المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال يقولون الاختلاف رحمة !



رفعت خالد
26-05-2013, 05:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله، أما بعد..
قال الإمام مالك رحمه الله: (إذا اختلف أصحاب النبي فليس كما يقول الناس فيه توسعة وإنما هو خطأ وصواب).
وقال الإمام إسماعيل القاضي رحمه الله: (إنما التوسعة في اجتهاد أصحاب النبي مما ليس فيه خبر ولكن أن تكون التوسعة أن يأخذ الرجل بقول بعض أصحاب النبي فيما جاء عن النبي ما يخالفه فلا، ليس فيه توسعة)..
قلت: هذا في أصحاب النبي رضي الله عنهم، فما بالك بالذي يأخذ بقول فلان وعلاّن مع وضوح الحديث الذي يخالف أقوالهم ؟
يقول لك وهل أنت أعلم من فلان ؟ قل له: وهل فلان أعلم من النبي يا جاهل ؟ هل فلان معصوم يا أحمق ؟ وهل ظهرت الفرق والجماعات إلا بهذه الآراء المختلفة ؟ وهل أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن فرق الأمة كلها في النار إلا واحدة أم أن هذا الافتراق رحمة ؟ أم أن كل شيخ له لحية وصوت عميق وابتسامة فاتنة لا يمكن أن يزيغ أو يركبه الهوى ؟
إن الفُرقة ما ظهرت إلا بأمثالك ممّن يشغّبون على النصوص ويُعاندون ويتكبّرون، ولو وحّدنا المراجع حقيقة ما اختلفنا.. وحتى الصحابة لما اختلفوا في بعض الأمور وجاء من سمع حديثا من رسول الله كانوا يذعنون له.. وكان عمر رضي الله عنه (يعلن الطوارئ) إذا حدث اختلاف بين الصحابة في مسألة ويتغيظ، ويسأل، ويستشير حتى إذا ظهر له العلم عن رسول الله من أحدهم استبشر وتوعّد من قال بخلاف ذلك بالضرب.. ذلك لأنه يعرف حقيقة الاختلاف، تلك الحقيقة التي غابت عنا تحت ضباب هذه الفلسفات الجوفاء في عصرنا الحديث.. فلسفات تقارب الأديان والتسامح البشري و(الخلاف لا يُفسد للودّ قضية) التي يطبّقها البعض حرفيا بأن يعانق رافضيا يسب أمّ المؤمنين ويكفر الصحابة، ثم يقول بسذاجة: المهم أنه يشهد ألا إله إلا الله فلنترك الخلاف جانبا، ولنلتفت لعدونا !
بقي أن نكتب صكوك الغفران كما فعل النصارى من قبل ونوزعها بالمجان !.. الكل على حق، الكل سيدخل الجنة مع الأبرار يا جماعة.. لا داعي للتعصب !
إن أقل ما تستحقون الضرب على أمهات رؤوسكم يا من تقولون (الخلاف رحمة).. وهو أثر ضعفه أهل العلم بالمناسبة، إنما الخلاف شرّ ولو كان رحمة لما أنزل الله (الفرقان) الذي يفرق بين الحق والباطل ولترك الناس ينعمون بهذا الاختلاف، هذا يعتقد أن لله ولد والآخر لا يوافقه.. هذا يعتقد أن لله يد والآخر لا يرى رأيه.. هذا يقول أن الاستواء على العرش استواء يليق بذات الله العظيمة، وهذا يقول الاستيواء بمعنى الاستيلاء والآخر يقول الاستواء بمعنى الباذنجان !.. هذا يعتقد أن الله في السماء والآخر مبتدع يقول الله في كل مكان.. ولكن دعنا يا أخي (لا نفسد للودّ قضية) ! أنا أخالفك إلا أننا جميعا نبحث عن الحقيقة !.. فأنت مصيب وأنا مصيب والآخر مصيب ونحن مصيبون وهن مصيبات !.. بل هي مُصيبة وشرّ مستطير، وتنطّعٌ وادّعاء وضلال كبير..
