رفعت خالد
31-08-2013, 12:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله..
الناس معادن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه).
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري: (قوله: "تجدون الناس معادن" أي أصولا مختلفة، والمعادن جمع معدن، وهو الشيء المستقر في الأرض، فتارة يكون نفيساً وتارة يكون خسيسا، وكذلك الناس).
الناس إذا معادن.. ومنهم السهل والصعب ومنهم الخبيث والطيب، ولكن هل من السهل كشف معدن المرء أم أن ذلك يتطلب خبرة وتجربة ومواقفا عديدة يأتي بعدها الاستنتاج النهائي ؟
ترى الناس أسواء إذا جلسوا مـعـًا ... وفي الناس زيف مثل زيفٌ الدراهم
وكم ممن عاشرناهم السنوات ذوات العدد قبل أن ندرك معدنهم الأصلي، لاسيما من شاركنا الطعام والسفر، حتى أسفر عن وجه لم نتخيل يوما أن يكون وجهه.. والله المستعان.
كل امرء راجعٌ يومًا لشيمته ... وإن تخلق أخلاقًا إلى حين
وليت شعري كم أن هذا شديد على النفس ثقيل.. بمن نثق إذا ؟ تقول لا أحد.. وهل من الهين أن تمشي بين الناس لا تثق فيهم بأحد ؟ هل هذا من دواعي السرور ؟ وهل هو مما يُؤنس المرء في هذه الدار الكئيبة ؟
وكما قال الشافعي عليه رحمة الله: سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
إننا كائنات اجتماعية في الأصل شئنا أم أبينا.. ولابد للمرء من خليل يشكوله ويُقاسمه أشياءه.. هكذا نحن خُلقنا ؟
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع
ومن قال أننا أقوياء ؟ ألم يُخلق الإنسان ضعيفا ؟
لكن من ؟ ومع من تتقاسم أشياءك ؟
الناس معادن.. فما معدنك أنت ؟
هل تستطيع أن تقول أنا من معدن سيء وأسأل الله أن يعينني على نفسي حتى أصلحها ؟ لن تستطيع.. ولا أنا أجرؤ.. فكلنا تقريبا نرى أننا استثناءات وحالات خاصة لا مثيل لها بين البشر، علاوة على تلك الغرائز الحيوانية التي تثقل صدورنا حتى لا نجد القدرة على التحرر من ربقها والشهادة بالحق ولو على أنفسنا.. إلا من رحم المولى عزّ وجل.
وقد قال الإمام القيم ابن القيم في مدراج السالكين : (ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوى عليها وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته ونقله. ومنهم من هو على طبيعة الطاوس ليس له إلا التطوس والتزين بالريش وليس وراء ذلك من شيء. ومنهم من هو على طبيعة الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا. ومنهم من هو على طبيعة الدب أبكم خبيث وعلى طبيعة القرد وأحمد طبائع الحيوانات طبائع الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوسا وأكرمها طبعا وكذلك الغنم).
إن الأنانية والغرور وحبّ الظهور وأغلال أخرى تكبّلنا وتغلّ أعناقنا، فنمشي مترنّحين، مُتخشّبين.. مشية غير عادية.. ونُضمر أكثر مما نُظهر.. نُضمر أشياء لو أمكن كشفها على شاشة الفحص الطبية لهالنا ما سنرى !
الناس معادن.. فهل تستطيع أن تُسمي المعادن حولك ؟
ألا ليتنا نفقه شيئا في علم الفراسة.. إذا لحذرنا كثيرا من الناس، بمجرد النظر في سحناتهم، والاستماع إلى كلماتهم والتمعّن في حركاتهم وتحرّكاتهم..
نسأل الله أن يُصلحنا ويُزكّينا ويرزقنا أزواجا طاهرات من أصول طيّبة، يكنّ لنا عونا على الدّهر لا عونا للدّهر علينا.. والله وحده نسأل أن يقينا شرّ معادن الإنس والجن.
