المثالي
15-02-2002, 05:36 PM
حديثنا اليوم عن اللعب واللاعبين وخسران منتخبنا الرياضي المبين..!
محمد يوسف المليفي - جريدة الوطن الكويتية
توطئة الخسران العظيم...! كنت ارقب وبأسى يعتصر القلب ويمزقه قصة الخسارة والخسران العظيم الذي مني به منتخبنا الرياضي في ساحات الوغي الخضراء..! كنت ارقب الراشدين في قومي... كنت ارقب من يسمون بالمشايخ.. كنت انتظر احدا من رموز الدعوة الاسلامية او أئمة المساجد وخطبائنا المفوهين يصرخ في الناس وهم في سكرة الحزن والتأوه ولطم الخدود وشق الجيوب على خسارة منتخبهم الوطني وضياع الهدف منه والاهداف... انتظرت طويلا... ثم انتظرت... ثم ازداد ترقبي لعلي ان اسمع احدهم يردد قوله تعالى: (أليس فيكم رجل رشيد) ...! يا حسرة على العباد لم اجد احدا يرشد الشاردين عن هدف الحياة الحقيقي الذي ضيعوه وضيعناه...!
☩ لقد رأينا وسمعنا جميعا تلك اللعنات التي انصبت على رؤوس هؤلاء اللاعبين... وقام المحللون العباقرة يحللون الحدث المأساوي العظيم الذي اصاب بلدنا... وعقدت المؤتمرات الاعلامية والصحفية فذلك يلقي اللوم على فضيلة المدرب... وآخر يلقي اللوم على حارس المرمى وثالث يندب حظ البلاد بلاعبيهم الذين باتوا لا يجيدون فن الركض والقفز والهرولة ورابع يقول ان لاعبينا ليسوا على قلب رجل واحد فكل منهم يريد ان يستأثر بالفوز بنفسه فخسر الجميع!...
ثم اني رأيت صور هؤلاء الشباب بعد الهزيمة المنكرة... ورأيت عيونهم الذابلة ورؤوسهم المتطأطئة، رأيتهم وهم يتلاومون عن الحدث العظيم..! كم كانوا حيارى في الحديث مع الاعلام الذي ألقى عن كاهله رداء الرحمة... حتى صار هم وهدف كل واحد منهم هو ان ينفي العار عن نفسه وانه ليس السبب والمسبب في هذا الخزي والشنار..!
☩ والآن وبعد هذه التوطئة... ليسمح لي اللاعبون وجمهورهم الحزين وجميع الناس... ان تكون لي مداخلة... وعفوا يا عمالقة المحللين الرياضيين... وعذرا ان يكون لمثلي ممن لا يجيد حتى ركل الكرة تطفلا على موائدكم الرياضية ولكن ما عساني ان افعل وقد حملني الغرباء من عالم الغربةوالمغتربين امانة توصيل هذه الرسالة التي يجب ان يسمعها الجميع.
ھ فلنتخيل ان منتخبنا هذه المرة قد رجع الينا بالكأس الذهبي كما رجع من قبل... ثم ان الناس والجمهور قد احتشدوا عند بوابة الطائرة بالورود والتطبيل... وقبل ان تحط الطائرة كان احد اللاعبين قد بدأ يشعر بالاعياء... ثم انه ألقى بنفسه وتمدد على الكرسي... وفجأة اخذت اطرافه تبرد ثم ازداد برودها ثم بعد لحظات فاضت روحه الى السماء..! وهكذا سيكون حالنا جميعا عاجلاً ام آجلا... والسؤال الآن... هل سينفعه مجد الكرة واللعب عندما ينتقل الى الدار الآخرة..!؟ يا ترى هل سينفعه هذا الفوز والكأس الذهبي فيما لو كانوا من الفائزين..!؟ نحن لا نجرم الذين يلعبون ولا نحرم اللعب... ولكن عندما يكون عقل الواحد منا وروحه متصلا في اللعب فقط وشغله الشاغل هو المحافظة على لياقته البدنية لا ليعبد الله حق عبادته ولكن ليتحسن اداؤه في اللعب ولتستمر النجومية الى آخر رمق في الحياة... فالامر هنا مختلف للغاية... مختلف لان الغاية التي خلقنا الله من اجلها فقط لا غير قد سقطت من الميزان وتلاشت من الحسبان... او تعلمون لماذا خلقنا الله؟ من اجل هدف واحد فقط لا غير... اننا مخلوقون لنعبد الله فقط وها هو يقول سبحانه:(وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) يا الله (الا ليعبدون) فقط للعبادة اذن!؟ فليسأل كل فرد منا كم حقق من العبودية لله تعالى في حياته؟ ونحن مع هذه الفرضية والقضية الاهم التي غفل عنها الكثير الكثير نريد ان يكون لكل فرد من هذا المجتمع وقفة جادة معها لترجه رجة بعنف فلعله ان يستقر بعدها على ارض تنجيه وان يجعل له زادا واعمالا تنقذه عندما يفارق هذه الدنيا الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة...