هل قامت الحروب وسالت الدماء إلا بسبب الخلاف على العقيدة أو الأرض أو غيرهما ؟.. ولكن هناك أبواب من المباحات ومن الأمور الاجتهادية التي أراد الله أن يُرخّص فيها وليس ذلك راجع إليك ولا لرأيك، بل هي مشيئة الله عزّ وجلّ.. وأبواب لم يأت فيها نصّ قاطع، يُفتح فيها باب الاجتهاد والمصالح المُرسلة، وذلك للفقهاء الفطاحلة في الأدب والفقه وجميع العلوم الشرعية المطلوبة وذلك يكون بعد النظر في أقوال الصحابة وإجماعاتهم وأقوال السلف الصالح السابقين.. وليس كل من أعجبتك دروسه في القنوات أو ارتحت لـ(فلسفته) تجعل منه إماما مُجتهدا !..
أئمة أهل السنة والجماعة معروفين، ومناهجهم مشهود لها لا يُخالفها حديث أو آية.. على عكس من يرمي الآثار خلف ظهره ويزوق الكلام ويقول لك المصلحة يا أخي.. المقاصد يا أخي.. هل كان الصحابة يقولون هكذا ؟ ولماذا إذا وصّانا النبي وأمرنا ونهانا إن كانت أحاديثه لا يُعمل بها ؟ كان بإمكانه أن يقول لنا انظروا المصالح والمفاسد وما أفتى به شيوخكم فخذوا بأيّ الفُتيا شئتم.. فالاختلاف رحمة مُهداة.. هل قال هذا ؟ أم وصّانا وبين لنا شرع الله في الصغيرة والكبيرة.. وفي التعامل مع الحكام والصبر على جورهم وعدم الخروج، وفي الحذر من البدع وأصحاب الآراء في الدين ؟
ولكن التوفيق والقبول من الله عز وجل يؤتيه من يشاء.. وليس ذلك راجع للإعلام والشهرة كما يقول بعض الحاقدين.. الشافعي ومالك وأحمد وابن تيمية وابن القيم شهرهم الإعلام أم شهرهم علمهم وورعهم واتباعهم طريق الحق حتى رفع الله ذكرهم في الدنيا ؟ ونسأله عزّ وجلّ أن يرفع ذكرهم في الآخرة مع النبيين والصدّيقين..
فالأمر إذا ليس مُتعلّقا بالأسماء أو بجماعة أو تنظيم يتحرّك في الخفاء.. إنما هو الاتباع، اتّباع منهج الصحابة والسّلف الصالح، الذي فيه الرجوع إلى الله ورسوله عند الاختلاف وليس إلى نجوم الشاشات، وإلا سيختار كل واحد منا نجمه المفضّل..
اسأل الله الحق بتجرّد تام واتّبع الحق حيثما كان.. واسأل عن كلام ربك وكلام رسوله وسيرة أصحابه وأقوالهم التي توافق الكتاب والسنة ففيها العلم والرشاد.. ولا تلتفت إلى أخطاء يسيرة وقعوا فيها فهم ليسوا معصومين، ولا تكن خبيثا فتتمسك بخطأ أحدهم وقد ردّ عليه أصحابه وبينوا الحق بدعوى أنك تتبع الصحابة فلا يمكنك التحايل على الله عز وجل.. نحن نتّبع أقوال الصحابة على ضوء الكتاب والسنة ولا نلتفت لأخطاء آحادهم.. فذلك اجتهاد وحُقّ لهم الاجتهاد.. وقد سكبوا دمائهم رخيصة في سبيل الله، فلست مثلهم ولا شيوخك مثلهم حتى تقيسهم بهم.. شتّان بين الثّرى والثريا !
ودعوا العواطف فالبدعة بدعة والمبتدع الذي بدّعه أهل العلم - بالضوابط الشّرعية - مبتدعٌ.. نعم هذا من الدين، أن يُسمّى المبتدع مبتدعا ويُحذّر منه.. وإلا لن يبق هناك دين.
واحذروا من أهل زمانكم.. لا تقرؤوا لكل أحد، لا تسمعوا لكلّ أحد حتى تعرفوا أصول دينكم وأصول أهل السنة والجماعة لتميزوا.. فالحزبيون كُثر، الأشاعرة كثر، الخوارج كُثر.. المتلونون كثر.. يدّعون اتّباعهم لشيوخ الإسلام والسلف الصالح ثم يخالفونهم.. ولكن اعرف الحقّ تعرف أهله..
وأوصيك في الختام بدعاء نافع إن شاء الله.. قل:
(اللهم اهدني إلى ما اختُلف فيه من الحق إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


