رفعت خالد
08-09-2012, 02:59 AM
354835
من سلبيات كثرة مخالطة الناس التحسر على ما لا تملك مما عندهم.. ومبدأ المقارنة هذا بين الفرد والآخرين يحيرني كل الحيرة..
لماذا نقارن أنفسنا - غالب الأحيان - مقارنة غير عادلة مع الآخرين ؟
أدخل أحد الأسواق الممتازة وخذ ما تشاء - حسب ما بجيبك طبعا - ثم توجه إلى شباك الدفع وانظر إلى الذين أمامك وإلى الذين هم خلفك في الصف، لن تعبأ إلا بمن يجر سلة أو سلتين مملوءتين عن آخرهما.. وستهمل من هم مثلك أو دونك، ستسقطهم من كل قياس لتركز التفكير على الآخرين، أصحاب الكروش المتدلية.. ولربما شعرت أنك أفقر أهل الأرض في تلك اللحظة !
قد تقول لي، أنا أترفع عن كل ذلك ولست بكل هذا الجشع.. فأقول لك أرجوك كفانا مداراة وكفانا تظاهرا بالنبل، إن ما أقول من طبيعة الإنسان.. ولم ينجح في التغلب على هذه الطبائع إلا من رحم ربي..
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ) الكهف 54
وقال تعالى: ( قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً ) الإسراء 100
وقال تعالى: ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً ) الإسراء 67
وقال تعالى: ( يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ) النساء 28
وقال تعالى: ( وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً ) الإسراء 11
فهل تجرؤ على تزكية نفسك، فتقول لست عجولا ولا ضعيفا ولا كفورا ولا قتورا ولا مجادلا ؟ إن قلتها فاعلم أنك من الكاذبين المغترين..
وأنا إذ أقول ما أقول فإن هدفي - إن شاء الله - هو إلقاء شيء من الضوء على هذه الأخلاق الباطنية حتى نراها بشكل أفضل، فنحذر من شرها ما أمكن..
وقد أكون بالغت قليلا في وصف الأمر.. إلا أن هذا الميول النفسي الغريب عجزت عن تفسيره وتأرجحت الاحتمالات عندي، فتارة أقول هو جشع الإنسان وانعدام القناعة عنده وتارة أراه غباء وتارة ظلما للنفس وتعذيبا لها وتفسيرات أخرى شبيهة..
قل الأمر ذاته عن الأزواج.. فلو مدّ الرجل عينيه أكثر من اللازم لملئ قلبه بوساوس خبيثة ولقال هذه أحلى، هذه كذا، هذه كذا.. وليست الزوجات عن ذلك ببعيد.. وقد حكى شيخ من الشيوخ الأفاضل عن متصلة اتصلت به يوما، وبحسرة أخبرته أنها معجبة بجارها !! (فما الحل يا شيخ ؟؟)
القناعة كنز حقيقي.. ولكي تجربها حاول أن تخيل لنفسك، أنك وحدك من يعيش فوق هذا الكوكب.. فلن ترى حينها من هو أغنى منك، أو أوسم أو أقوى أو أذكى..
إنها القناعة.. هذا الكنز الذي لا يفنى، كنز بالمجان.. فقط يلزمنا لتحصيله بعض التربية والتدريب الدّؤوب، والزهد في الدنيا، والتورع عن الفضول في كل شيء.. في الطعام والمنام والكلام والنظر..
قال الله تعالى: ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه 131 .
وقال تعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ) النساء 32
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس ). رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
وفي الحديث المرفوع: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ). متفق عليه من حديث الأعرج، ومسلم من حديث همام وأبي صالح.
وكتب
رفعت خالد أبو عمران
من سلبيات كثرة مخالطة الناس التحسر على ما لا تملك مما عندهم.. ومبدأ المقارنة هذا بين الفرد والآخرين يحيرني كل الحيرة..
لماذا نقارن أنفسنا - غالب الأحيان - مقارنة غير عادلة مع الآخرين ؟
أدخل أحد الأسواق الممتازة وخذ ما تشاء - حسب ما بجيبك طبعا - ثم توجه إلى شباك الدفع وانظر إلى الذين أمامك وإلى الذين هم خلفك في الصف، لن تعبأ إلا بمن يجر سلة أو سلتين مملوءتين عن آخرهما.. وستهمل من هم مثلك أو دونك، ستسقطهم من كل قياس لتركز التفكير على الآخرين، أصحاب الكروش المتدلية.. ولربما شعرت أنك أفقر أهل الأرض في تلك اللحظة !
قد تقول لي، أنا أترفع عن كل ذلك ولست بكل هذا الجشع.. فأقول لك أرجوك كفانا مداراة وكفانا تظاهرا بالنبل، إن ما أقول من طبيعة الإنسان.. ولم ينجح في التغلب على هذه الطبائع إلا من رحم ربي..
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ) الكهف 54
وقال تعالى: ( قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً ) الإسراء 100
وقال تعالى: ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً ) الإسراء 67
وقال تعالى: ( يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ) النساء 28
وقال تعالى: ( وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً ) الإسراء 11
فهل تجرؤ على تزكية نفسك، فتقول لست عجولا ولا ضعيفا ولا كفورا ولا قتورا ولا مجادلا ؟ إن قلتها فاعلم أنك من الكاذبين المغترين..
وأنا إذ أقول ما أقول فإن هدفي - إن شاء الله - هو إلقاء شيء من الضوء على هذه الأخلاق الباطنية حتى نراها بشكل أفضل، فنحذر من شرها ما أمكن..
وقد أكون بالغت قليلا في وصف الأمر.. إلا أن هذا الميول النفسي الغريب عجزت عن تفسيره وتأرجحت الاحتمالات عندي، فتارة أقول هو جشع الإنسان وانعدام القناعة عنده وتارة أراه غباء وتارة ظلما للنفس وتعذيبا لها وتفسيرات أخرى شبيهة..
قل الأمر ذاته عن الأزواج.. فلو مدّ الرجل عينيه أكثر من اللازم لملئ قلبه بوساوس خبيثة ولقال هذه أحلى، هذه كذا، هذه كذا.. وليست الزوجات عن ذلك ببعيد.. وقد حكى شيخ من الشيوخ الأفاضل عن متصلة اتصلت به يوما، وبحسرة أخبرته أنها معجبة بجارها !! (فما الحل يا شيخ ؟؟)
القناعة كنز حقيقي.. ولكي تجربها حاول أن تخيل لنفسك، أنك وحدك من يعيش فوق هذا الكوكب.. فلن ترى حينها من هو أغنى منك، أو أوسم أو أقوى أو أذكى..
إنها القناعة.. هذا الكنز الذي لا يفنى، كنز بالمجان.. فقط يلزمنا لتحصيله بعض التربية والتدريب الدّؤوب، والزهد في الدنيا، والتورع عن الفضول في كل شيء.. في الطعام والمنام والكلام والنظر..
قال الله تعالى: ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه 131 .
وقال تعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ) النساء 32
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس ). رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
وفي الحديث المرفوع: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ). متفق عليه من حديث الأعرج، ومسلم من حديث همام وأبي صالح.
وكتب
رفعت خالد أبو عمران