☩ كم كنت أتألم وأتحسر وانا اطالع مجتمعنا كله وبجميع توجهاته وتياراته المتلاطمة وعلى مدى اسبوعين لا ينقطعون عن الحديث والكلام عن تلك الخسائر... والانهزامات الكروية... وليت شعري ألم يكونوا يعلمون ان الانشغال بهذا الكلام وهذا المستوى من الحديث هو الخسارة الكبرى اصلاً...
وسبحان الله...! في هذا المجتمع كله لم اجد أحدا من الناس يأخذ بيد هؤلاء اللاعبين ليذكرهم بالهدف الحقيقي من الحياة وليقول لهم ان الفوز الحقيقي والخسران العظيم هو فيما ستقدمونه بين يدي الله يوم القيامة... واياكم والحزن على هذه الترهات الدنيوية... ولكني وجدت عكس ذلك ونقيضه...! لقد رأيت التوبيخ الممل... لقد سمعت حتى كبار السن وهم يقولون (لقد فشلونا)! فشلونا دفعة واحدة..!؟ سبحان الله! أإلى هذه الدرجة انقلبت الموازين عندنا؟! صارت الفشلة والفشيلة هو الاخفاق في الملاعب وضياع البلنتيات!؟
يا الله... في الوقت الذي صار الاسلام يئن ويصرخ في كل مكان... في الوقت الذي صار يقمع فيه صوت الحق واعلاء راية الاسلام الحقيقي.. نرى هموم القوم وتطلعاتهم لا تتعدى التساؤل: من هو الفريق الذي سيسجل لنا اهدافا اكثر!؟ ومن هو الذي سيدخل تلك الجلدة المملوءة بالهواء في الشبكة..!؟ ولكن لا غرو في ذلك ولا عجب لأن افئدتهم خواء..
☩ ان الخسارة الحقيقية والفوز الحقيقي ليس لهما علاقة في كل هذا الصخب الذي أدمن عليه كثير من الناس... اننا وفي اطلالة سريعة لمعاني الخسارة والفوز عند الحق سبحانه وتعالى نشعر بالخجل يلفنا من حولنا ونحن نسمي الخسارة في الكرة خسرانا والفوز فيها فوزا!! فها هو جبار السماوات والارض يقول: (قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين).... نعم والله تلك هي الخسارة الحقيقية وكل ما عداها عبث وباطل... ولكن لماذا خسروا اهليهم وانفسهم يوم القيامة يا الله!؟ الاجابة في قوله تعالى: (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا انفسهم) نعم والله... عندما يتذكر من يؤمن بالله حقا لا عبثا تلك اللحظة الحاسمة التي تتطاير بها الصحف... تلك اللحظة التي يسقط الكتاب اما بيدك اليمنى فتفوز وتصرخ امام العالمين (هاؤكم اقرأوا كتابيه)... وطبيعي ان تفرح في هذه اللحظة لانك عملت لهذا الفوز الحقيقي طويلا في هذه الدنيا، واما اذا وقع الكتاب باليسرى... فعندها سوف تنسى كل فوز ونجاح عند هذه الخسارة الرهيبة، ولسوف تدرك ان هذا هو الخسران الحقيقي وكل ما سواه كان من العبث... وعندها سيتمنى لو انه عمل لهذه اللحظة... ولكن لن ينفعه التمني... لانها خسارة لن تعوض ابداً... اللهم اني بلغت.. اللهم فاشهد.
