المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصتي



AMINWALID
11-07-2012, 05:31 PM
قصتي


بقلمي

عشت طفولة هادئة ، أتلمظ عذوبة المتعة في أحضان البر والمودة .ترعرعت الفرحة بجانبي كفرد من العائلة . أوكد عمل لي ، التمسك بتلابيب الدراسة والتحصيل . كنت ميالا إلى بعض المناهل على حساب أخرى ، أفضل لحظات التربية الرياضية ، أود لو استغرقت سحابة يومي وهزيع ليلي .ارتقيت سلم العمر بسرعة البرق ، أخطو على بساط العقد الثاني . بعد تعب غير معتاد ، رافقتني سنة في جولة مريحة . اخترت قدوتي من صدر بيتي . بدأت أبصر ما حولي .أميز خيوط الضوء المتسللة إلى أعماقي ، تجوب بيسر ، ممتطية زفير أنفاسي ، تعم كل جسدي . تغمرني فرحة الإقبال على لون حياة جديد . امتطيت صهوة الغربة على مقربة من نضجي . ينازع فرحتي لهفي على وسطي . أذكر حين لوحت بيدي معلنا رجفة الرحيل ، لمحته نفث زفيرا أشعل الحرائق في كل سبيل ، وأطرق متماسكا ، رافضا إبداء ملامح من يجهش أسفا على فراق ، يحث النائحات على العويل .
انزوت فرحتي واختفت تحت أسارير الدهشة الخانقة ، وأخذت الألوان التي تستشف في داخلي تتوارى مستسلمة لهبوب العتمة الكاسحة . بدأت أقلب اختياراتي ومنها اعتذاري لغربتي ، والتخلي عن مشروعي الطافح .
أغدو وأروح على مسافة الرصيف ، بين مشيع متميز وقارب متحفز . غربتي مصرة على الرحيل ، أخذت تربت على كتفي ، تنضو عني غبار التردد . انتشلتني بقوة من عالمي المسيج بعادات مثقلة بالطقوس ، انزلقنا إلى جهة الوضع البديل .أبحرت أجدف بين أمواج المفاجآت المتتالية . جعلت التيه نصب عيني . خلفت ورائي أحلامي الصغيرة . توجهت نحو أسراري الدفينة المتوارية خلف أستار الغفلة . سافرت في سكينة ، أناجي دؤابات الفلق الطالع ، أستانس بخيوط الضوء اللائحة من ظل عتمة المجهول الزاحف . تحدوني أحلام سامقة كأشجار الآمال المديدة . أطرح بعيدا أوراق الخريف ، المتساقطة من شجرة أيامي العنيدة . أنشر ذكرياتي على الرصيف أمامي ، أشذب أطرافها التي جفت ، وأصون الباقي بين جوانحي .أتمدد في عراء البيداء الشاسع ، أحاكي صفير الرياح ، أسير عدوا إلى أبعد من مدى الصياح . يسوقني كلام تفجر نبعا من داخلي ، ملأ شراييني دما فوارا ، يفيض سناه على الوجنتين . استبدت بي غربتي ، حجبتني عن شهوة الشهود ، تدروني بلطف مثلما يدرو النسيم رذاذ السحب . مدت جناحها مطية ، تسلقت مدارات النجوم ، اخترقت سدم الغيب ، قاومت الهواجم بترس الوجوم . الكواكب تجري ، وأنا بين منعطفات مداراتها أمشي ، بلا أشباح ولا ظلال . أطرق أبواب الأقمار المشرعة على كل احتمال .أستشف العصارة من غمام المآل . أطفو فوق سطح متاجج بلهيب أعماقي . تظل عيوني يقظى ترقب مرور يد الساقي . فيكف شروقي عن الغروب المعتاد بالديار . وأمحو من عاداتي توالي طلعة الضياء وذبول الأقمار .حيث كان طفلنا يشيخ ألف مرة بين الليل والنهار . وتوءد أحلامنا قبل استقرارها بخلد الإنسان .ولا تسمع غير أنين الخطى المتعبة المترهلة . ولا ترى سوى شباك الصيد في المياه العكرة . ولا تتعامل إلا مع الذين يكذبون كما يتنفسون . يغتالون البسمة ومن دمائها يمتحون .يشيعون الموتى والأحياء معا إلى مثوى النسيان .انتصر الطبع ، فلفت شجون العادة مضجعي .وشدني الحنين إلى الأوجاع القديمة المغردة في عرائشي الدفينة ، فهممت بالنزول عبر مهاوي الإشفاق .علمت غربتي فدنت وزمجرت : من زارنا صار منا ، وكل ملتفت إلى الخلف نشنقه بحبل ارتداده ، ونمثل بمشكاته على أبواب مدينته . ثم نرتقها في لجة الاختراق بعد الاحتراق .طأطأت مصغيا .... تملكني رعب غريب .
سحبت روحي من ظلمتي ، أفرغت أكداس ذكرياتي وبعثتها لتعبث بها أجيال الرياح .طفقت أجثو بلا جسد ولا ألم خارج طيفي . أنسج من ومض البرق رداء لحظة حتفي .أحجب وجهي بكفي ، أحضن الظلام ، أحتمي بحلكته ، أنتظر مصيري .
فسمعت من ناداني من بعيد . صوت خافت كأنه يصدر من قعر جب عميق .تصورته الموت قادما في جثة يتحرك .وأنا أرنو متلهفا في اتجاه الحياة .تلك غنة صوت أمي ، توقظني لأستعد للاتحاق بمدرستي .انتفضت بسرعة . أخذت نفسا عميقا لتعبئة رئتي .سحبت جسدي من سريري . تلمسته ... إنه شاخص كخشب عنيد يتحدى آلة النشر .أبحث عن يقظتي .دنوت من ابتسامة باردة وسألتها :هل أعيش في حلم ؟ أم الحلم أنا . . . ؟

بحيرة العرب
23-08-2012, 09:54 PM
بارك الله بك وجعل المجهود في ميزان حسناتك 6

AMINWALID
22-08-2013, 08:31 AM
الفاضل بحيرة العرب

ممتن لاهتمامك وتتبعك

مقدر لقراءتك وتشجيعك

لك مودتي