اخي حسام
ولكن انا على ثقة تامة ان من يسير على نهج الاسلام شكلاً وقلباً , سوف تراه بلا قناع

ولكن لو كان عكس هذا او ضعف في الوازع الديني
سوف يكون بالفعل كما وصفت
نعم ربما تفعل كما فعل بك لو وجدت الفرصة
مثلاً اليهود هم يفعلون في المسلمين افضع من ما فعله بهم النازيه , مع انه كان من المفروض ان لا يفعلون بغيرهم ما فعل بهم
نعود ونقول تلك هي الطبيعية البشريه الضعيفه
لا يشعر بنارك الا من حرق بمثلها , ومع هذا تجد ان من حرق بالنار لن يتوانا بحرق الاخرين لو وجد الفرصه

جمال عبد الناصر والسادات ثوريجة نعم ولكن من وجهت نظرهم فقط
واي وجهة نظر او فكرة تخالفهم , هي ليست ثورة بل اعمال تخريبيه

او الطغات من رأيناهم يتساقطون الواحد تلو الاخر , كل واحد منهم مقتنع تماما انه على حق وان الاخرين هم المخطئين
او الديانات والمذاهب
كل ديانه ترى انها هي الحق والاخريات خاطئه
او المذاهب والطوائف نحن نرى في طائفة معينه انها خبيثة , ولكنها هي ايضا ترانا كما نراهم

في النهاية من يستطيع ان يحدد من يتعامل بالاقنعة ومن ليس لديه اقنعه تتبدل
من يستطيع ان يحدد من المخطئ ومن المصيب , كل واحدٍ منهم يرى الصواب في نفسه حتى لو حاولت اقناعه بعكس ذالك

من لديه الحق في ان يقول فلان مقنع وفلان غير مقنع من .