المصدر
http://www.alwatan.com.kw/essay.asp?id=54345
محمد يوسف المليفي - جريدة الوطن الكويتية
توطئة الخسران العظيم...! كنت ارقب وبأسى يعتصر القلب ويمزقه قصة الخسارة والخسران العظيم الذي مني به منتخبنا الرياضي في ساحات الوغي الخضراء..! كنت ارقب الراشدين في قومي... كنت ارقب من يسمون بالمشايخ.. كنت انتظر احدا من رموز الدعوة الاسلامية او أئمة المساجد وخطبائنا المفوهين يصرخ في الناس وهم في سكرة الحزن والتأوه ولطم الخدود وشق الجيوب على خسارة منتخبهم الوطني وضياع الهدف منه والاهداف... انتظرت طويلا... ثم انتظرت... ثم ازداد ترقبي لعلي ان اسمع احدهم يردد قوله تعالى: (أليس فيكم رجل رشيد) ...! يا حسرة على العباد لم اجد احدا يرشد الشاردين عن هدف الحياة الحقيقي الذي ضيعوه وضيعناه...!
☩ لقد رأينا وسمعنا جميعا تلك اللعنات التي انصبت على رؤوس هؤلاء اللاعبين... وقام المحللون العباقرة يحللون الحدث المأساوي العظيم الذي اصاب بلدنا... وعقدت المؤتمرات الاعلامية والصحفية فذلك يلقي اللوم على فضيلة المدرب... وآخر يلقي اللوم على حارس المرمى وثالث يندب حظ البلاد بلاعبيهم الذين باتوا لا يجيدون فن الركض والقفز والهرولة ورابع يقول ان لاعبينا ليسوا على قلب رجل واحد فكل منهم يريد ان يستأثر بالفوز بنفسه فخسر الجميع!...
ثم اني رأيت صور هؤلاء الشباب بعد الهزيمة المنكرة... ورأيت عيونهم الذابلة ورؤوسهم المتطأطئة، رأيتهم وهم يتلاومون عن الحدث العظيم..! كم كانوا حيارى في الحديث مع الاعلام الذي ألقى عن كاهله رداء الرحمة... حتى صار هم وهدف كل واحد منهم هو ان ينفي العار عن نفسه وانه ليس السبب والمسبب في هذا الخزي والشنار..!
☩ والآن وبعد هذه التوطئة... ليسمح لي اللاعبون وجمهورهم الحزين وجميع الناس... ان تكون لي مداخلة... وعفوا يا عمالقة المحللين الرياضيين... وعذرا ان يكون لمثلي ممن لا يجيد حتى ركل الكرة تطفلا على موائدكم الرياضية ولكن ما عساني ان افعل وقد حملني الغرباء من عالم الغربةوالمغتربين امانة توصيل هذه الرسالة التي يجب ان يسمعها الجميع.
ھ فلنتخيل ان منتخبنا هذه المرة قد رجع الينا بالكأس الذهبي كما رجع من قبل... ثم ان الناس والجمهور قد احتشدوا عند بوابة الطائرة بالورود والتطبيل... وقبل ان تحط الطائرة كان احد اللاعبين قد بدأ يشعر بالاعياء... ثم انه ألقى بنفسه وتمدد على الكرسي... وفجأة اخذت اطرافه تبرد ثم ازداد برودها ثم بعد لحظات فاضت روحه الى السماء..! وهكذا سيكون حالنا جميعا عاجلاً ام آجلا... والسؤال الآن... هل سينفعه مجد الكرة واللعب عندما ينتقل الى الدار الآخرة..!؟ يا ترى هل سينفعه هذا الفوز والكأس الذهبي فيما لو كانوا من الفائزين..!؟ نحن لا نجرم الذين يلعبون ولا نحرم اللعب... ولكن عندما يكون عقل الواحد منا وروحه متصلا في اللعب فقط وشغله الشاغل هو المحافظة على لياقته البدنية لا ليعبد الله حق عبادته ولكن ليتحسن اداؤه في اللعب ولتستمر النجومية الى آخر رمق في الحياة... فالامر هنا مختلف للغاية... مختلف لان الغاية التي خلقنا الله من اجلها فقط لا غير قد سقطت من الميزان وتلاشت من الحسبان... او تعلمون لماذا خلقنا الله؟ من اجل هدف واحد فقط لا غير... اننا مخلوقون لنعبد الله فقط وها هو يقول سبحانه:(وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) يا الله (الا ليعبدون) فقط للعبادة اذن!؟ فليسأل كل فرد منا كم حقق من العبودية لله تعالى في حياته؟ ونحن مع هذه الفرضية والقضية الاهم التي غفل عنها الكثير الكثير نريد ان يكون لكل فرد من هذا المجتمع وقفة جادة معها لترجه رجة بعنف فلعله ان يستقر بعدها على ارض تنجيه وان يجعل له زادا واعمالا تنقذه عندما يفارق هذه الدنيا الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة...