وكتب
رفعت خالد أبو عمران
23-05-2013

رفعت خالد
26-05-2013, 05:29 PM
قال الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة معلقًا على حديث:
"اختلاف أمتي رحمة ".


قال مبيِّنًا لدرجة الحديث: لا أصل له.


ثم قال -رحمه الله- بعد ذلك:


وإنَّ من آثار هذا الحديث السيئة: أنَّ كثيرًا من المسلمين يُقرُّون بسببه الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة، ولا يحاولون أبدًا الرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة، كما أمرهم بذلك أئمتهم -رضي الله عنهم-؛ بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة -رضي الله عنهم- إنما هي كشرائع متعددة! يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف وتعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل، وقبول البعض الآخر الموافق له، وهذا ما لا يفعلون! وبذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض! وهو وحده دليل على أنه ليس من الله -عزَّ وجلَّ- لو كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} فالآية صريحة في أنَّ الاختلاف ليس من الله، فكيف يصح إذن جعله شريعة متبعة، ورحمة منزلة؟!


وبسبب هذا الحديث ونحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية والعملية، ولو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود وغيره -رضي الله عنهم- ودلت على ذمه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة؛ لسعوا إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، ثم عذر بعضهم بعضًا فيما قد يختلفون فيه، ولكن لماذا هذا السعي وهم يرون أن الاختلاف رحمة، وأن المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة!


وإن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف والإصرار عليه، فانظر إلى كثير من المساجد، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة!


ولكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة! وكيف لا وعالمهم يقول: إن مذاهبهم كشرائع متعددة! يفعلون ذلك وهم يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم وغيره، ولكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث وغيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم ومحفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة والسلام!


وجملة القول: أنَّ الاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن؛ لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، أما الرضا به وتسميته رحمة؛ فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه، ولا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وهنا قد يرد سؤال وهو: إن الصحابة قد اختلفوا وهم أفاضل الناس، أفيلحقهم الذم المذكور؟


وقد أجاب عنه ابن حزم -رحمه الله تعالى-؛ فقال (5 / 67 - 68): كلا، ما يلحق أولئك شيء من هذا؛ لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله، ووجهته الحق؛ فالمخطئ منهم مأجور أجرًا واحدًا لنيته الجميلة في إرادة الخير، وقد رفع عنهم الإثم في خطئهم؛ لأنهم لم يتعمدوه ولا قصدوه ولا استهانوا بطلبهم، والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه؛


وإنما الذم المذكور والوعيد المنصوص، لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى وهو القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه وقيام الحجة به عليه، وتعلق بفلان وفلان، مقلدًا عامدًا للاختلاف، داعيًا إلى عصبية وحمية الجاهلية، قاصدًا للفرقة، متحريًا في دعواه برد القرآن والسنة إليها، فإن وافقها النص أخذ به، وإن خالفها تعلق بجاهليته، وترك القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون.


وطبقة أخرى وهم قوم بلغت بهم رقة الدين وقلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم، مقلدين له غير طالبين ما أو جبه النص عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.


ويشير في آخر كلامه إلى "التلفيق" المعروف عند الفقهاء، وهو أخذ قول العالم بدون دليل، وإنما اتباعًا للهوى أو الرخص ، وقد اختلفوا في جوازه، والحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها، وتجويزه مستوحى من هذا الحديث وعليه استند من قال: "من قلد عالمًا لقي الله سالمًا"! وكل هذا من آثار الأحاديث الضعيفة، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.

thamer ~
08-06-2013, 07:34 PM
الله يعطيك العافيييييه