وكتب
رفعت خالد
30-08-2013
الحمد لله..
الناس معادن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه).
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري: (قوله: "تجدون الناس معادن" أي أصولا مختلفة، والمعادن جمع معدن، وهو الشيء المستقر في الأرض، فتارة يكون نفيساً وتارة يكون خسيسا، وكذلك الناس).
الناس إذا معادن.. ومنهم السهل والصعب ومنهم الخبيث والطيب، ولكن هل من السهل كشف معدن المرء أم أن ذلك يتطلب خبرة وتجربة ومواقفا عديدة يأتي بعدها الاستنتاج النهائي ؟
ترى الناس أسواء إذا جلسوا مـعـًا ... وفي الناس زيف مثل زيفٌ الدراهم
وكم ممن عاشرناهم السنوات ذوات العدد قبل أن ندرك معدنهم الأصلي، لاسيما من شاركنا الطعام والسفر، حتى أسفر عن وجه لم نتخيل يوما أن يكون وجهه.. والله المستعان.
كل امرء راجعٌ يومًا لشيمته ... وإن تخلق أخلاقًا إلى حين
وليت شعري كم أن هذا شديد على النفس ثقيل.. بمن نثق إذا ؟ تقول لا أحد.. وهل من الهين أن تمشي بين الناس لا تثق فيهم بأحد ؟ هل هذا من دواعي السرور ؟ وهل هو مما يُؤنس المرء في هذه الدار الكئيبة ؟
وكما قال الشافعي عليه رحمة الله: سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
إننا كائنات اجتماعية في الأصل شئنا أم أبينا.. ولابد للمرء من خليل يشكوله ويُقاسمه أشياءه.. هكذا نحن خُلقنا ؟
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع
ومن قال أننا أقوياء ؟ ألم يُخلق الإنسان ضعيفا ؟
لكن من ؟ ومع من تتقاسم أشياءك ؟
الناس معادن.. فما معدنك أنت ؟
هل تستطيع أن تقول أنا من معدن سيء وأسأل الله أن يعينني على نفسي حتى أصلحها ؟ لن تستطيع.. ولا أنا أجرؤ.. فكلنا تقريبا نرى أننا استثناءات وحالات خاصة لا مثيل لها بين البشر، علاوة على تلك الغرائز الحيوانية التي تثقل صدورنا حتى لا نجد القدرة على التحرر من ربقها والشهادة بالحق ولو على أنفسنا.. إلا من رحم المولى عزّ وجل.
وقد قال الإمام القيم ابن القيم في مدراج السالكين : (ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوى عليها وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته ونقله. ومنهم من هو على طبيعة الطاوس ليس له إلا التطوس والتزين بالريش وليس وراء ذلك من شيء. ومنهم من هو على طبيعة الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا. ومنهم من هو على طبيعة الدب أبكم خبيث وعلى طبيعة القرد وأحمد طبائع الحيوانات طبائع الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوسا وأكرمها طبعا وكذلك الغنم).
إن الأنانية والغرور وحبّ الظهور وأغلال أخرى تكبّلنا وتغلّ أعناقنا، فنمشي مترنّحين، مُتخشّبين.. مشية غير عادية.. ونُضمر أكثر مما نُظهر.. نُضمر أشياء لو أمكن كشفها على شاشة الفحص الطبية لهالنا ما سنرى !
الناس معادن.. فهل تستطيع أن تُسمي المعادن حولك ؟
ألا ليتنا نفقه شيئا في علم الفراسة.. إذا لحذرنا كثيرا من الناس، بمجرد النظر في سحناتهم، والاستماع إلى كلماتهم والتمعّن في حركاتهم وتحرّكاتهم..
نسأل الله أن يُصلحنا ويُزكّينا ويرزقنا أزواجا طاهرات من أصول طيّبة، يكنّ لنا عونا على الدّهر لا عونا للدّهر علينا.. والله وحده نسأل أن يقينا شرّ معادن الإنس والجن.
وكتب
رفعت خالد
30-08-2013