المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال غُربة الطبع ! - رفعت خالد



رفعت خالد
02-03-2013, 05:47 PM
الغربة ظُلمات بعضها فوق بعض.. وقد تجتمع على المرء غُربات متعددة.. غُربة الدين، غُربة الوطن، غُربة الطبع.. وهذه الأخيرة تكاد تجعل صاحبها يوقن بألا أحد سيفهمه في الدّنى.. ليس لأنه ذكي، رائع، ألمعي ولكن -بكل بساطة- لأنه من العسير أن يجد من يحترم ذوقه فعلا.. فضلا على أن يُحبّه.

ليس هناك من يُبالي بما تمقته فيتجنبه.. ليست في النساء - ربما - من ستهتم لأمرك على الحقيقة، فتسعى لراحة بالك.. ولربما إن لم تجعل حياتك عذابا، تجاهلتك على الأقل..
غربة الطبع.. حين يكون طبعك غريبا بين الطبائع، فلا تعرف هل أنت الغريب حقيقةً أم همُ الغرباء !

التجاهل مثالا.. الكل يتجاهل الكل، فهي عُملة متداولة بين الناس اليوم. إن لم يكن في مزاج رائق تجاهلك.. إن مرضت تجاهلك، إن حدث لك ما يسرّ تجاهلك، إن كتبت كتابا تجاهلك.. إن بكيت حزنا تجاهلك.. إن دهسك قطار تجاهلك !.. وإن احتاج شيئا لن يتجاهلك طبعا.. إن ملّ وأراد الثرثرة لن يجد أغبى منك ليضيع معه بعض الوقت !

ولكنك - أيها المسكين - لا تملك هذه العملة للأسف، عملة التجاهل.. فإما أنك غبي أو أنت ساذج أكثر من اللازم أو أحمق.. ولا تنتظر أن أقول أنك رائع طبعا !

الكلّ يحسبها (طائرة).. الكلّ يضرب أخماسا بأسداس، الكل يخطط للضربة الموالية، وأنت - أيها الأحمق المغفّل - تُحبّ فعلا، تصبر على عيوبها فعلا، ولا تُغالي في الحسابات، وتنسى الزّلات وتتظاهر أنك لم تر شيئا، وتُسامح إذا اعتذرت وتبتسم إذا ابتسمت.. فقط لأنها ابتسمت، أما هي.. لأنها (منهم)، ولأنها عبقرية في الرياضيات.. فهي تحسب لكل الأخطاء، ولا ترضى إلا بفارس أحلامها كاملا جاهزا..

أين درس هؤلاء ؟ هل اجتمعت البشرية يوما واتفقوا على بنود وقوانين بينهم، وكنت أنا غائبا ؟
ولعل سارتر لم يكن مخطئا جدا حين قال (الجحيم هو الآخر) وليس المقصود هنا بالجحيم عذاب الآخر طبعا.. نسأل الله السلامة..

أعتقد أن علينا احترام بعضنا !.. وإعطاء كل أحد وقتا نسمعه فيه يُعبّر عن نفسه، يُفصح عمّا في قلبه، يشرح الأمور.. يعتذر، يبتسم، يبكي، يشرد، يتنهّد، يضحك وهو يخبر عن مغامراته التافهة، فهي ليست تافهة إلى ذلك الحدّالذي تعتقد صدّقني.. فقط الفارق أنك لم تكن حاضرا فيها، وإلا فمن قال أنك (روبين هود) حتى تكون مغامراتك تحبس الأنفاس من فرط التشويق الإثارة ؟ ولو رأيت وجهك الضاحك وأنت تحكي كيف أنك استيقظت متأخرا وخرجت مستعجلا وقد نسيت الهاتف في المرحاض.. لفهمت ما أقصد !

علينا أن نزن بيننا بالعدل والقسطاس المبين.. لا ترضى لأخيك ما تكره لنفسك.. إن كنت تكره أن يتجاهلك أحد فلا تتجاهل أنت.. إن كنت تُحبّ أن يواسيك أحد في حزنك وهمّك فافعل أنت.. إن كنت لا تُحبّ أن ينشر أحد عيوبك بين الناس، فلا تنشر أنت عيوبهم، واسترهم كما تُحبّ أن يستُرك الله.. لابد من الصّدق والعدل والإنصاف.

ورحم الله الشافعي الذي قال:
سلام على الدنيا إذا لم يكن فيها ... صديق صدوق صادق الوعد مُنصفا.


رفعت خالد أبو عمران

مهاجرة إلى الله
11-03-2013, 04:32 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكريم
كما اعتدنا طرحٌ جميلٌ في الحرفِ والمعنى
الكثيرُ في جعبتك ولا زال يخرج لنا عذباً سلساً فأدعو الله لك بالبركه وجزيل الثواب فهو سبحانه كريمٌ جواد
عوداً حميداً إن شاء الله
والعقبى لنا يا رب
دعائكم يا أحبة أرجو :)

في حفظِ المولى تعالى

ام ابـراهيم
11-03-2013, 08:07 PM
مقال رائع كالعادة
صحيح الغربة انواع لكن الإنسان يقدر يتأقلم مع كل الظروف .
فالله خلقنا لنحب بعضنا و نحترم بعضنا .
و كل فرد منا يجب ان يضع قانون لحياته فمن لا يحترمه بكل بساطة يخرجه من حياته .
في مثل تونسي كثير حلو { طاح القدر إوفات العيشة }
يعني إذا راح الإحترام خلاص تتنتهي الحياة بإنتهائه .

ahmadmanga
11-03-2013, 10:17 PM
السلام عليكم ...

كلام رائع حقا ...
أنا مثلا ,أشعر أنّ طبعي مختلف عمّن حولي (في العالم الحقيقي) لكنّ هذا ليس سببا ليتجاهل أحد الآخرين .

ما ينقصنا هو حبّ الخير لغيرنا كما نحبّه لأنفسنا.

رفعت خالد
19-03-2013, 12:50 AM
w 3lkm slm w ra7mato lah w barakatoh

chokran lakom ikhwati