☩ كم كنت أتألم وأتحسر وانا اطالع مجتمعنا كله وبجميع توجهاته وتياراته المتلاطمة وعلى مدى اسبوعين لا ينقطعون عن الحديث والكلام عن تلك الخسائر... والانهزامات الكروية... وليت شعري ألم يكونوا يعلمون ان الانشغال بهذا الكلام وهذا المستوى من الحديث هو الخسارة الكبرى اصلاً...
وسبحان الله...! في هذا المجتمع كله لم اجد أحدا من الناس يأخذ بيد هؤلاء اللاعبين ليذكرهم بالهدف الحقيقي من الحياة وليقول لهم ان الفوز الحقيقي والخسران العظيم هو فيما ستقدمونه بين يدي الله يوم القيامة... واياكم والحزن على هذه الترهات الدنيوية... ولكني وجدت عكس ذلك ونقيضه...! لقد رأيت التوبيخ الممل... لقد سمعت حتى كبار السن وهم يقولون (لقد فشلونا)! فشلونا دفعة واحدة..!؟ سبحان الله! أإلى هذه الدرجة انقلبت الموازين عندنا؟! صارت الفشلة والفشيلة هو الاخفاق في الملاعب وضياع البلنتيات!؟
يا الله... في الوقت الذي صار الاسلام يئن ويصرخ في كل مكان... في الوقت الذي صار يقمع فيه صوت الحق واعلاء راية الاسلام الحقيقي.. نرى هموم القوم وتطلعاتهم لا تتعدى التساؤل: من هو الفريق الذي سيسجل لنا اهدافا اكثر!؟ ومن هو الذي سيدخل تلك الجلدة المملوءة بالهواء في الشبكة..!؟ ولكن لا غرو في ذلك ولا عجب لأن افئدتهم خواء..
☩ ان الخسارة الحقيقية والفوز الحقيقي ليس لهما علاقة في كل هذا الصخب الذي أدمن عليه كثير من الناس... اننا وفي اطلالة سريعة لمعاني الخسارة والفوز عند الحق سبحانه وتعالى نشعر بالخجل يلفنا من حولنا ونحن نسمي الخسارة في الكرة خسرانا والفوز فيها فوزا!! فها هو جبار السماوات والارض يقول: (قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين).... نعم والله تلك هي الخسارة الحقيقية وكل ما عداها عبث وباطل... ولكن لماذا خسروا اهليهم وانفسهم يوم القيامة يا الله!؟ الاجابة في قوله تعالى: (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا انفسهم) نعم والله... عندما يتذكر من يؤمن بالله حقا لا عبثا تلك اللحظة الحاسمة التي تتطاير بها الصحف... تلك اللحظة التي يسقط الكتاب اما بيدك اليمنى فتفوز وتصرخ امام العالمين (هاؤكم اقرأوا كتابيه)... وطبيعي ان تفرح في هذه اللحظة لانك عملت لهذا الفوز الحقيقي طويلا في هذه الدنيا، واما اذا وقع الكتاب باليسرى... فعندها سوف تنسى كل فوز ونجاح عند هذه الخسارة الرهيبة، ولسوف تدرك ان هذا هو الخسران الحقيقي وكل ما سواه كان من العبث... وعندها سيتمنى لو انه عمل لهذه اللحظة... ولكن لن ينفعه التمني... لانها خسارة لن تعوض ابداً... اللهم اني بلغت.. اللهم فاشهد.
المصدر
http://www.alwatan.com.kw/essay.asp?id=54345